٢٠٠٧/٠٩/١٥

رمضان أتى وكتابي هو القرآن


كل عام و انتم بخير

عندما يأتي رمضان , كعادتي وربما جميع المغتربين وأعني بالاغتراب الزمني والجغرافي , ترجعني ذاكرتي الى سنين السبعينات !! اي نوسلتاجي !! كان رمضان , شهرا مميزا وحقيقيا , تستطيع أن تتلمس كل جوانبه وميزاته بأحاسيسك السته , الطعام و الجوع و الروائح و المعاملة و الشراب و الآذان و المسلسلات التلفزيونية و الاحسان و اطعام المسكين !! أتذكر أن والدتي رحمها الله قد أخذت على عاتقها في كل رمضان أن تطعم احد المعاقين , أتذكر ذلك الضرير الذي كان يأت وحيدا مع عصاته قبل الفطور بدقائق.. !! وكانت الوجبات تتنقل بين بيوت البناية التي نسكن بها حتى لتخالها بيتا كبيرا تسكنه عائلة واحدة .. فهاهنا بيت الزوزو يبعثون لنا صحنا من المحشي و من هناك في الطابق الثالث بيت الهارون أم في الطابق الثاني بيت عيسى الحكيم رحمه الله , الكبة و البامية , ثم أتنقل انا بين البيوت لأسلم بالمقابل ما صنعته أمي من طعام !!
قبل الفطور بعشر دقائق كان الجيران يقفون على شرفاتهم, التي تتشارك مع الشرفات البقية, منتظرين سماع الآذان او صوت انفجار مايسمى بمدفع رمضان " لا أعرف من اين جاء به المسلمين !!, ربما جزء من ثقافة الحروب التي بغضها الله حسب معلوماتي الضيقة!!" المهم.. كانت طاولة السفرة قد امتلئت بالطعام, وهاهو والدي
انهى تحضير جاط السلطة الذي لا يقبل احد ان يحضره غيره , فننتظر على الشرفة, ذلك السكون الذي يسبق الفطور يقطعه صوت أحاديث الجيران فيما بينهم ريثما يحين وقت الفطور .. كانت شرفة غرفة السفرة او الطعام, مكان مليئ بالحياة في ذلك الشهر " لا أذكر اننا جلسنا به بعد وفاة والدتي !!" لكني لا أنسى كيف كانت تجلس والدتي و جدتي على تلك الصوفا المعدنية ذات الرسورات و الوسادات الحمر بينما والدي يقف على الحاجز المعدني, ذات الوريقات الخضر,مع الخال خالد, يتكلمان مع الجيران ويتبادلان معهم التحيات .. !! ثم هكذا يلمع شيء في السماء وصوت قوي يسبقه صوت مكتوم لانفجار بعيد , ربما من صوت مدفع بعيد آخر, خفيف ... المدفع قد ضرب وحان اخذ اماكننا حول المائدة , فإن كانت فته بين الطعام فستسمع كيف "يطش" السمن على البدوة"اسم الخليط فوق الفته" وكان صحني المفضل عن كل أطباق اللحوم و الاسماك و الطبخ العربي . فنأكل ونشرب بانتظار صحن الحلوى و الفواكة, ليقول ابي كلمته المعتادة "هذه أفضل فواكة في الدنيا " فنضحك ..

كم أحن لتلك اللحظات , ذهبت وأخذت معها الجميع .. الزمن, نهر جارف يأخذ معه كل شيء !! حقا وإن كانت قد ماتت تلك اللحظات زمنا طويلا قبل أن يتوفى والدي , لكن في كل شهر .. أرى ذلك الشريط السنيمائي في خيالي وكأنه فيلم السهرة المنتظر...تماماً

.....


جاء رمضان .. محملاً بالخير و بالطعام و الاخلاق الحميدة .. أستغرب شيئان في هذا الشهر ..أن ياخذ المسلمين دقة التوقيت في الافطار و الامساك ولا يمكن لك ان تناقشهم في ان الوقت الذي بدأ به الاسلام كان لديهم فقط الشمس كحساب للوقت وربما في ايام الرسول لم يكن هناك اي توقيت زمني قد ادخل للمنطقة ..فمن الانترنيت اخترت لكم هذا التفسير.... "الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:فقد أخرج البخاري في تفسير القرآن ، باب:( وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) برقم (4511) عن سهل بن سعد –رضي الله عنه- قال: أنزلت "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود" ولم ينزل (من الفجر) وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، فلا يزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد (من الفجر) فعلموا أنه يعني الليل والنهار .وأخرج الإمام أحمد في مسنده (19427) والبخاري (4509) ومسلم (1090). عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الآية "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) عمدت إلى عقالين: أحدهما أسودَ والآخر أبيض، قال : فجعلتهما تحت وسادتي، قال: ثم جعلت أنظر إليهما فلا تُبِينُ لي الأسود من الأبيض ولا الأبيض من الأسود، فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فأخبرته بالذي صنعت، فقال: "إن وسادك إذا لعريض إنما ذلك بياض النهار من سواد الليل". دل الحديثان على أن الآية أول ما نزلت اشتبه على بعض الصحابة المراد بالخيط الأبيض من الخيط الأسود فيها ، فقد عمد عدي –رضي الله عنه- إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض، وجعلهما تحت وسادته وجعل ينظر إليهما حتى تبين له الخيط الأبيض من الأسود فأمسك عند ذلك عن الطعام ، فأزال الله هذا الالتباس الذي وقع عنده بقول (من الفجر)، أي أن المراد بذلك الليل والنهار " إذا ليس هناك توقيت آلي أو ميكانيكي إنما هنالك ما يشبه التخمين على ان الفجر هو الاساس عندما أنزل سبحانه و تعالى بقوله (من الفجر) و لكن كيف يعلم ذلك الانسان الذي عاش الفترة نفسها متى هو الفجر او حتى الغروب .. باعتقادي أن المسلمين في تلك الفترة لم ينتظروا أن يروا عقارب ساعاتهم اليابانية قد اشارت على الوقت الذي وضعته آخر ما توصلت اليه التكنولوجيا ليدلنا متى يحين موعد الافطار و الامساك .. عندما اصوم و أنا كلي ايمان بأن صيامي هو صيام حقيقي عن الطعام و الشراب و ان افعل الخير كعادتي وان اشعر باخوتي في الانسانية كيف يعاني البشر الجوع و الحرمان من ابسط حاجاتهم الانسانية .. رمضان هو شهر حب البشر للبشر هو شهر العطاء والمشاركة الوجدانية ليش فقط للمسلمين انما للبشر جميعا ..