٢٠١٠/٠٣/٠٣

الثاني عشر .. الأغنية تمطر حنينا ... أحيانا ..!!



صور الاصدقاء والمحبين , لاتمحى !!

كل شيء يتغير إلا التاريخ ..

في نفق الماضي, مررت علي حجارة الذكريات.. شوارع مدينتي .. قناطرها القديمة .. الحي الذي ترعرعت فيه .. أصدقاء حارتي .. ألعابنا .. كانت رائحة الماضي تفوح بشدة في ذاكرتي .. لا أدري أي ريح أدارت اتجاهها نحوي .. فاض بي حنين العودة .. لم تكن الفترة قد حانت بعد لهذا الحنين, فمنذ أربعا من الشهور كنت ألهو هناك .. الأصدقاء والاخوة, الحب والرغبة .. السهرات والدعوات .. الاهتمام والاحترام .. !! صور تتلاحق مسرعة أمامي ..

صوت الأغنية صار حنينا ... ماذا يمنع البشر في أن يفعلوا ما يحبون, إن كان ذلك باستطاعتهم .. !! ماذا يمنعهم من أن يقرروا بأنفسهم, ماهو المناسب والغير مناسب, لحياتهم .. !! أو ماهو المانع من أن يتراجعوا عن قرار اتخذوه في حقهم .. .. أن يضربوا بعرض الحائط, تنفيذ كل تعهداتهم التي أجبروا عليها .. التقاليد والشريعة والقانون .. آلاف التشريعات والأحكام, فرضت على البشر من غير أن يعبروا عن رأيهم بها ..!! أين العدل في هذا !! أن يتحكم بنا مشرعون, هم بالغالب ذوو السلطة والملك, ويتفق على أن البشر أنانيون بطبعهم فيشرع هؤلاء المستفيدين قوانين لمصالحهم .. !! لن أصدق أن المشرعين في هذه الدنيا, قد سنوا قوانين ليست بمصلحتهم .. أليسوا بشرا .. !

زجاج النافذة السميك .. رأسي -الملتصق عند الجبين- به .. كأننا ولدنا معا .. ملتصقين .. لم يكن باردا .. ربما اكتسب كل منا حرارة الآخر .. في الخارج رأيت بعض الأبنية .. علمت بأن القطار قد اقترب من محطة ما .. بدأ القطار يتمهل .. بدت الأبنية البشعة المتراصة على تلك الأرض المرتفعة كشواهد قبور .. لم يكتب عليها أي شيء .. لكنها لونت وتزخرفت .. تنتظر يوم القيامة .. أو زلزالا ما .. أو قبورا جديدة مكانها ... توقف القطار وفتحت الأبواب, فتاتي لم تتحرك .. ستبقى .. ستتيح لي بعضا من الزمن.. لأبحر واكتشف .. زمنا لي وحدي .. وبحرا لي وحدي ..

كانت تغمض عينيها, لتعطيني فرصة الغش, لأسرق بعضا من وجودها .. كأنها تعطيني جسدها دفعة واحدة .. أدقق في صدرها .. المختبئ تحت كنزتها الصوفية, كم هي رائعة .. كنت أرسم ملامح جسدها, معتمدا على تلك المنحنيات الظاهرة .. كنت ارسم جسدا لفتاة صغيرة .. لها اوراكا شرقية .. بيضاء ناصعة .. أثداء متكورة, كبيرة بعض الشيء .. كنت أرسم فتاة تشبه فتيات ماتيس .. تلك النسوة الزرق, بانحناءاتهن .. المثيرة الغامضة .. في أوقات كثيرة كانت الانثى بالنسبة لي رمزا جنسيا مثيرا .. حتى وصل الأمر لأن يتهمني أحد أصدقائي المقربين لي, بأن كل امرأة بالنسبة لي هي مشروع جنسي .. !! لن أخفي عليكم أنني اعترض على ذلك بقولي, ليست كل امرأة مثيرة..!! وهذا ينفي المقولة .

لم أمارس فانتازيا أيروتيكية, كما أفعل عادة مع خليلاتي المفترضات .. بل شدني احساس غريب بعاطفة تشبه الى حد بعيد, ليس قليلا .. الأبوة .. ذلك الحنان الذي اشعر به كلما اقترب الي ابني قائلاَ : أبي حبيبي .. !! كان بودي فقط ضمها قريبا على صدري .. لن أفعل شيئا سوى شم رائحتها, وتحسس وجودها بجانبي ..

فتحت عيناها قليلاً .. بدأ ت تتحرك, وكأنها تريد أن تتثائب .. كنت أعلم أنها لم تكن نائمة .. وأنها ربما تعلم .. أن هذا الرجل يحدق بها .. وتظن انه يشتهيها كتفاحة حمراء .. لامعة وشهية .. مسكين .. سأدعه يتخيلني عارية ولتلتهب احاسيسه المتبلدة في مجاعته الابدية .. !!

.. مجاعة .. !! حلقت بعيدا في طفولتي .. رجعت صغيرا .. عن أي مجاعة أتحدث .. لقد أغرتني الانثى منذ الطفولة, وبدأت مغامراتي معها بسن جدا مبكرة .. وطافت علاقاتي معها فوق سطح العادات والتقاليد; وأصبح يطلق علي اسم "زنديق" - بمعناه الشعبي – .... لكن نعم لم أرتو .. كان هناك حاجة دائمة لأنثى .. متغيرة دائمة .. كنت أمل واضجر .. لكني أيضا كنت أغرم بشدة .. مجاعة .. مع أنني شعرت منذ قليل بعاطفة أبوية اتجاهها .. !! غريب .. لماذا دفعني هذا التفكير لأرجع طبيعيا مرة أخرى .. رجلاً جائعا .. دوما لجسد أمرأة ..فأشتهيها

في حشرجته الاخيرة ..

على صدر امرأته ..

بدأ يهذي ..

بأنه كف عن حبها منذ زمن بعيد

وبأنه عشق آلاف غيرها

واشتهاهن

بل وضاجع من قبلت به عشيقا ..

لكنه رجع اليها ..

لأنها....

قبرته في قلبها .

الصورة ضوء خلال السحب
لستيف كوسلينغ