٢٠٠٩/١١/٠٨

دانيال وتينا .. ودعوتهما لي, إلى نينس هامن !!




بورخس يقول : حين يمنعنا أحد من إظهار بهجتنا فأن قلوبنا تصفق.. ..


علاقتي مع جاري أبو علي "دانيال" مع قصر مدتها, لا تختصر بصفحات عديدة .. فهو الوحيد الذي أشعر معه بعلاقة تشبه علاقاتي التي أحبها وتركتها في اللاذقية .. تلك العلاقة التي لاتقتصر على قتل الوقت بل على التمتع بانسجام الوجود مع الفكر والمحيط .. محيط الطبيعة الذي يعشقه أبو علي ويركز عليه في كل الأوقات التي نقضيها معا, سواء في المشاوير القصيرة التي لا تتجاوز صعودنا المرتفع المقابل للحي الذي نسكنه, أم للسوبر ماركت الذي يبعد بضع مئات من الأمتار .. هكذا .. بالعادة يتلفن , يسألني عن أحوالي, ماذا أفعل, ثم, كمن يلقي الكرة في قلب الهدف .. أتريد أن نتمشى قليلاً , فأجاوب بالتأكيد ..

كتبت سابقاً عن رحلات عديدة معه .. أعتبر رحلاتي مع جاري العزيز وفي بعض الأحيان, زوجته, من الأوقات التي تشعرني بوجودي والتي أيضا أسر بها كثيراً ..

كانت زوجتي قد عادت من رحلة قضتها مع الأولاد وأمها في جزيرة –لا أستطع تذكر اسمها- وبدأت تقص علي كعادة بنات حواء, ما جرى معهم وما كان وما حصل وكيف ولماذا .. - أمور اسمعها بأذني اليمين المعطوبة جراء ضحكة ليست في محلها بسجن عسكري أيام خدمتي الإلزامية- والذي يبقى في الذاكرة هو ذلك اللحن المتكرر (ذات الكلمات والحوادث, الاولاد وما فعلوه مع جدتهم و و و والخ ..) الذي تسمعه مرارا .. ثم جاء اسم , نينس هامن, ليتطابق مع ذات الاسم, مرات عديدة, عما سمعته من رفاقي أيام دراسة اللغة, .. فصرت أنصت قليلا , دون الغاء فلترة الحديث .. تكلمت عن جمال المدينة , وداعتها ,مينائها و المطاعم المنتشرة واليخوت والسفن الأمر الذي يذكرني ببلدي ...

في اليوم التالي ,وهو يوم السبت, ألتقي صدفة عند الدرج ب تينـــــــا, "زوجة أبو علي", وأبو علي ..بعد التحيات والأسئلة الكلاسيكية سألتهما, إلى أين !! فقالو إلى مكان ما في البلد, تفضل ! فقلت لأا أشعر برغبة في الجلوس بقهوة بمنتصف البلدة !! لا أعلم كيف بدأ الحديث عن نينس هامن , ربما من رغبتي برؤية هذا الميناء ذكرته أمامهم .!!.فقالوا.. هل تريد الذهاب الى هناك .. فوافقت على الفور .. وبعد لحظات كنت أركب سيارتهم وباتجاه نينس هامن ..

الطريق جميل جدا .. طبيعة خلابة بالتأكيد.. ثم بعد حوالي الساعة كما عند مشارف البلدة .. ركنا السيارة بمكان , واتجهنا الى الميناء .. مرورا بمركز المدينة التجاري .. شيئا رائعا .. الابنية .. المقاهي المتعددة, التي تمددت, كفتاة جميلة عارية, على جانب البحر .. الرصيف الملئ باليخوت والبشر الذين جلسوا على المقاعد الخشبية الجميلة .. بشر معظمهم سويديين على ما أظن!! الجميل بهذا كله, شعورك بالألفه مع المكان .. هل هو البحر .. البشر .. الحرية التي تشعر بها كلما بعدت عن بيتك وهزائمك .. لا أدري .. إنما كان شعورا جميلاً .. دانيال وتينا لم يبخلا كعادتهما بأي شيء .. الايس الكريم واللطف والاهتمام ..حقا يشعرك البشر الجميلين بالحياة ..

مشينا عبر المدينة .. كان يوم عطلة .. السوق المركزي مغلق .. لكن المقاهي والمطاعم تعج بالناس .. الدراجات النارية الرائعة والكبيرة والفخمة "أغلبهم هارلي دافيدسون" تصطف أمام المقاهي, لفت نظر تينا , دراجة رسم عليها ألسنة نار , بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء .. كانت دراجة كبيرة وغريبة .. وقفنا قليلا, نتمعن بها .. " يبلغ سعر هكذا دراجة, حوالي المليون كرون, أي مايعادل سعر 40 سيارة كسيارتي" .. ثم أولئك السكارى الذين يلقون التحيات على كل من يمر أمامهم .. حين ألقيت عليهم تحية .. مالبثوا إلا أن رشقوني بكلمات لم أفهم معظمها , إلا أن دانيال قال لي .. انك أنت البادئ .. فلم أفهم أي شيء .. مر الوقت سريعا .. قررنا العودة الى السودرتالية .. !! كان يوما لذيذا !! يوما من الأيام العديدة التي تشعرني بالامتنان العميق لتينا ودانيال الرائعين .. شكرا لكما دائما ..!!