٢٠٠٨/٠٨/٢٦

ســــائق شاحنــــــــة في مــكـــــــــــــــب النفايـــــــــــــــــــات ..








في بداية بحثي عن عمل كسائق شاحنة ..ركزت على ان يكون موقع العمل قريبا, فلا احتاج لمواصلات ولا للاستيقاط باكرا قيل ساعات لاصل المكان بالوقت المحدد .. على هذا الاساس قبلت ان اعمل في تلك الشركة التي تؤجر عمالة الى شركات تحتاج هذه العمالة بشكل مؤقت, بسبب الاجازات الصيفية او بسبب ضغط عمل مفاجئ ..

عند قرائتي الاعلان الذي وضعته الشركة, وجدت بأنني أحسنت الاختيار, لطالما انها طلبت تحديدا من البلدة التي اسكنها!! لكن ويالعجبي من هذا انهم يحضرون لعقد معهم يبدأ بعد شهرين .. لذلك عندما قابلت هذا الموظف المذكور في نص سايق قال لي ان بامكانه ان يرسلني باعمال مختلفة, ريثما يأت موعد العمل الذي طلبني لاجله, وهو سائق في مكب النفايات في البلدة التي احيا بها ..!!

بعد فترة متعبة وشاقة, تراوحت بين اعمال لاتمت بصلة لاختصاص سائق شاحنة, كعامل في مخبز من الساعة 10 ليلا حتى السادسة أو كعتال لتفريغ كونتينر 40 قدم مليء بشوالات الارز ذات 20 كغ, او كسائق ناقلة, لتحميل سيارات الشحن, عداكم عن عملي كسائق شاحنة, اضافة لمتطلبات النقل والتحميل والتوصيل, كما ذكرت في نص سابق حين عوملت بعنصرية من قبل شاب المفروض انني انا الذي يعطي الاوامر في شركة بوكس..

حين حان موعد العمل الموعود, في بلدتي سودرتالية, فوجئت عند سؤالي متى سابدأ بالعمل الصيفي الذي من المفروض ان يبدأ منذ ايام!!
قال لي لا.... انه بعد اكثر من شهر ابتدأ من الآن !!!
لماذا!... قلت له.
قال ان الشركة هي من تقرر وليس هو!!

كنت أعتبر أن الاوروبيين للحظة هذه , أنهم صادقين في تعاملهم المهني, لكن في هذه اللحظة انهارت تلك المسلمات امامي حين قال لي أنه لم يحدد موعد بدء عملي في سودرتالية !! وبرر ذلك, بانني ربما لم احسن فهم ماقاله ..
غضيت كثيرا ولعنت كل حياتي.. اكثر من شهر سأعمل هنا وهناك .. في بعض الاحيان تأتي في مخيلتي أن الله قد قرر معاقبتي لتركي اللاذقية .. أو هاهو ثمن تركي من احبهم وبالطبع يحبونني .

إذا .. بعد اقل من شهرين سأبدأ العمل في بلدتي ولن أضطر للاستيقاظ باكرا وركوب المواصلات العامة ساعات للوصول .. سأبدأ حياتي ولو مؤقتا كانسان عادي له عمله المنتظم وروتينه الممل .. لن اخوض تفاصيل عملي قبل بدء عملي في ( تفيتا فيركت ) مكب النفايات فقد نالني التعب والاجهاد الكثير ..

بدأت عملي في تفيتا 23 تموز وانهيته في 16 آب اي ثمان اسابيع .. علما كان الاتفاق في البداية على ثلاثة اشهر على الاقل !!
تفيتا فيركت ..مكب النفايات التي تجمع من دائرة قطرها لا اقل من مئة كم او اكثر .. من الزبالة العضوية الى التفايات التي تنتج عن كل ماهو خاص وشركات بما فيها المعامل والمحلات .. تجمع هناك وتفرز وتطحن ..

في اول لقاء مع المسؤولين علينا فرزنا الى مهامات مختلفة .. أما حضرتي فكان لي دور خاص .. أن أعمل ضمن المكب وبأقسامه الأربعة .. حيث دربت 4 ايام مع سائق اسمه أوكة في الستينات من عمره .. زبال حقيقي .. له القدرة على اكتشاف كل شيء ربما بالممارسة .. ويهوى لم الزجاجات الفارغة لبيعها او استبدالها بالنقود وهي ما تسمى بالبانتا !! في اليوم الاخير من الاسبوع قال لي انني جاهز وسأبدأ بمفردي اخذ كل المهام في هذا المكب .. والشاحنة من النوع الكبير مجهزة بخطاف من أجل سحب الكونتينر الى الشاحنة ..
بدأت العمل .. وبعدم ثقة بدأت أترنخ كالسكران بين اظهار جدارتي أم حرصي على عدم الخطأ .. مما سبب لي ارباك فلم افلح باي منهما !!

سأكتب الآن ماحدث معي اليوم الواقع في 28 آب 2008 .. بعد انتهائي من عقد العمل عند تفيتا فيركت قررت عدم الاستمرار مع تلك الشركة ج ر .. التي تؤجر العمالة لكن عندما عرضوا اسبوع كامل في مخيز السالتو كفارن أجلت خطوتي هذه حتى لا اخسر عروض مثل هذه,... قريبة الى البلد الذي احيا به, وجو العمل مريح والبشر لطيفين معي.. سأكتب لكم عن ذلك الاسبوع .. بعدها وفي هذا اليوم الساعة العاشرة بتصل بي ميكة"موظف شركة التوظيف" ليقول انه بحاجة لمساعدة في "يوردبرو" ساعتان في القطار لاصل .. قبلت العمل ولن تصدقوا الثقل الذي احسست به طول اليوم .. فقدت السيارة بهدوء وسميت بالرحمان وفعلت كل مايمكن لي ان ازيد من الامان واقلل من الاخطاء .. السيارة جديدة جدا واوتوماتيك,.. قيادتها رائعة .. في الساعة السابعة ليلا وفي طريقالعودة الى مركز الشركة الذي بيعد 150 كم عن المستلم .. سيارتا بوليس تقفان بشكل سهم مفتوح يقدر عرض السيارة ويفتشون الجميع .. خصيصا الشاحنات التي ربما يطول تفتيشها اكثر من 5 سيارات .. وجاء دوري بعد انتظار وترقب ولن اقول سوى .....رعب .. انزلت زجاج النافذة وردت تحية الشرطي الشاب وقال لي انا اسف لكن تفتيش روتيني عليك بالدخول الى الطريق الفرعي للتفتيش... ولأول مرة في السويد اقف بالسيارة امام شرطي .. الحدث الذي ترقبته بهم كبير .. قال لي اتستطيع ان تمر بين السيارتين فقلت له لا مشكلة وقال لي حسنا هذا عظيم وشكرا لك ..
...قدت السيارة بتأن بالغ حتى وصلت للكوع الذي سادخل به حسب اوامره !! وادرت المقود الى اليمين لاسمع صوت سحق معدن ثم صوت زجاج .. فنظرت بالمرآة .. وإذ بسيارة الشرطة قد سحقت تحت الروافع الهدروليكية التي تحمل البلاطة المعدنية للتفريغ والتحميل للشاحنة التي اقودها .. ماذا حصل بعدها . !!
ساترك هذا للتخمين ..و اعود ريما غدا لاكتب عن هذا الحدث المرعب!

هاهو الصباح .. آتيا من خارج غرفة النوم .. أصوات وليم وفيكتور .. هل من المفروض أن الأطفال هم من يأتون بالشمس والضوء والضجيج الذي اصبح ملازما لبروتوكولات الاستيقاظ !!

البارحة نمت وأنا أفكر بأنني يجب أن أخبر الشركة التي اعمل بها عن الحادث الذي حصل معي البارحة مع سيارة الشرطة ..ريما سأفعل بعد ساعة على الاكثر!!
ماذا حصل بعدها ...