٢٠٠٨/٠٤/٢٢

محكمة الاستئناف في السويد


لا أعرف من حياتي التي عشتها في سوريا او خارج سوريا أشكال المحاكم ومافي داخلها إلا 5 مرات لا غير ولاسباب تعددت بين السياقة دون رخصة عندما كنت في السابعة عشرة من عمري ثم عندما قدمت لمحكمتين عسكريتين واحدة في اللاذقية والثانية في حمص لارتكاب جرم الفرار من الخدمة العسكرية ثم المحكمة المدنية في الزواح والطلاق. الاولى في المحكمة الشرعية في دمشق والثانية في المحكمة التي تتواجد في مدينتي اللاذقية .. وللحق اقول بعد زيارتي كشاهد في المحاكم العليا او المدنية في السويد ... أننا حقا وبدون اي تحيز ............. يلزمنا عقود من السنين لنصل لشكل من اشكال الرقي في التعامل الرسمي داخل المؤسسات الحكومية كالتي رأيتها ...

عندما طلب مني احد اصدقائي لاقدم نفسي كشاهد في قضية دفاع عنه, لم استظرف الفكرة لكرهي لكل ماهو رسمي وحكومي, لكن معزتي وصداقتي للشخص الطالب لم تدعني نفسي ان ارفض فانا على يقين من برائته ثم لم يجبرني على قول اي شي كاذب.. وهكذا طلب مني رسميا ان اذهب لمركز الشرطة وادلي بأقوالي عن معرفتي لحادثة كان قد مر عليها السنة و النصف .. فاستقبلني ظابط شرطة في مكتبه وبعد نصف ساعة كان قد انهى كتابة افادتي مع بعض التفاصيل التي استكملها بين افادتي ..!! وحين طلب مني ان اوقع على انني سأذهب للمحمكة ان طلب مني, كنت أمني نفسي ان لا يأتي هذا اليوم لكرهي لكل ما هو رسمي وحكومي .. سافرت الوطن لمدة شهران .. نسيت كل شيء ورائي ... السويد والاولاد والزوجة .. عشت الدنيا بالطول والعرض ..سررت لدرجة انني تمنيت البقاء وعندما ظننت انني استطيع البقاء اكثر , اتصلت بزوجتي لاطمأن على الاولاد والاحوال وما هو جديد .. فاجأتني بأن على العودة من اجل المحكمة .. !! أي محكمة جاوبتها .. قالت لي ان لم تأت ..فعليك غرامة وستضطر للحضور ولو احتاج للاحضار بالقوة .. بواسطة البوليس.. ربما حان الوقت للعودة .. لعدة اسباب لكن من اجل صديقي يجب علي ان اوفي بوعودي .. فاتيت ..

في الحادية عشر تحركت من البيت لألا أتأخر عن المحكمة, علما بأنها تبدأ في الثالثة الا ربعاً. وبما أنني محظوظ في تأخر كل شيء عني فلم أستغرب تأخر القطار و الباص في آن معا! على كل حال وصلت استوكهولم المحطة الرئيسية في الساعة الواحدة والربع. ومع أنني بحثت في المواقع الألكترونية التي تعطيك كل نقاط البحث وكيفية الوصول الى مبتغاك, فأنني سألت أربع أشخاص عن كيفية الوصول, اثنان منهم لم يعرفوا عن ماذا أسأل .. طبعا اللغة التي أتكلم بها بالنسبة لي السويدية أنا لهم فربما ظنوها صينية !! الاثنان الباقيان نساءو وهم من دلوني على طريق المحكمة القريب من المحطة ..!!

في البداية كانت العنوان الاول عبارة عن عمارة من ثلاث طوابق, ربما بنيت في اوائل القرن العشرين ..كان االوقت باكرا فانتظرت بالقرب من البحر هلى مقعد خشبي تحت شجرة ضخمة خضراء .. ربما انتظرت للساعة الثانية فتشجعت أن أسأل عبر الانترفون الموضوع خارجا. رد علي شاب وقال سأوافيك بعد دقيقة.. شرح لي انني يجب علي ان اتوجه لبناء آخر يقع بنفس الساحة ( بيرغر يورلس) وأسال الاستقبال.. ثلاث ابنية كبيرة جميلة يتوسطهم ساحة نظيفة مرصوفة بالبحص السويدي وتتشكل الدوائر والألوان في تلك الساحة من خلال ألوان القطع الحصوية كلوحة هندسية جميلة ويتوسط الساحة صاحب الاسم رجل الدولة في القرن الاثني عشر .
يمكنم مشاهدة صورة بانورامية للساحة عبر انقر هنا..
توجهت للبناء الثاني الذي يقع في الجهة الأخرى من الساحة وفتحت الباب لأرى صالة قديمة أرضها من الحجارة القديمة
المتشققة وخالية من البشر .. وفي الصالة شاشة بلازما ربما 52 انش يمكن الزائر قراءة ما يجري في الصالات من دعاوي او احكام .. اذا ..اقتربت وقرأت ان صاحبي قد بدات محكمته في التاسعة و النصف وأنا دوري في الثالثة .. لكن في صالة تقع في أكبر الأبنية الموجودة في الساحة انها رقم 16 سأبحث عن صورة لها لأرفقها . اقتربت ودخلت فاذ بي في بناء رائع ذو عواميد رخامية ومقاعد جلدية ومنشورات عن الحقوق والعدالة و امور تهم كل من يات الى المحكمة ... مثال .. احد البرشورات عن الشهود وحقوقهم .. وان هناك منظمة تدعم الشهود .. ولست اعني اخفاء الشهود مثلما نرى في الافلام وان وجدت حتى في السويد, بل الشهود العاديين مثلي تماما .. جاء في اول الصفحات .. شرح عن مايعتري البشر من خوف حين يستدعون للشهادة ... اللغة .. الاضطراب التفسي .. الخوف الخ..
قال لي موظف الاستقبال اللطيف .. ان الصالة هي رقم 9 ويمكنني أن اجلس في اي مكان اريد لان الاستدعاء يات عبر مكبرات الصوت منتشرة في البناء كله.. !!


صعدت للطابق الاول فرايت صانعة قهوة ومحارم وحمامين كبيرين ونظيفين وسكون يدهشك وبعض الجرائد والمجلات عن الديكور و اخبار الافلام و الازياء ..
جلست على الاريكة الجلدية الداكنة وانا افكر بصديقي و كيف هو وحالته بما انني لم اتصل به منذ عودتي .. في هذه الاثناء جاء رجل ليدخل للحمام فاذ به اخوه الكبير " أ" تفاجأ وعانقني وقال لي ان لا احد يعلم بعودتي من سوريا وسيقول لاخيه .. فقلت له اين هو اليس في القوس فقال لي لا انه في غرفة جانبية يستمع عبر مذياع متصل بالقوس ليسمع كل شي عن استجواب الطرف الآخر .. استغربت الموضوع لمعلوماتي المحدودة عن كل شيء هنا .. بعد قليل جاء صديقي معانقا ودعاني لاجلس واستمع معهم .. !!
لن اطيل .. فبعد ساعتين من الانتظار ليأتي دوري في الشهادة سمعنا صراخا لامرأة عربية فركضنا لارى رجلا يهوي للارض ورأسه مليئ بالدماء بسبب ضربة على عينه اليسرى وفوقه ربما زوجته التي ملئت البناء من صراخها .. علمت من الشاهد الاخر بانه الطرف الثاني للقضية .. كنت في حالة من الاندهاش بحيث ظننته يموت .. لكن ما ايقظني من هذه الحالة اخيه الذي اخذ في الكلام على العدالة السويدية السيئة موجها كلامه لمحامي صديقي الذي بدا لي انه في حالة جيدة وقد وقف اخيه حائلا بينه وبينهم لألا تستمر المشاجرة.
قلت للشاهد الثاني لماذا فعل صديقنا هكذا .. فقال ربما لم يعد بامكانه ان يسيطر على اعصابه.. الحق يقال ان الطرف الثاني من النوع البذيء من الاشياء التي اضحكني بها في انه قال للقاضي ان صديقي لايحب الملك .. فذكرني بهؤلاء الذين يسارعون لاتهام الآخرين بسب الرئيس وكرهه فتنقلب الامور .. فربما ظن صاحبنا انه لازال في العراق وتحت ظل صدام ...!!!
لا يوجد شرطة ولا سلاح ولا اي نوع من مظاهر الشرطة الا هؤلاء الموظفين الذين تتعاقد معهم المحكمة للامن .. فهناك رجل في ال55 من العمر وشابه في الثلاثين او اقل بوزن فوق الثقيل ..ركضت بحقيبة الاسعاف لتسعف المصاب.. نزلت للطابق السفلي لانتظر ماذا سيجري وكنت اكثر من متاكد ان سيارة الشرطة و الاسعاف ستاتي حالا .. لكنهم اتو بعد 15 دقيقة 3 سيارات شرطة كبيرة وسيارتي اسعاف ايضا لكنهم نزلو من سياراتهم وكأنهم في نزهة ..
الامر حصل كالتالي .. في القاعة التي تجري بها المحكمة كان صيقي يدلي باقواله حين فقدت الامراة اعصابها فخرجت من تلك الغرفة التي تستمع بها مع زوجها واخيه ودخلت قاعة المحكمة لتتهجم على صديقي فتبعها زوجها واخوه لتحصل المشكلة ..


بعد ان وصلنا انا والشاهد الثاني بالقرب من المحطة الرئيسية اتصل صديقي ليقول انتظرونا فنحن قادمون .. وبالفعل اتى وتكلم عن ماذا حصل ومن ثم طلب اخيه من احد سائقيه .. فهو يملك شركة سيارات اجرة .. لنصل للفيلا التي اشتراها منذ سنة ويدعونا لعشاء ظريف وشهي ومن هناك ودعنا وما تبقى ان صديقي اخذ سيارته المركونة هناك واوصلنا لبيوتنا ..

المحكمة اجلت و اليوم استلمت بانني ساشهد يوم 30 ابريل .. عسى خيرا