٢٠٠٧/٠٨/٠٤

اليوم الخامس ...سلوفينيا وعاصمتها ليوبليانا


في قيادة السيارات تتنوع طرق واسلوب السائقين , كما يلعب دور ثقة الركاب بهم .. علق طارق بأن أحد اصدقائه ويسمى ابراهيم قد قال له مرة, بأنه أي طارق, السائق الوحيد بين اصدقائة من يثق بقيادته بل ويمكنه ان ينام مطمأناَ .!! رددت بأنه اي ابراهيم بلا شك لا يركب مع احد مطلقا , وهذا صحيح فابراهيم لديه سيارة ويعمل سائق تكسي, فبالله عليك يا طارق دعك من هذا الهراء !! جاوبته بشكل ربما ينم عن ردة فعل لكلامه الذي يترجم بان قيادتي للسيارة غير مريحة !! علما بان طارق ينام طوال الوقت!! قدت على طريق رقم اي 59 الى غراز ومن ثم تناقشنا قليلا بأننا سننام في الطريق لنصل الى سلوفينيا أم أن نكمل الطريق وننام بالمدينة !! اقترح صاحب الاقتراحات باننا يجب ان ننام في الطريق لعدم احساسه بالامان في دولة كانت شرقية منذ فترة قصيرة, فركنت السيارة في احدى الاستراحات حيث وقفت عدة سيارات شاحنة ضخمة وبعض السيارات الصغيرة, ربما الحاجة للحمام هو من الاشياء الرئيسية التي يشعر الانسان باهمية تلك الاستراحات ..حيث هناك لاشيء سوى مواقف صغيرة وحمام صغير.. لن أشرح عن استيائي فالكلام لا يعنيكم بشيء!! طارق ينام بطرقه الخاصة التي لاتنفع معي بشي.. فيقول انت يمكنك ان تنام اذا جربت ان تاخذ فقط حبة واحدة !! بدا لي الامر ربما معقولا فانا في السيارة لايمكن لي ان انام لضخامتي ومن ثم لعدم تعودي على النوم بشكل غير مريح. أبتلعت تلك الحبة الصغيرة وانتظرت ان اشعر بالنعاس علما بان في داخلي احساس بان الحبوب المهدئة لا تنفع معي لتجربة قديمة في حياتي كادت ان تودي بها !! تمشيت قليا بين الشاحنات وربما لفت لي نظري امرأة جميلة كانت بمفردها في السيارة التي ركنتها بجوار شاحنة, خلافا للسيارات البقية, فرحت اتمشى في عتم الليل بمحاذاتها ثم فجأة تدير محرك سيارتها وتقودها مبتعدة عن الاستراحة, فكرت مليا بذلك وحللت انها وبلا شك ارتعبت مني !! من الاشياء المميزة في هذه الاستراحة ذلك الحمام الذي لايضيئه شيء بالداخل بل ياتيه الضوء عبر فتحة بلاستيكية شفافة من الاعلى. عندما دخلت للحمام رحت ابحث عن مفتاح الضوء فالضوء الذي به خافت جدا حتى انه يمكنك القول بانه حقاً رومانسي ومن الواضح تأثير المارين به عبر كتاباتهم الغير مفهومة واوساخهم وربما السلوفانيين الشرقيين سابقا قد ادلو بدلوهم هنا ! ! ثم ربما نمت حوالي الساعة الرابعة.
سلوفينيا
قليلا حتى قطعنا الحدود النمساوية , أستغرب بي تلك الاحاسيس التي تنتابني كلما قطعت حدودا , فأنا أشعر بحق أن شيء ما تغير , ربما الرائحة , او المناخ!! ماهو التعبير الذي يمكنه وصف ذلك! وربما بشكل لاوعي. وانا الذي عشت حياتي أو أغلبها بعد رحلتي الى بريطانية اليتيمة في مدينة ساحلية صغيرة وكنت اعتبر سفري الى لبنان قفزة الى نوع اخر من الكواكب , تماما شعوري بتغيير البلدان عند الحدود!! بعد الحدود النمساوية ومرورك بدون اي تفتيش او تدقيق كبير تنتطلق في طرقات ليست سيئة انما بلنأكيد اقل سوية من الطرقات النمساوية و الالمانية ومن ثم تستوقفك بوابات في الطرقات المؤدية الى اتوسترادات عريضة وربما انفاق وهذه البوابات مقسمة الى عدة مداخل منها للسيارات الشاحنة و منها للسيارات العادية الصغيرة وغالبا ما يكون هناك رتل من السيارات فتقودعبر هذه البوابات للنافذة المطلة وتدفع باليوروحيث امكنني ان اعلم بان هذه الرسوم لتحسين او نوع من الضريبة لبناء هذه الانشاءات. كما كتب على اللوحة اسعار العبور . نعم نحن الآن في سلوفينيا
كانت القيادة الى سلوفينيا والتي ظننا انها ليست بهذا البعد كعادتنا كلما بدأنا قرارا بالانتقال الى مكان آخر, وذلك ربماقياس الاصابع لصديقنا مصطفى قد تغير بسبب ربما تورم او تضخم ما قد حصل لاصابعه. المهم بعد أن استيقظناتابعنا القيادة الى سلوفينيا وبالتحديد ليوبيليانا عاصمتها . دخلنا المدينة في الساعة الحادية عشر ولاول مرة كان الجوصحوا وباعتبار ان مصطفى يؤمن بالاشارات القدرية قال بانها علامة حظ جيد .وضعنا السيارة بشارع جميل قرب الجامعة بقرب مركز المدينة الذي لا يبعد سوى خطوات.الجو صحو ولكن كانت علاقاتنا مغيمة ان لم تكن ماطرة و قريبة من العاصفة حين أصر طارق على فصلنا وعلى انيأخذ كل منا مئتان يورو ونفترق كل لوحده, الاقتراح الذي افزعني فانا لا استطع ولا يمكن لي ان اعيش ثلاثة ايام اوحتى يوما واحدا دون احد ما معي خصوصا بمدينة جديدة عني ,فاعترض على هذا الحل بشدة مما جعل الجو مشحونااكثر بيني وبين طارق الذي بدا وكانه يلعن اللحظة التي قرر بها الرحلة. نزلنا المدينة التي شعر صديقاي بانها رائعةوظل طارق يردد بانها من اجمل المدن التي زارها في حياته وانها المكان الملائم له للحياة وهذا التصريح جاء بعد اقلمن نصف ساعة من التجول بمركز المدينة الذي لا أخفي عليكم جماله وروعته والذي يبهرك بكل هذا بساطته . جمالالساحة الكبيرة و تلك المقاهي الرائعى التي تجانب الضفتين للنهر الذي يتوسط العولصم عادةً .. من الاشياء التي تثيرانتباهك فورا هذا التمازج من الطراز المتوسطي و الطراز الاوروبي الشمالي فسلوفينيا هي الجزء الذي انفصل عنيوغوسلافيا الفيدرالية والتي تقع على الحدود من مرفأ تريستا الايطالية و التي لها شاطئ صغير على البحر الالبيضالمتوسط..كل شيء فيها مزيج من الذكريات لدي ..ذلك السوق الذي ترا فيه جزءً من بلدك ..الاقمشة و الثياب و مايمكن للساكن و السائح ان يجذبه ..أما سوق الخضار الذي يجانب تلك الاكشاك في وسط الساحة المخصصة له فهناكترى ان سوق الخضرة في لاذقيتي لا يمكن لها ان تضاهيه في الترتيب و الكميات التي طالما تبجحت بها امام زوجتيو امها في السويد ..تلل من الجبس و الدراق و المشمش, أكوام من الكرز و الفريز و بكل مايخطر ببالك من فواكه وخضار; كان كل شيء بسيطا جميلا .ويملؤه الفرح .دخلنا الى مركز الاستعلامات السياحية لنرى اين يمكن ان نجد افضل وارخص مكان للنوم ودون مراعاة المدينة التييمكن لنا ان نتجه اليها اذا كان الامر جديرا بالمحاولة لابقاء روح الرحلة على قيد الحياة .الشعب السلوفاني جميلوبسيط ومثقف ولطيف . الجميع حاول مساعدتنا حتى أن الشاب موظف الاسعلامات السياحية الذي تكلم معه طارق قدحاول ولعدة مرات ان يتصل ببيوت الشباب ليؤمن لنا غرفة ننام بها .. !لم نستفد من شيء !! تمشينا في الساحة بعضالوقت وجلسنا في الساحة المركزية للمدينة نشاهد الصبايا و الجمال الذي يعبر جانبك وانت تنظر بعين تبحث عن كلشيء ..كل شيء جديد في هذه المدينة الوادعة. كانت الغيوم التي شابت سماء علاقتنا نحن الثلاثة قد لازالت تتلبد حينا وتفرج حينا آخر, فطارق الذي يعاني من أشياءلا حصر لها من جراء قراراته في الرحلة و أنا الذي أعاني ما أعانيه ولا داعي لذكره حفظا على صورتي كبني آدم !!طارق لازال يكرر اقتراحاته التي تتناول الانفصال وان يكون كل على حدا وأنا من الجهة الاخرى لا اقبل بهذاالاقتراح الأمر الذي جعل مصطفى ذائما يوافق على اي مقترحات سواء مني او من طارق .. المقترحات كثيرة منها اننذهب لمدينة على شاطئ المتوسط وننام هناك أم أن نبحث عن اوتيل للشباب وننام به او ان نرى مكان آمنا للسيارةوننام بها و الاقتراح الاخير جعلني في حالة من التوتر شعر طارق بها وبدأ في تهدئتيومحاولة تحليل ما اشعر به من جهته هو , الامر الذي انكرته بشدة علما بانه صحيح..جلسنا عند التمثال الذي يتوسطالساحة الكبيرة بينما مصطفة يبحث عن تلفون ذو حصالة ليجري اتصالا مع صديقة تعرف عليها في الانترنيت ولديهموعد معها في27 من الشهر نفسه, الامر الذي يحافظ مصطفى على سريته جدا مما حدا به ان لا يقول عنه اي شيءطارق الذي امتعض قليلا من مصطفى, الذي رفض استعمال موبيل طارق لاجراء المكالمة باعتبار ان موبيل مصطفىقد انتهى رصيده, قد أزعجته فكرة السرية التي أظهرها مصطفى باعتبار أن طارق يضع نفسه بمقام الاصدقاءالمقربين ومن الذين لايخفى عنهم سر.. تكلمنا كما في معظم اوقات الرحلة عن الخيبات او عن نفسيتي التي تسود كلشيء وانني لا يعجبني اي شيء في العالم ..فحقا ربما أنا كذلك فالمدينة بعد كل هذا جميلة وربما كل المدن التي مررنابها رائعة لولا أننا مررنا بها كالقضاء المستعجل ..أما هذه ليوبليانا فحقا أنها لمدينة رائعة ..جلس طارق على تلكالقاعدة الدائرية وجلست أنا بجانبه نتكلم واذ بفتاة في العشرين من عمرهاقدجلست في المستوى الاعلى من قاعدةالتمثال وبدأت أنا أهيء نفسي للانقضاض عليها بسؤال عن المدينة ..وبقيت في هذه الحال ربما اكثر من نصف ساعةأتهيء كما قلت للانقضاض !!!.. أي انقضاض فلقد انقضت اكثر من ثلاثون دقيقة ولم افلح في كسر حاجز الخوفبان اسألها سؤال واحد.. كانت مزيج من الماضي ..العمر الفتي و الجسم الممشوق ..وأنا في هذه الحالة الذهنية منالاسئلة و الاوهام ,.. جمعت أغراضها وأنا في ذهول ولازالت الاسئلة و الاحلام تلعب برأسي عنها "من أين هي!! هلهي سائحة!! ام انها من هنا ام تدرس في الجامعة " ثم ذهبت .. يا للغباء ربما انتظرتي طويلا لاتكلم معها فخيبت املها"هكذا يتكلم دماغي" لماذا ..ربما لانها لم تشاهدني اصلا فكلما نظرت اليها كانت لاتدير اتجاه وجهها وكنت اظن انهاتريد ان تلتقي عينانا , لكن للاسف في كل مرة كانت تنظر باتجاهي كانت تريد النظر الى المقهى الذي يقع خلفي !!المهم ذهبت.. وذهب معها بريق سهرة في احد صالات الديسكو المنتشرة في البلد والتي لا أعلم انها موجودة اصلاً بعد!!..أكملت الحديث مع طارق الذي بدا وكأنه قد أخلى سبيل لامبالاته من أجل الرحلة !! بعد الربع من الساعة رجعتالفتاة نفسها .. ألا تظنون معي ان رجل في 45 سنة من العمر بحاجة لبعض التشجيع ليتكلم مع فتاة في العشرين ..نعمأنا لست شجاعا !! اتت بهامبرغر وبدأت تأكل بنهم .. انتظرتها لتنتهي أي لتلعق أصابعها لأبدأ بالحديث معها ..لقدأنهت الهامبرغر وبدت زجاجة العصير في نهايتها ..كم من الادرينالين بحاجة لافتح معهاحديثا عاديا !! من المؤكدكميات ضخمة .. جلست قريبا منها حوالي الربع ساعة ومن ثم قلت في نفسي الله واكبر!! كمن يريد تفجير نفسه,أورمي نفسه في التهلكة..., وبدأت بالتلعثم وضربات قلبي التي أعاني من بطئها أصبحت تعزف مع الميتاليكا وفرقالهارد روك , لكني مع هذا نطقت بالكلمة الاولى وهي هاي !! في البداية جائت ردت فعلها بطيئة أو ربما انا من اصبحيرى المشاهد بشكل بطيء , ثم أدارت وجهها الذي بدا لي اجمل من قبل, وردت التحية بهاي ومع التحية كانت قد مدتيدها لتصافحني !!! لا أعرف كم من الثوان مضت قبل ان اعي ان علي ان امد يدي فلقد جائني تصرفها بغتة ولم اكنحاسبا حسابه مطلقاً ...ياالله كم يجب ان اعاني من خجلي وقلة ثقتي بنفسي !!! مدت يدي ناطقا بالانكليزية يشوبهاسويدية مشوهة وبلكنة عربية , اسمي رفعت وأتسائل ان كنت تتكلمين الانكليزية ؟ نعم ردت باللطف المعهود للجميلات.. وبدانا الحديث الذي لم يطل الا بعض الدقائق قبل ان تعتذر لوجوب ذهابها مع فريق السلة الذي جائت معه الى العاصمة من بلدتها البعيدة قليلا من العاصمة!! .. محاولة جيدة أطرق طارق راسه مجددا عندما جاء مصطفى قبل ان تعتذر الفتاة وتذهب.. وسؤال مصطفى عن مكان لهاتف ذي حصالة قريب من هنا....ذهبت ..أحسن أنا لست بحاجةلاحلام تتحقق أنا احلامي ان تحققت ... أخسر حلما !! نعم بقينا في الساحة لمدة ليست بقصيرة شاهدنا قطارا صغيراللسياح في وسط الساحة وسواح كثيرين مما زاد من اعجاب الشباب بالمدينة وبالوقت نفسة زاد استيائي من محاولات الشباب بايهامي انها الجنة المفقودة !! ا