٢٠١٠/٠١/٠٣

الفصل الاول من أغنية .. لم اعرف اسمها لكنها لازالت في اذني تسكن !!


    ما قيمة جمال مشهد إذا لم يهز روحاً أخرى تعتبرها توأماً لروحها؟ ما قيمة لوحة رائعة أو كتاب رائع إذا لم تتقاسم تلك الروعة مع أحد؟
    جيلبرت سينويه في "اللوح الأزرق"








    صبـــــــــــــــــــــــــــــــاحــــــــــــــــــــــــــــــــــــاً...


    لم أعد أعلم متى حصل هذا معي .. في أي يوم .. في أي شهر او سنة .. لكني متأكد أن كل هذا حصل فعلاً ..

    نعم... كنت قد قررت منذ الصباح الباكر أن أننتشل جسدي المخمر, برائحة النوم وما ازدرته في منتصف الليل من طعام كان قد بقي من عشاء سابق. كان الغطاء الخفيف الذي يلفني قد أخذ تماما شكل الكفن, لولا أن رأسي قد برز خارجا منه لأتنفس..ستائر النافذة المغلقة تحجب الوقت ولم أتذكر أن في يدي ساعة .. زوجتي قد استيقظت باكرا جدا, قبل الصباح نفسه, تمارس طقوسها الصباحية .. رياضة وحمام ومرآة .. وفطورا من اللبن والجبن وقليلا من القهوة مع الحليب .. ريثما يحين وقت, يستيقظ به طفلينا ويبدأ البيت في الحياة .. لكنني كنت صاحيا.. في ذلك الصباح . .. كان الليل قد تآمر مع جسدي بألا أنام.. فبقت عيناي مفتوحتان .. وأفكار تلهو في راسي ..

    لم استطع مع كل محاولاتي, في جعلي أنام .. نهضت وبدأت بصحن الجبنة ثم بصنع فنجانا كبيرا من الشاي وقليلا من البندورة وبعض الزيت .. ثم وصل الامر الى أن آكل ماتبقى من البطاطا المقلية بالثوم والفليفلة .. ومعها شربت ربما نصف لتر من الكوكاكولا ... متى سأنتهي من هذا ! فأنا في وزن لم أصل إليه منذ سن السادسة عشر, حين خضعت لنظام رياضي وغذائي, استطعت من خلاله انقاص وزني, تقريبا 60 كغ بسته اشهر .. من أجل فتاة أحببتها .. !!

    أكلت حتى التخمة .. كان كل شيء بلا طعم .. فقط آلة تمضغ .. تعلك , واقفا بجانب البراد ساندا رأسي على درفة من خزن المطبخ .. باب البراد مفتوح, لا أغلقه, يلقي ضوئه الأصفر على أرضية المطبخ, كقطعة جبنة مثلثة كبيرة .. هدوء عجيب لايقطعه سوى صوت أسناني التي تمضغ ما تلقيه يدي في فمي .. وصوت كاسة الشاي او الكولا وهي ترتطم بسطح ا لطاولة الخشبي ...

    دخلت الحمام أحدق بوجهي في المرآة .. كنت أنظر إلى عيني .. محاولا أن أصل إلى اعمق نقطة فيهما .. أفكار كثيرة .. أخذت تقتحم عقلي .. الموت .. الخلاص من هذه الحياة .. الحرية .. الانعتاق من كل هذا القلق .. لست راضيا عن اي شيء في حياتي ... كل شيء بدا لي سئماً .. بقيت هكذا حتى شعرت بتعب في قدمي .. الأفكار لاتنتهي .. سأتابعها في المغطس .. أنني بحاجة لمياه ساخنة .. وساخنة جداً .. علني أستحضر ذكرى أمي وهي تضحك عندما كنت أتلوى من الغيظ, لأن المياه كانت حرارتها أعلى مما أتحمل .. رائحة المياه الساخنة .. رائحة البخار المتصاعد منها , .. أدرت مقبض الحنفية وبدأت المياه تندفع بغزارة إلى المغطس .. بعد قليل كان البخار قد جعل سطح المرآة طريقاََ ضائعاَ في ضباب كثيف, لم أستطع الاستمرار في النظر الى عيني .. مسحت بكفي المرآة, فتركت يدي آثار , تبدو كحبيبات مياه مصفوفة بشكل قوس ... المغطس بدأ في الامتلاء ... رائحة البخار لم تفلح في استحضار صورة أمي ..!!

    نزعت عني البيجاما ووضعت اولى قدمي لأتحسس حرارة المياه , فانا في بعض الأحيان أقيس مدى تحملي لسخونة المياه, فارفعها حتى درجة أستطيع القول عنها قريبة من الغيلان "ليس تماما" ... انها ساخنة جدا , فأخفض من درجتها بزيادة الماء البارد ... حتى تصبح مقبولة .. نعم يا للمتعة .. المياه .. رائعة .. ماذا نفعل بدونها ... تذكرت أنني .... لم أنظف أسناني .. سحقا لأسناني ..!! سأستمتع بالحمام ..

    يتبع

    الفصل الثاني