٢٠٠٩/٠٥/٣١

اللاذقية والقبلانيين .. مشقيتا







لا شك بأني تكلمت أو بالأحرى كتبت عن قشور ورؤوس أقلام عن ما حدث معي في اللاذقية !! لم أتطرق للخصوصيات كما حثني الكثير من الفضوليين على أن أكتب بإسهاب عن النساء بالأخص .. ربما الموضوع المثير بذلك أن يعرف القارئ ما مدى العري الذي يمكنه شخص مثلي أن يظهر عليه!! كل مرة أبدأ في كتابه شيء ما عن رحلتي إلى اللاذقية , يستوقفني عدة أمور .. الذاكرة و كثرة الأحداث التي لا أعلم أي منها مناسب لأكتب عنه , ثم القفز عن الخصوصيات التي يمكنها أن تؤذي الأشخاص الذين سأكتب عنهم ..

أحداث بالتأكيد كثيرة لم أتذكرها لكني وحرصا على الموضوعية في سرد التفاصيل سأكتبها دون مراعاة التسلسل الزمني فيها !!

عصام قبلان , أخته ميادة , زوجته, وابنه علي وابنته سما..

منذ بداية وصولي لسوريا اتصلت بعصام قبلان, "صديقي من مشقيتا .. صديق اعرفه منذ ليس بكثير من السنين لما يقاس بين العلاقات التي ترتقي إلى مستوى الصداقة . رامي زينة من كان السبب في أن التقي عصام قبلان , فهو أي عصام, يدرس الحقوق بجامعة حلب مع رامي .. تطورت العلاقة التي رسمت خطا بيانيا شديد الانحناء للأعلى , فقد أصبحنا أصدقاء حقيقيين بالشكل الذي استطاع عصام بكرمه ونقائه وإخلاصه, أن يظهر لي اهتمامه في كل مرة نلتقي .. !! عندما أتيت للبلد, حاول جاهدا إبقاء تلك العلاقة بوتيرتها, أما بدعوات مستمرة إلى القرية, بيته أو إلى بيت أخته " ثم في الأيام التي تمر وهي قليلة دون أن يتلفن صباحا, يهاتفني فيقول أين أنت لنذهب لمكان ما نجلس ونتكلم .. فعصام شاب له اهتماماته, فقد أعد لمنطقته خطة , تقضي بتشجيع السياحة وتعريف المنطقة محليا وعلى مستوى الجمهورية بسباق سنوي للدراجات الهوائية وبمساعدة بعض المهتمين بالشأن العام مدو له يد المساعدة , أذكر انه قدمني لعدد من الأشخاص الذين سعدت بمعرفتهم كالمديرة التنفيذية للمكتبة الثقافية في المركز الثقافي الجديد في اللاذقية, وهي الفنانة عدوية ديوب ذات رؤية عصرية , درست الفنون الجميلة ولها اهتمامات جيدة كما ظرافتها ووداعتها ولباقتها أيضا ..ولن أنسى الترحيب الحار الذي حظيت به عند زيارتها في مكتبها الأنيق والعصري في المكتبة. أما ذهابنا سوية مع لجنة من الاتحاد الرياضي ورئيس بلدية مشقيتا اللطيف فقد كانت أيضا من الرحلات التي سررت بها. أما لقاءاتنا المتعددة مع الأصدقاء فايز السيد وطارق الخطيب فهي كثيرة .. وبها الكثير من الضحك والنقاشات الظريفة ..

ميادة...أخت عصام, تخصصت بالفيزياء في جامعات ألمانية حيث حصلت على إجازة دكتوراه, ثم بدأت العمل في جامعات السودان وسلطنة عمان ومن ثم جامعة تشرين في اللاذقية.. لطيفة, طيبة, كريمة وراقية. ميادة تعرف تماما ما تريد, تملك فكر ايجابي رائع فيما يتعلق بالحياة. في بيتها تملئ لوحات الفنانين المحليين جدران صالونها, ويستطيع المرء أن يرى من خلال غرابة اللوحات, أي جرأة تملكها. عندما أتيت منذ سنتين إلى اللاذقية, دعاني عصام لأرى بيتها الصيفي الذي تبنيه في قمة تلة بقرية مشقيتا. تطل الفيلا من جهاتها الأربع, دون أي عائق بصري, على ما يحيطها من مناظر رائعة ابتداء من البحر إلى الجبال والبحيرات التي صنعها سد مشقيتا.. !! أحببت الموقع وأحببت أن يكون لي أي نوع من التدخل في رسم تلك اللوحة الرائعة ! فبدأت في رسم تصور واجهات الفيلا ومواد الإكساء وغيرهما من أشياء تظهر الفيلا وكأنها جزء من الطبيعة ...!! باءت محاولاتي بالفشل عندما أتيت هذه المرة ورأيت أن ما قلت لهم أن يفعلوه قد نفذوه بطريقتهم .. وأعني بذلك المهنيين .. هذه المرة أكثرت من تدخلي فصممت عدة نماذج عن الدرابزين الحديدي الداخلي وتنظيم الحديقة التابعة للفيلا و كانت فكرتي مستوحاة من البحر .. شكل الموج في الأحواض المحيطة بالمبنى, والمحارة التي تقع على الشرفة الأمامية للحديقة المطلة على البحيرة والتي أصبحت عبارة عن استراحة دائرية مبنية من الحجر الرملي. أما علوش وسيما الظريفين .. فقد شاركوني بعض من أوقاتي التي شاركتها مع أهلهما وكانوا في غاية الظرف, مشوبا باللعب والدلال ..!!

كانت ميادة في كل مرة تبدو لي امتنانها على مسعاي في تحسين جمالية المبنى, الأمر الذي يجب علي انا, أن ابديه لها, فانا سعيد بذلك, يرافق كل هذا الكرم الحاتمي والاهتمام الذي يبديه عصام وميادة بي .. فالدعوات على المطاعم أم إلى المنزل وتحضير أنواع الطعام اللذيذة والصعبة التحضير, ولن أنسى مطلقا زيارة المتحف الجيولوجي للدكتور فواز الازكي, الذي جعل من بيته في قرية قسمين, متحفا جيولوجيا من ماله الخاص وجعل الزيارة مجانية مع الترحيب الكبير الذي لقيناه منه باعتباره أيضا من الهيئة التدريسية في جامعة تشرين مع الدكتورة ميادة وإهدائي كتاب عن الموسوعة الجيولوجية التي أعدها وكتبها بإهداء ظريف على الصفحة الأولى منه.... !! جعلني كل هذا مليئا بالامتنان والحبور في معرفتهم وصحبتهم. وحتى أن كان معي احد الأصدقاء, فالاهتمام الرائع نفسه يلاقيه من يكون, فاذكر أنني قلت لعصام أن لدي صديق جاء من أمريكا سيرافقني إلى مشقيتا فكان أن رحب عصام بالفكرة وبدأ يعد ما يمكنه أن يقدم لنا من مرفقات للرحلة, الأمر الذي أصررت على أن يكون طبيعيا , ولن أنسى, قبل سفري بيوم اصطحبت فايز معي على دعوة غداء في مطعم جميل جدا خارج المدينة في الطبيعة حيث حضرت زوجة عصام الظريفة قدر ضخمة من ورق العنب الشهي وقد أحضرت هدايا لزوجتي ولأولادي وأيضا قدمت ميادة هدايا أيضا .. سأشتاق لهم بالتأكيد .. وستبقى رائحة الطبيعة الممزوجة بالماء والتراب والهواء ... والحب في أنفي أبداً.