٢٠٠٩/٠٨/٢٦

تضحكني الذكريات .. تابع العمل في المكب

لو تشاهدوني الآن لقلتم عني الأقاويل .. جالس على كرسي المرحاض .. المحمول على ركبي وبيدي اليسار أحمل تفاحة نصف مأكولة وأكتب بيد واحدة آو بالأحرى , أصبع واحد !!

لا ليس هناك رائحة .. وأستمع لموسيقى رائعة تهدئ الأعصاب " ريلاكس " مصاحبة لصوت المطر والرعد .. شيء رائع .. الساعة الرابعة والعشر دقائق فجرا .. اليوم الأربعاء في الرابع من شهر رمضان ..بعد مكالمة هاتفية من اللاذقية طالت ربما أكثر من ساعة والنصف .. أبقت هاتفي الخليوي دون رصيد " اليوم والشكر لله أعدت تعبئته " وأبقتني أيضا صاحيا لهذه الساعة أفكر بهذه المكالمة التي سررت بها حقيقة وأطفت على يومي هذا مشاعر رقيقة مع من تكلم معي اليوم ولأول مرة .. لا أعرف شكلها ولا تعرف هي, كيف أبدو! أليس هذا جميلاً..... حقاً !!

سأتكلم عنها لاحقا .. ربما تتطور الأمور وتبدو لي من الأفق أنها أي هذه الفتاة مميزة جدا ورائعة ..

الآن سأتابع ما كتبته عن عملي في مكب النفايات .. الظريف والعجيب !!

طبعا العمال والسائقين الذين كانوا في السنة الفائتة , لازالوا نفسهم ولم يجر اي تعديلات على الموظفين , لولا وجود شابين من العراق آريس وادموند الظريفين " في العشرينات من العمر" آريس , عمل مجوهراتي في بغداد والآن بعد حصوله مثلي على دورة في قيادة الشاحنات على حساب الدولة او مكتب العمل, وأصبح سائقا لنفس الشاحنة التي اقودها " ثم ...ابنة أحد الاداريين في المكتب " 190 سم طول , في العشرين او الاثنين والعشرين من العمر , شعر اشقر طويل, تلبس بنطال قصير ...جدا من الجينز الممزق !! والمثير بها أنها دائما حافية القدمين ..

ما حصل لي في بداية استلامي الشاحنة .. لهو شيء عادي, باعتبار أنني لم أقد شاحنة كبيرة منذ الشهر العاشر من السنة الماضية ..فكنت أنسى تبديل الغيار و مما يجعل الشاحنة تعن وتصدر صوت المحرك كالثور الهائج , ثم نسيان محرك مضخة الهواء بعد الانتهاء من التحميل وهي ما تجعل الجميع يديرون رؤوسهم ليروا ماذا جرى , فأعرف أنني نسيت أن أطفئها ...

مما جعل اعتقادي بأنني مصاب بداء الخرف المبكر .. هو ما كان يحصل معي باستمرار , حين آت لجلب الحاوية الملآنة فأدير الشاحنة وأرجع بها للخلف حتى أصل للحاوبة, فأرفعها على ظهر الشاحنة وابدا القيادة للأمام . . هنا في بعض الاحيان ينتبهون علي بأنني أخذت الحاوية الخطأ .. على الاغلب الفارغة والتي تكون بجانبها المليئة , فيصرخون ويلوحون لي بأنها الحاوية الخطأ .. فأظن أنني فعلت شيئا خطأ , وربما يصل قلقي و رهابي بأنني قد دهست أحداً !! فأقف مجمدا الشاحنة التي يصل وزنها الى 18 طن, هلعاَ .. فيقولون لي بأنني أخطأت الشاحنة .. وهذا الموقف تطور معي في نهاية الشهر إلى أن أرجع الحاوية التي من المفروض أن أفرغها بدون افراغ , فأكون قد قدت الشاحنة والحاوية كل المسافة دون أن اعي بأنني سأفرغها " أي حالة هذيان أعاني " !!

الموضوع أصبح على ألسنة العمال والسائقين .. بعد أن تعطلت الشاحنة الاولى وأيضا تعطلت جزئيا الشاحنة الثانية وأما الثالثة التي شبه البلدوزر .. فقد انفجر احد اطاراتها العملاقة الخلفية "بعد خطأ مني في تعبئته هواء اكثر من اللازم ", مصدرا صوتا رج انحاء المكب كله , مع الانتباه أن هذه الآلة معرضة للانقلاب , "متمفصلة" وفوقها أيضا حاوية مليئة بالتفايات . بالبداية طننت أن الحاوية انقلبت عن ظهر " الدمبر " أو أن انفجارا حصل لاحد محطات ضخ الغاز .. لولا أن هذه الماكينة مالت لشكل قوي , فقلت في نفسي .. هذه النهاية .. "كلما اذكر هذه أضحك"

لن أتكلم عن ماذا جلبت من نفايات للبيت . فأنا مغرم بلم التوافه .. فأتخيل بأنني سأصنع شيئا من هذه او تلك .. كبعا المصير ذاته للأغراض التي رميتها السنة هذه , هي نفس الاغراض التي جلبتها من نفس المكب السنة الماضية ..

مرت الخمس اسابيع .. انتهى العقد .. بطرس مدني صديقي الذي اوصلني عشرين مرة من والى العمل فلم احتاج للسيارة التي بقت مع زوجتي لتقضي اجازتها السنوية مع الاولاد بين البحيرات والمياه .. رجعت للبيت لانظم سفري الى رومانيا لدعوة من صديقي خالد زيتونة ومن ثم لقائي بمحمد كركوتي ببرشلونة ومن ثم لفرنسا واندوراس وبريطانية .. ولهذا الحديث لي وقفة اخرى معه