٢٠٠٨/١١/١٣

ليلة موسيقية وثقافية


ربما من حسن حظي أنني التقيت بجار الرضا دانيال أبزخ .. الملقب ب ابو عليو والذي كتبت عنه قبلا الكثير .. نعم أن هذا الصديق الذي يسكن طابقين فوقي لهو نعمة في حياتي البائسة هنا .. مقدمة أريد كتابتها تعريفا على هذا الصديق الذي لولاه لما شعرت بأنني حي معظم أوقات حياتي هنا في السويد .. !! وإن كان أبو علي قد عاش سنينه الاكثر من العشرين هنا في السويد, إلا أنه لا زال غصبا عنه يحمل بذور الشرق في دمائه, وإن كانت أصوله شركسية ..
فمنذ أن ألتقينا على درج المبنى الذي يمر بمحاذاة باب منزلي, لازال أبو علي صديق رحلات ودعوات ظريفة سواء خارجا ام في منزله. وقد كتبت مرارا عن تلك الرحلات الرائعة التي اصطحبته بها وسررت طبعا بها وبرفقته ..
في الساعة السابعة تقريب.. مساء, اتصل بي هاتفيا ليقول لي هل تعلم ان اليوم وهذه الليلة هي ليلة الثقافة في سودرتالية "اسم البلدة التي نحيا بها" قلت لا !! قال ما رأيك في قضاء فترة السهرة هناك , نستمع للأغاني ونشاطات ثقافية اخرى !! اجبته بالطبع نعم !! فعدا عن تلك النشاطات فانا أحب مرافقته والمناقشة معه.
مشينا الى مركز المدينة الذي يبعد حوالي الخمس والعشرون دقيقة ودخلنا المكتبة التي رممت حديثا بما فيه كامل المبنى والمحلات التجارية وبدأنا في تجوالنا عبر اقسام المكتبة العامة الكبيرة التي حوت عدة اقسام .. فهنا في وسط المكتبة , تلعب فرقة من نورتالية موسيقى البلوز باللغى السويدية وهناك بعض المراهقين الذين يشاهدون فيلما في صال
ة صغيرة لا تتسع سوى لعشرين شخصا.. والنشاطات قد بدأت منذ الصباح .. وفي طريقتنا الى مقهى المكتبة دعاني ابو علي على شراب حيث كان هناك طاولتين احداهما بيرة ونبيذ والاخرى كوكا كولا حيث توجهنا انا وابو علي الى تلك المقهى لنستمع الى كاتب قصص بوليسية
21:00
في الساعة التاسعة مساء استمعنا الى الكاتب الشاب ينس لابيدوس الذي اصدر في 2006 كتابه الاول الدفع النقدي السريع وفي السنة التالية
اصدر كتابه الثاني ابدا لم ينهض. الكاتب يعمل محامي دفاع ويصف الاجرام في منطقة استوكهولم في عالم قد عرفه خلال حياته العملية.
والكاتب قد تاثر بالكاتب الامريكي جيمس ال رويس .. كانت ساعة ظريفة جدا, استمتعت بها حيث اختلطت ذكرياتي بالمحكمة السويدية التي كنت بها شاهدا .




22:00

في العاشرة شيشتي اولين .. حيث اغنت ذكرياتي بالجاز والبلوز واغاني بالانكليزية والسويدية ومرافقها الغيتاريست توربن ستروبيك.





22:45
غلين غاري
ثم بقينا في نفس الصالة حيث جاء احد زملائي اسمه بيتر هنسلو في صف اللغة السويدية وهو انكليزي متزوج من سويدية ..ظننت في البداية انه يساعد في وضع وترتيب الات الفرقة .. الا انه كان المغني و الذي يرافقه ابيه ,واسمه بوب الذي اتى من فرنسا ليغني مع ابنه ..وعازف الفيول "الكمان" وغيتار الباص السويدي نيس كارلسون .. غنوا بعض اغاني جوني كاش وايرلنديات ظريفة وشاركتهم اغنيتين زوجة بيتر السويدية ..!! الا ان الاداء كان ليس كما يجب ..

في النهاية .. الساعة قاربت 23:30 رجعنا الى البيت وكنت مسرورا .. وهذا بفضل كل ما يتعلق بهذا المساء .....
شكرا ابو علي


Tawfik Al Far .. توفيق الفار صديقي القديم


لا أعلم في أي وقت أو زمن جاء أبي ليقول لي هل تذهب معنا إلى بيت عمك حبيب الفار , لا أعلم أيضا ماذا كان جوابي, إلا أن أختي منى قالت لي أنك ستحبهم جدا, فهم ناس طيبين, وزوجة عمو حبيب بولندية الاصل وهي رائعة وذكية جدا وأنك ستحبها دون أدنى شك!! وسترى ! .

عندما ركبنا السيارة متجهين الى حي رمل الفلسطنية لم أتخيل أبدا أنني سأرى عالما سحريا .. بيت رائع, جدرانه مليئة بأعمال سيدة البيت, اعمال الصنارة الجميلة وتلك اللوحات كما أنها تجيد ربما أكثر من 10 لغات كتابة وقراءة وطباخة ماهرة, فعندها تذوقت المأكولات التي كنت أراها في المجلات الاوروبية , وايضا عملت خلال حياتها المثيرة أكثر من عمل في بلاد كثيرة, السودان كان بينها وكانت تدير ورشة تصليح لشركة السيارات المشهورة مرسيدس بنز ..

أما العم حبيب الفار " أبو توفيق ", فهو رجل تحبه منذ لقائك الاول به !! دمث الأخلاق و كريم ومضياف جدا, الصفة التي تشعرها فور دخولك بيته, المشروب والفواكة والطعام .. الموجودين دائما على الطاولة التي يجلس بجانبها و كأس العرق الموجود طبعا عليها أيضا .. أي زوج رائع هذا !! المرأة التي أتت من بولندا الى فلسطين لتلتقي هذا الرجل الرائع.. ثم أتت الحرب وتشرد الفلسطينيون .. وجاؤوا الى اللاذقية بعد أعمال في عدة مجالات .. بنوك , ووكالات ثم استقر العم حبيب في اللاذقية ليفتح وكالة بحرية وترانزيت للأعمال الجمركية, ثم لسوء حظه حين كان وكيلا لشركة قد تأخذ أعمال سد الفرات, جاء عبد الناصر وبدأ الوحدة ومن ثم سحبت الميزات من الشركة التي كان وكيلها العم حبيب, بعد ان كان قد وضع مبالغ طائلة في هذا المشروع ..

نعم التقيت بالعم حبيب في مراحل متأخرة من حياته , لا استطيع أن أجزم أن هذه الزيارة كانت في 1978 بعد ان توفيت والدتي او ربما 1979 .. من ذلك الحين أصبح لي منزلا آخر أستطيع المجيء اليه وقت ما أريد .. أحببتهم كثيرا وكانوا بمثابة أصدقاء و أهل.

ربما في الثمانينات , بدايتها .. بالتأكيد...! جاء ابنهم الوحيد توفيق .. كانوا يطلقون عليه اسم توي ..

ذهبت لعندهم لاقابله ... توفيق اكبر مني ربما بثلاث او أربع من السنين .. شاب ظريف جدا, درس في المدارس الداخلية اللبنانية الخاصة بالاثرياء وأظن انها برمانا هاي سكول, ودرس علم البتروكيميا في جامعة كارديف البريطانية ويعمل في جزيرة أدما في منطقة الخليج بأبو ظبي .. ذو مواهب متعددة , ذكي جدا وقارئ ومستمع ممتاز, يلعب الجودو وحاصل على الحزام الاسود!! ... في الوقت الذي كنا نحن الشباب في اللاذقية لازلنا نصيح في الشوارع صيحات بروس لي المخيفة دون أن نعي لماذا !!! ثم انه متواضع كريم وذو حس فكاهي .. اضحكني حتى الثمالة ..انه صديق من الدرجة الاولى ..

جاء عدة مرات الى اللاذقية, تارة أتيا من عمله بأبو ظبي أم من بريطانية مع احدى الحسناوات البريطانيات .. التي يسيل لها اللعاب ..!! ومع كل مرة كانت علاقتنا أقوى من ذي قبل .. فالرسائل التي كنت اواظب على ارسالها له,والردود الرائعة التي كان يرد بها بكل اهتمام, كانت لها فعلها في استمرار هذه العلاقة ..

حين كان يأت كان كالبابا نويل .. محملا بالهدايا الثمينة وكأنني أخيه الصغير .. ولن أنسى ذلك الوكمان السوني, الذي بهرت به كل أصدقائي ذلك الوقت .. لصغر حجمه وصوته الرائع .. كما تلك الكاسيتات التي كان لها الفضل في تهذيب اذني الموسيقية, فصرت بدلا من سماع البوني ام والباكارا , الفرق الموسيقية التي كان ابناء جيلي يسمعونها أو الهارد روك التي كان يسمعها اخوي منذر وماهر والتي لصغر سني لم أستسيغها فقد عشقت الموسيقى التي جاء بها توفيق وهي الجاز فانك , مثل جورج بنسون , غروفر واشنطون جونيور .. " منذ اسبوع كتبت عن الموسيقى فكتبت أن لي صديقا لم أعد على اتصال معه لكنه حي في ذاكرتي طوال ان لي أذنان تسمعان" كان المقصود هو توفيق نفسه !!

كنت الملاصق له طوال اقامته في اللاذقية حتى انني كنت ارافقه الى مطار دمشق مودعا .. كان صديقي المميز بكل شيء, كان كالنجم اللامع بالنسبة لي ... كنت احلم بأنني ربما سأكون مثله .. كان القدوة بالنسبة لي ..

الصداقة التي لم اشعر أنني فقدتها بعد سنة 1983 حين كنت مدعوا على حفل عرسه في كارديف حيث تعرفت هناك على شباب كثر من أصدقائه هناك وأذكر منهم جان بيير ابو سمرا " الذي اشتهر بجملة ألف كلا " وأيمن سلامة الذي ورطني بدخول احدى بارات التعري في لندن وعلى بن سعيد الحجري الذي استمر تواصلنا ربما سنين قبل أن ينقطع بعد زواجه " وهذا طبيعي!! عندها يكون المرء قد فقد استقلاله "

أما توفيق وبسبب تافه لم اعد أذكر أي من تفاصيله, لم نعد على اتصال منذ ذلك الحين ..!!

لم يخرج من ذاكرتي طوال هذا الوقت .. كانت اغنياتي المفضلة اغانيه المفضلة ايضا , ولازالت في سنيني هذه تلك الأغاني التي اسمعها باستمرار وتعني لي شيئا ثمينا لايعوض .. وفي كل هذه السنين حاولت التواصل معه خصوصا بعد وفاة امه حين كنت بالسجن وقتها .. ولن أنسى أنني نمت عندهم ربما يوم او يومان في فترة هروبي من الخدمة العسكرية

بعد العسكرية ذهبت عدة مرات مع ابي لعندهم .. لاشيء كالماضي .. العم حبيب اصبح تعبا ومن ثم تزوج امرأة لم اشعر بانها ظريفة ابدا , فقد كانت تعامله بفظاظة وكأنه صبي صغير مما جعلني ابعد عن هذا البيت الذي به اجمل ذكرياتي ..

توفي العم حبيب. .. حزنا جميعا عليه .. أذكر أن والدي حزن جدا عليه فقد كان صديقه القريب ..أما أنا فلم أذهب للتعزية !! لا أعرف أحد من أقربائه .. ولم يصلني أن توفيق سيأتي .. ثم ولاسباب لم اعد أذكرها .. بالفعل وكأنني لا أحبذ وقائع الموت والتواجد في التعازي .. لم أذهب أبدا ..

حين أتيت ألى اللاذقية منذ عدة سنوات .. مررت لبيت العم حبيب .. وقابلت زوجته التي لازالت مصرا على انها من البشر الغير متوافقين مع شخصيتي ..كنت أريد عنوان توفيق .. كان قد حان الوقت لابحث عنه ..واقعيا وليس بالذاكرة .. قالت انها لاتتواصل معه بسبب انها لا تملك عنوانه .. وهكذا ضاع عني توي .. مرة اخرى ..

في الانترنيت لم أجد فرصة إلا وكنت أكتب اسمه بكل اللغات وابحث عليه .. لم أفلح بأي نتيجة حتى انني بحثت في مواقع الاصول الانكليزية , باعتبار ان احدا ما قد قال لي انه يسكن في غلاسكو .. ثم في ليبيا ثم في قطر .. لاشيء غريب جدا على هذا الذكي ان لا يكون لديه عنوان على الانترنيت .. لكن ....... البارحة كان لدي شيء ما على الفيس بوك فعرفت من صديق لي ان هناك امكانية البحث عن الاسماء في الموقع .. سريعا كنتب اسمه ....!! يا للفرحة .. هذه صورته مع ابنه ربما لا اعرف .. لكني على السريع .. بعثت له برسالة والتي ارجو أن يرد عليها سريعا .. أصدقاء ألا تعلمون ما أثمنهم ..