٢٠١٠/٠٢/٠٦

تتكرر نفس الأغنية, دون أن أدري !! الثامن

احصر نفسك في الحاضر.
ماركوس أوريليوس

في التشكيل الخارجي للمكان .. كان كل شيء هادئ, .. عبر النافذة ترى تلك الطبيعة المكتنزة جمالاً .. الأشجار الباسقة والسهول .. بألوانها التي تتبدل بتبدل فصول السنة .. في هذا الوقت اكتست الطبيعة ثوبها الأبيض .. ألبسته للأشجار وأسطح البيوت الخشبية التي تظهر هنا وهناك ..لونت به كل السهول والبحيرات. السماء بلون يميل إلى البياض أكثر منه إلى الرمادي الخفيف .. والشمس التي راحت تبث الضوء خلفها .

في طريقه, قليلا ما يصادف المسافر مشاهد لأشياء تتحرك .. يعبر القطار من مدينتي الى ستوكهولم, قرى صغيرة .. تحولت بفعل مشروع المليون - الذي نفذ إبان السبعينات - الى ضواحي متكاملة, تتبع للعاصمة السويدية .. كانت لتحافظ على طرازها القديم لولا هذا المشروع الإسكاني الغير منسجم كليا مع البيئة والمحيط!. تلك الأبنية ذات العشر او أكثر من الطوابق, المتكررة بذات النمط المعماري للبناء الشعبي في الدول الاشتراكية .. علب من الاسمنت .. قاسية بلا روح .. بألوان وزخرفات, تذكرني بصور المدن التي كنت أراها في المجلات السوفيتية كمجلة أوزبكستان السوفيتية اليوم والألمانية الشرقية كمجلة مدار, التي كانت تتصدر واجهات المكتبات في سوريا قبل تفكك الاتحاد السوفيتي ..

طوت فتاتي, الأوراق بهدوء غريب .. كانت عيناها تلمع كلما انعكس, ذلك الضوء الخجل الآتي من النافذة .. تلمع ! يا له من وصف لعينين من وراء عدسات النظارة .. ! هاهي تفتح حقيبتها الجلدية وتضعهم, تفتش عن شيء آخر .. هاهو " لم أحاول هذه المرة أن أستنتج " أمسكت بشيء ثم تابعت البحث عن شيء آخر .. أمسكت بقطعتين .. كان قلم شفاه ومرآة صغيرة تفتح على شكل قلب أحمر .. لم تعد تأبه بنظراتي .. !! بل راحت تتفنن في تلوين شفتاها الورديتان, .. وتنظر اليهما بالمرآة, فتصحح الزيادات التي خرجت عن حدود شفتاها .. كأنني أنا المعني بهذا .. رحت بلا ارادة, أقلد بعضا من حركاتها, خصوصا عندما دعكت شفتاها لتمد احمر الشفاه على مساحتهما .. كانت حركتي تلك غير مفهومة لي, كنت مندهشا من ذلك, عندما فجأة, شعرت بأني أقلدها من غير إرادة .. كنت مسحورا ..

وجودها أمامي أفرحني .. حركاتها القليلة, الخجولة وجلستها الهادئة, جعلتها ملكة بكل الهيبة الرائعة للملكات .. تحول مقعد القطار الأزرق إلى عرش مذهب , تجلس عليه ملكتي .. أنا خادمها .. أنا من الرعية .. يا ليتني من عبيدها .. أن أكون من يمكنهم رؤيتها .. أن استطع أن أقترب منها منحنيا أن ألمس كفها الأبيض .. أن اقرأ لها خطوطه .. أن أتمعن بتشكيل أصابعها وباطن كفها .. أن أتكلم وأتكلم عن مستقبلها .. أن أستطع بكل ما أوتيت به من رغبة أن أجعل من كلامي سعادة لها .. أن أجعلها تبتسم .. تضحك .. تضحك .. فكرة رائعة .. مهرجاً ...!! أن أكون مهرجا !! لم لا .. مهرجا بدينا .. المهرجون في القصور لا يمكنهم أن يكونوا غير ذلك .. أنهم يأكلون باستمرار .. ضحكت وأنا استرسل بأفكاري الغريبة .. لكني لازلت مشحونا بقدرة كبيرة على إحساسي بوجودها إمامي .. كانت الموسيقى التي اسمعها قد تكررت مرات ومرات قبل أن أفكر في تغييرها .. لكني سعيد . أتحسس الموسيقى كجزء لا يتجزأ من حضورها الرائع ..فتاة القطار .. سأسميها فتاة القطار .. فتاة القطار الجميلة ..

توقف القطار ..

البشر يصعدون ..

يتبدل الجالسون .. بجانبي او بجانبها ..

نحن..

انا وهي لازلنا في مقاعدنا ..

الابواب تنزلق وصوت السائق .. يعلن المسير

لا زال كل منا غريبا ..

انا انظر اليها .. واحلم

هي تنظر الى النافذة .. والمناظر تتكرر

الاشجار نفسها ..

البيوت نفسها ..

كل شيء يتكرر على النافذة

في المقاعد .. لايتكرر البشر نفسهم

هي لن تتكرر

هي فتاة القطار

لرحلة الذهاب

وانا الذي يتكرر

الرحلات كثيرة

...

......

القطار يعزف على مسلكيه الفولاذيين .. موسيقته الدائمة .. سسسسسسسسسس ..

ومابينها من ايقاع, ذات رتم موحد..

حسب السرعة .. بسبب فوارق وصلات السكك .. ترت .. ترت .. ترت

سسسسسسسسسسسسس ترت سسسسسسسسسسسسس ترت

الجزء السابع

الفصل السادس

الفصل الخامس

الفصل الرابع

الفصل الثالث

الفصل الثاني