٢٠٠٧/٠٧/٠٩

الرحلــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة


لم يكن شيء من هذا في الحسبان !!!

لم يكن التاسع بعد العشرين, الجمعة من حزيران يوماً مختلفا عن غيره, لولا اتصال صديقي طارق بي معلنا بأن كل ماقاله بشأن الرحلة الى بلغاريا صحيح و ان صديقنا المشترك مصطفى سياتي من النروج الساعة العاشرة مساءً الى مطار استوكهولم.

استقبال مصطفى!!

قال طارق هل ستأتي الى المطار ونتقابل هناك لنرحب بمصطفى .. بالطبع كان جوابي.

كانت الساعة السادسة عندما قررت التحرك الى محطة القطار الشمالية وهي الاقرب الى استوكهولم, بعدما فقدت الامل في المرور لعند احد الاصدقاء لضيق الوقت في مساعدته في تركيب آلة الكترونية اشتراها لتوه!!..

اتجهت لموقف الباص الذي ساستقله الى هناك والذي يبعد عني ضعفي مسافة موقف الباص التي كنت ساستقلها ان كنت سابدأ رحلتي من المحطة الرئيسية املا في توفير بعض الوقت و الوصول قبل الجميع ..

لا أعرف ما الذي جرى !! هل قرأت خطأً ان الباص يأتي بعد كل 35 دقيقة و أن الباص التالي بعد عشر دقائق من وصولي أم أنني كنت في ذلك الوقت قد اصبت بهلوسة وعدم تركيز, مما جعلني اعتقد ذلك .. فالباص لم يأت بعد عشر ذقائق بل بعد 45 دقيقة أي أن الباص المفترض قدومه قد الغي دون سابق انذار ... يقول القانون السويدي المتعلق في مواعيد المواصلات الداخلية للشركة ذات المواعيد المسبقة, أن للفرد الحق في استأجار سيارة اجرة و الوصول الى مبتغاه ضمن دائرة المحافظة في حال أي تاخير الباص, والحادثة التي أعلمتني هذا كانت قبل أيام معدودة. ولكنني للاسف كما جميعا تعلمون أنني لا اجرؤ على القيام بأي عمل, في أعماقي لا أمنطقه, على كل الاحوال جاء الباص بعد 45 دقيقة و اصبح ضيق الوقت يشكل لي ضغط نفسي لدرجة عندما صعدت الباص وقلت للسائقة الخمسينية و أنا أمد يدي لختم البطاقة, "ويقولون أن للسويد المركز الاول في احترام مواعيد مواصلاتهم" اجابت " ولازلوا" !!

جلست طوال المسافة التي أخذت حوالي ال 20 دقيقة أحترق كلفافة تبغ, وعندما وصلنا المحطة الأخيرة وقفت أمام باب النزول الذي يفتح اتوماتيكيا كلما توقف الباص, حسب تجربتي التي تجاوزت الاربع سنوات في بلد لم أزور منه إلا العاصمة التي أحيا في ضواحيها و التي استعمل فيها الباص بشكل روتيني قبل سنة واحدة من الآن بسبب شرائنا السيارة, الباب من فضلك, صرخت بغضب, لم يفتح الباب.... استعرت النار في داخلي كآتون و أنا أرغي و ازبد مرة أخرى ..صرخت وبالأنكليزية " the door please!! كم هو عجيب عندما أتت الفتاة التي كانت تجلس في المقعد القريب من الباب ومدت يدها عابرة الخليتان الضوئيتان اللتان تفتحا الباب.. بماذا شعرت و كيف ترجمت مشاعري لنفسي .. أتركها لكم !!!!

نزلت الباص مسرعاً نحو السلم المحطة ومن ثم شباك التذاكر .. ختمت التذكرة و نظرت للتلفاز الذي عادة يكتب مواعيد وصول القطارات فلم أر شيئا .. رأيت الاتجاهات و المدن و محطات الوصول لكني لم أر المواعيد , رجعت إليها سائلاً عن الموعد الاقرب لمجيء القطار المتجه للمطار فقالت يمكنك النظر الى التلفاز و قلت لها لم يكتبوا شيئا عن الوقت, فذهبت للنظر الى الجدول, في الوقت نفسه يأتيني صوت من شابين ربما أحدهم صديق الفتاة التي سألتها قائلاً ألا تستطيع النظر الى التلفاز و تقرأ المواعيد, قلت له لم أر أي مواعيد, فقال انظر جيدا !!

رفعت زاوية رقبتي بعض الدرجات عاليا و نظرت هذه المرة جيدا نحو يسار الكتابة وإذ بالمواعيد مكتوبة وواضحة...!! فعلت على وجهي علامات البله,.......!!!!!!!!!! يا إلهي اي غباء أصابني , أي شيطان قد أولج بي من فتحة شرجي كل ما بشأنه سحقي و قتلي من الداخل .. كنت أريد أن أرمي بنفسي تحت القطار عندما يأتي.. لا تستطيع اي من الكلمات وصف ما بي من خيبة, لكن مع الدقائق ال20 الباقية لمجيئ القطار و لقاء صديق مشتاق له, كانت كافية لأتابع الرحلة و الحياة .. جاء القطار الجديد الابيض و الازرق الذي يشبه مكوك الفضاء الهوينا ليقف و يفتح أبوابه ليحتويني مع كل قذارتي و غضبي و خيباتي و آمالي, فأجلس في زاوية ذات مقعدين بعيدة عن بقية الركاب فأخرج الوكمان و أستمع للبلوز الذي أحبه .... ستبدأ الرحلة مع الأصدقاء الذين أحب .. و نقضي معا وقتاً لاينسى من المتع و السعادة و ذكرى لاتمحى ..علي أن أكون أكثر ايجابية .. و أنسى ما حصل لي.!

كان الوقت متأخرا كانت الساعة قد تجاوزت العاشرة, موعد وصول طائرة مصطفى من أوسلو وأنا لازلت في منتصف طريقي إلى المطار فاتصل طارق ليقول لي انتظرنا في محطة تدعى Marsta وهي المحطة الاخيرة للقطار قبل ان تستقل الباص المتجه الى بوابات المطار "و هي مسافة ليست بقريبة و ربما تحتاج لاكثر من 25 دقيقة" نزلت المحطة منتظرا ....!!

حوالي الساعة و عدة مكالمات مع طارق الذي تاه عن المحطة التي نزلت بها, ألتقينا أخيرا سويةً .. أجتمعنا بعد خمس سنوات .. مصطفى الذي نجح في اعادة حريته بانفصاله عن زوجته وسجينان .. يقفون وراء القضبان.. أي سجن أي تعب اي غباء حكم علينا أن نستمر !.