٢٠٠٨/٠٥/٢٠

الألقاب ليست سوى وسام للحمقى والرجال العظام ليسوا بحاجة لغير اسمهم




الألقاب ليست سوى وسام للحمقى والرجال العظام ليسوا بحاجة لغير اسمهم

منذ مجيئي الى السويد وأنا أدهش بكيفية تعامل السويديين مع البشر ..وأقصد جميع البشر, من أقربائهم حتى الأجانب. لابد من أن أقول صراحةً, أنا الآت من بلاد ذات اختلاف كبير عن كل شي هنا, بدأً من العلاقات العامة حتى الخاصة و الخاصة جداً..أنني وجدت المنطق اكثر تحكما من العاطفة ومن هنا بدأت أفكر بكتابة شيء ما عن هذا.

سأبدأ عندما دخلت مدرسة اللغة السويدية للأجانب, وهو السبب الرئيسي و المتصل يعنوان هذه الكتابه.

ربما تكلمت سابقا عن تجربتي في هذه المرحلة وعن علاقاتي مع زملائي في الصف الذين هم أجانب مثلي طبعا!! لكن بما يخص علاقتي مع مدرسيني, فقد تنبهت اليه الآن بعد مضي خمس سنوات وبسبب جواب من شيشتين وهي معلمتي بمادة المجتمع في مدرسة البالغين "كومفوكس" بقولها يا صديقي الحبيب ..!! طبعا تحببا!! وأنا الذي اذوب خجلا من مناداتها باسمها لا بل اتفادى مناداتها من اجل ذلك, فمناداة المعلمة حتى بالصفوف الابتدائية بالاسم وليس بالصفة كأنستي !!

عند اختياري للدخول في برنامج حكومي لتخفيض البطالة في السويد ارتأيت أن أدرس المادة الوحيدة الاساسية المتبقية في المرحلة الثانوية والتي بدونها لايستطيع المرء الدخول الى الجامعات او المعاهد العليا في السويد, وبالفعل استلمت رسالة تفيدني بأنني على الرحب و السعة لتقديم هذه المادة عندهم والتي اخترت أن تكون عبر المراسلة الالكترونية أي بالانترنيت ومن ثم حضور مرة أو اثنين محاضرة طويلة قبل الفحصين الاجباريين.. ومن ثم يرجع تقييم درجة نجاحك ورسوبك على ماقدمته من مشاركات سواء في الوظائف أم في النقاشات التي تجري عبر غرفة الكترونية, ومن ثم نتائج الفحصين.

شيشتين معلمة في الخمسين من العمر.. تتكلم بفرح وتدهشك دائما أنها تبتسم بين الجملة و الاخرى كعلامة موافقة او استنتاج حين تنظر بعينيك بعدها, أنيقة دائما وعندما تتكلم اليك شخصيا تخال اليك بأنها تعرفك بشكل شخصي للانطباع العام الذي تتركه لك بردود فعلها على كلامك الذي تأخذه بمنتهى الجدية. المادة التي ندرسها هي المجتمع السويدي بجميع اقسامه, العامة و الخاصة, الحكومية و العالمية والاقتصادية وعلاقاته مع جيرانه الاسكندنافيين ومن ثم الاوروبيين الذين يشاركونه في أغلب قراراته الخارجية و الداخلية بشكل عام وذلك خلال الاتفاقيات ومجلس النواب الاوروبي المشترك ثم الوضع المالي والدورة الاقتصادية التي تميز هذا البلد.

لابد وأنني تطرقت قبلا على ان السويديين وبسبب أحد السياسيين في الثمانينات ربما ولست متأكدا من التاريخ!! حين تكلم على منبر في البرلمان وذكر رئيس الوزراء باسمه دون ذكر لقبه كالسيد رئيس الوزراء او حتى أستاذ .. هكذا دعاه باسمه دون اي اضافة ولا تزلف ولا لقب ..كان باعتقاده أن الاسم يكفي وهذا ماحصل بعدها فقد اصبح عرفا ليس في الحياة السياسية, انما العامة ايضاً .

لم تكن شتشتين الوحيدة التي شعرت بحيرة وأنا أسألها..... !! يا الهي ماذا اصابني فأنا للآن لم أتطرق للموضوع. فأنا ألتهي واضيع دائما بالشوارع الضيقة مما يسبب ضياعي دوما عن العنوان او الهدف الاساسي..سأكمل...!!!

الكورس الآخر هو للحصول على شهادة سياقة للوسائط الثقيلة اي السيارات الشاحنة. وهو كورس ثلاثة أشهر يتضمن أربع أقسام .. القسم النظري والفني والعملي للسياقة

ثم يتضمن اسبوع للتدريب على وسائط تحميل "ما يسمى عندنا بالناقلة الشوكية" ايضا نظري وعملي.

واسبوع آخر حول الحمولات ذات الصفة الكيميائية الخطرة, وآخرا اسبوع حول الأمان في التحميل وتثبيت الحمولات بمختلف أنواعها على ظهر الشاحنات. سأكتب عن هذا مطولا يوما ما ...!!

المهم من هذا كله أنني كنت في كل مرة استعيد ذكرياتي مع عملي السابق حين في كل مرة يعمل معي احد الحرفيين يناديني بالاستاذ, علما بان اغلبيتهم كانوا يكبروني سنا, فأضطر لتصحيح ما في علاقتي معهم بان اقول يكفي ان تناديني بأبو شكيب, منهم من قدر تلك الخطوة ومنهم من ترك لنفسه العنان بان يتمادى في حرية العلاقة بان يعاملني بعد فترة من العمل كأحد مساعديه .. ثم لا يقبل اي ملاحظة.. !! لا أعرف لربما أنا لم اقدر ان الموضوع موضوع ثقافة قديمة بنيت على القمع والمراتب والطبقات .. كنت أحزن في كل مرة اكتشف بها انني اخطأت التصرف بأن أزيل ذلك الجدار الوهمي من المرتبية حين يتصرف معي احدهم بهذا الشكل.. في احدى المرات قال لي احد النجارين ..ردا على انني لا اريد منه ان يناديني بالاستاذ , لا اريد ان اقلل احترامك لكن ربما الافضل لكلينا ان نبقى كما نحن, فعندما اناديك هكذا أشعر بأنني اتعامل بحرفية افضل من ان اناديك باسمك او بابو شكيب !! ربما كان معه حق .. لكني احترم الجميع حتى بدون القابهم .. لا زلت اذكر باني مرة في احد السنين صرخت لاحد اصدقائي الذين لم ارهم منذ سنين باسمه , ففاجئني بانه انزعج بانني صرخت له بين العامة باسمه قائلا , ليس من اللائق ان تصرخ باسمي هكذا فأنا دكتور جامعة!!! ضحكت وقلت له .. جعل ......ي فيك ..!! ولم التق به بعدها .. !! هل تظنون مثلي ان البلاد التي تعيش تحت حكم عسكري فيطغي عليها ذلك التعامل التراتبي بالالقاب .. تذكرت مرة .. عندما احد اصدقائي ذكاني عند احد رؤساء الافرع الامنية في مدينتي لادير واصمم فرش بيته ذو الثلاث مناسيب وكان برتبة عميد. وعندما قابلته اول مرة في مكتبه الفخم, وقف وتقدم الي وصافحني بحرارة قائلا اهلا بالباش مهندس فقلت له احترامي سيدي العميد , فضحك وقال نادني بابو طارق ..لكنني لم اناديه مرة واحدة بهذا اللقب انما كان خوفي واضطرابي يدفعني دائما لاناديه بسيدي العميد فيضحك .. !! أي تخريب واي قمع جعلنا هكذا .. !! لماذا لم نلحق تلك الدول التي تقدمت انسانيا وحضاريا, على الاقل ظاهرا واجتماعيا باننا نحترم الاخر,ليس لاننا نهابه ونخافه لكن لاننا نحترمه .. !! اترك لكم التفكير ..