٢٠٠٧/٠٦/٠٥

المتحف التاريخي


تبدو لي تلك الظلال...انعكاساً لكذبة سوداء قد صنعت المعجزات .. ما هي السعادة و كيف يمكن قياسها و تصنيفها أو العمل على وضع اسس و قواعد لتبيانها و شرحها ...

البارحة .. تكلمت مع معلمتي الستينية حول مقارنة سلبيات و ايجابيات المجتمعين السويدي و السوري , و لي أن أكون أكثر تحديدا بأن ما أقوله هو أنه من و جهة نظري الخاصة و من زاوية وضعي أنا كمهاجر لا يملك امكانيات و أدوات تمكنه من بداية قوية) (ولاحتى موجودة أصلاً )) ترفعه إلى مستوى مقبول مهنياً أم معنوياً بين مجتمع أوروبي مختلف !!

بدأت المعلمة سؤالنا حول حقوق الطفل و القوانين المتعلقة به , لم أعد أذكر من حقوق الطفل عندنا سوى التعليم المجاني , أما مايتعلق بضربه و أكله و كرامته , فهذا كغيره من البشر عندنا..., القانون أهمل ذكرهم !!!

أما من ناحية الأمومة و التعويضات و العمل و البطالة و الخ .. فكان الأمر صريحاً بأن لا مقارنة و أن القوانين عندنا لا تدخل ضمن المقارنات و المسابقات.

و لأدخل ضمن المقارنة تطرقت على أساليب الحياة و عدد ساعات العمل الرسمية التي تنخفض إلى الساعتين يومياً باعتبارنا نعمل من الثامنة إلى الرابعة عشر..( دون ذكر يوم واحد للعطلة ) و أننا نحيا حياة عائلية أكثر حميمية و التصاقاً ببشر آخرين و أننا نهتم و الخ من تلك المشاعر التي لا تعرفها و تقارنها إلا في بلاد ركبت الحياة العملية و نست بأن المخلوق الذي صنعت له هذه الحضارة , بدلاً من سعادته فهو مخلوق تعس بنظري أنا .. و أن الأحوال الجوية من برودة الطقس و الأحوال البشرية من برودة المشاعر قد أثرت على نفسية السويديين , فقد سجلت السويد الرقم القياسي في حالات الانتحار و عدد المريضين نفسياً و أيضاً الذين يعيشون وحيدين في بيوت ضيقة و يعملون لسن السبعين , حيث أن حدود السن المسموحة للعمل هي للسبعين , فترى أغلبهم يعملون لهذه السن لأن لا شيء يمكن عمله بعد سن الستين برأي أنا !!..( يستطيع الانسان التقاعد من سن الستين إلى الخامسة و الستين و حديثاً سنت القوانين الجديدة لسن السبعين ) .. ما يمكنهم فعلة كعامة , بالقليل من الوقت الذي يسمح لهم بحياة خاصة هو أن ينظفوا بيوتهم و يتبضعون لبقية الأسبوع ( ذكرت هذه الجملة ربما مئة مرة في رسائلي السابقة ) أو الذهاب إلى البار و قضاء اليوم التالي طريح الفراش مع و جع رأس..

أما في العطلة السنوية التي تبلغ الثلاث أسابيع فلا أعرف عنها الكثير.., بعضهم ربما يسافر.., و ربما يقضون تلك العطلة هنا و هناك من أماكن مشمسة , لكن يا لمتعة العمر بتلك الأيام القليلة التي يقضونها خارج بلدانهم مع جماعة يتعرفون على بعضهم فيها على الطائرة .. !! أما العلاقات البشرية بين الأهل و الأقرباء .., فتفتخر معلمتي بأنها تتصل بين الحين و الآخر ببناتها الثلاثة اللواتي يحيين خارج بلدتها و لكنها تراهم مرتين بالسنة أو ثلاثة على الأغلب !!

أما الطفل ذلك المخلوق المدلل , فهو و إن كانت كل القوانين تحميه و تراعيه , فهو أيضاً مخلوق لا يأخذ من ذلك شيئاً , فأمه بعد السنة الممنوحة لها كأمومة , تضطر المسكينة إلى العمل لتوازن المصروف و يضطر هو إلى الذهاب يومياً إلى الحضانة لساعات تمتد ربما حتى عشر ساعات يومياً ما عدا طبعاً السبت و الأحد .. فربكم , أين هذه السعادة و الحقوق بعد كل هذا .. !!

كنا نستغرب بأنهم لا يشعرون بتلك العواطف التي تتملكنا نحن حين نفترق حتى عن أصدقائنا !! هذا لأنهم اعتادوا على ذلك منذ الطفولة , أن يحيا كل منهم حياته معزولاً حتى عن أمه و أبيه و أخوته , فما تبقى للعلاقات غير هذا فهو هش !!.

أكمل لكم لا حقاً فهاهي الساعة السابعة و الربع و يجب علي أن ألبس و أذهب لمحطة القطار و أركب إلى استوكهولم , فهناك أشعر بالقليل القليل مما حلمت به عن الغرب .. تلك العمارة و ذلك الجمال ..!

رجعت.......!!!!

في المساء و بعد الطعام ومكالمة مع طارق امتدت إلى الساعة تقريباً و كجمجة وليم شكيب , جلست في المطبخ أكتب لكم قليلاً عن رحلتي اليوم إلى تلك المدينة الرائعة ...استوكهولم !

وصلت محطة القطار الساعة الثامنة و بعض الدقائق و ربما كان الوقت مبكراً جداً على لقاء أحد من الزملاء الذين سأترافق معهم إلى هذه المتاحف .. جلست على تلك المقاعد الخشبية النظيفة و مئات البشر يعبرون المحطة من كل صوب , حاملين تلك الجرائد المجانية الصباحية كمجلة الميترو و سيتي و الخ من تستطيع أخذهم من أماكن منتشرة في كل مكان .. كانت الفتيات اللواتي لم يتجاوزن السادسة عشر أغلبية تلك الفئات العابرة من أمامي , أخذت الجريدة و بدأت تصفحها , كان الموضوع الأساسي في كل هذه الأيام عن رمضان و الدين الاسلامي و العدد المتزايد من المواطنين الذين يدينون بدين الاسلام و مقارنات الأديان الأخرى من هندوسية و مسيحية و بوذية و شرح بالصور و الرسوم عن أسماء الحجاب كالكاب و أربع أنواع أخرى نسيت ما أسمهم , منهم ما يستعمل في افغانستان و ايران و البلاد الشرق الأوسطية و الخ .. المهم كان ذلك ما يهتم له الأوروبيون في صعود نجم الارهاب الأسلامي على الصعيد السياسي و العقائدي بعد ظهور أسامة بنلادن و الانتحاريين الفلسطينيين و حديثا الأتراك و العراقيين و من ثم الاندونيسيين و الفلبينيين و بدء الحملة الأمريكية في وشم الأسلام بالإرهاب .. و مع أن السويد من البلاد التي تراعي الأديان و حرية الرأي , ذهب رئيس الوزراء في بيان له عن الأرهاب بان قال و بغباء مدروس : يجب أن يقف إرهاب المسلمين , لا علينا .. في الساعة الثامنة و النصف و الخمس دقائق جاء زميل وزوجته و وقفنا سوية ندردش عن كسر يدي و سقوطي و بينما نحن هكذا رأيت رجلين في الثلاثينات من عمرهم يتعاركان و ذلك أمر غير مألوف في السويد , لكني سرعان ما رأيت بأنهم عرب و خلال دقائق كنت قريبا منهما و هما ينهلان الضرب ببعضهما , قال لي صديقي لا تتدخل , زادت حيرتي عندما رأيت البشر يقفون دون أي رد فعل و كأنهم يشاهدون مباراة ملاكمة على حلبة , فما كان مني إلا أن اقتربت من أحدهما و مسكته و أبعدته عن الآخر و جاء شاب مغربي آخر مسك الآخر و أبعده أيضاً لكن الأمور لم تنتهي عند هذا الحد فما أن تركناهما هجم أحدهما على الآخر و بدأت الجولة الثانية و الدماء تنهمر من كلاهما فمسكناهما مرة أخرى و أبعدناهما لكن لا ينفع هذا للمرة الثانية عندما تركناهما رجعوا و تعاركوا حتى انهار أحدهما من لكمات الآخر و انفضت اللعبة حيث ذهب كل إلى الجهة أخرى .. كانت دقائق عرفتني على وجه آخر من السويد و عاداته أن لا تتدخل بما لا يعنيك .. لكن البشر يتعنوني حتى و إن لم أكن أعرفهم !!

جاء زميل آخر و تأخر الرابع ليلحقنا في القطار التالي الذي يغادر بعد ربع ساعة , و بدأت الرحلة .

وصلنا استوكهولم لتستقبلنا معلمتنا بابتسامة .. انتظرنا الطالب المتأخر الذي وصل تماماً بعد ربع ساعة و ركبنا الباص الى المتحف , كانت الدخولية بعشر كرونات باعتبارنا طلاب و من ثم بدأت المعلمة التي أعتبرها أنا شيء خارق من المعلومات و اللطافة و التواضع .. باعتبار ستة لغات و تاريخ و فلسفة وتربية و كومبيوتر و لغة و علم الأنتروبولوجيا .. لم أسألها على شيء إلا و أجابت عليه , شيء واحد لا تعرفه هو اللغة العربية و التاريخ العربي , و هذا بالنسبة لها صعب كما تقول , لكني على يقين بأنها يوماً ستدرسه إذا أطال الله بعمرها .. شرحت لنا على المتحف قبل أن ندخل .. من صمم المبنى لماذا صممه و على أي طراز ما الدوافع و كيف كان تصميمه الأولي الذي كان أكبر بكثير من الواقع .. ثم و لجنا الداخل لأرى بهو رائع منار من فتحات السقف الذي يعلو حوالي الخمس و العشرون متراً .. ووكل المباني السويدية رتب المتحف حسب الأبجدية و التواريخ و الأقسام المتعددة من الحياة الاسكندنافية من طراز الصحون حتى الأحذية منذ العصور الوسطى حتى الآن .. كان شيئاً رائعاً حقاً .. ثم خرجنا إلى مزرعة الحيوانت و هي حديقة كبيرة جداً بها مطاعم و أقسام للحيوانت ابتداءً من الفقمة حتى البومة و الدببة و الشمبانزي و الخ .. ربما أنا لا أستمتع بسجن الحيوانات ولهذا سارعت بطلب من يانهاء الزيارة و الذهاب لمطعم نأكل به .. فذهبنا لكننا لم نوفق في مطعم يمتعني بأكله .. كان المطعم يسمى ( نسيت ) لكنه مملوك من سريان أتراك و الأكل كان تعساً كأصحابه !!

طلبت رز و فلافل .. هل هذه هي التعاسة الحقيقية .. تذهب لاستوكهولم لتأكل فلافل و رز و كوكاكولا .. و مع أنني كعادتي آكل الصحن كله, إلا أني لم أستثيغه و لم يعجبني و لم أشبع .. ثم ودعنا المعلمة و رجعنا بالقطار إلى سودرتالية التعيسة جداً .. كان شعوري باقترابي إلى سودرتالية كاقترابي من الحدود السورية عندما أرجع من لبنان , رائحة الهواء تتغير ( البنزين اللبناني له رائحة مختلفة و أحبها ) .. ودعت زملائي و ذهبت إلى حيث دراجتي ( دراجة زوجتي النسائية ) فتحت القفل و اخترت المشي بجانبها قاطعا ساحة المحطة و من ثم ساحة السنتروم و من ثم الكنسة و الجسر إلى بيتنا مروراً بالمصعد .

لا أعرف هل أنا حي أرزق أم أنا حي أزرق , الأثنان بهم شيء من الغباء لقولهم , أما الأولى فأنا لا أرزق من شيء ( إن كان المقصود بالدخل المادي و ليس الطعام ) , بعد سنة و شهرين من أقامتي في السويد أما أزرق و هذا ليس له معنى , فأنا حقاً ملطخاً بمواضع كثيرة من جسدي عندما وقعت البارحة باللون الأزرق ..

استوكهولم .. مدينة الشوارع النظيفة و الفتيات الصغيرات

مدينة المتاحف و السياح

... مدينة المقهورين .... الذين يحتسون الشاي الإيراني على طاولات مقاهيك

كم علي أن آت إليك .. لترحل دهشتي من جمالك ..

شعرائك و كتابك لم أفهم منهم سوى ذلك الأنين التي تسمعه أذني المليئة بموسيقى موسيقييك الموهوبين

نيلز فيرلين , ايفيرت تاوب , بيلمان , آثرت أن أقرأ لهم الكثير لكني .. عذراً منك يا مدينتهم الجميلة .. كانوا يعنون لي أنت .. وربما العذر لهم ..!!

كم من المتاحف قد تبق لي أن أزورها و كم من الكنائس و كم من المقاهي و كم من الشعر يجب علي أن أقرأ ..

أما آن لي أن أرتاح و أترك حبك يغزو عظامي و أرحل دون تماثيل دون صور دون أوراق ... نظيفاً كشوارعك ....فوقها ملايين الأحذية ... تمر !!

في بداية يوم آخر أكتب لكم , البارحة لم أذهب للمدرسة و اليوم أيضاً ..سأكتب قليلاً عن البارحة ..

.. عندما استيقظت , كنت قد قررت منذ البارحة عدم الذهاب إلى المدرسة مع أنني استيقظت على منبه الساعة التي عادت زوجتي و وضعت المنبه بعد أن أبطلته البارحة .. المهم استيقظت وبدأت يومي بأن علي أن أحاول ولو قليلاً دراسة شيء ما قبل الفحص العام .. جلست و لملمت ربما آلاف الأوراق التي لا يبخل السويديون بها عندما يتعلق الأمر بالتعليم و التمارين و ما إلى هنالك !!

أحسست بأن الأمر سيكون سهلاً , أن أضع الأوراق و أقرأ , هذا ما يمكنني أن أفعلة مع بعض الكتابة لتحسين املائي و سؤال زوجتي عن ما يمكنها لمساعدتي !! بدأ الأمر و كأنني سأنتهي بساعتين من كل ما أعطونا إياه من معلومات !! ما حصل باني بعد نصف ساعة اكتشفت إني أعلم من الصينية ما أعلمه عن السويدية مع الفارق البسيط أنني لم أذهب إلى الصين و الفحص ليس بالصينية ( بالطنجرة ) تعبت و شعرت بأن كل شيء قد انهار أمامي , لا اللغة و لا إكمال ما كنت أرجوه من متابعة الدراسة و دخول كورسات تصميم و ما إلى هناك من أمور أحبها و إن لم تدر منفعة مادية , حيث العمل بتلك الكورسات التي ربما تطول لمدة سنتين حسب الاختصاص , في سوق العمل السويدية بالنسبة للأجنبي , لاشيء فالسويديون و منهم العاطلين عن العمل كلهم قد خضعوا لتلك الدورات و معهم أكثر من اختصاص و مع هذا سوق العمل متخمة بالمهندسين و التقنيين و المهنيين و ليس لهم أي فرصة عمل باختصاصهم , فتراهم يقدمون على وظائف كسائق شاحنة , ( دورة سائق شاحنة تكلف كثيراً و لستة أشهر بعد حصولك على شهادة سيارة عادية ) أو كسائق تاكسي ( أيضاً دورة دراسية و فحص عام و هي صعبة جداً ) المهم مع ذلك وجود هذه الوظائف أيضاً ليس سهلاً ..!!

ضبضبت أوراقي و بدأت أحضر طعام اليوم أخرجت دجاجة من الفريزر و الباذنجان و البطاطة و البصل و الجزر و البازيلاء و بدات بالتحضير و الطبخ و ( النفخ كما يقولون حتى الساعة الثانية ) حين اتصل طارق الخطيب و دعاني إلى استوكهولم لمقابلة بعض الأصدقاء هناك و دردشة اشتقت عليها ..

قبلت بسرورفتلك الدعوات لا ترد بالنسبة لي !! و اتفقنا الساعة الرابعة و هكذا كانت السهرة مع أربعة أشخاص عرب ظريفين , بدأت بلعبة بلياردو و انتهت بمطعم للساعة العشرة و النصف رجعت إلى قواعدي سالماً و رائحة الدخان تملىء ثيابي , تحممت و أكلت ثم نمت الساعة الواحدة , اسيقظت صباحاً اسعل و أكح و أعطس , المرض قد تغلب علي , رغم كل الفيتامينات التي آخذها و الشاي الساخن الذي أكثرت منه في الآونة الأخيرة ,, كله لم ينفع , فقد انهارت أجهزة الدفاع و شككت بأنها عربية التكتيك , تحت جرثومات ضعيفة اخترقت كل أسرار و ملكت مفاتيح مملكة جسدي .

ها أنا الآن , في المطبخ درجة الحرارة في الخارج كما يبان 20 درجة فوق الصفر( البارحة 2 فوق الصفر ) و الشمس ساطعة بقوة 1500 شمعة اضطررت أن أغلق تلك الستائر المعدنية لتحجب الضوء قليلاً عن الدخول و اقتحام المكان ولأستطع رؤية شاشة النقال التي أظن بأن عمرها قد باشر بالإنتهاء !!..مثل عيناي ربما.!!

اليوم بدأت بالكتابة لكم و مع اصرار زوجتي بأن أحاول الدرس قليلاً أشعر بأن كل هذا لن يجدي نفعاً و للأسف أقول بأن الشيء اللا مستغرب بي , بأني أهزم بسهولة للسهولة نفسها !! الأسهل لي أن لا أحاول و إن كانت النتائج سيئة فلا زعلة ..

هل أطلت الرسالة هذه المرة .. ربما , كان لي أن أكتب لكل منكم جزء منها , لكنني قررت أنني لكم كلكم , و لا أظن من بين أصدقائي من يقول لي لماذا لم تحدد لمن رسائلك و أن لكل منكم خصوصية ما ..!, و هذا صحيح , لكن رسائلي فوق كل الخصوصيات و ما أشعره بانني أتواصل مع الجميع و أن الجميع سيقرأ ما أكتبه لهم و هو في المقابل , ولكل منهم على انفراد , سيشعر بهذه الخصوصية ..

إلى الجميع و مع الأسماء ابتداءً بالأهل كلهم دون ذكر الأسماء و الأصدقاء , دون اعتبار الترتيب , محمد و مصطفى حموي وحسام ووسيم ,اسبيرو, طارق , علي , باسم , ريم , ندى , أسامة , سهيل , عبد المنعم , غسان , نهرو, نزار, أبو علي مالك , محمد أبو عوض , منذر سلواية , سمير , أمجد , عمار , بها , أحمد , هيثم , مأمون , فادي , كميل , مروان ,جرجس, فايز الجميع بدون أي استثناء , ومن يهمهم أمري .. !!

عيد الشقليبات


أحمد بلة , صديقي ..

مبروك يأبو فؤاد وكرم .. و الله يكون بعونك , فأنا من ولد واحد ما مخلص حالي , بكاء و صراخ و ..و...و..و أنت تعلم !!

المهم ها قد جاء الأمير الثاني جعله الله يربى بعزك .. أليس هذا ما يقولونه !!

اليوم هو أول يوم عيد , الشقليبات و الزنزوءات و موتورات الطيزطيزة و السينيما الخرسة و كوكتيل السعدية و سحلب السبيعي و شعيبيات الحموي و فلافل الحموي في مكان آخر .. كل هؤلاء كانوا يعنون العيد مع دخلة سينيما على فيلم لغوار أو شمشون الجبار , إما في سنيما اللاذقية أو في سينما الاهرام و في زمن أكثر عمقاً في التاريخ كانت أوغاريت ملكة السنيمايات لكنها كانت تعرض فقط الأفلام الهندية و العربية .. كان العيد له طعم , ربما لي خاصةً حيث كنت أقضي أول يوم العيد في طرطوس , بيت جدي رفعت , حيث كنا جميعاً نسافر في منتصف الليل إلى طرطوس و حضور صلاة العيد و مع مايرافق هذا اليوم من برويوكولات الطعام ثم رجوعاً إلى اللاذقية مع ما أعطتني إياه عمتاي من مال و هدايا !!

أرجع لمدينتي .. حاملاً فرحي و( ظظ~~~ؤئئ ) هذا ماكتبه وليم شكيب حيث بدأ كتابة أول كلمة على الكومبيوتر مفهومة و هي طظ .. !!

أرجع هذه المرة إلى رسالتي و ما سأكتبه لك .. أرجع لمدينتي و أحمل سيفي البلاستيكي و فرد الطقطيق و أجتمع مع بعض الأولاد لنبدأ مغامرة العيد بالذهاب إلى ساحة العيد في الصليبة .

ربما كانت ترافقني أختي في ذلك الزمان أو أحد ما يكبرنا للإنتباه علينا و حمايتنا , فنركب الشقليبات الخشبية التي لا زالت أصوات طقطقة مفاصلها ترن في أذني لكما دفع بها ذلك الشاب المفتول العضلات فتهتز و تصعد بنا ثم ما تلبث أن تهوى فتقفز قلوبنا معها , و من ثم تحولت إلى معدنية في آخر مرة مررت بها إلى هناك و بها محرك كهرباء , هكذا بعض الدورات و ينتهي الوقت!! ثم نشرب السحلب المغشوش ومن فوقه قشرة من القرفة التي تعوم فوق ذلك الطبقة من السائل اللزج بسبب النشاء , لكنه كان أطيب من أي سحلب صنع في البيت , كان كل شيء في الخارج له الطعمة الأصلية مهما كانت ظروف و طريقة والمواد التي صنع منها !! ثم نصف أبريق كوكتيل و ربما جزر و تفاح في ذلك الوقت أو ليمون ( برتقال ) إلا أن العيد كان لا يكمل إلا بسندويشة فلافل من عند الحموي ( الله يرضى عنه ) له صله قربى مع صديقي غسان حموي صللوم!!

ثم طحشة السينما , إذا كان الفيلم لغوار و لا زلت أذكر فيلم زوجتي من الهيبيز الذ توج ابنه صباح في مخيلتي كملة سيكس أو ذلك الفيلم الآخر مع رشدي أباظة ربما و المرحومة سعاد حسني , لا أعرف .. لكن كان الفيلم الذي نحضره مهما يكن مصحوبا بموسيقى تفصفص البزر و مسبات خلاعية و تصفير حاد كلما ظهر من جسد الممثلة بعضا من عريها !!

انتهى ما يسمى بالعيد , لا يوجد سينما صامتة و ربما سندوشة فلافل الحموي و سحلب السبيعي أصبح بيتزا و كوكاكولا , أو همبرغر مع كولا صنع بيت الجود أو بيت اسماعيل بدل أورانجوا أو سينالكو !

كل شيء يتغير .. نحن نتغير .. وكل شيء ينتهي كما نحن !!

و يبدأ بذات الوقت شيء آخر ! هكذا عاشوا من جاؤوا قبلنا و هكذا عشنا و كذلك الذين سيأتوا قبلنا !!

أخبرتني حماتي بأن برنامجاً عن العيد سيعرض في التاسعة صباحاً على التلفزيون الرسمي .. فتحت التلفزيون و شاهدت الربنامج بل و سجلته على الفيديو .. كان الامام مرتبكا و أظنه من شمال أفريقيا .. أبيض ذو لكنه مغاربية أو تونسية , قرائته متوسطة حين يحاول التجويد و سيئة في قراءة السويدية بعد الخطاب العربي و مقابلات مع عرب مسلمين و ما يعني لهم العيد .. الطعام و الثياب الجديدة .. الجميع أصر على ذلك .. ينتهي الصيام بجائزة الأكل الفاخر و كأننا كنا محرومين من ذلك قبلاً , و حسب ما أتذكر أن طعام رمضان هو الأفخر طوال أشهر السنة !! و من ثم مقابلة مع عائلة مسلمة و أظن ربما من فلسطين او سوريين لا أعلم و ربما لبنانيين لما من هؤلاء تشابه كبير في الشكل و الاسلوب !! و كيف يشترون الهدايا للأطفال كتشبيه لطقوس الكرسمس ( عيد الميلاد ) , شعرت و أنا أحضر هذا البرنامج بأنهم قد نجحوا في اظهار المسلمين بالشكل الذي لا أحبه , فالذين ظهروا في البرنامج كانوا لا يتكلمون السويدية بالشكل الجيد و لا هم عرفوا ماذا يمكنهم أن يتكلموا عنه , كانت المزيعة الحسناء الشقراء مع المرأة المحجبة ذات الأنف الرفعاتي و الجسم البالوني , مثال على اختلاف لا مثيل له من النوعية و الشكل !! انتهى البرنامج و لا زالت سعلتي تحفر في قصباتي الهوائية تلك الأخاديد التي تميتني من الألم كلما سعلت !!

حمادة الحبيب أرجو من الله تعالى أن يحقق أمانيك و أن يحفظكم و العائلة كلها و تهانيني بكرم أفندي و العيد ( الشامينيون )

البارحة تكلم معي عبودة حموي و لمدة 20 دقيقة , ضحكنا كثيراً و قال بأنه لن يأتي للاذقية حتى السنة التالية و ربما بعد رمضان التالي !! و نصحني بعدم الرجوع إلى اللاذقية و أن أنتظر مثله سنة أخرى .. و أنه لا يرى سوى بشار و صاحبكم الآخر وائل حداد على ما أظن ..

أما صفوان اختيار الذي بدأت مراسلته منذ مدة فهو ليس موجوداً في مدينته و لذلك ترد على رسائلي زوجته اللطيفة و تبعث لي بصور مريام ريثما يحضر صفوان .. أبو علي هارون يتكلم دائما ً و سيم طلب مني رقمك ليتلفن لك لكن للأسف لا أملكه !! أما ما تبقى من أخباري فأنا على حالي مع مرض قد ينهي ما تبقى مني .

البارحة عملت فحص عام باللغة و الشيء الغريب أنني خرجت من الفحص و كأنني سأكسح الجميع و بعد قليل أكتشفت دون مساعدة أحد بأني أخطأت قليلاً و بعد 24 ساعة ربما لا أنجح !! هكذا الحال معي لا شيء يسعدني يبقى معي ..

أول يوم العيد باق في البيت , حتى إني فكرت بالاتصال بطارق لتهنئته بالعيد لكن لا أحد ربما مجتمعاً مع بيت أخته و أصحابه , أو يعمل لا أعلم !!

البيت مليئاً بالصياح و البكاء فوليم لا يهدأ من الصراخ و أظن بأنه مكرب مثلنا !! كالعادة !

أبو حميد الحبيب ماذا حصل معك بشأن توصيل رسالتي إلى عبد اللطيف أبو شامة , لم تقل لي عنها أي شيء !! علامات استفهام كثيرة على هذا الموضوع كلما بعثت رسالة لأحد ليوصلها لأحد ما و من ثم لا خبر و لا مخبر .. على الأقل , وصلت رسالتك وهو يشكرك عليها !! فأرتاح بأن الرسالة قد و صلت و أن لا أفكر بها و ارسالها لأحد آخر !!

وشكراً جزيلاً .

سلامي و تهانيي الكبيرة لخالد بلة العظيم صديقي المؤمن و معه أبو سليم حبيبي الآخر .. اشتقت لهم كثيراً و أرجو من الله أن يكونا بألف خير و سعادة مع عوائلهم !!

سلامي و تهانيي بالعيد لبيت عمتك سعاد و كل ما يلف لفيفهم و إلى اللقاء في رسالة أخرى ليست كرسائلك المقتضبة و الملخصة ..

رفعت .

الصورة لاحلى خال و معو ابني وليم شكيب


في كل البدايات .. ترى أنك تبدأ بكلمة معينة كما قلت سابقاً كتلك أو تلك , لكن هل فكرت سابقاً بأنك لم تتعمد ذلك بل و بكل بساطة تأتي بداية الكلمات بلحظة متجمدة من الزمن و المخزون الذي أتكلم عنه هو تلك الكلمات المعدودة التي نستعملها غالباً لتثير تلك الزوبعة القادمة من الكلمات .

قرأت رسائلكم , فتحتها كمن يفتح ورقة يانصيب يشك بأنها رابحة فيقرأ أرقامها بحذر و ريبة وإن كانت صحيحة أم لا فإنه يقرأها من جديد محاولاً التأكد مما قرأه المرة السابقة .. لكنني و حالتي هذه , دائماً الرسائل بالنسبة لي أوراق يانصيب رابحة ... فأفرح ..

يبدأ فكري بجمع ماقرأته و بدأ كتابة الرسالة القادمة سواء كانت على الصعيد الفردي أو الجماعي !!

أتاني البارحة كم جميل من الرسائل , مصطفى و منذر و ماهر و فايز و منذر وياسر سلواية و الكثير من الاتاشات المضحكة و التي تأتيني من أصدقاء كثر ... أيضاً شكيب منذرالذي بعث بالتهاني الرمضانية ووسيم الذي اتصل و لم يجدني و رسالته الجميلة , كان يوماً مشمساًبالرسائل وإن كانت درجة الحرارة تحت الصفر بقليل خارجاً..

اليوم أول يوم من رمضان و لا يهم إن ثبتوه العلماء أم لا , ولا أعرف لماذا تلك الجدالات على اليوم و التوقيت و ما يمكنك و ما لا يمكنك فعله .. أمور أحاول الكثير بألا أقومها , استيقظت منذ ساعات عديدة و لكني لم أترك السرير حتى اضطررت أخيراً و تحت ضغط مثانتي أن أدخل الحمام و أقرأ قليلاً و أبدأ الكتابة لكم ..

رمضان كريم .. أهذا ما يقوله الناس في هذه المناسبة .. في سن الاثنين و الأربعين تبدأ العد.., كم رمضان مر عليك , كم امرأة !!!!, كم يوم سجنت , كم و كم و كم وفجأة تقف عند نقطة مهمة , بأنك لا زلت حياً و ربما هناك فرصة أخرى لتزيد رصيدك بالأتراح التي تكرهها أم بتلك السعادات المعدودة على أصابع اليد الواحدة ! لكنك و بعد كل هذا الوقت و الزمن الذي جعلك ممضوغاً بظهور تجاعيد و جهك و فقدان لون شعرك أم لم يكن شعرك بالذات تجد بعد كل هذا وذاك , إن الحياة و بهذه اللحظة بالذات و أنا أسمع موسيقى البلوز و مغنيين أمثال راي تشارلز و نات كينغ كول و بعض من فرانك سيناترا و ب ب كينغ , أراها بتشكيل لوني سيء كمن رسم حياتي بألوان ممزوجة مع بعضها فيغلب عليها اللون البني البشع أو البني الضارب على الخمري الذي كنت عندما أنتهي من لوحة رسمتها يبقى بعضا من الالوان التي أحاول مزجها لأرى بأن اللون الاخيرهو ذاته كل مرة .. !!

البارحة قضيت يومي عند صديقي طارق و اصطحبت معي زوجتي و صديقتها و ابني و عملنا فته و بيض و جبنة مسنرة و مخلل و إلى ما هنالك من أمورلا أستطيع شرائها لغلاء ثمنها كالحلويات العربية و الجبنة المسنرة أو المكدوس الذي يبلغ سعر الكيلوا حوالي ما يقارب السبعمئة ليرة سورية , وكما تعلمون أنا لا أعمل و زوجتي لا تدخل الآن سوى أجار البيت و ما تبقى من المصروف فتسحبه من المدخرات التي ربما تكفينا لسنة أخرى دون عمل .. ثم توجهنا في المساء إلى بيت حماتي لأقرأ ما أرسلتوه لي و الجلوس لساعة متأخرة من المساء أمام شاشة حيث أنسى تماماً غربتي و أنعزل في ذلك المربع المتوهج أمامي مستمتعاً بما ترسلوه , أحلم يوماً ما سأرجع و أظنه ليس بعيداً , إلى تلك البقعة إلى تلك البلدة و إلى هؤلاء الأحبة ..

آلامي... أغبى امرأة تستطيع أن تخدع أذكى رجل


لذا كان علي أن أقوم بشيء ما ... !!

آلامي و حنيني و فراقي عمن أحب .. و إن كان هذا خطأ كما يقول الجميع فأنا غلطان و إن كان كفراً فأنا كافر و إن كان غباء فأنا غبي , ماذا بعد ! كم من الرسائل علي أن أكتب و كم من الكلمات علي أن أجمع .. فكل شيء بالنسبة لي لا يساوي شيء بالنسبة للآخرين ..!! لا الصحبة و لا الأهل و لا البلد و لا الأصدقاء .. كل شيء تحبه عليك بنسيانه و عليك المضي بآلامك و سأمك بالحياة , استمر بالمعارك الخاسرة حتى الموت ..

منذ فترة كان علي أن أكوي جروحي , تلك الندوب التي راحت تزيد من عمقها و آلامي ..

كل هنا شيء خاص و مختلف و اشعر بأنني ربما أموت بمرض ما نتيجة تلك الضغوطات النفسية جراء كل شيء كل شيء !!

رقبتي تؤلمني و ظهري و تلك البقعة الوردية التي تسمى هنا روز فايبر الحمى الوردية التي تزيد من لونها و حكاكها كلما زادت عصيبتي و كآبتي و هيهات كم هذا المجال واسع و كبير هنا ..

على كل .. لا شيء يمكنني فعله .. لا العمل المتاح و لا التفائل الكبير و لا المحيطين يستطيعون فعل شيء !!

منذ فترة محمد حمدوش الله يرضى عنه .. دعاني إلى هولندا لاسبوع .. فرحت جداً بتلك الدعوة و كنت أفكر بأني حالما سأشفى سأذهب و سأقضي بعضا من الايام الجميلة , لكن هيهات فالزوجة التي قلبت شفتها و زعلت بمجرد ذكر ذلك ..!! أليس غريباً !!

ماذا بعد .. ماذا هناك في المستقبل البعيد .. أسوء أم موتي أم هكذا تمضي السنين دون طعمة ..

تعالوا إلى السويد يوتوبيا أفلاطون و فردوس الله على الارض .. عيشوا هنا و موتوا هنا !! هذه الحياة لا أحسن ولا يمكن في الخيال أن تكون أحسن .. تعالوا لاجئين تعالوا مثنى و فرادى و جماعات .. هذه هي الأرص الموعودة .. التي وعد الله بها العرب ... ليخربوها !! أكثر

فادي دالي


السويد في 29 تشرين الأول 2003 ..

أخوي أبو الفاد الحبيب ..

ربما بدأت كتابة هذه الرسالة عشرات المرات ثم أرجع بذاكرتي إلى الوراء و أرى بأني لم أكن أحسن من نزار و إن اختلفت الأمور .. فقد ذهبت دون وداعك و توصيل الديسك لأخيك .. لأني لم آخذه أصلاً .. طبعاً نقاصة و من دون كتابة كل ما يخطر ببالك من اعتذارات فهي لن تفيد و مبررات مهما كثرت فهي لن تكون كافية , ما قد حصل حصل و أتيت إلى السويد دون أن آتي إليك و أودعك و هذه تكفي !!

فادي الحبيب ..

بعد كل ذلك الكلام فالإعتذار واجب .. فها أنا أعتذر و كثيراً و لن أسرد المبررات لأنها تعفنت بفعل الزمن و النسيان .. أعرف بأنك ذو قلب كبير و تسامح .. أليس كذلك أم تريد زعلة اخت محلوشة .. ونخسر بعضنا..

أخي و صديقي فادي .. السؤال عن صحتك و العائلة الكريمة وولديك الله يحميهما و يحرسهما , و الوادة الكريمة الله يحفظها و يطول بعمرها .. ثم أحوالك أنت يا عزيزي .. كيف أمورك و أعمالك انشاء الله تحسنت الأمور و بدأت الأمور ترجع كما كانت وإن كان لا شيء يرجع كما هو !! المهم الصحة يا أبو الفاد و لا تعتقد بأن الأمور في الخارج هي أحسن .. كان كل ذلك نكتة سيئة لا ترسم على الفم حتى ابتسامة صغيرة .. السويد و أظن أخيك أدرى مني بتلك و تكلم عن الأمور هنا .. فأخيك الثاني إن سمحت لي بذلك أن أصف نفسي , بعد سنة من إقامتي هنا ... صفر .. لم أعمل .. لم أدرس سوى اللغة ساعتين في اليوم و طبعاً لولا زوجتي لما وصلت لغتي لهذه الدرجة !! و هي أصلاً درجة سيئة و للآن لا أتكلم السويدية بشكل 25% مثل الأجانب !!

الطقس غليظ في الصيف و لئيم في الشتاء .. البرد و الحر , كل شيئ ليس معتدلاً كبلادنا ..

تظنني أبالغ في ادراج السويد من البلاد السيئة .. لا .. فالسويد للسويديين و للناس الذين لا يأكلون في بلادهم أو المطاردين أو أي شيء يمنعهم من الحياة في بلادهم الأصلية , أما بالنسبة لي.. فقد كانت السويد التي زرتها المرة الأولى كسائح تختلف 100% كمقيم , حين بدأت النقود التي جلبتها معي بالنفاذ و بقيت دون عمل أو دخل , و إن كانت زوجتي لا تفكر بمضوع المال كشيء مفصول عن الزوجين فما تملكه و ما تقبضه هو لكلينا , ومع هذا شعرت عندما نفذت النقود بأني أصبحت انسان ضعيف لا حول لي و لا شيء لأعمله , بدأت المدرسة بعد أربع أشهر من مجيئي و بهذا كان لي منفذ لأخرج من البيت و أتسكع قليلاً في شوارع البلدة التي أقطنها و هي معدودة لصغرها و ربما جبلة أكبر منها .. المهم كانت فترة الدراسة التي استمرت للآن نوع من الفرصة الثمينة التي استطع بها الالتقاء بالبشر , عراقيين على الأغلب , ففي الصف الذي أنا به 20 طالب منهم على الأقل 12 طالب وطالبة عراقيين و أربع سوريين و تايلندية و اسبانية , انكليزي واحد و نمساوية رجعت بعد أربع أشهر إلى فينا .. لا شيء هنا يمكنك أن تقول عليه أفضل من عندنا ما عدا الخدمات , التي يقدمها البلد , كالمساعدات للذين لا يعملون , التقاعد , تخديم البلد كالنظافة و الترتيب , لطافة البشر و تعاملهم معك كإنسان , أم ما يتعلق بتلك الحميمية مع الآخرين كعلاقاتنا مع الأصدقاء و الأقرباء فهي هنا نادرة إن لم تكن معدومة .. !!

أبو الفاد أظن بأنك تعلم بأن ابني وليم شكيب قد أتى و مع ذلك لم تتصل مع أن رقم التلفون معك وقلت في نفسي أإلى هذا الحد أنت غاضب علي .. لدرجة الطظ و الفش و أبو خريط و الصغير و الكبير و المأندد بالسرير و خريط و مريط و نطاط الحيط ... اتصلوا بي و باركوا جميعاً بإبني إلا أنت .. و مع ذلك قلت بأنك لك أسبابك .. لا بأس أبو الفاد مسامح .. و المسامح كريم أليس كذلك !!

فادي الحبيب ,,

ابن الحارة و صديق عزيز و غالي علي .. أرجو من الله أن يوفقك و أن تكون بألف خير .. سلامي الحار و الكبير لك .. و دمت لأخيك رفعت ..

محمد رضوان و اسبيرو عبد النور


محمد رضوان و اسبيرو عبد النور .. صديقاي ,

شهور كثيرة لم تحمل لي منكما أي رد .. بعد كل تلك الرسائل التي بعثتها و لا أعلم بالتحديد ما عددها لكني على يقين بأنهم ليسوا أقل من خمسة أو ستة رسائل بعثتها على أمل أن يكون لها صدى و إن كان ليس جهوريا وإنما ً بشكل رسالة تطمأني عنكما و الأصدقاء الباقين ..

لكن على ما يبدوا أن أمورالحياة عندكم قد التهمت كل الزمن الباقي لكتابة رسالة صغيرة لي على أنغام موسيقى الجاز أو البلوز الذي تحبانه .. ( محمد على الأقل )

تصلني رسائل من باسم باستمرار ( ابن أخت جرجس ) و هو لطيف و موهوب ( حبوب ) و يشكل لي انعكاس حقيقي لما يعانيه اللاذقي من اشكالات الحنين و فقدان الأصدقاء و كتب لي في رسالة التالي ..

( بخاف إذا نزلت على اللادقية ما عود ارجع لهون .

تاني شي بلشت قراءة رسالتك عالساعة 12 بالليل وكنت جاي تعبان لنام ، بس آخر كلمة ذكرتها طيرتلي النوم من عيوني وصحصحت لأكتبلك السطور ، لأنو ما رح اقدر نام بدون ما أكتبهن .

خليني خبرك رفعت ، قبل ما بلش ، أنو ميلاتك هي من الأشيا اللي عمبتخلي البلد ببالي وعم تربطني فيه حتى أكتر من ميلات الشباب اللي عميكتبوا من هنيك ، على الأغلب لأنو انت بتكتب بنفس النمط اللي بفكر فيه – الأشواق – أما اللي عميكتبو من هونيك ، بعدن بنفس الدوامة اللـي خلتنا نترك البلد ونهيم على وجهنا بأصقاع الأرض عمندور على اليوتوبيا اللي هي بعقلنا بس . في فكرة كانت كتير تعن عبالي هي أنو الواحد بس يتغرب بيصير يتذكر الوطن كصورة مثالية بحتة ، بعيد عن الأمور اليومية اللي بتعكر مزاج الواحد وين ما كان . وبس يرجع بيعود للدوامة نفسها . بس أنا هلا عمبقتنع أنو يمكن الوطن مع الدوامة مع كل أكل الخرى أزبط بكتير بكتير من هالشرذمة المتشرذمينها باصقاع الأرض ، مقابل فتات ، قد ماكان المقابل بيضل فتات مقابل العمر اللي عمبيروح عليه بين الناس اللي حبهن وكبر معهون ومن المفروض أنو يقضي حياته كانسان طبيعي معهن . وعمنرضى بأمور ما كنا منرضاها بالوطن وكل العنجهة والأبهة اللي كنا نعيشها كبديهيات يومية فاتت بالحيط وفتنا معها .

وهون منوصل للكلمة اللي طيرتلي النوم من عيوني ، الرضى ، حطيت أصبعك على الجرح ، هيدي هيه ، نحنا ماكان ناقصنا شي بالبلد ، وكتير عالم كانت أقل مننا هلا عايشة ومبسوطة باليوتوبيا تبعهن . ونحنا صرنا نركض ورا أقواس القزح لأقاصي الأرض بس للأسف ما لقيناها كل ما نروح أبعد تبعد أقواس القزح ، لحتى أنو صارت ورانا محل مابلشنا ؟؟؟

أنا هلا وصلت لمرحلة يمكن ما بقى بدي شي غير الرضى ، بس ما عم لاقيه . يعني صدقني بتسوا عندي المشية تحت مطر اللادقية كل دبي – ما أنا كمان ما كنت وفر مطرة ، حط هالوكمان ويللا . بس بعرف إذا برجع – وجربت الرجعة أنا قبل – ما رح أخلص ، ورح ترجع نفس الوساويس لراسي ، يمكن لو بعرف هلا أنو إذا برجع وما بيعن براسي وساويس اليوتوبيا لضب شنتي هلا هلا بنص اليل ولحق المطرات كلهن من أول الشتي . بس بخاف بس أرجع على نفس المعمعة والوضع والمؤثرات ترجع الأمور متل ماكانت ، مشكلة العقل أنو مابيرجع لورا ، بيمشي باتجاه واحد بس – لقدام أو لورا ما بيهم بس إتجاه واحد . والأمور سارت وتعقدت بطريقة صارت معها الرجعة لورا مو بس كلمة بتنقال .

اعذرني لأني عم بكتب بالعامية ، بس هيدا يمكن ردة فعل على العولمة اللي تورطنا فيها ونكسة باتجاه المحلية والمناطقية ، وإشباع للأشواق لأنو هيدي اللهجة بتخصنا بس نحنا ياخي .

بتمنى الله يسمع منك ويعطيني الرضى ، وأنا متأكد أنو السعادة بتجي لحالها معو .)

هكذا .. كتب صديقي باسم عن ما يمكننا جميعاً الشعور به في الغربة , وربما تستغربون لماذا كل هذا التعب , ضع نفسك بأول رحلة و عد إلى حيث تحب , و ما قاله باسم العودة ليست مجرد كلمة تقال هناك الكثير من الاشياء التي يجب التعمق و التفكر بها قبل أن تأت !! وقد أتى على ذكرها و ببساطة , هل ستعود المنغصات نفسها التي نسجت حلم الغربة و جعلته اليوتوبيا المنشودة , و تتوضع مرة أخرى على خط حياتنا هناك !! ربما لذلك صح ما قاله , و ربما هذا خطأ أن تقضي سنين عمرك بالتردد و وضع التشائم و قتل الامل بحياة بين المحبين و تحت سمائك ..

الكثير من الكلمات التي تخطر على بالي و أنا أكتب على طاولة المطبخ و أسمع للديسك الجميل من باسم عندما نصحني به محمد والذي سجلته على اللاب توب بعد أن طلبه محمد من باسم ( هل تذكره !!) و أسمع الآن jazz on cinema الموسيقى كانت و لا زالت المخدر الاساسي الذي يعينني على أمور حياتي التعيسة ..

طلبت من اسبيرو عدة مرات أن يبعث لي بأخبار صديقي العزيز على و الآخرين أيضاً إن لم عندكما مانع ... هل هذا شيء كثير لأطلبه منكما .. سأظن بأن علي الحكيم لا يرد أن أسمع أخباره لماذا .. لا أعرف .. !!

أما جرجس و مروان و رامز و صلاح و ميشيل و الآغا و لا أعرف من بقي من الأصدقاء هناك .. فلهم مني الحب و الاشتياق الكبير ..

أما بالنسبة للرسائل التي بعثتها لعند اسبيرو ماذا حصل لها .. لم يخبرني إن سلمها أم لا !! علامات استفهام كثيرة عن الموضوع .. !!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ماذا سأكتب لكما عن حياتي المعتادة و المليئة بالرتابة و الملل .. عن ابني أم عن شخصي عن زوجتي أو أصدقائي النادرين (طارق لم أره منذ شهر تقريبا و لم أنجح في الاتصال به و لا مرة على البيت بعد سفر أهله ) أما وليم شكيب...." كنت أكتبه عندما ولد وليام و لكن صديق لي يقطن في أمريكا.. ( شربل عانا ) صحح لي ذلك بأن كتبه وليم , عندما بعث لي التهاني بمولده .. لم أكن أعرف حين ذاك !! بأن الاسم دون ألف بعد الياء , وهكذا بدأت أكتيه بشكله الصحيح .."

بصحة جيدة و الحمدلله و كاتارينا أيضاً , و كلاهما يبلغانكما السلام و على أمل اللقاء انشاء الله , فكاتارينا دائمة الالحاح على المجيء إلى اللاذقية , وعندما تقول لي متى يمكننا الذهاب إلى هناك , أشعر بالخوف و الارتباك و الخجل من الأصدقاء و الاهل فأنا لم أعمل طوال مدة مكوثي هنا و لم يتح لي المجال لأدخل أي مبلغ يمكن لي به أن أشتر به أي هدايا .. هنا في هذه اللحظة بالذات أشعر بعدم الرغبة بالمجيء , عكس ما أرغب به في الواقع ..حتماً .

مدرستي ستنتهي في الشهر القادم ربما و يبدأ التفكير الجدي بإجاد شيء ما يمكنني أن أعمل به أو أن أكمل كورس ما يعلمني مهنة ما تتيح لي البدأ بعمل ما .. هنا في هذا البلد المليء بالعاطلين عن العمل و شح فرص العمل.

و الظاهر و للأسف للآن لا يوجد أمامي أي أمل بإجاد شيء ما يمكنني أن أتابع به حياتي هنا و للأسف و أفكر جاداً بعد سنتين وبعد حصولي على الجنسية إن أراد الله ذلك أن أبحث في بلدان أخرى عن فرص أغنى من هنا , كأمريكا مثلاً , فلي هناك أصدقاء يمكنهم أن يساعدوني في ذلك , ولا أعلم إن كانت الفرص نفسها متاحة بعد سنتين كالآن فأنا محظوظ جداً بالفرص الجيدة .. حتماً ..!

و على حظي التعس بدأت السويد مرحلة اجترار فالخطة التي رسمها حزب الاشتراكي الاجتماعي منذ توليه ادارة البلاد في وضع السويد على المرتبة الاولى في النظام الديمقراطي المرفه قد بدأت بالتآكل و الفشل في الاستمرار لعدم و جود المال اللازم في دعم تلك المؤسسات , فبدأت السلطات المحلية كالبلديات و المؤسسات الغير حكومية في رفع الضرائب و تقتير المساعدات و اغلاق المدارس و المشافي و باق الخدمات التي كانت الدولة تقوم بدعمها ماديا, و بدا لي أن حظي التعس هو السبب في هذا .. و أنا ليس إلا شؤم على البلاد ..!!

هذا كل شيء أيها الاصدقاء .. أحمل حلمي و أرحل ربما إلى القبر حيث محطته الأخيرة ليرتاح ذلك الرأس التعب من الأحلام ....!!

رفعت مرة أخرى

سهيلي


سهيلي الحبيب .. مهما كتبت من رسائل و كتبت من كتب لن أستطع وصف ما أشعره اتجاهك , كم كانت تلك الأيام جميلة .. حتى عندما تشوبها المشاكل و سوء الفهم و الأنانية التي عصفت بأيام معدودة من علاقتنا ..

اليوم و منذ الصباح الباكر عندما أيقظني سببان , الأول أن أدخل الحمام بعد حصرة دامت ساعتان و الثاني مباشر و هو صراخ وليم شكيب .. الحاد معلناً بأنه بحاجة لطعام كالعادة .. استيقظت و أمري لله و كأني أنا المرضعة الثانية الذي كلما صرخ يجب علي أن استيقظ مع أمه و هذا لأننا نعيش في غرفة و احدة و مطبخ و حمام تبلغ مساحتهم جميعاً 46 متر مربع أي على مساحة صالون بيتنا القديم ... فتخيل !!!

المهم و بلا طولة سيرة جلست و أكلت و عملت شاي ( لا دخل له بالشاي ) و بدأت الكتابة لفادي دالي و حسن قنيش و خالي غاندي و عائلته و من ثم أكلت مرة أخرى و بدأت الكتابة لك .. فلي زمن طويل لم أكتب لك و لم نتكلم و لم تكتب لي و لم نتواصل بالهاتف .. فربما كانت آخر مكالمة و محاولاتي الأخيرة باءت بالفشل عندما حاولت و لثلاث مرات الاتصال بك و لسوء حظي بأنك غير موجود .. لا بأس ثم اتصلت أنت و تكلمت مع زوجتي و من ثم فقد كلانا الاتصال بالآخر و عندما أسأل منى عن طريق الأيميل طبعاً عن أحوالك فتقول لي لا أعلم آخر مرة كانت الوالدة مريضة ,هذا عندما اتصلت و قال محمود بأنك عند بيت الوالدة لأنها تعبانة .. و من ثم قالت لي منى مثل هذا الكلام ثم لا شيء بعدها .. أسأل لين ابنة أسامة عن أخباركم أيضاً يضيع الجواب ..

لا أعرف ما حصل و سأسأل عبد الكريم الذي كان في سوريا و ربما اليوم سأتصل به لا أعلم إن كان يفتح الدكان عفواً المحل يوم الأحد .. على كلٍ أرجو خيراً يا الله ..

كيف الأولاد و كيفك أنت يا غالي .. من تر من الشباب , كيف ابن خالتي محمد عنتابلي العزيز سلامي له كثيراً و الله أنا مشتاق للجميع !!

أخيراً أخباري على حطة أيدك يازعرور .. نفسها مع شوية كزبرة وبهارات عن ابني و أصواته . لا شيء يستاهل الحكي عليه .. نصحان ,, ضايج ,, ضايق خلقي و مشتاق لكم جميعاً .. بلا عمل و بلا فلوس أعيش على حساب زوجتي منذ سبعة أشهر .. و آكل كثيراً و لم أتعلم اللغة كما يجب .. و شعري عم بهر .. بعد ربطه إذا رأيت صورتي كيف صار شكلي البفزع .. أخيراً سلامي للعائلة جميعاً و إلى اللقاء بإذن الله ..

أخوك وزعيمك وتاج راسك رفعـت ..ِِ

عائلة الرملي


أسامة العزيز ..

اليوم و في الصباح الباكر بدأت رحلتي اليومية إلى المدرسة .. آلاف الأفكار التي كانت نائمة أو شبه نائمة في الليل الفائت بدأت بالعمل و التضارب و الحرب في رأسي الصغير الذي لا يتسع إلا لإدخال المعلومات المتضاربة حول الحياة التعسة , التي وقعت على صكها بيدي و أنا مبتسم !!

نعم لا أحد منا قد قطع القالب بالشكل الجيد للحياة التي يمكن لها أن تبدو الآن لي بعد التفكر و الاستنتاج المنطقي , أن تكون جيدة لو أننا قد ملكنا زمام أمورنا و آرائنا و الفرص المتاحة حين ذاك !! و أنت تعرف ما المنغصات التي مرت على حياتي .. و لعلك كنت شاهدا عن قرب ماذ حصل لي ذلك الوقت !! و لعلي أقصد بذلك بأنني لو سافرت أو أن الخيار المتاح لي الآن كان متاحاً منذ سنين , ماذا كان سيحدث ... أمور كثيرة كانت أفضل بكثير .. الوقت و العمر ... الزمن .. و التوقيت الصحيح هو من يجعل الفرص ذات قيمة .. أنا الآن فوق الأربعين بسنتين , بدأت الحياة في بلاد الصقيع .. و أقصد صقيع البشر و صقيع الجو , و يبدو لي من المكان الذي أنا به الآن و هذه اللحظة بالذات أنني تأخرت كثيراً و ربما باب الفرصة التي وصلت إليها قد أغلق منذ زمن طويل !!

منغصات العمر , الطاقة التي بدأت بالنتهاء أوجاع الظهر , آلام المعدة , السمنة , سقوط الشعر , ضعف الرؤية و أخرى على الطريق .. التشائمية التي وضعتها كأساس جوهري لحياتي ( لست من وضعها ) و الشعور بالعدم و الفشل و لإحباط ... !! لا أعرف مدى ما يمكنني أن أكتب من ذلك النبع الذي لا ينضب ! إلا أنني متأكد تماما بأنني أبرع في مطه و شده و توسيعه حتى يشمل الكون كله !!

قرأت رسالتك في المدرسة حيث كان لدينا درس في صالة الكومبيوتر و كان لي فرصة أن أفتح الانترنيت و ألقي نظرة على الرسائل التي تنتظر عيناي .. ففتحت رسالتك التي ظننتها من لين و لأقول لك بأني لم أدهش من الاسلوب , فأنا أعرف بأن لين لديها اسلوب جيد في الكتابة كالكبار !! ثم تمعنت بها جيداً و إذ بها من أسامة .. دهشت , حقاً !!!!! فأنا من بعث لك عدة رسائل خاصة و غيرها من الأتاشات التي تكلمت عنها و مع أنني لم أنتظر منك الاجابة فأنا أعلم بما يمكن للوقت و الظرف الذي أنت به و عندما ترجع من البيت منهك من يوم طويل و ممل في المحل .. مدى الاحباط و التعب الذي يهد الجسد و العقل حقاً ... لكنني استغربت الطلب و سأبعث لك إن كان لدي الملف على هذا الكومبيوتر ما بعثته لك و الرسائل التي ربما لم تنجح في الظهور عندك !!!!

و الأمر لا يتعدى سوى أن أقوم بجمع ما كتبته لك من قبل و بعثه لك ,كما قلت لكن ما السبب أو ما الهدف من ذلك أن أبرهن لك على ما أقول أو بأنني حزنت من أنك لم تقرأ ما أكتبه لك , وبأي حال أنت تعرف أهميتك كصديق لي و حبي لك و لعائلتك و لخيركم جميعاً .

أسامة العزيز ..

هل الأمر لا يتعدى تغير المكان أم البشر أم محاولات الانسان العقيمة لتحسين حياته أم ربما الهرب من فشله القديم , ثم لماذا كل هذا الركض باتجاه الغرب و الشمال !!! تساؤلاتي الكثيرة بعد فترة أشعرها كافية لنزع ذلك الغموض , انتهت بأن المعني و هو حضرتي ...!!! لم يقرأ الوضع الراهن و لم يستطع فك أصغر مشاكله , و ربما تستغرب صيغة الكلام و ما يمكن للمعنى أن يظهر بمظهر بأنني قد وصلت الحافة و بعدها الهاوية و أنا بين السقوط و الحيرة بما قد يجره المستقبل لي .. أمور كبيرة حقاً , تلك الحياة التي لم أحاول حتى بالقليل المتاح أن أتناغم مع الجو الحاضر سواء في اللاذقية أم في السويد .. !! أو حتى إذا رجعت للوراء بكثير بريطانية , كانت دائما علاقاتي مع البشر هي من شدتني من أذني نحو اتجاهات أخرى من الجغرافية .. لا علينا ( بعد كل هذا اللعلي الذي ليس له معنى أو طعمة ) ..

أتذكرك كثيراً , و يبدو لي أني حملت من الذكريات أكثر بكثير مما حملت بحقائبي من أشياء !! تلك العلاقات المثيرة و الرائعة و الغنية بين أصدقائي الكثر و المميزين كحضرتك , أسامة الرملي ذلك الصديق الذي أعتز و أفتخر به و لقائه الممتع في كل مرة آت عنده أو بتلك الأمسيات الذي كانت تتأخر لساعة متقدمة من الليل على ضوء التلفاز و أمام الطاولة التي تملئ بالطعام في كل مرة آت بها عندكم ويتم تحضيرها بيدي زوجتك اللطيفة و الرائعة لما, يشاركنا بها السيد باسل و الحلوة لين , كنت أنزل بعد انتهاء السهرة الدرج أو المصعد الذي كنت ترافقني به حتى المدخل مودعاً , مليئاً بالحبور و السعادة و الرضى , كنت دائماً مدعواً و كنت أعرف بأني على الرحب و السعة بأي وقت, و في كل مرة توصلني بها إلى البيت أو إلى بيت أختي منى ..

أما عني فها هو ابني وليم شكيب يمص اصبعه و هو نصف عاري و مستلقي على ظهره و يرفع رجليه تارة و يحكهما ببعض تارة أخرى , ياترى كم من السنين يحتاج ليكبر و يصبح شاباً و لا يعد لي موقعاً بحياته سوى أب أجنبي جاء منذ سنين إلى السويد ثم اختفى !! و يتابع حياته كغيره من البشر هنا , و إذا كان حاملاً الكثير من سلبياتي فأستطيع أن أؤكد لك بأنه لن يسعد و أرجو أن لا !!

كتبت لك الكثير عني , و الآن ماذا عنك , كيف باسل و ما معنى تأجيل , هل هم هناك أيضاً يؤجلون مثل هنا , أرجو له التوفيق يارب .

أما لين الحبوبة الظريفة التي أشكرها على ايميلاتها الرائعة و التي أقرأها لوليم الذي لا يفقه شيئاً !! إلا أنه يضحك ببهلنة علي عندما أقرأ !! و لما التي أشكرها الكثير على كل الأوقات الظريفة التي اقتطعتها من حياتها لأصدقائك و لك و التي كانت على قدر من اللطافة و حسن الضيافة دائماً .. شكراً جزيلاً .

أخيراً و أنا أختتم هذه الرسالة أرجو من الله العلي العظيم أن يوفقكم و يسعدكم ..

سلام كل من كاتارينا و وليم شكيب وأنا رفعت مصري لكم و إلى اللقاء في عدد عفوا حلقة أو رسالة أخرى .

مصطفى حموي


أبو صطيف الغالي ..

على كورنيش اللاذقية الذي كان ذلك الجرف.... جلسنا سوية و تكلمنا .. كلٍ ..ينظر إلى البحر .. و تتلاقى أصواتنا الممزوجة مع هدير الموج أسفل الجرف بأفكارنا و أحلامنا في ذلك الزمان !! نمسك الحصى .. أو ماتتلقفه أيدينا من حجارة و نرمي بها إلى البحر بحركة أشبه بلعن كل شيء على الأرض .. أو تماماً حركة لا شعورية تصف مدى الضجر و السأم و الاحباط الذي ألبسنا حلم السفر إلى الغرب ... أستغرب لماذا !!!!!!!

لماذا لم نبقى سوية لماذا سافرنا جميعاً واحداً تلو الآخر ... هربنا في منتصف الليل كاللصوص من بيوتنا و بلدنا من علاقاتنا الجميلة التي كنا نحياها .. عبد الكريم يوسف أنت و الآخرون ثم أخيراً أنا .. لماذا ! ! ! هل هو نوع آخر من البلاء أم أننا أخطأنا أم أننا بالغنا أو خدعنا أم خفنا بأن نستيقظ يوماً لنجد أنفسنا وحيدين دون أصدقائنا الذين سافروا ... أم أنه خطأ الذين سافروا قبلنا و تركونا !!! ربما .. !!

في الغربة تصبح غريباً حتى عن نفسك .. تضيع هويتك تضيع بين زحام الجنسيات الغريبة وأشكال أخرى من البشر .

... أنت أنا و ...الآخرون ..الجميع .... من تركونا أم من تركناهم .. جميعنا متهمون بالتخلي عن أصدقائنا عن تلك العلاقات التي طالما تغنينا بها و قطعنا عهوداً بيننا بأن لا نفترق ... يالها من مؤامرة مؤامرة أحلامنا و أفلام الغرب و البورنو و الرسوم المتحركة و أبطال هوليود .. صنعت لنا أحلامنا بأن لوحة الغربة الجنة المفقودة السيارة التي حلمنا بها و المال و .. و...و . هل هذه السعادة المنشودة .. هل هذا مطلبنا .. على الأقل ليس مطلبي و لم أعمل به للآن !! أبو صطيف ... رويداً رويداً و من ثم نموت .. الآن 43 ثم 53 ماذا يبقى منا رأس دون أحلام دون ذاكرة كاش أي فرش بل ذاكرة تتقيئ أيام السبعينات و الثمانينات .. أنظر لبول مكارتني أو رنغو ستار بعد موت جورج و جون .. لا زلنا نحن نتخيلهم أربعة نسمع أغانيهم للآن عندما كانوا ذلك الزمان .. وقفنا عند الثمانينات و بدأت أحلامنا تأخذنا بسبات شتوي ... لا زال مصطفى بالنسبة لي صديقي الذي ظهر بالسنيما و هو يدخن على الكورنيش القديم لا زال أبو سويس ملك الفتة و ليس الصوفي بالنسبة لي هو أفضل ما يمكن لك أن تشرب من عنده كوكتيل .. الصليبة لم تتغير بالنسبة لي لا زالت ذو أقبية و ناس بسيطين .. لا زال الكورنيش القديم في عقلي تماما كالكورنيش الذي يظهر بالسنيما .. نحن تجمدنا في أيامنا الجميلة القديمة و بقينا صغاراً لا نكبر حتى نسافر .. هذه هي.... سافرنا ... يالمتعة الغربة و يا لرفاهية الحياة و كرامة الإنسان التي تفوق الوصف .. ماذا جنينا .. أو لأقل عنك ماذا جنيت .. أوهام و قتل عمرك بعيدا عن ما تحب ,, أمك و أخوتك و أصدقائك الذي كما أنت هم ..

أشتاق لذلك الموتور الذي انقطعت فرامله و دخل في الباص , ثم تلك الفليفلة المكبوسة مع الزيت و الزعتر على السطح مع سهيل و بقية الأصدقاء كم كان ذلك لذيذا و ذو نكهة خاصة جداً .. لكن دائماً كانت مشكلة الشاي الذي لم تجد صعه ن أمك للآن

ذهبت تلك الأيام .. ماتت دفنوها تحت اسفلت الكورنيش الجنوبي و أرصفة ميناء اللاذقية الجديد و بين 40*20 خفافات عمارتكم .. ذهبت دون رجعة ... و الحلم الذي حلمنا به .. تحقق ... لكن وا أسفاه بعد أن تعفن ...

إلى مصطفى حموي الغالي كوكتيل من المشاعر و الحب من صديقك الغارق في طين الذكريات .. رفعت.

عبد اللطيف أبو شامة


السويد .. تحديداً مدينة سودرتالية التي تقع في الجزء الجنوبي الساحلي من العاصمة استوكهولم التي تبعد عن المدينة المذكورة حوالي نصف ساعة بسرعة 80 كم \ ساعة .. أكتب لك بعد أن قررت و منذ أكثر من أربع أشهر أن أبدأ رسالتي لك أيها الصديق العزيز ..!!

عبد اللطيف أبو شامة المحترم .. صديقي الطيب .. كيف حالك و الجميع من حولك العائلة الكريمة و البنيات الثلاثة اللطيفات .. !! أرجو من الله أن يكونوا و تكون في أحسن حال !!

.. أما بعد ..

البارحة حاولت الأتصال بعبد الكريم لكني لم أوفق و لأول مرة في الأتصال به , فمنذ ثلاث أيام تكلمنا كثيراً حكى لي عن اللاذقية التي أحب و عن الأصدقاء الذين أحيا بهم هناك .. الكثير مما تكلمنا عليه و نتكلم في كل مرة عن نفس الموضوع الغربة , المال النجاح العمل , سيارة صغيرة و بيت أنيق و مشروع يدر عليك ما يسترك بشكل جيد , أحلامنا الصغيرة ما زالت صغيرة , تكلم عن البيت الذي اشتراه و العمل و الفرص الكثيرة التي في اللاذقية !! كنت في كل كلمة أسمعها أتذكر جميع الأصدقاء , أتذكرك كيف قضينا في بعض الأيام سهرتنا على بقعة خضراء في المدينة الرياضية و مما جلبته معك من كولا و عصير و مناقيش لم تقبل أن أدفع أنا الثمن .. نعم .. أتذكرك بحب و اشتياق و لك في قلبي المكان الكبير , فأنت صديق عزيز و غالي !!

و لأنها أول رسالة سأكتب باختصار ما جرى خلال هذه السنة التي انقضت و فوقها شهر و أنا في مكاني راوح على تراب الأراضي السويدية , لدرجة دخن البوط الذي ألبسه .. لا أعمل , و هذا من أسوء الأسباب التي تجعلني أشعر بعدم جدوى البقاء هنا , و الذي تغير في هذه السنة و لادة أبني وليم شكيب المصري عمره الآن 4 أشهر و نصف , مما جعل الأقامة أكثر سوءاً و تعباً , حيث لا النوم و لا الراحة من المتوفر أيضاً ..

المدرسة التي أداوم بها ساعتان و نصف يومياً ستنتهي خلال أسبوعان حيث سأخضع لأمتحان رسمي ينهي مرحلة محو الأمية السويدية و يسمونه القاعدة أو الأساس الذي تستطيع به أن تتفاهم و بشكل مقبول مع أقرانك السويدين .. طبعاً يأبو اللطف كذب فأنا للآن أغبى من أن أتكلم العربية من خجلي مع الناس الذين لا أعرفهم .. أو أن أسأل عن شيء ,,!

و إقامتي خلال هذه الفترة هي بثلاث مراحل حمل زوجتي ( مرحلة نمو الجنين ) الولادة القيصرية و مجيء وليم شكيب .. ثلاث لم أعمل أي شيء خلالهم سوى الأتصال بالأصدقاء في الولايات المتحدة , لم أتصل بيوسف و ربما اتصلت مرة ووعدني هو بالأتصال لكنه كما نعرفه جميعاً لا يحترم مواعيده !!

عبد الكريم دائم الأتصال بي أو أنا اتصل به إن لم يتصل !! و ما تبقى من الشباب لا تعرفهم ,, فهم منتشرون في أصقاع الأرض كندا أوروبة استرالية و المريخ .. صدقت ... عم بمزح و لووووو ...

الغريب في الأمر أن ما حصل معي في حياتي أشبه بنكتة سيئة الإخراج لكنها تضحك الذي يحكيها فقط أما الآخرين قينظرون إليه مخبولين بالمعنى لأن لا معنى مطلقاً يمكن فهمه أو ايجاد أي رد فعل عليه .. !!

عبد اللطيف العزيز .. ما يجعلك هنا تسأم الحياة .. هو فقدانك لمعنى الاستقرار و أعني بهذا أنك تحيا هنا و كأنك سترجع غداً إلى البلد و لأنك لا تصدق بأنك ستستطيع أن تتخلص من ذلك الحنين الذي يقتلك شوقاً لكل شيء كرهته هناك !!

النهار هنا هو عبارة عن الفرصة التي كنا ننتظرها في المدرسة الابتدائية , ما أن تنزل و تشرب يدق جرس انتهاء الوقت , إنها قصيرة لدرجة أنك دائماً تخطأ اليوم الذي تسأل عليه و ربما بأكثر من يومان أحياناً و يزيد ذلك عدم اشراكك في نشاطات انسانية مختلفة كالعمل و لقاء الأصدقاء و آخر من كان يستطيع ذلك هو أنا .. محسوبك البهيم .. !

أتسائل أحياناً , حتى عندما كنت في اللاذقية , لماذا حلمنا بالغرب دون أن نعرف عنه سوى أفلامه و دعاياته و أغانية , الثقافة التي يحملها الغرب إلينا هي مختلفة تماماً عن ما هو واقعي و حقيقي , نعم يا صديقي الذي يركب الدراجة و يهرب من اليابسة إلى البحر حاملاً في جعبته ذكريات أمريكا و آلاف الإختلاجات لقلب ينبض لكل ما هو جميل و ناعم .. إلى صديقي عبد الطيف , آلاف التحيات و الشوق الكبير لك ..

سلام لعمر جوني الصامد في وجه المد الأمريكي لأحلامه .. و من تلقتي من الشباب لهم مني أحلى سلام ..

كيف كان صيف اللاذقية هذا العام , لم أكن به هناك ..! وهو رابع صيف منفي مني .. أولهم في سنة 83 كنت في بريطانية و 84 في سجن تدمر العسكري و 2001 و 2003 في السويد .. و مع إني لا أحب الصيف و الشمس إلا أنني افتقدته حقاً ..

صديقك رفعت

شعر .. اقرفوا


هرعت إليها ..

ماراً بكل تلك الذكريات الخبيثة ..

التي ألفتها مرارا…

عندما أحتاج إليها

دافئة وملتهبة …

مررت أيضاً بكل الأصدقاء الذين لم أراهم منذ مدة

وتلك الفتاة التي أخيراً ابتسمت وكأنها تدعوني دعوة وحيدة لا تكرر

مازلت مسرعاً وسط كل هذا الحشد .. الذكريات … الاشتياق الأصدقاء … و الفرص التي لن تتكرر

لم أر سيارة اجرة … كان لدي فقط موعد …. وفتاة شهية ..

.. و أرجل لم تعد صالحة للمشي ..كانت ككل الأعضاء البشرية صالحة للعطب والتعفن

كان لهاثي واضحاً.., فأنا لم أعد شاباً و الأندلس لن تعود ..

كان علي أن أفتش عن ذكريات مختلفة ….

و اصحى

فنجان من الشاي

والقليل من القراءة ومراجعة الصحف القديمة كافية ليوم غائم و….ذكريات قديمة ..

28/07/98 05:23:35 م

كان كل شيء دافئاً

حتى فنجان الشاي ذي الأحرف المكسرة

الهمسات والعتاب

كلمات الشعر و الصور الفوتوغرافية القديمة ذات الألوان الباهتة

الثياب و الشموع

الرائحة و الشفاه

العناق والقبل

كان كل شيء دافئاً

الفراش والمياه والعطر …. لم يبقى لقلبي سوى الهرب ..

فتحت الباب فلفحني هواء مثلج وعدت الى الوحدة ..فرحاً .

28 يوليو،

جاءت محملة بأحزانها الكبيرة

ومعها ولدان من رجل لم تعد تذكر منه سوى اسم لا يعني لها شيئاً

دخلت بيتي ليومان فقط

ذهبت محملاً بأحزانها

اما ولداها فقد كبرا ولم تعد بحاجة لشخص لم يعد اسمه يعني لها شيئاً ..

28/07/98

رتبت البيت

أخرجت كل روائح النساء و ما تبقى من ثيابهن الداخلية

كتبت كل ماخطر ببالي من كلمات تصلح لها على ورق قديم

تركت السرير كما كان منذ آخر زيارة لها

وانتقيت الموسيقى والنبيذ التي تفضله

ورقصت وحيداً حتى آخر قطرة من تلك الزجاجة الجميلة …

ولأول مرة كان حلمي مليء بها ..

كان ذلك منذ زمن لم أعد أذكر منه سوى زجاجة فارغة وأوراق شعر مبعثرة أقرأها بين الحين والآخر … و

أبكي هكذا ذهبت دون وداع دون قبل

هكذا بقيت دون وداع دون قبل

لم تأت و أنا لم أرحل ..

29 يوليو، 1998

يخطر لي أحياناً .. أن آت بآلاف الكتب لاقراها

وآلاف من النساء .. لأحبهن

يخطر لي أحياناً

بأن اسمع صوتك ……و أموت !!!

‏05‏ حزيران‏، 2007

على صفحات الأيام الآتية ..

كما على تلك التي مضت واصفرت

كان علي أن أخطو نحوك عارياً حافياً

مجروح بألف طعنة وألف احباط وألف فشل

على صفحات أخرى لأيام أخرى

أرى نفسي وحيداً دونك ارقب البحر الكبير وهو يبكي

دمعةً اثر دمعة

هذا تاريخي عليك الف لعنة وعلي الف تبريكة

هجرانك الكبير نسي بل أصبح رماداً يلون الريح بذراته

كم كنت قاسية اعتباطية لا تعرفين للحب معنى سوى معنى واحد المتعة لشخص واحد

أن نكون عظيمين يحتاج المرء إلى أكثر من اهرام ومقبرة عظيمة .يحتاج المرء أن يؤمن به عظماء ..

...

يخيل لي بأنني رجل لا يملك ناصية قلبه

أو بأني رجل لا يملك قلباً

لكن ما أعرفه .. ما أتذكره .. بأن آخر دقة سمعته من هذا .. كان صوتك ..

بعدها رجل لا يعرف طريقه .. تائه ..

ساداً أذنيه .ويحلم

....

كان علي أن لا أكون ما أنا عليه الآن ..

انسانا .. يأكل ويشرب ويحب

انسانا يأكل ويشرب

انساناً لم يحبه أحـــــــد ..