٢٠٠٩/١٢/١٥

أصدقائي في السويد ..



إعمل الخير لأصدقائك يزيدوك محبة، واعمل الخير لأعدائك ليصبحوا أصدقاءك.
( تولستوي )

في السويد ... يعيش البشر حالة غريبة من ترتيب الوقت .. نهارهم قصير .. عملهم طويل .. التزاماتهم, تقضي على ماتبقى من وقتهم .. لايبقى لعلاقاتهم مع الآخرين أي قضمة من شطيرة الزمن الصغيرة ... لكن عند الأجانب وهم بما فيهم العربان والغربان .. يبقى لعلاقاتهم مع الأصدقاء نصيب ما .. قضمة على الاقل من هذه الشطيرة ... هنا سأسرد بعضا من طعم الاصدقاء ..!!

نـــــــــــور

عندما قررت زوجتي شراء سريرين متراكبين للأولاد لتزيد مساحة غرفتهما, لم اعلم بأن ذلك الاجراء سيتبعه عمليات شراء وتغيير جذرية في البيت لم تنته لوقتنا هذا اي بعد شهرين .. اشترينا السريرين مستعلمين .. فككتهما ثم نقلتهما ثم عملت على تقليل عرضهما لبتناسب مع قياس عرض الجدار وتركيبهما مرة اخرى .. ثم رجعت البيت لأرى في اليوم التالي ان المكتبة التي احتفظ ببغض ثيابي واغراضي بها, في غرفة نومنا, قد انتقلت الى غرفة ولدي ... وأصبحت الثياب وبعض الاغراض التي كنت احتفظ بها في الخزن السفلية, مرمية على الارض بجانب السرير.. كانت طلب زوجتي التالي شراء خزانة ثياب ... !! بارتفاع 236 سم .. بدأت البحث في النت على خزانة تناسب ذوق زوجتي .. الاولى جلبناها من أخر استوكهولم .. لم أتكلم عن ضياعي والضغوطات النفسية والعصبية التي تصيبني عندما اقود أي شيء داخل استوكهولم .. كحالة نفسية نتجت عن عدة حالات من التيه في شوارع استوكهولم بسيارة شاحنة ترتفع عن الارض فوق الاربعة الامتار .. !!
... قررت زوجتي ان الخزانة تناسب المدخل .. ثم بدا البحث مرة اخرى عن خزانة مناسبة لغرفة النوم التي لازالت معظم مساحتها مفروشة بثيابي ..

مساء... اقنعت زوجتي بخزانة تناسب ذوقها وسعرها بالنسبة لي .. لكنها بعيدة حوالي أكثر الستين كم عن مدينتي ..
كانت الساعة حوالي الخامسة بعد الظهر ..
السماء ملبدة بالغيوم وضوء الشمس الضعيف.., لم يستطع في تلك الساعة, ان يخترق جدار السحب الرمادية .. العتم ينشر لونه الكالح فوق البيوت والطرق الخالية من الانارة .. والمطر يهطل .... اتصلنا بالمعلن واتفقنا معه على ان ناتي بها اليوم بناء على طلبه .. وخوفا من ان تباع لغيرنا .. وافقنا على ان نأتي ونحضرها .. لكن وبالتجربة التي سبقتها مع خزانة ذات حجم اصغر .. رأيت أن سيارتي الضخمة ذات المحرك الذي يزرب وقودا أيضا, لاتستطع مساحتها الداخلية وتصميمها ان يتسع للخزانة المنشودة .. فاتصلت بنور .. نور صديقي منذ مايقارب ال7 سنوات .. اي انه اول صديق اتعرف اليه وهو زميل لي في دورة اللغة السويدية .. كتبت عنه الكثير في اولى ايام المدونة ...!! نور شاب عراقي في الثلاثينات من عمره .. شاب شهم بحق .. أثبت ولعدة مرات شهامته... سواء بتلبية اي طلب يطلبه منه اصدقائه او بمساعدته لاشخاص عدة ... ولن انسى أنه يعرض مساعدته الغير محدودة, الا بامكانياته, في اي مساعدة أطلبها .. !! كان منها عروضه لتوصيلي الى مطار كفيستا بمنتصف الليل كما أنه من ساعدني في أن نذهب سوية وبسيارته للبحث عن قطعة غيار لسيارتي, التي لم اجد منها في اي مكان باستوكهولم .. وعندما أخذني لمقبرة السيارات .. بالفعل وجدت القطعة وبقي معي حتى أخذتها "فككتها من سيارة مشابهة لموديل سيارتي " وأرجعني البيت ...!!
لم أتردد .. أعرف باني أمون على أن أطلب منه أي شيء .. العلاقات التي تشعر بأنك على مقربة من الشخص بحيث تستطيع ان تطلب منه أكثر من اخيك ذاته .. اتصلت به وقلت له

ان كان في استطاعته أن يساعدني في ذلك .. أي ان يأتي بسيارته لانها مجهزة بحوامل سقفية .. !! كان قد أتى لتوه من دورة في استوكهولم .. فقال لي امهلني 20 دقيقة لاكون في انتظارك عند باب بيتك .. لم يقل كلمة أخرى .. لا إلى أين ولا حجم الخزانة .. كان جوابه أستطيع فعل مابوسعي لاساعدك .. !! وبالفعل .. جاء نور بعد اقل من 20 دقيقة .. تاركا طفله وزوجته بالبيت, آتيا بسيارته .. عرضت عليه أن أدفع على الاقل الوقود .. لم يقبل أصريت على ذلك مرتين وثلاث .. لكنه قال لي في النهاية .. عيب عليك رفعت .. ماذا خبأت للسويديين "بمعنى اننا عربا واصدقاء ولسنا كما يفعل السويديون" ..
حمل معي الخزانة ساعدني في تفكيكها ووضعها في سيارته وتكلمنا وضحكنا في الذهاب والاياب .. أوصلني البيت وساعدني بادخالها وودعني .. شعرت بقطرات المطر تسقط على رأسي وأنا انتظر ليركب سيارته ويقودها عائداً إلى بيته .. لوحت يدي له مودعا .. كانت سيارته تبتعد وتختفي تدريجيا في الطريق المائل نزولا, بعد البناء الذي اسكنه ... وضعت يدي في جيب بنطالي المتسخ .. ووقفت تحت رذاذ المطر الذي انعش ذاكرتي بشريط طويل من الذكريات المشتركة بيننا .. ضحكاتنا واختلافاتنا وفي بعض الاحيان خلافنا الذي طال اكثر من سنة منذ 4 سنين .. أشكرك نور .. لأنك صديقي .

أبــــــــــــو علـــــــــي

تعددت أوجه علاقتي مع جاري أبو علي .. فهو أقرب الاشخاص إلي .. باعتبار أنه يسكن فوق مسكني بطابقين .. !! أي انه جاري .. وصديقي .. ونشترك بمناقشات تغني جلساتنا المتعددة وهو من القلائل الذين أتناقش معهم امور حياتي حتى الحيمية منها .. !! يدعوني دائما .. لأماكن عديدة .. صالات ومطاعم وامكنه .. تعرفت على معظم مناطق استوكهولم بمعيته .. ياخذني بسيارته ونتناول الشاي في منطقة ما .. نعبر عدة مدن .. عدة بحيرات وحقول .. نحتسي الشاي هنا وهناك .. أبو علي له فكر خاص وجاد .. استمتع بمرافقته وافتخر بصداقته .. انه يزيدني عمرا وخبرة .
حين قررت الذهاب الى اللاذقية كان ابو علي من المشجعين على ذهابي .. بل وساعد لعدة مرات في مساعدتي لشراء الهدايا في الامكنه التي يأخذني اليها .. أن عددت ما فعله ابو علي ,, لطال الشرح .. لكن .. لابو علي نوعيه خاصة وخاصة جدا في اظهار اهتمامه .. لناخذ مثالا عن ما فعله لاجلي في الآونة الأخيرة حين علم أنني أريد حقيبة كبيرة ..
عندما .. بعد ظهر يوم ما .. دق جرس الباب .. ففتحت .. كان ابو علي ومعه كيس بلاستيكي كبير .. رحبت به ودعوته الى ليدخل المنزل .. كان المنزل خاليا من الجميع ماعداي .. قال لي .. هذه لك .. افتحها .. .. بدات في فتحها .. كانت حقيبة قماشية رائعة .. قد اشتراها لي من مكان بعيد .. لأنني كنت اتحجج في عدم ذهابي بانني بحاجة لشنطة سفر كبيرة وخفيفة .. كانت الشنطة رائعة .. وأبو علي رائع أيضا ...... لكني لم اسافر .. بل بقيت انتظر ابو علي لشرب الشاي بقرب بحيرة او ان نزور محلا مليئا بنوستالجيا وبشر وروائح .... !!

أحمــــــــــــــد ..

ابن بلدي .. وصديق استوكهولم .. هو واخيه بلال .. أنام عندهم في اي وقت أريد .. انا المرحب به دائما كما يقولون ...!! آت كضوء برق .. لايسبقني شيء .. اكون في استوكهولم فاتصل لألتقي به او بأخيه بلال .. نتصل يوميا نتناقش عن الغربة عن العلاقات بين البشر .. عن الله والانبياء .. عن دور الحكومات عن المؤامرة .. عن امراضنا عن النساء .. عن كل شيء ..
اتصل بي منذ اسبوع قائلا .. رفعت لقد اتيت لك بخفافة رياضية .. هكذا .. دون ان اوصيه لكنه يعرف بانني أحب هذا الموديل .. فجلبه لي ..الشيء الذي اعتبرته اهتماما .. هو ان الأصدقاء لايحتاجون للكلام .. انهم يعلمون ماذا يريد الآخر .. حقا .. أصدقاء
سأتكلم عن البقية في بوست اخر