٢٠٠٧/٠٧/١٣

اليوم الثالث


اليوم الثالت

لم يكن مكتب قطع التذاكر للعبارة التي ستنقلنا لألمانية قد فتح ابوابه, فلا زالت الساعة لا تتعدى الخامسة صباحا بعد قيادة طالت ال11 ساعة متواصلة حيث اصر طارق على الوصول الى مبتغانا بلغاريا دون توقف حتى أننا لم نر العاصمة الدنمركية !!

أول وجباتنا في الرحلة ..

أخرجت بعض الاكياس وانتقيت منها بعض الخضار و الجبنة و المرتديلا و كان بودي ان يكون الفطور مرتبا نجلس بعد الارهاق من القيادة, لكن الشباب كان لهم رأيا آخر!!

كان من الافضل لي ان أخرج من السيارة التي بدأ طارق بالتدخين فيها, حيث أنني لا أحتمل التدخين بعد اقلاعي عنه منذ مدة طويلة.

لا أعرف إن كانت لحيتي التي لم أشذبها منذ زمن أم أن رجل الامن الدانماركي الذي أتى باكرا في طريقه الى المكتب, هي السبب ليقترب مني و يحيني, فحييته, ثم بعد دقائق اتجه نحوي و سألني لماذا أقف هنا فقلت له اننا ننتظر المكتب ليفتح !! قال لي يجب ان تتحركو من هنا الى مدخل السفينة التي تبعد حوالي ال500 متر.. لم يعرف طارق ذلك, وأن شراء البطاقات للعبارة يجري عن طريق بوابة العبور للساحة التي تتجمع فيها السيارات.. وهذا الذي حصل.

بعد دفع حوالي ال 900 كرون اجارا للعبور الى المانية ودخولنا للعبارة وهي تجربتي الاولى في الابحار مع السيارة وكان ذلك مسليا نوعا ما !!

في الساعة السابعة ابحرت السفينة متجهة الى روستوك و هي المدينة الالمانية التي تقابل غودسر الدنماركية.

في قاعة المقهى في العبارة وعند جلوسنا على المقاعد اصبح كل واحد منا يقلب الافكار ويحلل الرحلة و المتوقع منها !!

أصابنا منذ البداية نوع من الخيبات و الانتكاسات, أنا الذي لا احتمل التدخين و لا التعليق على سياقتي عندما تتجاوز السيارة خط المنتصف المتقطع, الذي اصر طارق على انه يضغط نفسيا و يرتعب كلما تجاوزته, لكن عندما قاد هو السيارة كانت قيادته للسيارة اشبه بقيادة السكارى وذلك عندما صعدت السيارة و لمرتين رصيف الشارع عندما دخلنا غودسر ...

في العبارة البحرية يوجد طبعا مطعم و مقهى جلسنا في المقهى وشربوا الشباب القهوة وانا ربع فطور دون شاي.. أما طارق الذي بدا عليه التعب و العصبية لان بيع الدخان ممنوع حتى الساعة العاشرة, حيث اضطر اخيرا ليخرج على السطح ويستجدي لفافة تبغ ..لكنهم لم يعطوه !!

في خضم ذلك بدت لي الرحلة غير مفهومة بهذا الشكل وأعني بذلك أن نقود تلك المسافات الى بلغاريا دون الجلوس بمقهى او مطعم أو أن ننام باوتيل,على سرير ما, وخصوصا أن المطر كان كالسيل لا يتوقف,

أثرت موضوع التوقف في المدن الجميلة عندما نمر بها او بجانبها و ان يكون موضوع النوم مرتبا بطريقة ان لا نضطر على الاقل الى النوم في السيارة وصولا الى صوفيا عاصمة بلغاريا. وتكلمت مع مصطفى الذي وافقني ومن ثم تكلمنا مع طارق الذي رأى أنني لا احتمل المغامرات ,

" أي مغامرات !!" هل قال له احد بأنني مغامر, لا شك بأنه اخطأ الشخص!!

طارق الذي قبل بالتوقف إما في برلين إن نجحت بالاتصال بسامر جازة, أو برغبة مصطفى الذي قال سنقف ببراغ عاصمة التشيك وهي الدولة اللتي سنمر بها في طريقنا للجنوب .

تلفنت لسامر عند اقترابنا من برلين لم يرد احد. كان موبايلي لايعمل بسبب عدم تمكني من اختيار ميزة به, جربت بموبايل طارق ايضا لا احد ثم تلفنت لأخيه سليم الذي رحب بي قائلا حولوا الى دوسلدورف وان سامر الآن مشغول بدورة تدريبية .. قفزنا عن اقتراحي بدخولنا برلين و أكملنا الطريقنا إلى بلاد التشيك, براغ.!!

لم يسألنا أحد عن وثائق السفر او أن ينظروا لنا على الاقل عندما نمر ببوابات البلاد قبل الوحدة الاوروبية , كان ضوء أخضرا دائماً. أما في التشيك أوقفونا و تفحصوا وجوهنا. وصلنا اليها في الخامسة, كان نهر فلتافا العظيم يرافقنا طول الطريق المؤدي لبراغ. قلت للشباب مازحا .. هذا فلتافا النهر الذي تعرفت اليه من بطاقة بريدية من حبيبة جائت هنا ابان مشاكلي بالعسكرية, وبقي اسم فلتافا و البطاقة البريدية مزحة تطلق على كل نهر وجسر رأيناه حتى انتهت الرحلة ..

براغ .. جميــلة جدا .. بل رائعة بكل ما فيها .. مبان ام بشر .. سياح من اطراف العالم وبكثرة . يظهر للزائر وبشكل واضح جدا أن التشيك يعتمدون على السياحة. من الاشياء الغريبة عند وصولنا مركز المدينة كانت تلك الفتاة الجميلة التي ارتدت ثوب يصل تماما الى الثلاث سنتيمترات أسفل مؤخرتها وبدا واضحا ان الفتاة لم تبذل جهدا كبيرا في اخفاء انها لاتلبس تيابها الداخلية.. !! وبما اني كنت السائق آنذاك فلم أتردد في ادخول الى طريق ممنوع لربح المزيد من الوقت للنظر الى هذه الجميلة الجريئة وخلفها ليس قليلا من جموع قد أثارتها غرابة الامر.

أمام أوتيل رائع ملئت السيارات المواقف التي ربما خصصت لهم كنزلاء وكان هناك بالصدفة سيارة تتأهب للخروج فوضعنا السيارة هناك مؤقتا ريثما نقرر الذهاب الى مكان آخر لتأكدنا ان الموقف ممنوع او غير مجاني على الاقل !!! اقترح طارق اننا يمكننا رك السيارة و استطلاع المركز قليلا و مع اعتراضي على ذلك "كالعادة" وافق مصطفى على ذلك مع المخاطرة في مخالفة.. !!

براغ جميلة جدا .. سياح .. أبنية .. جمال فتياتها التي ذكرتني بكاميلا احدى الفتيات التي احببتهم في حياتي وكانت من ام تشكوسلافية .. كان واضحا ان الجمال يشع من كل شيء .. المحلات التي غصت بالبشر و الكريستال المشهورة به تشيكيا ويطلق عليه البوهيمي عنا .. و ممع أن المطر لازال غزيرا ونحن نقفز كالمجانين من زاوية الى اخرى, محاولين أن نتجنب تلك السيول وذلك بالوقوف بمداخل المحلات المسقوفة .. تمشينا الساعة في المركز وفجأة دخل طارق و مصطفى ليسألا عن سعر الليلة في اوتيل صغير, كانت الساعة قد تجاوزت الثامنة.

عندما خرجا من الاوتيل كانا قد قررا النوم وقالا لي انه بحمامات مشتركة الامر الذي يغيظني في الاوتيلات الجيدة اذا كانت الحمامات غير نظيفة فما بالك بالمشتركة, مما أثار سخطي بأنهم لم يسألوني اولا و أنهم أخذو قرارا دوني و كاني لا أوجد بينهم ومع أن طارق كان منذ البداية معارضا على اوتيل بمنتصف المدينة إلا انه قرر ذلك لانه لم يعد يستطيع الاستمرار في ان نذهب لمكان آخر من التعب .. أما السيارة التي رجعنا اليها و التي لم نجد مخلفة عليها لحسن الحظ قد قررا ثنائيا أن تبقى مكانها معللين ذلك أن السيارات السياحية لا تخالف لتشجيع السياحة.. أثارني ذلك التناقض لدرجة أحسست بفورة من الغضب وبدأ هنا أول خلاف حقيقي, حتى أن مصطفى قال لاحقا لقد اخفتني.. !!!

كان الاوتيل ظريفا أكثر بكثير مما توقعته و الحمامات كانت نظيفة .. تحممت ثم رتبت السرير الذي سأنام عليه و استلقيت أفكر .. أي ورطة وقعت بها .. لست باعمارهم و أنا لست مغامرا كما يحسبون .. كانو قد جاؤوا بطعام من السيارة و بدؤا بالاكل كالعادة في العسكرية او في المعتقلات .. اليست مغامرة !!!!!!

لم أستطع أن أجاريهما و أكل غصبا عني لأريهما أنني لست مهتماً و أننا على وفاق !! نمت