٢٠٠٨/١١/٢٩

فوربيري .. والموبايل


أول البارحة و كان لي اكثر من اسبوعين لم اخرج من البيت لعدم وجود أي عمل ولحالة نفسية تعبة من كل شيء , وشعوري بكآبة عميقة جراء مايدور في حياتي .. حالة من الضجر والعقم قوية أحالت أيامي الى نوع من الجحيم ,, قررت في هذا اليوم أن أخرج إلى استوكهولم بعد اصرار احمد صديقي للقائه في استوكهولم.
تحممت ولبست وفي طريقي للخارج تذكرت انني لا احمل موبايلي .. فرجعت وترددت في اخذ موبايل واحد فقط, فانا في الآونة الأخيرة اضطريت أن أجدد موبايل السيارة لعدم تجديد بطاقة الدفع وشراء بطاقة جديدة للأتصال خارج السويد باسعار تشجيعية. وأصبح في البطاقة مايمكنني بوحداته المتبقية ان أتصل بسوريا ربما 4 ساعات, فظننت أنني ربما سأتصل بسوريا وأنا في طريقي الى استوكهولم حيث أستقل قطارا يوصلني للمحطة الرئيسية. وهكذا أخذت موبايلي الثاني وهو الرقم الذي استعمله ويعرفه أصدقائي. عند خروجي من البيت انتابني شعور فظيع بأن أحد الموبايلات سأفقده .. قلت في نفسي, لا بد أنني اصبت بحالة نفسية مرضية بسبب احاسيس كهذه , وحاولت أن أبعد تفكيري قسريا بغير شيء .. إلا أنني عندما وقفت بجانب أحدى اشارات المرور الضوئية وقفت بجانبي فتاة شرقية تتكلم على موبايل أي فون الذي يعجبني كثيرا, هذا أرجعني للتفكير مرة اخرى انني سأضيع واحد من الموبايلات !!
وفي طريقي الى استوكهولم , تلفن لي صديقي أبو علي الحبيب , عارضا علي رحلة صغيرة الى احدى الاسواق التي تبيع أغراضا قديمة . وهي السوق التي تسمى فوربيري والتي اعتدنا أن نذهب اليها سويا كلما عن على بال صديقي دانيال تغيير قليلا من الرتم اليومي في البلدة التي نحيا بها !! أجبته بكل تأكيد فانا سأرجع بالقطار العائد الى البلدة فورا. وهذا ما حصل ..
هاهي الدقائق حتى التقيت بأبو علي صاعدا سيارته.
خلال الساعة كنا في فوربيري و البلدة التي انتقل اليها هذا السوق بدلا من بلدة اسمها شارلهولمن والتي اصبح مكان سوقها القديم مركز تسويق حديث ومن اكبر المراكز التسويقية في منطقة استوكهولم الكبيرة ..
سوق فوربيري للمواد المستعملة .. لا اعرف ماذا سأصف أحاسيسي المتنوعة الألوان . مزيج من ذكريات و روائح , بشر متنوعين .. فهاهم الافارقة واللاتينيين والمتوسطيين والعرب والاوربيين الشرقيين .. مزيج من النساء والرجال, يتمشون في ممرات يرسمها العارضون بطاولاتهم التي يعرضون عليها ما يمكن للآخرين شرائه أو خداعهم به !! ادوات صناعية , جرائد قديمة و اشرطة كاسيت وسيديات واسطوانات فنيل الموسيقية وربما الفحمية منها والتي بدأ بها عصر الاسطوانات الموسيقية .. ثم الالبسة والاحذية وصولا للالكترونيات والكومبيوترات والهواتق النقالة .. كل شي حتى المفروشات .. لكن لا سيارات ولا دراجات بنوعيها النارية والعادية !!
أتمشى بين هذه الطاولات فتمسح عيني مايمكنها رؤيته واختبار احاسيس غريبة تتفاعل بي , فهاهي مجلات السبعينيات برسونها الرائعة التي اعتدت قرائتها, مثل سوبرمان وميكي ماوس والبرق والوطواط .. ثم تلك الالعاب المعدنية التي ترجع صناعتها وموديلاتها الى حقبة من طفولتي .. يا الله كم تنتابني مشاعر الماضي بتلك اللحظة فارجع مراهقا, يتمشى بشوارع مدينتي اللاذقية .. مشاعر لذيذة حقا ..
بعد أقل من الساعة نلتقي مجددا عند الباب فنتمشى الى السيارة متبادلين الحديث عن أين يمكننا أن نحتسي الشاي وبعض الحلويات, فاتفقنا على مركز المفروشات ايكيا الذي به عدة مقاهي , احداها, هي المفضلة عند ابو علي ..
ركبت السيارة وأنا أفكر بأن من المستحيل أن افقد الهاتف حين مددت يدي لاتلفن لصديقي!!! .. لقد اختفى .. او سرق مني بواسطة أحد النشالين هناك ..
لا أعرف إن كان البشر حين يتقدم بهم العمر, تزيد الحاسة السابعة قوة , فيمكنهم التنبوء ..أم أنهم بقدر ما يفكرون بشيء ينقلب الى واقع .. فأنا المتشائم طوال عمري .. فما النتيجة ياترى ؟؟؟؟