٢٠٠٧/٠٦/٠١

مرحبا6






مرحبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا 6 !!

مسلسل المرحبا ذو الأفكار المكركبة.

و لكن لتعرفوا شيء أساسي بأنني حقاً أعيش معكم لحظات و دقائق أيامي و سنيني هنا.. , اخوتي ,منذر ماهر مرام منى مصطفى و محمد ومصدق , جرجس و علي و مروان ومالك, عبودة, طارق, وسيم و فادي و عدد لا يحصى من البشر, من حقاً خط على مسار عمري الماضي قليل من الحب.

اليوم صباحاً استيقظت على صوت من الماضي, كان واضحاً نقياً كنجمة الصباح, أصدقائي و أهلي , أمي و أبي, أخوتي, مدينتي و ذكرياتي , أولى خطوات طفولتي و مراهقتي و مراهقتي "فأنا لم أعرف بعد ماهي رجولتي" تجاربي الجنسية و معارك مشاعري و أحاسيسي. .. . . . . !! انهالت علي أفكار الماضي دفعة واحدة . و عيناي مفتحتان على مصراعيهما دون أن أشعر بالمكان أو أن أسمع صراخ ولداي وليام و فكتور. بقيت في مكاني ممدداً على ما يحتله جسدي من الفراش.

كيف يمكن للبشر أن يرحلوا من محيطهم من سمائهم و من تاريخهم . ما الذي يجبرهم على الرحيل!! هل هو ما فسّره ابن خالتي مصطفى و منذر ربما في احد قصائده أن الرحيل أو أن تتخلى عن بشر تحبهم هو تدريب على الموت.

مــــــــــن أحد المعاناة التي تقض مضجعك الآن الحرب على لبنان , على الأطفال و المدنيين و العرب و ال كافة العرب . و من المؤسف أن السياسات الحضارية و الانسانية التي يتزعمها الغرب باتت مزحة قديمة يتناقلها المراهقين. في أحد الأيام التي قصفت بها اسرئيل بشدّة على قرية قانا في لبنان وراح ضحيتها عشرات الأطفال, استضاف التلفزيون " الرسمي السويدي " أحد السياسيين من الأحزاب البرجوازية. المحزن في الأمر أن وضوح المؤامرة على لبنان يجعلك تتوقع المصداقية من هؤلاء السياسيين لأن الأمر بات معروفاً من هو المعتدي و من هو المعتدى عليه, الذي حصل راح ذلك السياسي يبرر قتل المدنيين لأن حزب الله قد تمركز بين المدنيين و إن اسرائيل ليس لها أي خيار سوى الدفاع عن النفس و ضرب حزب الله أين وجد و اكتفى بأنه حزين لقتل الأطفال و المدنيين بالجانبين !!! الذي فاجأني بهذا أن الأصوات العربية و المؤيدة للعرب أكثر بكثير من الأصوات المؤيدة لأسرائيل مع قرب الانتخابات الرئيسية في السويد فلماذا ذلك التهور !! الجواب ... العرب ليس لهم صوت بجانب الرغبة الامريكية و اللوبي الصهيوني.. المؤسف أنني لا أزال حي في هذا الوقت..

البارحة نزلت استوكهولم ... كان يوم الشاذين جنسياً قد بدأ البارحة و صور المخنثين تملئ الجرائد اليومية المجانية التي تأخذها من الشوارع و القطارات إلى الرسمية و الغير مجانية إلى جانب خطابات المؤلف و الكاتب و الصحفي المشهور جان غيو الذي قال في خطابه "لا أحد يستطيع برهان على أنه غير شاذ" و آراء الشاذين و السويين على خطابه و تعليقهم عليه ...!!! لبنان و ضحاياه لم تأخذ سوى زاوية صغيرة من صفحة واحدة ..

استوكهولم مدينة أجدها رائعة ربما ككل لعواصم الأوروبية أو ككل العواصم عموماً !! كنت قد أخذت عنوان أحد المحلات المختصة في بيع الأدوات الفنية و خاصة التصميم كالأقلام و المساطر أي أدوات ربما للهندسة أكثر من الفنية و بما أنني بدأت دراسة معمار داخلي في أحد الأكادميات الدنماركية و بالغة السويدية كان لا بد لي من اكمال كل الأدوات قبل البدأ بالدراسة التي بدأت منذ شهرين و أنا أقضي على أيامي بالتحسر لأنني لم أفعل شيئاً بشأن دراستي .. هاهي استوكهولم بكل فتياتها الجميلات و نسائها العاريات " الشبه عاريات" و هاهو أنا بلباسي الأسود الكامل و حياتي الأشد سواداً أمشي في شوارعها مستدلاً أين المكان بالخرائط التي بيدي التي تطير تارةً و تتمزق تارةً أخرى و من ثم في آخر القصة لم أستدل من الخرائط بل من زوجتي التي راحت تدل على الشوارع بالهاتف النقال .. وصلت بعد أن علمت بأننب مررت أمام المحل ثلاث مرات لكنني لم أكن أقرأ اسماء المحلات بل كنت منشغلاً بأسماء الشوارع و الأرقام .. دخلت المحل و أنا كلي أمل بأنني سأشتري المحل لأن كمية النقود تكفي لشراء نصف مكتبة باللاذقية !! . و يـــــــــــــــــــــــــــــــــا !!!.. لـهــــــــــــــــــــــولي القلم العادي و هو أحد عشرين قلم تحبير سعره بما يعادل 2300 ل س أي إن كنت سأشتري المجموعة كلها فاضربهم على رأسهم بعشرين , و لعلمكم أن الأقلام هي أحد أربع مجموعات يجب شرائها .. اشتريت فلم واحد خجلاً و قلم رصاص و خرجت محبطاً "كعادتي"

اتصلت بأحد الاصدقاء الذين تعرفت عليهم مؤخراً في السويد اسمه يوسف سالوخة و هو شاب في الثمانية و العشرين من العمر. سرعلن ما ابدى اهتماماً كبيراً برؤيتي كما تمنيت أنا , فاستوكهولم البعيدة ثلاث أرباع الساعة في القطار, مدينة قليلاً ما أزورها مع حبي الكبير لكل شارع وزقاق من أزقتها, و هاهي الفرصة لأقضي كم من الوقت بصحبة ظريفة من البلد , قال لي أنني في القهوة , كعادة أهل مدينتي ,و هو في ميدبوريار بلاتسن و هي من المناطق الجميلة في قلب مدينة استوكهولم, حيث يوجد بها مطاعم عربية و مقاهي لبنانية إلى جانب مقاهي و بشر من جميع بلدان العالم و قليلاً من السويديين بالطبع , التقينا بعد الساعة لخطأ و سوء حظ في نزولي بمحطتين قبل المحطة المقصودة !! ربما انزعاجي من أنني لم أتبول خلال أكثر من ساعتين من الضغط على مثانتي. التقيته و مباشرةً دخلت الماكدونالد لأتبول و ليس لآكل .. يـــــا الله كم ذلك جميل الفرجة بعد الضيق !! تمشينا الساعتان و بعدها دخلنا أحد المطاعم التي تقدم طعام حلال " اسمها هنا مطاعم الكباب, كان الطعام من الدرجة العاشرة لكن كان الجو في المطعم ظريفاً أن تجلس في قلب استوكهولم بمطعم سوري و البشر الذين يأكلون الأغلبية سويديون. شبعنا و أخذنا كاسات الشاي معنا للخارج حيث وجدنا فقط محلين بجانب صاحب المطعم الشامي فجلسنا بجانبه و بدأ الحوار مبدئياً عن اللاذقية فهو خدم عسكريته بها و عند العميد قتيبة الصفدي فقلت له أن أخاه أحد أقرب أصدقائي فقال من أبو خالد !!!!!! با الله كم الدنيا صغيرة .. قال لي أنه كان يسكن معه عند ام جورج في حارة الامريكان .. راحت ذاكرتي تقفز للوراء " أبو خالد الصفدي" صديقي العزيز وكل ما قاله عن مغامراته التي كنت استمع إليها الساعات مشدوداً لكل حرف يخرج من فمه , عن كل شيء , عن أشياء لا تصدق و أشياء تصدق لكني صدقتها جميعها " قال لي قل له فواز بوادفجي أو كنية أخرى لم أعد أذكر ماهي كنت لازلت مع أبو خالد و هو يحكي لي عن عسكريته المضحكة و أنا تدمع عيناي من الضحك و نحن نمشي على الكورنيش القديم و البحر المركوك بالاسمنت لا زال غصباً عن جميع مشاريع البعث يمتعني برائحته.

لأبو خالد "محمد مصدق الصفدي " صديقي الشامي و صديق سنين كثيرة , من هنا السويد بلد الشمس اللاهبة دون العادة أحلى التحيات ..

مرحبا4

مرحبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا 4

في السويد كأي بلد يهاجر المرء إليه. ينظر إليه كغريب , أجنبي, محتال, متخلف و ربما يصل إلى رتبة حقير في نظر أولئك أبناء البلد الحقيقيين. في كندا و أمريكا و أسترالية أي في البلاد التي تعتبر بلاد هجرة تضيع الطاسة كما يقولون, الجميع مهاجرين, ليس لهم لون محدد كالسويديين مثلاً المشهورين بشعرهم الأشقر و أعينهم الزرق, وكأنهم لم يختلطوا بأي جنس آخر في تاريخهم و هذا صحيح فالبلاد الاسكندنافية لم تفتح من جنس آخر و بهذا أمنت فروج نسائهم من الأير الغريب اللون الذي يأت عادةً مع المحتل, مع ذلك ترى السويدي لطيفاً مع الغريب, مليئاً بإنسانية طافحة فوق العادة, ما السبب!! علماً أزيدكم بأنهم في الواقع كأي بشر آخرين لا يفضلونك عن أي حيوان في الواقع بل الحيوان هنا له من الاهتمام أكثر من البشر باعتباره – ليس " غريباً " ثم ليس مسؤولاً عن حياته كما البشر باعتبار البشر هم من يديرون الحياة على الأرض.

السبب الرئيسي الذي دفعني لهذه المقدمة هو صدور مجلة جديدة هنا اسمها غرينكو " الغريب" بالأسباني " . تهتم هذه المجلة التي أصدرها بعض الشبان الأجانب و السويديين بالحال الشبابي المهاجر. ثم و بمروري على ذكر المجلات, و أنا في المكتبة العامة مررت على قسم المجلات التي يمكنك قراءتها في المكتبة نفسها, فرحت أبحث عن بعض المجلات التي تهتم بالديكور و العمارة. ربما عدد المجلات التي تصدر في السويد تتجاوز المائة. الذي زاد من الغرابة التي انتابتني هو التخصصات التي يتناولها الإعلام في بلاد الخال " إيريك " و هو الاسم الأكثر انتشاراً في السويد حسب إحصائيات لا أعرف من أين أتيت بها! المهم ماهي هذه التخصصات !! من أكثر الأشياء غرابةً تلك المجلات التي تختص بالأمور التي تهم مرضى السكري ثم أخرى الربو و التحسس ثم الصرع و أخرى أقل غرابة كالصم و البكم و من ما ذكرت في بداية المرحبـــــــــــــــــــا الرابعة مجلات عن القطط و الكلاب أي لكل حيوان له مجلته الخاصة به و ليس سويةً و بأكثر من إصدار... مجلات مجلات عن أي شيء تريد و معروضة حسب الترتيب الأبجدي " ماعدا الجنس " بحثت في القسم S دون جدوى !! غريــــــــب !!

في هذه اللحظات و في نفس المكان اقتربت مني سيدة في الستين من عمرها تسألني عن ماذا أريد !! علامات استفهام و خوف ارتسمت على وجهي و كأني ضبط بالجرم المشهود و الأدلة بين يدي! أجبتها بلغة مهاجر أجنبي أتى منذ ثلاثة أيام بأنني فقط أريد أن أمر على المجلات و العناوين؟ علامة استغراب علت ملامحها وهي تقول هل لي بإثبات شخصية ! هنا و في هذه اللحظة ارتفع ضغطي و هبط الاندروفين و ارتفع الأدرينالين و سقطت كل أنواع الشجاعة والإيمان بقوة الشخصية لدي. شعرت بأن دورية مخابرات أتت لبيتي بوجود امرأة متزوجة لدي! تملكني فزع و كدت أمسح وجهي من العرق الذي كدني فجأة "سيضحك عمار زريق" أخرجت المحفظة و أعطيتها بطاقة الاستعارة التي تخولني حق استعارة الكتب من المكتبة العامة. نظرت إليها قليلاً و قالت كنت أظنك شخصاَ آخراً فعذراً !! تحول خوفي فجأة إلى غضب و انزعاج و تبدل الاندروفين و صديقه الأدرينالين لكن الضغط علا أكثر. هل أرديها قتيلة !! هل أشتري من السمان المقابل للمكتبة شوال سماد آزوتي أفجر به المدينة أو أن أرجع للبيت و أفش كل غضبي بزوجتي التي أرجع أسباب تعاستي كل مرة إليها !! فضلت الحل الأخير باعتبار الحلين السابقين ليس لهما أي واقع حقيقي و يستحيل علي فعلهما !! نزلت مسرعاً على الدرج الكهربائي فتفشكلت بالدرجة الأخيرة "حيث لا يوجد درجة" فوقعت على جانبي أمام حشد من المراهقات السويديات المشاركات في مسابقة عارضات الأزياء, لملمت الكتب التي أحملها و خرجت من المبنى ألعن رب زوجتي التي قبلت بي زوجاً لآت هنا و أتعس.

اللاذقيــــــــــــــــة 1966حارة الهوندا و الفكر الفاضي

كنت ولداً "لازلت" سميناً مدللاً. لست متفوقاً على أي من أولاد الحارة بشيء إلا ربما بالمال و الألعاب. فعندما كانوا يلعبون بالكلال ليربحوا و يجمعون 50 أو 70 كل كنت أشتري 100 كل . حتى طبات الكازوز كنت أدفع لأشتريها و هي التي تلم من الشارع .. كنت أفعل أي شيء لأثبت بأني مثلهم لكن دون أن أبذل مجهوداً و أدع يدي تقشب من البرد و الوسخ و المطر "هذا بشأن الكلال" و عندما كانوا يلعبون الخبر أو العمورة أو الطابة كنت ألعب معهم تحت تهديد أمي لكن على كيس النص و هذا يعني بأنني لا أحسب على الفريقين مما جعلني متشوقاً لأثبت بأني أزعر مثلهم و قادراً على كل شيء كما هم . في أحد الأيام كنا مجموعة ن الأولاد في مدخل إحدى البنايات الكبيرة في الحارة و في موقع ليس بعيداً عنا كانت طفلة ذات الثلاثة أعوام تلعب غير بعيدة عنا عندما قال أحدهم من يستطع إدخال هذه العودة بطيز هذه البنت " كنت أذكرها جيداً فبيتها في الطلعة و هي من بيت الشعبان السيئين السيط" كان شيئاً عظيماً أن يتيح لي برهان شيء ما لهم و الآن هو الوقت المناسب فقلت أنا سأفعل هذا فأخذت عودة من غصن لين زرنزخت و بدأت أحاول نزع كلسونها ليتسنى لي أن أر أين بخش طيزها ! لم يكن بالحسبان الزبال الذي هوى يده الضخمة على رقبتي ليدفعني ربما متران على بطني ساباً كل ما أنزل من عائلتي بدأً من أمي واصلاً على أخواتي و أنا ألملم هذه المرة خوفي و خجلي و أرجلي لأركض ما أعطاني الله من قوة لأحتمي تحت السرير في البيت. و هكذا ربما بعد ساعة أو أكثر جاء أخيها حاملاً كل زعرنته ليربيني, لكن و لحسن الحظ, كان أهلي في البيت و أمي التي يهابها الجميع, لتقنعه بأنها ستنزل بي أقسى العقوبات على فعلتي الشنيعة . و بدأ البحث عني, و أنا لا زلت تحت السرير ............................. حتى الآن نائماً!!!!.

سودرتاليــــــــــة حديثــــــــــــــــــــــاً

بدأت دراستي باللغة الألمانية .. إنه الدرس الأول , وضعت الكاسيت الذي سيشاركني القراءة و نمت ! شعرت بالتعب فجأة و خارت كل قواي .. لكني تذكرت بأن زوجتي ذهبت مع الأولاد و البيت هادئ , قاومت النوم لكن التعب كان أقوى فرحت أستلقي على نفس الفراش الذي لم أنم عليه ليلة واحدة ظريفة .... فراشي .

اتصل مصطفى اليوسف من النروج .. ضحكنا للثمالة تحت نظرات زوجتي الغاضبة ..

في اليوم التالي اتصل بأختي منى و أخي منذر و صديقي محمد رضوان .. سررت .

مرحبا 3

مرحبــــــــــــــــــــــــــــــــــا 3

حقاً بأنها مصيبة أن نقرأ لهذا المجنون الذي تخمنا من قبل بهذه الترهات .. هل لهذه المرحبا أن تترجل أو تنتهي لقد تعب القلم .. عفوا الكومبيوتر ... و أعيننــــــــــــــا !!

أن تترجل عن أحلامك و طعم النجاح و السعادة الملفقة بآلاف الأكاذيب شيء جدير بالاحترام إن كنت تتقبل ذلك..

اليوم ذبحت جبسه وزنها 4 كيلو غرام وكل فكري بأنها غير جديرة بالشراء "فأنا أعلم جيداً حظي بالجبس في بلاد الجبس فما بالك هنا في أبعد البلدان عن بلاد الجبس" باعتبار يجب أن يذكر بأنها اول مرة أشتر أو آكل جبس هنا في السويد.. منذ بعضاً من الأيام نزلت في المساء مع أحد اللوادقى الذين أتوا حديثاً إلى الأراضي السويدية المقدسة إلى سوبر ماركت ألماني يسمى ليدل و هو أحد السلاسل الجديدة في السويد والتي تملكها شركة ألمانية و المشهورة برخص أسعارها و سوء بضاعتها كما اكتشف لاحقاً .

لن تصدقوا الأحاسيس التي تتفاعل في النفس"الأمارة بالسوء" هل تصدقوا بأنني دهشت من تلك الأحاسيس و كأني طفل أختبر و لأول مرة أحاسيسه و تذوقه , لقد كانت جبسة حقيقية , جبسة بكل ما في المعنى من وصف وطعم. رحت أنهشها كامرأة جديدة, أعني بتفاعل كل ما لدي من شهوات و غرائز, فأنا بعد كل هذا رجل شهوات و غرائز أيضاً!! كيف يمكن لجبسة أن تعطيك كل تلك الأحاسيس! الطعم التي يتيح لك إرجاع تاريخ من سنينك و الحياة التي قضمتها بين أسنانك و عصرت كل دقيقة بين كفيك حتى تسرب كل عصيرها بين أصابعك.

يـــــا الله أ لهذا الحد وصلت بي الحياة! أن أكتب عن أحاسيسي بسبب جبسة حمراء حلوة المذاق, فما بالكم بفتاة بيضاء جميلة في العشرين من عمرها أم قيادة طائرة , رحلة للفضاء , شيء ما له صدى, رنين, أو أبهة ما !!

لــو تدرون كيف أكلتها و ما هي الطرق و الملحقات التي أكلتها معها .. كل ما يخطر في بالكم!!

من الرز المطبوخ حتى الجبنة المشوية. رحت أقطع منها هنا ثم أرجع بعد دقيقتين لأقتطع المزيد حتى انتهت و كأنني في تحدي مع الموت, سآكلها قبل أن أموت. كـــــــــــــــــــــل هذا حصل منذ أيام و لا زالت القشور ورائحتها الباقية دليل حي على جريمتي.. أما السكين السوداء الطويلة فقد أرجعتها لتستخدم مرة أخرى في فرم البطاطا و السلطة كالعادة, رجعت السوبر ماركت مرات عديدة ..... لم يتبق شيء و لم أنجح في شراء واحدة أخرى في مكان آخر لأني لم أستطع الخروج من البيت منذ يومان لمرض شديد لازمني و ليس بسبب الجبسة كما سيظن البعض ..

جبســـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة كل ما لدي ..هنا !!

اليوم اتصلت بثلاث أصدقاء خارج السويد .. فايز السيد"السعودية", مالك هارون"هولندا", مصطفى اليوسف"النروج".. عجباً الأصدقاء لهم طعم الجبس في السويد .. أنا كما قلت رجل غرائز ..

الســــــــــــــــــــــــــــــــــــــــويد

بلد يسكنه اكثر بقليل من تسعة مليون نسمة و بمساحة تبلغ 450 ألف كيلو متر مربع, طولها 1600 كيلومتر و عرضها 500 كيلومتر و هي رابع أكبر دول أوروبة من ناحية المساحة و بين السكان يوجد 700 ألف شخص أحد أبويهم ليس سويدي الأصل و من مواليد دولة أخرى. من بينهم ولداي وليام شكيب و فيكتور جونيور.

أتيتها في الأسبوع الأخير من سنة 2001. ما هي الانطباعات عن دولة كالسويد في فكر رجل شرقي عاش طفولته ومراهقته بين كاتالوكات و أفلام الجنس المدموغة بالفتيات الشقر السويديين.

باعتباري متزوج من فتاة سويدية يرى البعض بأن الحديث عن الجنس والنساء في السويد أمر محرج. لكن سأدلي برأي دون أن يكون لي طرف أي بحياد تام عن المرأة السويدية والذي يتصف برأي شخصي لا يعيقني عنه أي مشاعر محرجة حتى و إن كان البعض ير بي شخص فاسد و خيالي و مجوني.

المرأة السويدية هي امرأة بالدرجة الأولى, أي أنها كأي امرأة من البشر, كأي بشر من البشر. لها عاداتها أمراضها و اختلافها معنا نحن الرجال.. عداك فيزيولوجياً هناك سيكولوجيا. المرأة تحت رغبة مستمرة في الانتصار على الرجل الذي لا يزال الحاكم الأوحد في أغلب المجتمعات إن لم يكن الأشمل لولا قرأت منذ سنين عن مجتمع في آسيا الوسطى عن مجتمع تحكمه النساء و لا أعرف إن كان الرجال هناك يفكرون كالنساء, مالي وذاك. عندي رأي بالمرأة السويدية التي لا تختلف عنها المرأة الشرقية الهندية و التي تعيش في زيمبابوي مع بعض الاختلافات التي لا أظن أنها غير جديرة بالذكر. سأبدأ بالمراهقة.

المراهقة عند السويدية هي الفترة التي تجيد بها استخدام حقها في الحياة , و أعني هنا بأنها هي من تقرر أغلب ما يتخذ في حياتها. تجارب التدخين و الكحول و الجنس و اكتشاف ماهية الحياة من وجهة نظر ذاك الجيل الذي تنتمي له. تراهم يلبسون ماهب و دب من غرائب اللباس "بالنسبة لي!" قصة الشعر, ألوان و أشكال الأقراط بمختلف انحاء الجسد. أما الوشم في أكثر المناطق شهوانيةً تحريماً لدينا فلا تحدث. أغلب التفكير في هذه المرحلة كيف يمكنها التملص من حياة البيت أي العمل و كسب بعض الكرونات لتستقل بالحياة عن أبيها المنفصل عن أمها أو أمها المنفصلة عن أبيها و التي تحيا مع رجل ربما لا يوافق على تصرفاتها. على الأغلب تستطيع الفتاة التي بلغت السادسة عشر العمل و كسب بعض الفلوس في الصيف و ربما يمكنها ان تستمر. فإن استمرت في العمل تترك تعليمها مؤقتاً و تترك العنان لحياتها أن يرتفع لهيبها إلى الأعلى. ربما في هذه المرحلة عند وجود صديق أو أكثر يتشاركان الفراش و إمكانية الحمل كبيرة كجارتي التي ولدت أول طفل لها و هي في الخامسة عشر و الثاني في التاسعة عشر و الثالثة في السادسة و العشرين. في العشرين أو ما بعد العشرين إن لم تكن قد حملت مع أحد و أنجبت طفلاً تكمل دراستها الثانوية لتدخل الجامعة و تتخرج و على الأغلب لا يحبذ أغلب السويديين الدراسات الشاقة و المتطلبة علامات و جهداً كبيراً و سنين طويلة كالطب و الهندسة و غيرها من العلوم.

في مرحلة ما تتخبط الفتاة في علاقات كثيرة متنوعة و غالباً عابرة مدتها ساعات أغلبها عند ليلة السبت في الملهى أو البار و ربما تتطور العلاقة إلى مساكنة و منها إلى زواج و هذا نادراً !!

في الزواج أو المساكنة و هنا لا اختلاف مطلقاً و لا يمكنك ملاحظة أي احراج عند اطلاق التسميات بين بعضهم ك هذا مساكني أو صديقي الذي يعيش معي أو أب أولادي دون ذكر زوجي أو رجلي.

في البيت تقسم الواجبات و تقسم المصاريف ..الجميع متورط في عملية الأولاد و المصروف و الحياة حتى الدولة لها مسؤولية كبرى في هذا الشأن منذ ولادة الطفل الأول , منها 100 يورو لكل طفل حتى الثامنة عشر في الشهر و إن لم يكن دخلك يوازي جداول خاصة بهم تشارك الدولة بالإيجار و أيضا لكل طفل. الصحة و الأسنان أيضاً على الدولة للأطفال فقط. الأهل لهم الحق في تربية الأولاد على الطريقة السويدية و ليس العربية أو الشرقية عامةً .. الضرب من الكبائر و يمكنهم أن يأخذوا الطفل من رعايتك إن اشتكى أحدهم عليك و هناك علامة على جسد الطفل.

بمجمل القول المرأة تأتي بالمرتبة التالية عند الدولة. وهذا يعني ليس لك الحق باجبارها على أي شيء هي ليست مقتنعة به أو لا تريده من نوع السيارة حتى أغطية المنزل و الطعام وربما الجهة التي تحب أن تنام بها "من السرير" تتعب من الأطفال بسرعة .. يجب عليك كأب أن تشارك حتى بالتحفيض و تغيير الملابس و إطعام الأطفال و تغسيلهم . أي في كل شيء.

كيف شكلها وما هي صفاتها العامة. تتصف الفتاة السويدية بالجمال .. لها جمال وجه رائع. فالأسنان و الأنف ولون العينين و الشعر الأشقر المسبل و الجسد الطويل و بياض الجسد , من الأوصاف التي تقلبنا نحن الشرقيين رأساً على عقب. لكن مهلاً عندما تتجاوز الثلاثين أو الخمسة و الثلاثين تتبدل لأوصاف لتأخذ شكل رجولي أكثر مما هو أنثوي فضخامة الأرجل و عدم تناسق القفا المفلطح بدل المكور عند أغلب فتياتنا, مع أثداء غير مكتملة و أكتاف عريض نتيجة ممارسة الرياضات المختلفة تجعل الفتاة السويدية بهذا العمر فتاة لا تثيرني البتة

زوجتي إحدى نساء السويد .. و أنا على اختلاف كبير معها و هذا ليس بمعنى أنني أسأت الاختيار...!! لا بل أسأت الخطوة ..كان يجب علي ألا أتزوج أو أن لا أنجب أطفال أو أن أموت و جميعها حلول جيدة لولا الملابسات التقليدية عند الرجل الشرقي كالالتزام الأدبي و الأخلاقي الذي سأتخلى عنه في لحظة شجاعة توازي الانتحار بحزام ناسف ..

هل ستنتظرون مرحبـــــــــا أخرى .. لا أعرف !!

مرحبا 2

مــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــرحبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا 2

من جديد أجلس في غرفتي المليئة بالفوضى. آلاف الأوراق والكراكيب التي جلبتها معي مؤخراً من اللاذقية عسى أن تنفع في حياتي الآتية و المتأخرة هنا .. أفتح الكومبيوتر و أنتظر إقلاعه لأكتب و إذ بي أفتح مجلدات الصور و أتفرس بوجوه أصدقائي و أهلي .. الزمن لا يقف , لا يتعب .. أنظر مليا و بتركيز شديد على أكثر الأشخاص الذين لا أراهم في الواقعً !! وجهي أنــــــــا ! يـــــــــــــــا الله !! كم يبدو علي .... ماذا !!!! العمر , الشيب أم تراجع خطوط الشعر إلى القواعد المتأخرة من الجبهة .. و كأنني في حرب مع الزمن أو مع العمر.. و شعري هو العلامة المميزة على انهزامي أمامه .... لا لا لا فالأوجاع التي ترافقني منذ مدة , ابتداءً من ظهري حتى انتهاءً من الأعلى و الأسفل من جسدي , أي أصابع قدمي و رأسي - مع حفظ الألقاب و الترتيب- هم من لهم اليد الطولى في دفعي باتجاه المـــــــوت .

إيـــــــــــــــــــــــــــــــــه دنيا .. عبارة كان يرددها أبي كلما عنًّ له بال عن شيء ما , ولكن أي شيء ما غير الماضي و أيام الشباب. أن نفقد أشخاص كانوا في حياتنا رمزاً للديمومة و الدعم المعنوي بأنه لا زال لدينا بارقة أمل بأن نحيا مثلهم و لدينا شيئاً مثلنا .. للأسف لم أحسن التصرف بحياتي فأنا و أنتم على ما أظن أسرفنا في استخدام مبكر للحياة دون أن نعي أننا لن نستمتع لاحقاً كما لو أننا هدرنا كل الفيش في لعبة واحدة و لم نحسن اللعب جيداً .. لم نحسن اللعب جيداً .... أنا أعلم اً بأنني حاولت و بجهد ليس كبير بأن أجيد أشياء كثيرة و استطع عمل كل شيء لكن لا أستطع عمل شيء منهم بشكل متميز و كامل . كنت أتسائل دائماً عن أولائك الذين يستميتون ليبرهنوا مدى تحملهم مثل أشياء كاللعب أو الركض أو السباحة ربما على مدى ثلاث ساعات .أما أنا فكان يكفيني العوم و المشي فلست بحاجة لأكثر ..

45 سنه من العوم تخللها الكثير من الغرق و شرب الماء المالح . لم أسبح و لم أقفز كنت أعوم فقط و اتجاهاتي دائماً نحو المياه الدافئة .. كنت أحيا على علاقاتي و عواطفي التي وجهتها إلى أصدقائي و أهلي . كنت أستمتع و أتباهى بأني الأكثر معرفةً ببشر و أصدقائي كثر .. لم أتردد بأي من لحظات حياتي أن أتعرف إلى البشر .. البشر البشر .. منذ ليس أكثر من 14 سنة بدأت أشعر بأن تلك العلاقات بدأت بالتفكك . الفكرة التي بنيت عليها حياتي كانت آيلة إلى الانحلال , التبعثر و الشتات , بدؤوا أصدقائي بالسفر. كنت كلما أودع أحداً تنتابني مشاعر الانهزام و الخسارة .بدأت الآن تلك القوافل بالغرق في رمال الزمن .. خاصةً بأني نفسي قد هاجرت و ليس بشكل قسري عن ما تبقى منهم.

بعد ساعتين..

شعرت بالتعب و الإرهاق علماً لم أفعل شيئا اليوم. كان يوما كغيره من الأيام , يملؤه الضجر, الحنين و التفكير بالأصدقاء .. يسألني أحدهم , أليس الأولاد من يأخذ كل عالمك !!! لا ..!! أجيبه ... و يستغرب !! ينظر إلي بقرف و يعلوا على طرفي فمه ابتسامة ساخرة و يدير وجهه بعيداَ عن اتجاهي ! أليس الأولاد من يملئ دنيا البشر بالحب و الخير و السعادة .... أقول نعـــــــــــــــــــــــــــم ولكن مهلاً لا أستطيع التخلي عن حياة الماضي وتاريخي! الأصدقاء و البشر الذين شاركوني سنيني ال42 الماضية , سهيل, مصطفى,جورج, محمد, علي,و و و و و و و و و و و و و و الخ انهم ليسوا هنا و عندما أتلفن لأحدهم أحسب كم من الكرونات السويدية قد اختفت من حسابي, علي أن لا أبذر بالمادة الخام , علي أن أحسب و بدقة كيف يمكنني أن أحيا في بلد كالسجن لا تستطيع إلا أن تحيا مع ماضيك به لا لشئ سوى أنه لا يوجد ما تبقى لتفعل شيئاً و أعني العمر و الجهد.

السويد التي جئت إليها لم تكن كما كنت أتخيلها , أرض السعادة و اليوتوبيا و هذا ما شرحته في رسائلي السابقة و ما أتى لاحقاً كان اعظم, الفوضى, و سوء استخدام العدالة و النظام و تفشي العنصرية و مجيء عمالة رخيصة من دول أوروبة الشرقية التي دخلت المجموعة الأوروبية حديثاً جعل السويد دولة ليست لها خصائص كالسابق بعدما سيطرت أمريكا على العالم ثقافيا و أمنيا و اقتصاديا.

لا أحد يستطيع التملص من الماضي . هذا ما أقوله دائماً. فمثلاً الآن استمع للمغني الإيطالي لويجي تانغو الذي كان من المغنيين المفضلين عندي لأكثر من ثلاثين سنة و أكثر , أذكر إني كتبت إحدى أغانيه بالحروف العربي و رحت أرددها حتى حفظت منها القليل ولا زلت أردد مقاطع منها للآن اسمها فيدراي فيدراي و ربما هي الأغنية الوحيدة التي أحفظ منها كل تلك الكلمات و التي لا تجاريها أي أغنية و حتى النشيد الوطني الذي خجلاً أبتبت و أحرك شفاهي كلما كنت مضطراً لأشارك به !!

أيقظتني زوجتي بانها ستذهب إلى المتجر الذي يبيع فضلات الجيش السويدي لشراء هديه لأبيها الذي سيبلغ من العمر 65 سنة و الذي يصادف يوم ميلاده ميلاد ابني شكيب "ويليام" . ذهبنا إلى هناك حيث قادت السيارة بتأن على أعصابي ككل النساء ثم نزلنا جميعاً إلى هناك مع حماتي و اشترينا الأغراض لقضاء يوم نصف الشتاء كما يسمونه السويديون عند والدها و الذي أيضاً يصادف يوم ميلاد شكيب ووالدها. أبت حماتي التي اشترت بخمسة عشر كروناً أشياءً خاصةً بها أن أدفع عنها الحساب. أشعر بأني للآن غير مرحب بي !! أعني أن تشعر بأنك لست أنت كما المعتاد خلال 42 سنة قضيتها هناك في بلدك و عاداتك!! رجعنا إلى البيت و ببرودة فائقة أوقفت السيارة بعيدة عن البيت 30 متر على الأقل مع أغراض وولدان يجب حملهما " كدت أشتعل من الغضب بقيت في السيارة بعد أن أوقفتها بشكل نظامي و تكلمت مع سهيلي الحبيب .. الكلمات ربما لا تعني شيئاً .. تخبط في المشاعر تشعرك بأنك لا تجيد اللغة و الكلام .. مشتاقون كثيراً , كيف الأولاد و العمل !! باي باي .. خمس أو ستة دقائق ترجع البيت و أصوات الأولاد تعلوا أكثر من ناطحات السحاب في زائير .. سايقاً

أرجع أشعل الكومبيوتر و أبدأ من جديد .. مشتاق لكم حقاً ..

من أجمل الأشياء لدي أن أملك التكنولوجيا و أفهمها .. من خلال اقامتي في السويد أحببت امتلاك الموبايلات, لمً كان اللاسلكي يملئ الفانطازيا بداخلي. في الآخر عندما كنت في اللاذقية كلفتني دورة في صيانة الموبايل عدا المال, الوقت الذي كان يجب علي قضائه مع عائلتي. لذا كان علي أن أشتري عدة موبايلات تراوحت أثمانها في بعض الحالات ثمن سيارة قديمة موديل 1992 كالموبايل الذي سرق مني منذ أسبوعين مع ما فيه من أسرار تقوم القيامة بها في اللاذقية . اشتريت منذ أيام موبايل سوني ايريكسون ب800 و هو من المويايلات التي أحببتها لجمعها الكثير من الميزات التي لا توجد في الموديلات الجديدة. لدي جهازين من نفس الموديل إلا أن الشاشات لا تعمل , فعندما رأيت الإعلان في الموقع تلفنت للمعلن و اتفقت أن أذهب له علماً كان في البيت احتفالاً صغيراً بمناسبة ميلاد ابني شكيب الذي احتفلنا به مسبقاً لأن يوم ميلاده كما قلت يأتي بيوم يحتفل به السويديين و هو منتصف الصيف. المدينة التي يسكن بها صاحب الموبايل على بعد ساعة و نصف في القطار عن مدينتي دون حساب أنني لا أعلم أين يسكن فالعنوان كان بالنسبة لدي غير مفهوم مع ذلك خاطرت بالذهاب و الإتيان به و رجعت المنزل الساعة الحادية عشر ليلاً حاملاً الموبايل الذي سأحمله بدلاً من الqtek s200 المسروق الآنف الذكر و السيء السيط و الابن الحرام .

.. زوجتي ستذهب للنوم قالت لي أنك كالجار لا نراك و ليس لديك الوقت لنا .. تحسب بأني سأنزعج من ذلك الوصف .. أضحك لذكرى أحتفظ بها مادمت حياً عندما كنت مع المرحوم محمد بلة في بيتهم و جاء خالد يحمل منشفة ليدخل الحمام فقال لي محمد ماداً يده ليشير لي ويقول بعرفك خالد المستأجر الجديد في الغرفة الجوانية !! ضحكت جداً وبقت تلك الذكرى و الحادثة مزحة لا زلت أستخدمها بين الحين و الآخر.

اشتريت أقلام للكتابة على السي ديات فضاعت الأغلفة ..!!

بدلت الموسيقى الآن أستمع لأديب الدايخ .. لماذا يكنى الانسان بالدايخ .. أو الجربوع , الضبع !!

استغرب الانتماء!! لماذا لم يبدلوا الكنية, هل خوفاَ من ضياع الأقارب !! ربما !!

الساعة قاربت الواحدة .. عفواً العاشرة يجب علي أن أذهب لأبقى محملقاً في السقف وأتمنى أن أحلم بفتيات جميلات ربما سأراهم في حلم الليلة ..!!

أديب الدايخ يغني : ياحلوةً بين الجفون تنام ... ثم لم أفهم أي كلمة بعدها سوى خيالك الأحلام ! هكذا الطرب العربي لا تفهم بل تنتشي هنا عادها للمرة الثانية ففهمت "سعدت بطيف خيالك الأحلام" جميل !! الكلام و الله بكسر مزهرية الهاء !!

نتابع غداً انشاء الله ..

ني بوك فان أول البارحة

كانت الرحلة إلى "ني بوك فان" - حيث يسكن والد زوجتي- سلسة و ظريفة , لولا بدايتها حيث كان يجب علي أن أملئها بالبنزين و لأول مرة في السويد .. علماَ , و لا تتعجبوا, أنني البارحة نزلت إلى المحطة القريبة من بيتي لأتعلم كيف يستعملوا تلك الآلات المريبة و الغريبة في تعبئة سياراتهم!! عرفت كيف يمكنني أن ألقم النقود و بأي جهة يجب علي أن أدخل الورقة النقدية حيث تمعنت كثيراً في الصور المشروحة تحت تلك الفتحة ولكنني لم أر كيف و أي خرطوم يمكنك أن تستعمل. لن أطول الحديث عن مخاوفي في تلك اللحظة من أمن أو شرطة باعتبار رجل دون سيارة في محطة وقود اوتوماتيكية "أي دون عمال" أمر غريب !

رجعت البيت و أنا متوجس من تلك اللحظة .. صباحاً و مع إصراري بأن نصطحب حماتي قبل أن نملئ السيارة بالوقود, جاء الأمر بشكله الإعتيادي لا !! يمكنك أن تعبئ البنزين من المحطة القريبة من هنا .. " هذا شيء منطقي على ما أظن"

رأيت سيارتين تعبئ الوقود فصففت وراء إحداها و لعلمكم الإنسان السويدي لا تفرق معه السرعة و الوقت عندما يتعلق الأمر بتلك الأماكن " هناك آلتان واحدة في الجهة اليمينية و الأخرى بالطبع في اليسار بعد عشر دقائق جاءت سيارة أخرى و صفت في الجهة المقابلة للآلة التي أنتظر أن أعبئ منها .. الغباء كما آنفاً ذكرت!!

لم أنتبه أن كل آلة لها جهتان و بذلك علمت أنني انتظرت وراء السيارة الوحيدة التي تعبئ الوقود بينما ثلاث آلات تعبئة كانت متوفرة بعد لحظات من وقوفي خلف السيارة التي كانت بالكاد تقف لتملئ الوقود ..

ايس هذا كل شيء . ذهبت السيارة بعد عشر دقائق حسبتهم شهرا, صففت السيارة بالقرب من الخرطوم و ذهبت حيث لقمت الآلة ب 200 كرون سويدي و هنا جاءت المشكلة باعتبار السيارة قد ابتعتها مؤخراً لا أعرف كيف تفتح فتحة الوقود. جربت المفتاح بعد ان حاولت جاهداً و بارتباك فظيع أن أدير الغطاء نحو اليمين و اليسار الذي أبى أن يفتح بعد أن دفعت المال, أصابني ما يشبه الهلع لدرجة كان بودي أن أذهب من المكان فورأً دون تحمل المزيد. بعد أن قرأت ما كتب على الغطاء: أدر بالمفتاح ربع دورة نحو اتجاه الساعة للفتح و العكس للقفل.

الإشكال هو: أن فتحة قفل الغطاء لا تناسب كبر المفتاح لدرجة ظننت أن المالك القديم للسيارة نسي إعطائي المفتاح المطلوب. جربت بالربع الأول من المفتاح فدار القفل مما أعطاني أملاً بأن أنهي تلك المشكلة .. هل أطلت .. المهم تزودت بالوقود الصحيح فكان خوفي بأني ربما أخطأت بالخرطوم فسيكون مازوت أو بنزين آخر غير المطلوب . مررت ببيت حماتي و بدأت الرحلــــــــــــــة.

ليلة منتصف الصيف مهمة جداً في التقليد السويدي وأظن الاسكندنافي عامةً, لمَ له من أهمية تاريخية تتعلق بالضوء أي دورة الشمس و بموضعها في الكون حيث ضوء الليل تماما كضوء النهار في الساعة الرابعة عندنا في اللاذقية. لهذا اليوم تقاليده الخاصة . الطعام و الاحتفالات و الرقص و التجمعات في الساحات حيث يرقصون حول صليب كبير مصنوع من الخشب و ملبس بالأغصان الخضر و على طرفي الصليب يتدلى دائرتان بهما مختلف الزهور و الورود. الطعام اسمه سيل و هو نوع من السمك يضعونه بالخل مع البصل و الجزر و القليل من نوع من الأعشاب و يأكلونه نيئاً مع البطاطا المسلوقة و البيرة و المشروب التقليدي السويدي الذي يشرب كجرعات صغيرة مثل الفودكا أو التكيلا .. أنشد والد زوجتي كل ما يعرف من الأغاني التقليدية السويدية ربما بفعل المشروب أو هم بالحقيقة هكذا.

جاء المساء حيث كما قلت مضاءً كالنهار و الشيء الوحيد الذي يتيح معرفة أن الليل أتى هو عقارب الساعة و تعب جسدك الذي أنهكته ساعات النهار.. كان اقتراح زوجتي بأن ننام في الخيمة التي نصبتها مع حماتي في الحديقة تحت شجرة التفاح المشوهة قد أعد مسبقاً و جرى النقاش حوله قبل بداية الرحلة لذا لم يكن لدي أي عذر بعدم قبوله. كان الأولاد نائمين عندما أتيت لأدخل خيمة لا تسع لي وحدي فما بالك بطفلين و بالغين زدهم رائحة العشب الرطب و ميلان الأرض. لم أنم و لم أحاول . عند الساعة الثانية بعد منتصف الليل تقيأ ابني الصغير و بذلك قضينا بقية الليل في الفيلا بعد أن نقلنا الأولاد من الخيمة والسهر على صحة فيكتور. في العاشرة قطعنا الرحلة عائدين إلى البيت. محملين بذكرى ليلة منتصف الصيف العظيمة مصاحبةً بتقيؤ فكتور ليومين متتاليين حيث أصيب على ما أعتقد ما يشبه التهاب أمعاء .. الآن فيكتور بصحة جيدة و الحمد لله. انتهت الرحلة.

ألقاكم في مرحبــــا قادمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة.

Marhaba 1

مرحبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــا

بعد أسبوع أو ثلاث بدأت الكتابة منذ وصولي إلى السويد, علماَ بأنني قررت الكتابة لكم منذ وصولي في اليوم الأول

و هذا يدل على أنني سأكتب عن تلك المدة التي قضيتها في اللاذقية. لــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــكن !!

تفاهة الحياة العائلية وسوء ترتيب الأمور الحياتية في بلد يعتبر من أكثر البلاد التي تتيح لك فرص ترتيب حياتك. فمنذ وصولي كان الكثير من الأعمال بانتظاري, الفوضى التي خلفها غيابي عن البيت و عدم قدرة زوجتي على ضبط الأولاد و عبث الأولاد في غرفتي التي تحوي كل ما هو مثير لهم, ابتداءَ من الكومبيوتر المحمول الذي لم استطع للآن أن أفهم ماذا حصل له , حتى علب البراغي و العدة الكهربائية التي وجدتها خارج علبها. سرعان ما سيطر علي حالة من اليأس و الكآبة أدت على ما أظن إلى تحريك جميع آليات الألم في جسدي و خاصة ظهري ذو التاريخ القديم في تنكيس رغبة الحياة لدي.

في اليوم الثالث من وصولي اشتد الألم لدرجة غير محمولة مما اضطرني لأن أستعين بزوجتي لأدخل الحمام ورأيت أنه ل بنغلادش الذي لم أفهم منه سوى بعض الكلمات السويدية التي تعني بأنه لا يمكنه مساعدتي في إرسالي إلى مختص لأنه طبيب إسعاف و الوحيد هو طبيبي الخاص المكلف من البلدية الذي يمكنه إرسال توصية لقبولي في المشفى لفحصي و معالجتي إذا لزم الأمر. كنت متألماً و لا أعرف ماذا جرى لي عندما صرخت بوجهه مطالباً بمقابلة أحد ما يمكنه مساعدتي. المسكين ذو ال55 عاماً تجاهل صراخي و بتبت بأن وصف الدواء هو فقط ما يمكنه! تكلمت مع الاستقبال فحولوني إلى ممرضة الهاتف التي قالت بدورها أن ما تصرف به الطبيب هو صحيح و الذي قاله بشأن طبيبي الخاص هو بلا شك الحل الأمثل لتحويلي إلى مختص و هذا يعني بأني سأدفع مرة ثالثة و دواءين بكلفة ما يعادل 4500 ل س دون أن ألتقي بطبيب يمكنه أن يحيلني لمختص هذا إذا رأى بأنني بحاجة. كنت منهاراً من الألم لم أقل سوى لتذهب السويد إلى الجحيم و بها كل السويديين ونظامهم الطبي السيئ. كأغلب السويديين و خاصة العاملين بالمجال الطبي يتصفون بالبلادة و أظن بأن السويديون عامةًا مناص لي من أن أطلب المساعدة الطبية التي ظننت بأنها الحل الأمثل لوقف الألم. اتصلت زوجتي التي وصفت الحالة باللاسعافية, لكن الممرضة التي لها الحكم على الحالة قالت بأن الحالات اللإسعافية فقط عند الحالات القلبية و الحوادث لكن يمكنها أن ترتب موعداً بعد أربع ساعات مع طبيب. عندما ذهبت إلى هناك كانت طبيبة عراقية التي لم يكن لديها أي حل سوى أن تصف لي مسكناً للألم و التمني لي بالشفاء. الألم لم يتأثر بالدواء, هذا ما جعلني أعتقد بأن الأدوية السويدية سيئة كمثلها من الأدوية السورية. الألم ازداد مع مرور عدة أيام فاتصلت بالمستوصف الذي أتبع له و تكلمت على حالتي فما كان منهم إلا أن حجزوا لي موعداً مع طبيب بعد ساعتين, هذا الطبيب كان من إندونيسيا أو من يتصفون بالبرودة اتجاه الانتقادات و لا يهمهم آراء الآخرين خاصةً المهاجرين!!

لا زلت أسكن بيت الألم لم أبارحه لكني تنقلت بين غرفه و طوابقه. يوماً أنام و آخراً لا من الألم , الآن أشعر بأن جزءاً من أصابع قدمي اليمنى مخدراً, لا أستطع الجلوس كثيراً و لا الخروج من البيت فالدواء الذي وصفه لي مؤخراً الطبيب الثاني به كودائين قوي مما يجعلني نعساً طوال الوقت, فالآن علي أن أستلقي قليلاً لأني لم أعد قادراً على حمل رأسي "الفارغ" أراكم !.

لم أستطع النوم .. فزوجتي التي حجزت موعد في غرفة الغسيل الساعة 10,30 صباحاً لا تستطيع الاعتناء بالأولاد و النزول لغرفة الغسيل بآن .. أستغرب ذلك الماضي عندما كانت العائلة مؤلفة من 10 أشخاص وأكثر, كيف كانت الأم تدير حياتها, ماذا اختلف من الأمر!!! كان الغسيل على اليدين و الطبخ على "بابور الغاز" ولا تنسوا العدد و الكميات التي تنتج عن عدد الأشخاص عداكم المسح و الشطف و شغل الصوف والضيوف و العزائم .. !! نزلت حاملاً بعض الشراشف و الثياب المتسخة و كمية كبيرة من الألم والتعب وضعت الغسيل بالغسالتين الكبيرتين و صعدت البيت مع آلامي دون غسلها.

اللاذقيــــــــــــــــــــة

كــــــان الأمر رد فعل على إحدى الخيبات الكبيرة و المتكررة في حياتي, بعد حصولي على الجنسية السويدية سارعت بإصدار جواز سفر لأسافر إلى الولايات المتحدة و أحقق حلم لطالما كان عصياً علي, فرحت أتصل بأصدقائي المقيمين هناك و هم كثر. منهم من كان يقول سأفرش لك الأرض بالأزهار و البسط الحمر. منهم من قال ذلك و منهم من قال أنصحك بالذهاب إلى الخليج و منهم من قال انتظر بعضاً من الأيام و سأرد لك متى تأتي!! لكنني انتظرت طوال أربعة اشهر دون جواب و أخيراً اتصلت بصديقي منذر سلواية الذي قال تعال فوراً و ستكون سعيداً و بعث بفوره رسالة دعوة . كان لا بد لي من زيارة السفارة لا لشيء سوى أمنية قديمة بأن أضع فيزا أمريكا على جواز سفري .. دفعت الأجور و رتبت كل شيء كما يريدون .. انتظرت منذ الفجر على باب السفارة في استوكهولم كنت أول الداخلين بعد انتظار الساعة و النصف خارج السفارة في درجة حرارة 8 تحت الصفر. لابساً أجدد ثيابي و متعطراً و حالقاً ذقني "اكتشفت لاحقاً بأن التسعيرة كانت لا تزال معلقة في السترة عند مقابلة الموظف في السفارة" قال لي " سوري !!" دون أن يعني جواز السفر السويدي شيئاً له .. أحسست بأنني أخطأت كان يجب علي الذهاب دون فيزا ..ثم قال لي تريد الذهاب إلى هذا البلد الذي يحلم به الجميع قلت نعم ..قال آسفاً لن تستطيع أن تذهب فأنا لن أعطيك الفيزا !! سقط كل شيء .. السماء و النجوم حتى الشمس .. تطايرت أبشع الصور نحو وجهي .. الذباب و البعوض و الصراصير كلهم صفقوا للريس .. سحلية إندونيسية مرت فوق خيبتي و حردون ذو دم بارد اختبأ بين ت

جاعيد عمري الكئيب .. كان كل شيء عتماً أسوداً كنت أود أن يكون حلماً كابوساً آخر في الليالي الضجرة في حياتي .. خرجت من السفارة يملؤني أشد الإحساس بالمرارة و الحقد!! كنت أتمنى قتله , شعرت بحزن أليم , حقدت على أصدقائي كرهت زوجتي, نفسي , كان بودي ألا أرجع البيت أن أتوجه إلى لاذقيتي , أصدقائي التعساء , بائع الفول , و النجار و جامع القمامة .. أخوتي و بيتي و عاهراتي .. أن أمارس الجنس حتى الموت مع عاهرات قاصرات بيض , أن أغرق في ملذاتي .. صعدت الباص ثم القطار متوجهاً إلى مكتب الطيران ثم حجزت تذكرة في أقرب وقت, أي بعد أسبوع و من ثم إلى البيت .. قاصاً على حماتي و زوجتي ما جرى و كيف أن سياسة الولايات المتحدة هي السبب الأول لما يحصل في العالم من مآسي باعتبار أنهم لم يعطوني الفيزا .. في اليوم التالي أرسلت رسالتين إلى الحكومة الأمريكية و رسالة إلى وزارة الخارجية السويدية ..!!! لم أحصل على رد للآن " و لن أحصل"

بعد أسبوع كنت على متن الهوب هوب الجوي السوري , مقاعد تالفة ,أحزمة أمان غير موجودة .. طعام مقرف و مضيفات قبيحات.

وصلت حلب ثم إلى اللاذقية , وصلت الساعة العاشرة تقريباً .. حملت حقائبي إلى البيت .. كنت فرحاً .. سأبدأ مجوني !!

اتصلت بأصدقائي و صديقاتي .. الجميع كان يعلم

بوصولي و بدأت لاذقيتي و حياتي السابقة بالرجوع إلي. كنت أنام و آكل و و ...... كحياتي السابقة قبل الزواج .. كان صديقي فايز السيد الحبيب الذي ينتظر ولادة ابنته يارا هناك و جاء أبو خالد الصفدي الزريابي و فادي يازجي. لكن ليس كل شيء سهلاً كما يجب!! فالمياه التي وجدتها مقطوعة بسبب الفواتير و إرجاعها سبب لي أكبر المتاعب .

كان أخي منذر و أختي منى و هم من بقوا في اللاذقية مركز اهتمامي بأن أراهم و أتواصل معهم .. الأصدقاء محمد رضوان و جرجس لبس و الصديق مشيل سكاف الذي غمرني بلطفه كل مرة أزوره في المحل , خالد و أحمد بلة وعائلاتهم ثم بطرس سلوم الصديق المخلص و خالد ماريا وزوجته الذين كانا في منتهى الظرف ثم الجو الظريف الذي أحبه. غائم و ماطر. هذه اللاذقية التي أحب, بكل أوحالها و أهلها, كما لو أني خارج من السجن للتو, استقبلتني بذراعين مفتوحين نديتين .

صباحاً استيقظت باكراً لأبدأ يومي بصحن من الأخبار و النكت التي افتقدتها و مازة من الحمص و المسبحة عند مأمون اسماعيل. تلك الدكان, ذلك الشارع, هؤلاء البشر ..... . . . ماذا أكتب عن تلك و ذاك و كرت الأيام .. الأسبوع الأول قضيته بين الطرقات المنخورة بسبب مرور بشر حلوين لطيفين متكاسلين عن اللحاق بالعوالم الأخرى .. لاشيء يهم!!

أصدقائي يستيقظون في التاسعة و يبدؤون العمل في العاشرة بعد المرور عند وليد بلة و أكل شندوشتين من الحجم الكبير و المليئة بكرم وليد من الجبنة أو اللبنة أو المرتديلا مع علبة عصير أو كوكاكولا و حديث عن آخر أخبار نادي حطين أو لعبة بين جوفانتوس و ريال مدريد أو لعبة أخرى تتبدل

مع ظهور أخرى على الديجيتال الذي لا يخلو بيت منه "ماعدا بيتي" و أنت تسمع أغنية لزياد رحباني أو فيروز .... في اللاذقية يمشي الوقت بطيئاً , ربما بسبب الرطوبة " تتأخر الساعات" في الحادية عشر يبدأ الناس بالحركة. الجميع مستعداً لكسب القليل من المال و لا يمانع من كثيره ..

لي الكثير من الأصدقاء و أكثر من الخيال عدد معارفي .. أستغرب بعض الأحيان بأني أعرف الجميع عندما أدخل مقهى ما أو محل ألبسة و أنا المسافر إلى السويد خلال أربع سنوات أكثر من ثلاث سنوات.

سودرتاليــــــــــــة

البارحة كنت عند أحد معارف زوجتي عندما أراني اللاذقية في "جوجل إرث" تغلبت على فرح كبير كان يعلوا بسرعة نحو تغيير معالم وجهي. نظرت إلى تلك الشاشة و هي تظهر الميناء و الكورنيش و البناء الذي استغربت نظام ترتيبه على عكس توقعاتي بأنه منظم قليلاً. نظرت إلى كل مفرق بها , حديقة أطفال أو ساحة, و ذلك الطريق العريض عند الكورنيش الجنوبي. كنت رائد فضاء يرى و لأول مرة مدينته من مركبته.. هنا أوقفتني كلمة مركبته و كأنها حياته .. جسده .. قدره ... غربته .. النوستالجيا ...!!! أيقظتني زوجتي من ذلك الشعور و الاسترسال به, بأن الوقت قد حان للذهاب وعلي مساعدتها بترتيب ولدي وليام و فكتور وتلك المهمات لصغرها تبدو لي بأنها كبيرة كرحلة تلك المركبة نحو الواقع .. هبوط عنيف يبدو لي بأنه لا مناص منه لي إلا الموت.. بدأت حياتي تأخذ مكانها الجديد .. السويد وامرأة و ولدان و أوجاع ظهر و معدة و عدم النوم كفايةً .. يبدو لي بأنني

سأموت قبل الخمسين و هذا شيء ليس بالسيء مطلقاً..

البارحة ظهراً اتصلت بمصطفى حموي بعد خمس دقائق انقع الاتصال بسبب النقود المتبقية في الهاتف النقال بعد قليل اتصل مصطفى و تابعنا الحديث من البداية و ليس من النهاية .. في بعض الأحيان كنا نسكت كلينا .. و نظن بأن الخط قد قطع لكن السبب و هذا ما فكرت به بعد المكالمة, بأن الأصدقاء حين يفترقون مدة طويلة لا يعود هناك شيء مشترك سوى القليل . عن ماذا سنتكلم بعد الأسئلة الاعتيادية .. عن الحقوق المدنية للعراقيين و ماذا عن إقليم دارفور .. زواج أحد بنات صديقنا بابن أحد معارفنا السيئ السيط.." الأصدقاء لم يعودوا يصلحون لقتل الوقت" أتذكر قصائد منذر و كأنها إنجيلي الذي ألوذ به عند الخيبات الكبيرة .. يالها من جملة .. قتل الوقت .. عملية إجرام مخطط لها .. أن تذهب لصديق و تقتل شيئاً ما .. على كل عملية قتل يجب على أكثر من شخص لإتمامها .. الوقت أو الزمن أو الأيام و الخ من المدد الزمنية عملية قتل جزئية للحياة , قسم من الحياة يقتل باشتراك مع شخص هو صديقك !! فرز حقيقي لمعنى الصداقة .. أعني أن تجد أحد ما تشركه في إتمام عملية قتل كلا وقتكما .. يقتل الإنسان جزء كبير من حياته في النوم و الآكل و العبادة و العمل .. ممارسة الجنس هي أجمل عملية لترميم الحياة .. لكن مع شريك جميل ... لا ... أبعد ما يكون هو....... الزوجة !! الزوجة ما عادة تصلح لعملية ترميم بل للقتل .. الأولاد و صراخهم , بكائهم , حفاضاتهم , ومشاكل سقطاتهم ... منذ قليل سقط ابني فكتور ذو السنة و الستة أشهر على ظهره مما أدى إلى جرح سطحي كبير و ازرقاق مساحة كبيرة من ظهره .. الأولاد يصلحون لقتل العمر !! لن أتحدث عن جنوني ......

.........................!

صباحاً يوم الجمعة .. سرق موبايلي ال كيوتك س 100 و يبلغ سعره مع الإضافات حوالي 42000 ل س في السويد.

به كل صوري و صور أهلي و عاهراتي و كل صور رحلتي مع أولادي و زوجتي في اللاذقية و تضيف عليهم صور أصدقائي الذين ربما لن أراهم مرة أخرى .. في العمر ما بعد الخمس و الأربعين تظهر علامات الموت .. عليك.

.. صدق أو لا تصدق في كل صباح أستيقظه... ألعن الحياة .. لماذا .. ماذا بعد !!!....... الآمال التي حلمت بها طوال عمري لم يتحقق منها شيء واحد حرمت من كل أحلامي , الآن لا أستغرب غباء من يخرجون من سجن طويل سياسي ثم يعودون مرة أخرى لترهاتهم التي سترجعهم إلى سجنهم و عذابهم .. البشر ذو الحظ السيئ يستمتعون بلعبة الحياة التعيسة يتمنون الأكثر من التعاسة .. الأكثر من الحظ التعس. الأكثر من أشد تعاسات الدنيا ... أراهم يلصقون جبهاتهم بالأرض بقوة وهم يباركون الرب و يحمدونه على تعاستهم على أن يزيدها بأشد ما يستطيع من قوة .. أن يتمنون الموت المـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــوت.

اللاذقيـــــــــــــــــــــة مرة أخرى ...

كان لدي أكثر من أربع صديقات متنوعـــات الجمال و الأعمار , منهم واحدة تزوجت و منهم أخرى ما زالت عزباء تنتظر أحد ما ليتزوجها دون المراعاة لعمره وموقعه الاجتماعي فأنها تجاوزت عمر الاختيار. إحداهن جميلة جداً في كل شيء أما الرابعة فكانت حب قديم لم يبق منه سوى بعض الحشائش و أزهار برية ليست لها رائحة .. تأت لتشرب فنجان من الشاي و كلمات صدئة تتخللها قبلات و ممانعات .. موسيقـــــــــــى و ضوء أصفر و أريكة جلد بيضاء , بعض كؤوس الشراب و حياة قصيرة تنتظر النهاية ...

ســـــودرتاليـــــــة مرات عديدة ..

مساءً بعد وقوع ابني الصغير و جرى الذي جرى زيادةً على سرقة موبايلي الثمين , اشتدت فكرة التغيير و الثورية لدي , البارحة في مقابلتي لأحد أصدقاء أخي منذر و هو في مهمة تلفزيونية هنا في السويد لحساب التلفزيون السوري قلت له أتمنى أن يكون لي الشجاعة لأرتكب الأخطاء , كأن أهرب من عائلتي التي أحب, أن أخون أصدقائي, أو أن أنتحر مثلاً أي أن أنهي كل عذاباتي و أفكاري المشوشة التي تقض مضجعي..

مسكنــــــــــة حمص 1984

أوصلني صديقي زهير سعد الدين إلى منطقة تسمى مس

كنة, قرب مدينة حمص, حيث تقع كلية الدفاع الجوي عندما بدأت تدريبي في خدمة العلم. خارج مدينة حمص تستطيع أن تصف المنطقة بالصحراوية, لولا وجود بعض الشجيرات المقزمة المغروزة غصباً هنا و هناك أو بالأحرى تلك التي استطاعت جذورها بأن تجد منفذاً في الأرض لتتشبث, فالرياح العاتية المحملة بالغبار صيفاً و الباردة شتاءً تجعل أقوى الأشجار تحملاً أن تكسر أو أن تتعرى من أوراقها و بذلك تظل تلك الأشجار تفتقد الغذاء الكافي لتنمو بشكلها الصحيح. على كل المنطقة كرأس أصلع بقى عليه بعض الشعيرات بمناطق مختلفة.

أي عَلَم يستطيع المرء أن يهان لأجله, أن تبرر عملية القتل بالشرف و الدفاع عن الأرض. أي انتماء يبرر صيغة الإهانات و تحطيم نفسية العسكري كما يقولون. عند المدخل أوقفني مساعد "كان شاربي طويل" قال لي لماذا لم تقصر شاربك قلت له هل في العسكرية أوامر كهذه ! قال لي سأريك كيف هي الأوامر و سأحلق لك شارب الشرموطة !! و هذا ما حصل و نمت ليلتان في السجن مشاركني عدد غفير من الشبان و الجرذان تقاسمنا أماكن النوم في أكثر الليالي برودةً حيث لا يوجد لدي حرامات لأني لم أستلم بعد أغراضي .. بعد أقل من شهر كنت فاراً رسمياً عند الدولة و بدأت ملاحقتي..

تابع

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــع

تابـــــــــــــــــــــــع

لندن 1983

البيكاديلي سيركس إف يو بليز! طالباً من الباكستاني ذو اللحية الذي يقطع التذاكر في محطة أكتن تاون على طريق مطار هيثرو. قطعت تذكرة قطار الأنفاق مع صديق حارتي محمد كركوتي و شاب تعرفت عليه من أحد أصدقائي عندما كنا في كارديف إمارة ويلز اسمه أيمن سلامة .. ركبنا القطار إلى هناك حيث تمشينا قليلاً باتجاه شارع السوهو حيث تقع أماكن اللهو و الإباحية التي تثير معظم الشباب القادمين من الشرق الأوسط الجائعين للحم عاري أبيض.

الشارع كان مكتظ بالبشر و أماكن اللهو التي كتب على أبوابها لدينا فتيات بولونيات أو فليبينيات و حتى شرق أوسطيات. أمام إحدى تلك البارات التي تسمى التوبلس أوقفتنا فتاة جميلة سمراء تدعينا للنزول إلى البار, و حيث أننا لا نملك المال الكافي لتلك المغامرات و ليس لدينا العلم ماذا ستكلفنا الدخلة راح أيمن يسأل عن التسعيرات داخل البار أو البوب كما يسمونه هناك فقالوا له بأن كاسة البيرة ب باوندين و حيث أن السعر لا يفرق في أي بار تشجعنا و نزلنا.. في الداخل كانت النساء نصف عاريات و كانت تلك الأقمار المستديرة البيضاء التي تبرز من تلك الأجساد الجميلة تتوسطها حلمات تثير بك و أنت في العشرين من عمرك قادم من بلد يعتبر جسد الأنثى شيء بالغ الأهمية في السرية و الكتمان. سرنا نحو الطاولات نحن الثلاثة و بالطبع حاملين أكواب البيرة ذات الباوندين .. ثم لحقوا بنا ثلاث فتيات تلك السمراء التي لازمت أيمن و فلبينية مع محمد و انكليزية "شقراء كما يفضلونها البعض" معي كل على طاولة ثم و بشكل فوري و بآن قالوا ألا تدعونا على مشروب, تلاقت نظراتنا التي تترجم بالموافقة باعتبار ماذا سيكلف مشروب إذا كانت البيرة بباوندين ليكن بأربعة باوندات أي الضعف, فهززنا بالموافقة. في الحال جاء الساقي بثلاث كؤوس صغيرة من الكوكتيل. لم تطل الجلسة التي رحت أنافس بها أكثر السحيبة في العالم عل تلك الفتاة التي سرعان ما انهت كأسها و جاءت ورقة صغيرة كتب عليها 32 باوند رفعتها و ظننت بأنها حسابنا كلنا و مع ذلك نظرت مستغرباً نحو الآخرين لأراهم و قد علا على وجوهنا جميعاً علامات الغباء المتأصلة بجنسنا العربي, كانت الفاتورة لكل واحد منا , ال32 باوند هي حاصل جمع 2و سعر المشروب الذي ظننا جميعاَ أنه لا يتجاوز الأربعة باوندات . قالت الآن أرني من أنت! بعد أن اكتشفت أنني لا أحمل المبلغ بعد القصص عن أبي الذي يملك آبار بترول في الخليج و أنا أكلمها و كأنها جارية عندي. القصة انتهت بأن فتشونا و شلحونا من كل النقود التي نملكها في محفظاتنا و لكن للعدل و الصدق أقول بأن الفحل الذي فتشنا عرض علينا اجرة قطار الأنفاق لنرجع إلى بيوتنا فقلت له لا تزعج نفسك فلدينا البطاقات, التي اكتشفنا بأنها ضاعت بين ركام ثلاثة محافظ مقلوبة على الطاولة ...... كيف رجعنا !! اتصل محمد كركوتي الذي يسكن لندن منذ سنتين مع خاله ليأتي و .. يشرشحنا .. انتهت .

سودرتالية...منذ أيـــام

قبل أن أسافر إلى اللاذقيـــــة و كرد فعل على عدم اعطائي الفيزا الأمريكية قررت و زوجتي أن نشتري سيارة. بدأت بالبحث قبل سفري من خلال موقع مخصص لبيع الأشياء المستعملة. تستطيع أن تبحث من برغي أو طابع بريدي أو يخت يبلغ سعره 40 مليون ليرة سوري. المهم رحت أبحث في هذا الموقع عن سيارة بمبلغ أستطيع تأمينه. بدأت بسيارات موديل 1990 ثم بدأت أرفع السعر لأن السيارات بهذا العمر تكلف تصليح أكثر من أن تدفع أكثر و هكذا عندما رجعت إلى السويد رفعت السعر بموافقة زوجتي التي ستدفع هي سعر السيارة. انتقيت بعد اسبوعين من البحث عدة سيارات, باسات موديل 2000 و بيجو 406 موديل 2000 ثم باسات فولكسواكن 1998 و عدة سيارات كرايزلر فوياجر و هي من أكثر السيارات التي أحببتها. اتصلت بدايةً بمالك سيارة كرايزلر 1998 الذي قال آه لقد بعتها منذ ساعات "بالسويدي طبعاً" ثم بالسيارة المرشحة الثانية نفس الموديل لكن أقدم بسنتين علماً بأنها بنفس السعر "طبعاً بالمالك الحزين" الذي قال اهلا و سهلاً إذا كنت تريد رؤيتها. اتفقنا باليوم التالي أنا و صديقي طارق أن نذهب و نراها. كان طارق يريد أن أشتري السيارة الصغيرة و الجديدة "طبعاً بالمقارنة مع موديل 1996 لكني كنت أريد أن أراها. بعد نصف ساعة من المدينة التي أسكن بها وصلت إلى أشبه ببيت ريفي كبير بين أحضان سهل فسيح اشبه بملعب جولف. المالك يعمل سابقاَ بالبنك و من ثم أسس شركة استشارية و تعليمية خاصة بأصحاب الشركات التي يعمل بها لا أقل من 100 موظف حسب ما أذكر. السيارة كانت تماماً كما و كأنها خرجت من الشركة الآن. بعض الخدوش هنا و هناك لكنها غير واضحة. أعجبت بالسيارة و قررت شرائها فوراً. لن أتكلم عن البيروقراطية, سوء الحظ أو القدر الذي منعنا من دفع المبلغ بعد أربعة أيام انتهت أخيراً بأن نأت بالسيارة و نبدأ عملية التسجيل و التأمين التي طالت لليوم و لم ننتهي منها.. السيارة خارجاً لم أركبها منذ شرائها سوى 60 أو 70 كم .. تستهلك بنزين كما أستهلك أنا حياتي.. !

تورنتو البارحة !!!!!!!!!

البارحة اتصل صديقي العظيم وسيم خاشو ..يسكن و يمارس الحب في تورنتو !!

ثلاث ساعات من الكلام. انتهى الكرت و لم ننتهي من الكلام .. عجيب ذلك الأمر .. وسيم اتواصل معه دائماً و ربما أكثر من صديقي طارق الذي يسكن ذات المدينة !!

الحياة يا وسيم أشبه بمرور رائحة شواء و أنت تمر ماشياً بجانب مطعم اسبيرو. و جو شتوي دون مطر. ماشياً برفقة صديق ما تحبه .. ليست صعبة .. أما الزواج ... !!! ؟؟؟ فهو علامات تعجب و سؤال تاريخي لا أحد يعلم منه شيئاً .. لا تجربه .. !!

تمضي الأيام مجانياً .. الآلة الوحيدة الخرافية التي تدور دون طاقة .. الزمن ..العمر .. الموت .

سوودرتالية مدينة ذات 100 ألف نسمة إحدى ضواحي استوكهولم لكن لا يربطها قطار أنفاق بل قطار عادي . أغلب السريان و الآشوريين والكلدانيين يعملون و يحيون هنا. لا زالت نسبة السويديين كبيرة ربما النصف مع ذلك الخليط من الأجانب .. أكبر مصنعين في السويد هما أسترا زنيكا للأدوية و سكانيا المشهورة .. لا أجد عملاً هنا ..!

الزهور


تنام الزهور في المساء

خجلة من ضوء القمر ربما..

من نافدة مطلة على مقبرة تحت البيت

يركن هدوء المساء

ويلقي الليل ... لونه الداكن على شوارع مقفره

ربيع وياسمين ..

يبقى في فمي بقايا قبلاتك... فأنام دون عشاء

و أمارس الحب مع وسادتي....

البارحة ...

من النافدة داتها .... تسلقت روحي الأرض ..

هطل عطرا وتفتحت آخر الورود..

وفي الصباح الباكر ... أنبتت أقاصيصي للمرة الأولى .. أوراق و رسائل ..