٢٠٠٩/١٠/٢٣

برشلونة .. لازلنا ب 19 ايلول .. الجزء الثاني .. مدخل المدينة

"الشرق والغرب، باستمرار، أحدهما يبحث عن الآخر، ومن الضرورى أن يلتقيا".

"طاغور"





محمد يحب الطبيعة ويقدر جيدا الجماليات التي تمر أمامه .. الطرقات التي اختارها محمد, بعد تخطيط مسبق, قد جعلت من الرحلة ..فيلما وثائقيا رائعاً .. الأشجار التي تتوزع على طول الطريق, البيوت القديمة, المدن والقرى الهادئة, البشر القلائل, الذين ينظرون إليك بتحبب..عندما تسألهم عن طريق ما .. ثم هذه الجبال وتلك المساحات الخيالية التي تمتد أمامك فجأة, بعد دخولك إلى الطريق السريع ..( فذلك أمر لا مفر منه ) .. كنت في هذه الأثناء, أحمل الكاميرا, وألتقط هنا وهناك بعض الصور .. كان وقتاً غير منفصل عن جمالية الرحلة إلى برشلونة .. !!

قبل الحدود تماما .. مررنا بتلك المنطقة التسويقية .. الأسعار هنا أرخص بكثير من كلا الاتجاهين (فرنسا واسبانيا ) السيارات تسير بتمهل بسبب ضيق الطريق..المحلات كبيرة ومنظمة .. كل شيء هنا .. ابتداء من الطعام والمطاعم حتى الأجهزة كهربائية .. كل شيء جميل ..

بعض الأفارقة العرب .. ينتشرون على الأرصفة. يبيعون بعض الحلي المزيفة والساعات والأحزمة ... إحساسك بأنهم عرب, يثير بك خليطا عجيبا من المشاعر .. مشاعر الشفقة والنفور ..لابد من أن هذه البضاعة التي يبيعونها مسروقة !! هكذا يتبادر لذهني من أول لحظة .. !!( لماذا فقط العرب المنكوبين بأنظمتهم, يتجهون للأشياء الغير نظامية في بلدان أخرى .. هل هو النخر الذي سببته تلك الأنظمة .. القهر, القمع, الجهل .. أم العنصرية أو عدم الانصهار في هذه المجتمعات .. أم ربما الكل مجتمعين, مما يؤدي, لأتجاه المهاجرين الى الحياة السوداء في كيبوتزاتهم التي نسخت عن صور بيئاتهم وحنينهم وذكرياتهم ) كنت أتكلم مع محمد عن الموضوع نفسه .. إنها نتيجة مجموعة ظروف .. كأي شيء في عالمنا .. !! لاشيء يأتي بدون مسببات .. قال محمد متابعاً القيادة نحو ما كان يسمى بوابات الحدود ..

قطعت سيارتنا الحدود .. وظهرت شاخصة على الطريق, رسم عليها دائرة بالنجوم البيضاء على خلفية زرقاء .. إنها علم الاتحاد الأوروبي ..ثم كتب على أسفل يسار الشاخصة .. اسبانيا .. روى لي محمد قصة عن فتاة كانت ترافقه في اوروبا عندما قلت له قف, سأتصور بجانب الشاخصة!! " أن هذه الفتاة , كان همها أن تتصور بجانب الشاخصات التي ترمز مداخل حدود البلاد .. فكانت تتصور أمام هذه الشاخصات لتثبت ربما لأصدقائها أنها زارت تلك البلدان " ضحكنا سويةً لكن هذا لم يمنعنا من الوقوف بطريق العودة وأخذ الصور أمام الشاخصة نفسها ههههههه

أكثر من ثلاث ساعات وربع الساعة تقريبا, مر الزمن من نقطة البداية أمام المنزل بسان سيبيرين .. لدخولنا إلى مدينة برشلونة .. في البداية .. الشوارع المؤدية إلى مركز المدينة , تلك الابنية التي تشبه البناء الذي اعتدنا أن نراه في مدخل حمص أو دمشق .. بناء من ستة او سبعة طوابق .. برتل واحد متشابه .. شوارع عريضة جدا .. فارغة .. تشعرك بالكآبة والنفور .. قلت لمحمد .. لا يمكن أن تكون هذه برشلونة التي قرأت وسمعت عنها الكثير .. قال لي, أنها مدينة كبيرة جداً .. انتظر ستتغير نظرتك إليها .. !! كنت أشعر بأنها لاتريد استقبالي ..!! ترفضني بقباحتها .. امرأة شمطاء تضع عطرا قويا لا أستسيغه .. بل وأكرهه !! ثم رويدا رويدا .. خرجت من ذلك الإحساس . بدت لي برشلونة أنها تنكرت بزي آخر لتخدعني .. هاهي المدينة التي انتظرها .. مررنا أمام المسرح القومي الكاتالاني ثم المتحف الموسيقي ثم قوس النصر

..

محمد يبحث عن شارع مشهور يدعى شارع لارامبولا .. !! قدنا حوالي الساعة .. مررنا بألف معلم ومعلم .. كان محمد يردد لا رامبولا لارامبولا .. وأنا أنظر إلى تلك اللوحات الصغيرة التي توضع عاليا على ارتفاع 6 أو 7 أمتار بأسماء الشوارع وكأني أستطيع رؤيتهم !!!.. لكني كنت أدعي ذلك على الأقل كمشاركة وجدانية لا أكثر .. هههههه كم ضحكنا عندما نسأل المارة عن الشارع ..- وهم لا يتكلمون الإنكليزية بتاتا – فاقول أنا لارومبووولا .. فيستغربون وكانهم يسمعون كلمة جاءت من الفضاء هههه .ز يضحك محمد ويقول لارامبولا .. فيدلونا بلغتهم الاسبانية .. ونحن خير من فهم هذه اللغة .. فنضحك .. هكذا , إلى أن وصلنا بالفعل إلى الشارع الذي كتب لوحة تعريفه لارامبولا دي كاتالاني .. عظيم .. وضعنا السيارة في اقرب مرآب وبدأنا في مسيرنا لنكتشف هذه المدينة الخلابة .. يتبع

الجزء الأول

الجزء الثالث