٢٠٠٨/١٠/١٩

مايكل مور




الاولاد يصرخون .. زوجتي تعبة من كل شيء, بما فيه أنا وسلبيتي التي وصلت حد الكآبة وعدم الخروج من البيت لعدة أيام .. تتقافذ الاشياء أمامي, أحاول جهدي أن لاتصب أحد اهدافها المتكررة , بعد كسر وتحطيم حاسوبين منذ يومين .. عيوني التعبة وبطني المثقل بطعام اذدرته كالحيوانات المجترة .. نعس , تعس , تعب , وأفكر بالنوم مع ان الساعة لم تتجاوز السادسة ....!! يــــــــــرن الهاتف الارضي .. أرد أنا ..
هاي رفعت .. أهلاً أبو علي جاري العزيز .. لاشيء .. كلو تمام ... نعم ...نعم ... ليش لا !! .. اوك .. سأكون بانتظارك .. أغلق الهاتف واتجه للمطبخ الذي يقع مباشرة في نهاية الممر الطويل يبلغ من الطول بالامتار, مترا ونصف !! أسأل زوجتي ان كان ممكنا أن أذهب الى دعوة من صديقي وجاري أبو علي إلى فيلم يعرضونه في احد المصحات للعجزة .. والفيلم هو ســيكو* الرسالة الأساسية التي يطرحها فيلم Sicko، وهي المشاكل التي تواجه النظام الصحي في الولايات المتحدة.

التقيت مع ابو علي في الساعة السادسة الا الثلث واتجهنا الى برونسينغ .. احد مناطق سودرتالية السكنية .. ثم نزلنا السيارة لنتجه الى مبنى جميل , تذكرت بانني زرته مرارا منذ اربع من السنوات حين كنت ارافق زوجتي لكورس غطس لابني وليم البالغ من العمر آنذاك التسع او العشر اشهر ..!! دخلنا صالة صغيرة بها عدد من الاشخاص ربما لم يتجاوزو الستة وانا وابو علي اصبح في الغرفة ثمانية .. اما الشخص المفروض مجيئه في السابعة فلم يأت لأسباب لم نعرفها !!
شـــــــــــــــاشـــــــــــــــــــــــة العرض كانت تلفزيون ربما لم يتجاوز ال 42 بوصة ومن حسن الحظ كان الفيلم باللغة الانكليزية مما جعل الفيلم مفهوما ولا حاجة لقراءة الترجمة التي حتما لن تكون واضحة على بعد 4 او 5 أمتار ..

الفيلم SICKO كما قلت والجميع يعرف مايكل مور صاحب فيلم 9\11 درجة فهرنهايت اللاذع والحاصل على اوسكار لافضل فيلم وثائقي وهذا الفيلم صرخة حقيقية في وجه الطمع وفضح النظام الصحي الامريكي بشقيه الانساني والاجتماعي. وقد قال في مقابلة ب السي ان ان لمضيفه لاري كنغ .. إن النظام الطبي في الولايات المتحدة مبني على الأرباح أكثر منه على مساعدة الناس.

في حديث مع اختي على السكاي بي المجاني تناقشت انا واياها عن النظام الصحي الفرنسي , اخني مرام تعيش في باريس منذ سنة 1981 , قالت بأن المعلومات التي شاهدتها في الفيلم غير صحيحة وان مايكل قد بالغ في اظهار الدول الاخرى بمظهر بعيد كل البعد عن الموديل الامريكي الرأسمالي الشجع , إلا أن النظام الصحي في فرنسا ليس مجانيا البتة كما ظهر في الفيلم ..
بعد ساعة ونصف الساعة انتهى الفيلم ونوقش بسطحية لم تمتد اكثر من سبع دقائق , مع ان الفيلم يدعم مطالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي الذي يواجه الآن معركته الانتخابية المقبلة , أزيد على ذلك بدأ تحول المشافي التابعة للقطاع العام الى القطاع الخاص, مما يثير التكهنات الى ان السويد في طريقها الى خصخصة تشابه الى حد كبير النظام الامريكي وكل هذا في ظل الاحزاب اليمينية في كلا البلدين .. فالمدرات البرجوازيين الذين اتو الى الحكم بعد غياب 10 سنوات كان بملؤها الحزب الاشتراكي الديمقراطي, قد اتوا الى السلطة بوزراء ونواب واختصاصيين وخطط اقتصادية, واضحة كل الوضوح على ان هذا الحزب حزب الاغنياء والانتفاع الكامل للطبقات الغنية , أما ما تبقى فوالله .. لا يفرق عن شعوبنا سوى لون الشعر والبشرة و لون العنين ..

ركبنا السيارة .. واتجهنا الى البيت .. ابو علي اللطيف .. وعدني في اليوم التالي ان نلتقي ونذهب للمدينة نحتسي الشاي ونتكلم .. ولكنني في اليوم التالي كنت تعبا ومريضا حال ذلك عدم سماعي الهاتف وغرفي في نوم غير مريح مع خسارتي جلسة ظريفة مع جاري وصديقي ابو علي .. شكرا .. ابو علي الحبيب

مدح ظريف ..


أبي حكيمة راشد بن اسحق الكاتب" (توفي سنة 240 هجرية). وهذا الشاعر العباسي المغمور من أغرب الشعراء القدماء، فلقد ألف ديواناً كاملاً في رثاء "أيره". وبقي الديوان مخطوطة حتى قام الدكتور "محمد حسين الأعرجي" بتحقيقه وطبعه في "دار الجمل" (كلن، ألمانيا 1997).
لا نعرف كثيراً عن "أبي حكيمة" هذا سوى أنه ولد في "الكوفة" في أواخر القرن الثاني للهجرة، ثم انتقل إلى بغداد حيث عايش "الحرب الأهلية" التي وقعت بين "الأمين والمأمون"، ثم اتصل "بعبدالله بن طاهر" (وزير المأمون) في "مصر" كي ينتقل معه في أوائل القرن الثالث الهجري إلى خراسان.
شغل "أبو حكيمة" هذا منصباً رفيعاً في الدولة العباسية في ذلك الوقت. ومع هذا فالتاريخ لا يذكره إلا من خلال رثائه لأيره بإمعان وإلحاح حتى بلغ ما صنف في هذا الفن من من قصائد ما يربو على سبعين ورقة. ولقد تساءل القدماء عن سبب هذا الكلف بنوع من الشعر فذهبوا مذاهب شتى، منها أن الشاعر أراد أن ينفي بهذا الرثاء تهمة لصقت به من أنه زنى بإحدى خادمات "عبدالله بن طاهر". عموماً، لا يهمنا هنا كثيراً الأمر الذي دفع "أبو حكيمة" إلى الإغراب في مثل هذا "الفن" (حتى أنه كان ينشد الخلفاء قصائده) بقدر ما يعنينا اختيار بعض المقتطفات من ديوانه. ... يقول:
1)
يكفّن الناس موتاهم إذا هلكوا وبين رجليّ ميت ما له كفنُ
ميت تصافحه أيدي أحبته لم يفتقد شخصه أهل ولا وطنُ
كيف السرور ولي أير به عللٌ من الزمانة والأسقام، مرتهنُ
رأيته مالَ واسترخى فقلت له: ضعفٌ أصابك يا مسكين أم وسنُ؟
نكّستَ رأسكَ لا من قصة عرضت كالملكي عليه البث والحزَنُ
قد كنت أركض في ميدانها زمناً حتى تصرّم عنا ذلك الزمنُ

2)
إذا ذُكر الأيور بيوم خيرِ فلست بذاكر أيري بخيرِ
ينام إذا أصاب منام صدقٍ وينعظ في الخلاء وليس غيري
وأجبن في الطعان من ابن آوى وأشجع حين يخلو من "عميرِ"
3)
يا رب صائحة بالويل حين رأت ما بين فخذيّ من خزي ومن عبرِ
أير تعقف واسترخت مفاصله مثل العجوز حناها شدة الكبر
يقوم حين يريد البول منحنياً كأنه قوس ندّاف بلا وترِ ...
إذا أقامته "سلمى" مالَ في يدها مثل المرنّح يشكو شدة السدر
ينام ما طلعت شمس النهار له فإن دجا الليل لم يصبر على السهرِ
ولا يقوم وإن أيقظته سحراً كما تقوم أيور الناس في السحرِ
دبّ البلى فيه حتى ما يُصاب له جسم يضاف إلى طول ولا قصرِ
يُدعى إلى لذة الدنيا فيتركها كأنه مشرفٌ منها على خطرِ ...
تقول "سلمى" وقد باتت تغمّره ماذا بأيركَ من ضعف ومن خورِ
فقلت إن لان في كفّيك ملمسه لطالما كان صعب الرأس كالحجرِ
وطالما استعرتْ حربُ المجونِ له فكل فرسانها منه على حذرِ ...
*************************************************************************************
تنويعات على ماسبق:
وقائلة ما بال عضوك نائما فقلت لها: ما عليه مـــلاما
لو أن في الإبصار شيئاً يسره لهبّ إليه احتراما وقاما
لكنه والسوء يحف به توسد إحدى خصـيتيه وناما
====
مرت الأيام وتكاثرت الهموم .. وإللي كان بيعذبنا عشان ينام .. صار يعذبنا عشان يقوم
+++++
من أطرف الصور الشعرية قول "ابن المعتز":
وَعابِدَةٌ لَكِن تُصَلّي عَلى القَفا ............... وَتَدعوا بِرِجلَيها إِذا اللَيلُ أَظلَما
------
ولي أير أراحني الله منه صار همي به عريضاً طويلا
ينام إذ زارني الحبيب وعهدي به كان أن ينيك الرسول