٢٠٠٨/٠٤/١٩

lattakia




صحيح يا عزيزي أبو علي, فأنا لم أكتب عن رحلتي إلى لاذقيتي بل كتبت يوميات تنقلي بين الأحبة و الأصدقاء ليتسنى لي عند قراءتها, مرة أخرى, أن تنساب ذكرياتي بين تلك المحطات الجميلة. لكن حان الوقت لأكتب ولو قليلا عما بقي في الذاكرة من ترسبات نوستالجية دارت أحداثها هناك فشكلت في حياتي نظريـــــــة سأبقى مؤمنا بها حتى يغير الله ما بنفسي.

كان قرارا اتخذته الظروف, منها الزمنية و الاجتماعية و العاطفية. فأنا لي السنتان الا قليل لرجوعي آخر مرة من لاذقيتي, واشتياقي للبشر والإرث الذي تركته سنيني ال42 التي عشتها هناك, من علاقات وذكريات وأصدقاء. ثم الحاجة الكبيرة لأرجع أنا ..أنا الذي افتقدته منذ قدومي إلى هنا أواخر سنة 2002. وآخرا أن أنفض عني بعض غبار الحنين الذي لا يفتأ أن يطمرني بكآبة ثم بالندم والرغبة في الرجوع الأخير للاذقيتي .. نعم فهذه الرغبة مطمورة بالالتزامات الأخلاقية و العاطفية التي سببها طفلين وزوجة .. إذاً.. كان قراري بالذهاب بعد انتهاء دورة سياقه الشاحنة! وهكذا بعد التردد والخوف من النتائج المترتبة على الغياب من البيت ووضع مسؤولية طفلين على زوجتي التي بالكاد تتحمل مسؤولية نفسها ( علما أنني لا أشارك في لباسهم وتوصيلهم إلى المدرسة ولا إلى قضاء بعض الأوقات خارجا معهم) كان الأمر قد قرر واشتريت بطاقة ذهاب مدتها المحددة ب 35 يوم ..

لا أعرف .. الأحاسيس التي تنتاب البشر .. هل هي ذاتها التي تنتابني .. أم أن الرهاب والأمراض النفسية التي حشرت بي هي السبب !! لا أعلم إلا أنني دائما تتوه السعادة عن قلبي .. شعرت بالأسى و الإحباط في أن اترك عائلتي لأرفه عن نفسي ..أن أرجع أنا كما قلت, نفس الشخص قبل 6 سنوات . كان صعبا, لكن قد قررت الذهاب وشراء البطاقة ودفع المال لشراء الهدايا قطع علي التردد في إكمال قراري ..

بعد أيام كان موعد السفر .. حزمت حقائبي وبدأت رحلتي نحو المطار .. لم اطلب من احد أن يوصلني ولم يصلني أي عرض لإيصالي للمطار الذي يبعد اقل من ساعة عن مدينتي.

في المطار التقيت بشباب من مدينتي ..كانوا أما مودعين أو مسافرين, فقضيت الساعة الأخيرة في المطار بصحبتهم وكأني باللاذقية بين أولاد حارتي, كانوا يمزحون ويضحكون ويتبادلون قبلات الوداع .. كنت الغريب بينهم فانا لا أشاطر أي منهم أي تقاطعات , فبيتي يبعد عن أي منهم مسافة طويلة والمدينة التي اسكن بها ليست مكان مناسب للعيش كلاجئ أو كباحث عن عمل..

في الطائرة شاركني المقعد شاب من اللاذقية وفتاة من الرقة ظريفة وجريئة .. تكلمنا سوية حتى وصولنا مطار حلب, وإصرار الشاب أن يوصلني إلى البيت مع صديقه وعائلته وزوجه الشاب بالسيارة لاستقباله. وهكذا أحسست باللحظة الأولى أنني هنا في بلدي .. كم هي شاسعة الفرو قات ..

في اللاذقية التقيت بالجميع لكن الوقت لم يكفي فمددت الإقامة لشهر آخر .. ريما كلمة تجيز الرحلة .. عشت سعيدا مدللا .. كما لو أني ..رفعت قبل هذه الست سنوات ..

رفعت