٢٠٠٩/٠٦/٠٣

صديقي آفو وزوجته





إنني لم أعكر صفو حياتهم أبدا ,, إنني فقط أخبرهم بالحقيقة .. فيرونها جحيما .. !
(هاري ترومان)

آفو ..


لم أتقرب من ابن موجهي في مدرستي بول, وأتعرف إليه إلا حين انخرطت في تمارين كمال الأجسام بنادي عثمان الرياضي ابان التسعينات من القرن المنصرم .. كان بطرس سلوم احد الذين يتدربون معي, وهو شاب يصغرني بأعوام وقد تقرب إلي وأصبحنا نتدرب سوية, وهكذا تعرفت على آفو وهو من أصدقائه المقربين, وحين علمت بأنه ابن احد الموجهين في مدرستي الأب سالم, ومعرفة أبيه بي , توطدت علاقتي به, وهكذا بعد سنين, كانت لقاءاتنا القليلة فيها الكثير من الإخبار التي ينقلها لي عن أبيه بعد وفاة والدته رحمها الله وزواجه من أخرى . ثم تزوج من فتاة حلبية ظريفة جدا.. التقيت بهما عدة مرات هنا وهناك في شوارع اللاذقية .. في هذه الأشهر الثلاث التي مرت , أصر آفو على لقائي ودعوتي للغداء خارجا في المطاعم التي انتشرت بالآونة الأخيرة , خارج حدود المدينة .. وهكذا التقينا .. كان يوم جمعه في مطعم يقع على شاطئ صخري جميل , يضهر بالصورة هنا, التقطتها من النوافد الزجاجية التي تطل على هذه المناظر الخلابة ...

ربما تكلمنا عن الزواج والأولاد , عن المستقبل عن أبيه .. كان لبقا وودودا .. ةأأ

ثم ألتقيته ومعه زوجته, وأصر أيضا على دعوتي, وهذا جلسنا في احد المطاعم الرصيف ومن ثم تمشينا على شاطئ البحر لمدة طويلة ضحكنا وتصورنا وتكلمنا عن كل شيء .. كان شيئا ظريفا .. ووقتا ممتعا .. سأتذكره طويلا بلا شك ..

محمد داية





محمد داية ...أبو عمر صديقي

لم يكن محمد داية من أصدقائي إلا في آخر سنة من الثانوية في مدرسة خاصة .. محمد يمتازبالبنية القوية وذو قلب أسد .. في ال1979 كانت البلد في حالة اقرب من حالة الحرب الأهلية وكان محمدا يسكن اكبر حي في اللاذقية وهو الشيخضاهر.. نبتت صداقتنا بسرعة واصبح محمد من المقربين حتى من اهلي , كان لطيفا وكريما ومحبا .. تزوج محمد بعد وفاة ابيه بسنوات واششترى بعد بيع الاراضي التي ورثها مع اخوته ووالدته عن ابيه, ارض كبيرة وجميلة في السرسكية وهي قرية جميلة على طريق كسب .. وهناك كان لقائي معه حين كان بصحبتي احد اصدقائي القادمين من الولايات المتحدة الامريكية , كنان فتاحي ..



عند اضطرار عصام للرجوع الى اللاذقية بعد مكوثنا في قرية مشقيتا لساعات, قررنا أنا و كنان أن نتمشى في أرجاء القرية الرائعة بخضرتها وأشجارها . كنت قد قلت لعصام أن يتصل بمحمد داية, وكنت قد اتصلت به منذ عدة ايام ووعدي له بالقيام برحلة لعنده .. اتصل عصام وقال بأن محمد سيلقانا, بلا شك, بعد حمولة من العلف لمزرعته .. وهكذا بعد ساعة تقريبا , جاء محمد بسيارته الشاحنة وأوصلنا إلى مزرعته ..
مزرعته التي بها عدة مشاريع
حيوانيه منها إكثار العجول والبقر والأغنام .. كما لديه الدجاج والإوز والحبش و.......الكلاب .. فقد رأيت هناك أغرب وأضخم كلب رأيته في حياتي .. انه سكوبي دو وهو من نوع ..غراند دنوا..

كان كريما جدا وودودا , شعرت بأنه لازال الفتي نفسه محمد أبو عمر الذي تحدى شباب الحي كله عندما سمعت كلمة سخريه بشأن رامي عقدة الذي كان سمينا آنذاك ..
ولن انسى كيف نزل من السيارة وهي لازالت مسرعة ليقف ويتحدى 10 شباب مراهقين " أيضا لم نكن اكبر بكثير " قد رفعو أصبعهم لنا و وكيف انتشروا مثل الغنم .. !!
مر الوقت الظريف بالمزرعة بسرعة .. ثم دعانا الى
مطعم على سد بلوران !
في المطعم كثيرمن الناس, ظننت بأن سبب تواجد الناس بكثرة هو مذاق طعامه .. إلا أن الطعام كان سيئا كغيره من مطاعم اللاذقية, لم نكن بهذا الجوع ولكن محمد كان قد طلب طعاما يشبع 6 ضعف عددنا على الاقل , تلك العادة التي اكرهها.
أكل و شرب بعض زجاجات العرق وذكريات ملأت كل ساعات الجلسة.. عن المدرسة, عن ذلك الفطور المكون من 10 بيضات مقليين بقالب زبدة نصف كيلو, ثم حين وقعوا على السجادة العجمية ونحن ننقل الطاولة من مكان لآخر .. أم عن السهرة التاريخية مع عبودة عضيمة وباقي الشلة الى البستان الجديد ..كل هذا ولم تنتهي .. الذكريات اكثر من ان تقال في ساعات .. كنت استمتع بالوقت والرائحة والمكان والاصدقاء .. كنان ومحمد العزيزين .. ثم كما لكل شيء بداية ونهاية ... رجعنا اللاذقية .. حاملين معنا .. ذكرى أوقات رائعة مع رجل كريم وشهم وصديق واخ عزيز لاينسى .

" لتثير شهوة التملك لشيء ما.. اجعله صعب المنال " مارك توين


in order to make a man or a boy covet a thing, it is only necessary to make the thing difficult to obtain.
لتثير شهوة التملك لشيء ما.. اجعله صعب المنال

لم أعلم بأن تلك الفتاة ستؤثر بي هكذا .. فقد اتفقنا بكل ما آمنت به طوال حياتي .. الحب يأتي ويذهب .. الحب متعدد .. الحب آن .. الأحاسيس الجميلة والشاعرية تأت حسب الظرف والمكان .. حسب الجو .. انها خاضعة لآنية اللحظة .. هكذا كان لقائنا الأول .. صديقي ف الذي اقترح على صديقته س وزميلتها في العمل ش أن يأتيان لمنزلي ونحضر التبولة أو الفتوش وقليلا من البطاطا المقلية وما يوجد في المنزل من طعام وشراب !! وافقتا الفتاتين على الاقتراح, واجتمعنا في بيتي .. كانت الجلسة من الظرافة والمتعة بأننا احتسينا أكثر من ليتر جن, على أضواء الشموع التي حرصت على وضعها في أماكن عديدة لتزيد من شاعرية المكان .. كان يوما حافلا بالأحاسيس الدافئة .. كانت ش فتاة تصغرني بأكثر من عقدين من السنين, ناعمة وخفيفة الظل .. بقينا نتكلم ونهمس ونرقص ساعات عديدة في هذا الجو الرائع من الضوء والشراب والصحبة .. اتفقنا على كل شيء .. الحياة لا تقتصر على الأغنياء .. السعادة تحتاج لأنانية الذات , المجتمع وأمراضه, الحب والالتزام السخيف بالإخلاص والموالاة والرهبنة .. لا تجعلين من نفسك ضحية إسعاد الآخرين .. الفتاة ذو خبرة قليلة بالحياة .. ظروف عائلتها المادية والاجتماعية جعلتها ضعيفة في تجاربها الحياتية ..

التقينا مرات ومرات .. في كل مرة تكتشف جمالية أن تكون محبوبا .. أن تأت إليك فتاة تشعرك بأنها آتية لك وحدك .. نضحك على نكات ف و س ثم يتركوننا لوحدنا مع الموسيقى والشموع .. القبلات والجسد .. الشهوة والتابو .. حرارة كل منا تشعل الجحيم " حرارتي على الأقل " لها ثديين كبيرين وناعمين , جسد رقيق ومؤخرة بيضاء جميلة .. لم تكن شبقة لم تكن شهوانية .. شعرت بأنها بدأت تبدي قليلا من التحفظ على الجنس, لم أكن أمانع .. كان لدي البدائل .. في هذه المرة اللاذقية كانت مليئة بالجميلات واللواتي تعرفت عليهن هذه المرة أضعاف المرة السابقة .بالعدد والجمال ..!!

في احد الأيام أصررت عليها أن تأت بمفردها .. لم تستطع إلا وأن تكون معها زميلتها, مما جعلني أغضب وأغلق الهاتف حتى في وجه صديقي ف .. وبقيت يومان لا ارد عليها ولا على صديقي ولا على زميلتها .. بعدها عندما شعرت بأنني أبالغ في إظهار سقمي منها ... قررت أن أرد عليها وأن أوافق بأن ليس لها علاقة برفضها المجيء ذلك اليوم !! بدأت علاقتنا عبر الهاتف تعيد رومانسيتها وتواعدنا في اليوم التالي بعد الدوام أن تأت لبيتي ... ذلك لم يحصل .. بقيت انتظر وأنا أستشيط غضباً ... في اليوم التالي وعندما لم ترد على مكالماتي العديدة , أصبحت أشعر بأن شيء ما منها قد مسني بجنون .. وبقيت اتصل وهي لم ترد .. ليومين .. كان قد قرب موعد الرجوع الى السويد .. موعد الرجوع الى الحياة الكئيبة , صراخ الاولاد, كآبة زوجتي, كآبة الجو العام, الجلوس في البيت, البحث عن عمل, كل هذا أوصلني الى حافة الجنون.. وبدأت مرحلة الكآبة والتفكير بانهاء حياتي, ووضع سيناريوهات بعضها مضحك وبعضها محزن .. !! ثم بدأ شعور الحاجة لها , هي بالذات , تذكرت مقولة مارك توين ," لتثير شهوة التملك لشيء ما.. اجعله صعب المنال"

"in order to make a man or a boy covet a thing, it is only necessary to make the thing difficult to obtain".
نعم ثارت شهوة الامتلاك واصبحت اسيرا لها .. بعد يومين ردت على الهاتف وبدأت بالصراخ .. كنت مشحونا وانفجرت امامها بسيل من الكلام .. الذي لا اعلم لما قلته لها .. كانت كلمات جارحة لكنها حب ايضا .. قالت لي انت الذي علمتني هذا .. ثم لماذا تطلب مني أن اكون غير الذي علمتني اياه قبلا .. هذا صحيح .. تذكرت كم اقنعتها بالحرية وعدم الارتباط !!"" .. ثم قالت لي سآتي ..

وبالفعل أتت .. لقائنا كان باردا .. قالت ما قالته على الهاتف .. واسهبت في الحديث عن معنى علاقة برجل متزوج ويعيش خارجا مع طفلين .. أين هذه العلاقة !! أجبتها هنا .. في قلبي ..

كل شيء يبدأ ينتهي .. لكن مابينهما هو كهنه ومادته ووجوده .. .. بقيت تلك العلاقة .. بجو مختلف عن العلاقات الأخرى .. لكنها لطيفة وناعمة .. في اليوم ما قبل الأخير باللاذقية .. أحضرت لي بعض الهدايا للأولاد .. كان لطيفا منها .. قابلتها في الشارع مقابل المركز الثقافي .. أول مرة نتقابل في الشارع .. كان ذلك الشعور قد انتابني قديما عندما كنت اتفق مع فتيات أن اقابلهن في مكان ما بالمدينة !!

هكذا .. في اليوم التالي عندما رفضت اقتراح علي بأن يبعث بسيارة لتوصلني المطار, قطعت تذكرتي سفر بالقطار برفقة صديقي الى حلب ومنها للمطار ..

ووصلت السويد ... اتيت بيتي .. استقبلني اطفالي وزوجتي .. استقبلتني بلاد البرد بشمس قوية حارقة .. سماء صافية .. الصيف اتى والبحث عن العمل بدأ , والجلوس على الحاسوب وكتابة الذكريات عن اللاذقية لازال مستمرا ..

نتصل ببعضنا يوميا.. نكتب الرسائل عبر الخليوي .. كانت مريضة منذ يومان .. الآن منذ قليل رنة واحدة تعلمني انها تذكرني , فأرن أنا في المقابل.

كتبت لها هذه هناك ..

====

فوق الطاولة التي سجينا عليها

مسحت بكفك الصغير

كل الهه التي آمنت بها

ثم أفاجأ بأنك

سكبت نفسك في قلبي

كاس نبيذ أحمر .. مليء

تأتين بين الشروق والغروب

شمس ساطعة

وانا القمر ... الذي لا أرى إلا بنورك ............ مساء

انسى القصائد التي حفظتها لك

تنتهي الشموع

أشرب بقية الزجاجة

أرجع أطباق الطعام الذي أحضرته خصيصا لك

اسمح لضوء النهار بالدخول

يقف صوت الموسيقى

أقفل الباب الذي رددته منذ ساعات لألا تضطرين لرن الجرس والانتظار

كان ينتظرك كيسا كبيرا من الهدايا

بعض الاغاني والقبـــــل

لم تأت ..

كان ينتظرك .. أنا ..

ذو القلب الطيب الذي يجيد طبخ الأرز والحب

لم تأت ..

بقي على المائدة

كيسا .. به قلب ميت ..

أولد من .. ذاكرة حبلى بآلاف القصص

ومخاض تلو المخاض .. تتكرر الآلام

ننام ..ونحلم , كلينا بالآخر

أنا .... أحلم بكِ !

..

وأنت .... تحلمين بآخر !

ذاكرة تلملم لحظات لقائنا

فلبي الحزين

......... حقيبة سفر .. بلاد لاتعرفني

السيارة تنتظر تحت البيت

كحبل مشنقة متدل

==

كأغنية ... دخلت حديقة قلبي الجافة ....