٢٠٠٩/١٢/١٦

فوربيري .. سوق الذكريات ..


السعادة ليست شيئاً تختبره، بل شيئا تتذكّره.

أوسكار ليفانت



عندما يتصل بي جاري ابو علي .. يدور الحديث,
عن الصحة, يليها العمل والسؤال عن العائلة,... بعدها الخطط القصيرة المدى .... ينتهي الحديث ب ماذا تفعل الآن ..؟؟
أجاوب غالبا, إن لم يكن دوماً,... ليس عندي أي شيء .. !!
.. هل نذهب سوية إلى مكان ما .. !! يتابع أبو علي .. أجاوب .. نعم .. وبكل سرور. عشر دقائق , أنقر الباب .. حسناً .. !!

غالباً, ألتقيه.. خارج البناء .. , إن انهيت لبسي, قبل مرور تلك الدقائق العشر ..
انتظره.
أبو علي يتمتع بايجابية جيدة .. يعرف ماذا يريد .. ويدعم تلك الايجابية, مسيرة حياته فيما مضى .. تنقلاته بين بلدان العالم .. تجاربه مع بشر متنوعين ومختلفين .. ولازالت الأمكنة التي مر بها .. مياهها جارية في داخله .. يتذكر بدقة كل الاحداث والبشر .. !!
أهلا ابو علي الحبيب !.. أصافحه وأربت على كتفه .. يجيبني مع ابتسامة حقيقية, هلا هلا رفعت .. شو الامور !! على مايرام ! أجيبه . نركب سيارته .. وننطلق ..

في السيارة .. بعض الصحف والكتب المستعارة او المشتراة .. الموسيقى !! لا أعلم .. الآن وأنا أكتب لماذا لا أذكر أي شيء عن الموسيقى .. لا نفتح المذياع ابدا في رحلاتنا .. كنا في السابق ..ربما .. مرة او مرتين سمعنا فيروز في سيارته التي باعها منذ السنة تقريبا .. لكن في سيارته الجديدة .. لم أعد أذكر أن الموسيقى كانت ترافق أي من رحلاتنا .. حتى أنني لا أذكر بأننا سمعنا .. محطة راديو . او أخبار !! ربما لأننا في طريقنا الى مكان ما .. نتكلم .. نستعير من الموسيقى وقتا لنتكلم .. وقتا لنشعر بانسانيتنا , فالتواصل بالكلام,هو دليل اكيد, على أن البشر اجتماعيين.. نتكلم عن الذكريات , تجاربنا مع الأمكنة والبشر .. يتطور الحديث ربما, الى المزايا الالكترونية التي قرأنا عنها مؤخرا .. أوعن الجي بي اس الجديد الذي ابتاعه أبو علي مؤخرا .... ننظر على المساحات الخضراء او البيضاء وحسب الوقت والفصل التي تظهر ونحن في السيارة ..
نلقي ملاحظة أو دهشة .. تعبر نافذة السيارة الزجاجية, هنا وهناك, عن ذلك المنظر الخلاب من الاشجار الملونه في الخريف أو الخضراء في الربيع ..
صوت أبو علي يتكلم .. أنا أستمع .. !! الطريق غالبا نفسه .. طريق سودرتالية القديم .. الذي يعبر المناطق الريفية الجميلة .. !! إننا نتجه إلى سوق فوربيري , السوق الذي يبيع المستعمل .. والذكريات ...

Vårberg

تقع "مدينة" فوربيري على بعد النصف ساعة من مدينة استوكهولم العاصمة, وهي تجمع سكاني, في احدى بلدياتها ال:26 والتي يسكنها غالبية أجنبية الأصل بنسبة أكثر من النصف منهم اكثر من 40 بالمئة مولودين خارج السويد .. لذا أخذت هذه " المدينة " طابع غريب .. خليط عجيب من بشر أتو من مختلف الأصقاع .. أفارقة ولاتينين واسيويين واوربيين شرقيين ..

Vårberg slopmarknad

وصلنا ذلك الدوار الذي يتفرع الى جهات عدة .. منها فوربيري ..
يقود ابو علي, السيارة الى الساحة المعدة لركن السيارات, .. يدفع حسب الوقت الذي يرغبه ..فيأخذ البطاقة ويضعها على التابلوه .. !!
هكذا.... تمشينا قليلا لندخل بناء قديما. بعض ورشات التجديد انتشرت في بعض الامكنة ..
انه سوق مسقوف كبير .. يمكن لراكب قطار الانفاق الوصول اليه مباشرة عبر المداخل الكثيرة التي تتفرع في مختلف الجهات, ..
في منتصف تلك الساحة الداخلية من المركز "السنتر" هناك درج يصلك إلى سوق يسمى باللغة السويدية " لوب ماركناد" بما يعنيه حرفيا أنه سوق البرغوث .. وهو كناية عن تلك الاشياء التي تباع مستعملة هنا !!
سعر تذكرة الدخول في ايام العطل "سبت وأحد" يبلغ ال 20 كرونا سويديا للشخص أما في الأيام المتبقية من الاسبوع فهي مجانية .. !!
مسكت الدرابزون بجانب الدرج ونزلت خلف ابو علي..
أول احساس يستقبلك في هذا المكان هو, انصهارك مع بقية الجموع التي تتحرك بين الطاولات .. شعائر غريبة كانهم حجيج .. اشبه ذلك بالطواف... حول تلك الموائد العامرة بالبضائع الغريبة والقديمة وربما المسروقة .. ثياب, منحوتات, آلات صناعية, هواتف, الكترونيات باشكالها المتعددة .. وبعض المحلات المتعددة .. تستطيع قص شعرك, هناك المساج التايلاندي ..ومصلح الساعات والهواتف .. ترى, شرائط الفيديو والديفيدي والسيديات .. آلات الموسيقى , الكتب .. المفروشات .. الألعاب .. هنا تستطيع أن تلتقي ببشر برجال ونساء .. جميلات في بعض الاحيان.. بشر لازالت تحيا .. دمى, ..كأنها قطع ثمينة لازالت تنبض بالحياة ... كم هائل من بشر غريبين, هاجروا من كل انحاء العالم ,,ولن استغرب أن يوما ما, سألتقي بمحارب من الأمازون نفسها.. برمحه وبثيابه المختصرة .... !!
كنت في البداية أمشي بجانب ابوعلي , لكن مع الوقت وتكرار الزيارات وتكرار دعوته لي بأن لا ألتزم به , جعل التطواف بين هذه الموائد عشوائيا .. فأنا لا أملك الحس الجغرافي او المحلي .. او مايسمى ب احساس الموقع .. فأسير بشكل مضحك .. قف هنا ثم اقف بنفس الكان بعد قليل لشيء شد انتباهي .. أيضا لن انسى ضعف ذاكرتي, فانا أعتقد أنني رأيته في مكان أخر..!! وهكذا .. يسير المرء متنقلاً بين الموائد والبشر .. روائح الماضي .. صوت موسيقى لاتينية .. أوشحة مرسوم عليها وجه غيفارا الخالد بقبعته ذات النجمة الخماسية وشعره الطويل .. أزرار , تلك التي تعلق على الثياب .. مجلات ال ستينات والسبعينات .. اسطوانات الفحم والبلاستيك الاجدد .. فرانك سناترا , شارلي باسي, ارت كارفنكل وبول سايمون .. أتذكر الفونوغراف الرائع, الذي ابتاعه والدي .. سيارات الماتش بوكس .. التي كانت هاجسي وأنا طفل .. احلم بانني تقلصت فادخل بها ... الالعاب المصنوعة من التنك .. البوسترات .....كل تلك الاشياء ربما مات من لبسها من استمع على تلك الاغاني .. .. بشر رحلوا ولم يبقى منهم سوى أغراضهم .. حتى عصي العجزة .. الكثير منها في سلة واحدة .. كلها للبيع .. لكني هناك لا اشتري الكثير .. بل ما آخذه من هناك شيء آخر .. انه الحس الاحتفالي الذي يلبسني أجنحته لأنتقل بالزمن والمكان ,... فأعيش في تلك اللحظات بزمن قديم .. كأن أتخيل نفسي, في سوق للعبيد في المغرب كلوحات المستشرقين , أو أنني أسير في سوق كبير في الاندلس .. في منتصف افريقيا , عندما شاهدت امرأتين تلبسان الزي التقليدي الملون والمزركش .. يا الهي .. أحلق .. في سماء مرسومة بوجوه البشر .. روائح عطورهم .. عرقهم .. روائح ثيابهم .. التق بأبوعلي عند طاولة , نقطة ما , يقول لي .. نمشي .. طبعا أبو علي .. نمشي .... فانتزع نفسي من السماء .. وامشي بجانبه , صاعدا الدرج في طريقنا الى السيارة .

٢٠٠٩/١٢/١٥

أصدقائي في السويد ..



إعمل الخير لأصدقائك يزيدوك محبة، واعمل الخير لأعدائك ليصبحوا أصدقاءك.
( تولستوي )

في السويد ... يعيش البشر حالة غريبة من ترتيب الوقت .. نهارهم قصير .. عملهم طويل .. التزاماتهم, تقضي على ماتبقى من وقتهم .. لايبقى لعلاقاتهم مع الآخرين أي قضمة من شطيرة الزمن الصغيرة ... لكن عند الأجانب وهم بما فيهم العربان والغربان .. يبقى لعلاقاتهم مع الأصدقاء نصيب ما .. قضمة على الاقل من هذه الشطيرة ... هنا سأسرد بعضا من طعم الاصدقاء ..!!

نـــــــــــور

عندما قررت زوجتي شراء سريرين متراكبين للأولاد لتزيد مساحة غرفتهما, لم اعلم بأن ذلك الاجراء سيتبعه عمليات شراء وتغيير جذرية في البيت لم تنته لوقتنا هذا اي بعد شهرين .. اشترينا السريرين مستعلمين .. فككتهما ثم نقلتهما ثم عملت على تقليل عرضهما لبتناسب مع قياس عرض الجدار وتركيبهما مرة اخرى .. ثم رجعت البيت لأرى في اليوم التالي ان المكتبة التي احتفظ ببغض ثيابي واغراضي بها, في غرفة نومنا, قد انتقلت الى غرفة ولدي ... وأصبحت الثياب وبعض الاغراض التي كنت احتفظ بها في الخزن السفلية, مرمية على الارض بجانب السرير.. كانت طلب زوجتي التالي شراء خزانة ثياب ... !! بارتفاع 236 سم .. بدأت البحث في النت على خزانة تناسب ذوق زوجتي .. الاولى جلبناها من أخر استوكهولم .. لم أتكلم عن ضياعي والضغوطات النفسية والعصبية التي تصيبني عندما اقود أي شيء داخل استوكهولم .. كحالة نفسية نتجت عن عدة حالات من التيه في شوارع استوكهولم بسيارة شاحنة ترتفع عن الارض فوق الاربعة الامتار .. !!
... قررت زوجتي ان الخزانة تناسب المدخل .. ثم بدا البحث مرة اخرى عن خزانة مناسبة لغرفة النوم التي لازالت معظم مساحتها مفروشة بثيابي ..

مساء... اقنعت زوجتي بخزانة تناسب ذوقها وسعرها بالنسبة لي .. لكنها بعيدة حوالي أكثر الستين كم عن مدينتي ..
كانت الساعة حوالي الخامسة بعد الظهر ..
السماء ملبدة بالغيوم وضوء الشمس الضعيف.., لم يستطع في تلك الساعة, ان يخترق جدار السحب الرمادية .. العتم ينشر لونه الكالح فوق البيوت والطرق الخالية من الانارة .. والمطر يهطل .... اتصلنا بالمعلن واتفقنا معه على ان ناتي بها اليوم بناء على طلبه .. وخوفا من ان تباع لغيرنا .. وافقنا على ان نأتي ونحضرها .. لكن وبالتجربة التي سبقتها مع خزانة ذات حجم اصغر .. رأيت أن سيارتي الضخمة ذات المحرك الذي يزرب وقودا أيضا, لاتستطع مساحتها الداخلية وتصميمها ان يتسع للخزانة المنشودة .. فاتصلت بنور .. نور صديقي منذ مايقارب ال7 سنوات .. اي انه اول صديق اتعرف اليه وهو زميل لي في دورة اللغة السويدية .. كتبت عنه الكثير في اولى ايام المدونة ...!! نور شاب عراقي في الثلاثينات من عمره .. شاب شهم بحق .. أثبت ولعدة مرات شهامته... سواء بتلبية اي طلب يطلبه منه اصدقائه او بمساعدته لاشخاص عدة ... ولن انسى أنه يعرض مساعدته الغير محدودة, الا بامكانياته, في اي مساعدة أطلبها .. !! كان منها عروضه لتوصيلي الى مطار كفيستا بمنتصف الليل كما أنه من ساعدني في أن نذهب سوية وبسيارته للبحث عن قطعة غيار لسيارتي, التي لم اجد منها في اي مكان باستوكهولم .. وعندما أخذني لمقبرة السيارات .. بالفعل وجدت القطعة وبقي معي حتى أخذتها "فككتها من سيارة مشابهة لموديل سيارتي " وأرجعني البيت ...!!
لم أتردد .. أعرف باني أمون على أن أطلب منه أي شيء .. العلاقات التي تشعر بأنك على مقربة من الشخص بحيث تستطيع ان تطلب منه أكثر من اخيك ذاته .. اتصلت به وقلت له

ان كان في استطاعته أن يساعدني في ذلك .. أي ان يأتي بسيارته لانها مجهزة بحوامل سقفية .. !! كان قد أتى لتوه من دورة في استوكهولم .. فقال لي امهلني 20 دقيقة لاكون في انتظارك عند باب بيتك .. لم يقل كلمة أخرى .. لا إلى أين ولا حجم الخزانة .. كان جوابه أستطيع فعل مابوسعي لاساعدك .. !! وبالفعل .. جاء نور بعد اقل من 20 دقيقة .. تاركا طفله وزوجته بالبيت, آتيا بسيارته .. عرضت عليه أن أدفع على الاقل الوقود .. لم يقبل أصريت على ذلك مرتين وثلاث .. لكنه قال لي في النهاية .. عيب عليك رفعت .. ماذا خبأت للسويديين "بمعنى اننا عربا واصدقاء ولسنا كما يفعل السويديون" ..
حمل معي الخزانة ساعدني في تفكيكها ووضعها في سيارته وتكلمنا وضحكنا في الذهاب والاياب .. أوصلني البيت وساعدني بادخالها وودعني .. شعرت بقطرات المطر تسقط على رأسي وأنا انتظر ليركب سيارته ويقودها عائداً إلى بيته .. لوحت يدي له مودعا .. كانت سيارته تبتعد وتختفي تدريجيا في الطريق المائل نزولا, بعد البناء الذي اسكنه ... وضعت يدي في جيب بنطالي المتسخ .. ووقفت تحت رذاذ المطر الذي انعش ذاكرتي بشريط طويل من الذكريات المشتركة بيننا .. ضحكاتنا واختلافاتنا وفي بعض الاحيان خلافنا الذي طال اكثر من سنة منذ 4 سنين .. أشكرك نور .. لأنك صديقي .

أبــــــــــــو علـــــــــي

تعددت أوجه علاقتي مع جاري أبو علي .. فهو أقرب الاشخاص إلي .. باعتبار أنه يسكن فوق مسكني بطابقين .. !! أي انه جاري .. وصديقي .. ونشترك بمناقشات تغني جلساتنا المتعددة وهو من القلائل الذين أتناقش معهم امور حياتي حتى الحيمية منها .. !! يدعوني دائما .. لأماكن عديدة .. صالات ومطاعم وامكنه .. تعرفت على معظم مناطق استوكهولم بمعيته .. ياخذني بسيارته ونتناول الشاي في منطقة ما .. نعبر عدة مدن .. عدة بحيرات وحقول .. نحتسي الشاي هنا وهناك .. أبو علي له فكر خاص وجاد .. استمتع بمرافقته وافتخر بصداقته .. انه يزيدني عمرا وخبرة .
حين قررت الذهاب الى اللاذقية كان ابو علي من المشجعين على ذهابي .. بل وساعد لعدة مرات في مساعدتي لشراء الهدايا في الامكنه التي يأخذني اليها .. أن عددت ما فعله ابو علي ,, لطال الشرح .. لكن .. لابو علي نوعيه خاصة وخاصة جدا في اظهار اهتمامه .. لناخذ مثالا عن ما فعله لاجلي في الآونة الأخيرة حين علم أنني أريد حقيبة كبيرة ..
عندما .. بعد ظهر يوم ما .. دق جرس الباب .. ففتحت .. كان ابو علي ومعه كيس بلاستيكي كبير .. رحبت به ودعوته الى ليدخل المنزل .. كان المنزل خاليا من الجميع ماعداي .. قال لي .. هذه لك .. افتحها .. .. بدات في فتحها .. كانت حقيبة قماشية رائعة .. قد اشتراها لي من مكان بعيد .. لأنني كنت اتحجج في عدم ذهابي بانني بحاجة لشنطة سفر كبيرة وخفيفة .. كانت الشنطة رائعة .. وأبو علي رائع أيضا ...... لكني لم اسافر .. بل بقيت انتظر ابو علي لشرب الشاي بقرب بحيرة او ان نزور محلا مليئا بنوستالجيا وبشر وروائح .... !!

أحمــــــــــــــد ..

ابن بلدي .. وصديق استوكهولم .. هو واخيه بلال .. أنام عندهم في اي وقت أريد .. انا المرحب به دائما كما يقولون ...!! آت كضوء برق .. لايسبقني شيء .. اكون في استوكهولم فاتصل لألتقي به او بأخيه بلال .. نتصل يوميا نتناقش عن الغربة عن العلاقات بين البشر .. عن الله والانبياء .. عن دور الحكومات عن المؤامرة .. عن امراضنا عن النساء .. عن كل شيء ..
اتصل بي منذ اسبوع قائلا .. رفعت لقد اتيت لك بخفافة رياضية .. هكذا .. دون ان اوصيه لكنه يعرف بانني أحب هذا الموديل .. فجلبه لي ..الشيء الذي اعتبرته اهتماما .. هو ان الأصدقاء لايحتاجون للكلام .. انهم يعلمون ماذا يريد الآخر .. حقا .. أصدقاء
سأتكلم عن البقية في بوست اخر

٢٠٠٩/١٢/١٣

أشياء كثيرة .. منعتني من السفر إلى البلد ..


لأن يحيى المرء بدون تفلسف هو حقا كمن يظل مغمضا عينيه لا يحاول أن يفتحهما: والتلذذ برؤية كل ما سيكشفه البصر لا يمكن أن يقارن بالرضى الذي ينال من معرفة الأشياء التي تنكشف لنا بالفلسفة. ديكارت

.. هل يعني ذلك أنني سأبدأ هنا في التفلسف حول اسباب ترددي او التي منعتني من السفر الى بلدي اللاذقية !! نعم .. كل شيء كل حي, كل حركة, لها تفسيرها المنطقي ............ والفلسفي !!!

.. عندما .. بوما, قررت اتخاذ اجراءات السفر إلى البلد, كان لي من الاسباب التي حثتني على السفر, أكثر بكثير من التي تبقيني هنا .. !!
عندما .. يوما, أنزلت حقيبة السفر من المخزن وبدأت في ترتيب, ما يمكنني ان أحمله من هدايا ومستلزمات السفر, كان لي من الرغبة أن أذهب دون رجعة .. أن أهرب راكضا, طائرا, سابحا من ذلك الجفاف الذي بدأ في طقطقة روحي وبدء انهيارها ..!!
عندما .. يوماً, ذهبت إلى مكتب حجز التذاكر وبدأت في اختيار يوم السفر وشركة الطيران وسعر التذكرة ... كان فرحي بلقاء الاصدقاء واختي وأخي واستعادة ذلك "الرتم الجميل من الروتين اليومي" في الحياة المليئة بصخب العلاقات ... كبيرا جدا !!
عندما .. يوما, أتيت لزوجتي, الحامل في شهرها الخامس, واتفقنا بأنني سأرجع عندما يحين أو يقترب موعد الولادة .. كان ذلك سهلاً وبدون منغصات النقاشات التي تجري عادة مع الزوجات بشأن تركههن بتلك الظروف دون زوج..
كان كل شيء يجري بهدوء وبتسلسل منطقي للسفر, حتى أنني كنت متشوقا للقاءات ظريفة مع بشر رائعين قد التقي بهم في اللاذقية, كانوا قد أتوا للبلد لفترة قصيرة ..
اتصلت بالاهل والأصدقاء .. قلت لهم أنني قادم خلال أيام ..
بدأت في شراء ما يمكنه أن يكون مناسبا لمقتدراتي المالية أولا وأخيرا .. في الفترة التي تسبق موعد السفر ...!! لكن .. التذكرة لم أحدد توقيتها ..!! كانت توقعاتي انني بيوم واحد سأقرر الموعد وبما أن مواعيد الطيران لسورية متعددة .. اكثر من رحلتين اسبوعيا .. كان القلق بشأن التوقيت ليس بشيء يذكر .. قال لي صديقي "أكرم" بأنه يستطيع تأمين حجز قبل يوما واحدا فقط .. !!
.....عظيم .. كانت الامور سلسة, تجري بشكل مقررسابقا له ومخطط .. إنما ماذا حصل ..!!
كان ذلك كله منذ أكثر من شهر ولازلت عالقاً هنا .. أتى البرد وبدأت الثلوج .. واصبحت زوجتي بشهرها السابع .. بدأت تتعقد أمور سفري .. حقيبة لاتتسع لهدايا لملمتها من محلات المستعمل .. حجمهم كبير لكنهم دون وزن .. الجاكيت الجلد, التي اوصتني عليها فتاة لا استطيع رفض طلبها, الموبايلات, التي اشتريتها بسعر مشجع جدا من مكب النافايات لكنها بحاجة لفتح القفل الخاص بشركات المحمول هنا .. والتي ايضا تكلف الكثير ..
قلقي على زوجتي ووليم وفكتور .. هل باستطاعتها ادارة اعصابها بشكل يحول دون انهيارها من اول يوم اتركها به عند موعد ذهابهما الى المدرسة والضغط النفسي الذي يسيطر على افعالها معهما ..!!
طلباتها... بتأمين خزانة جديدة للثياب المبعثرة هنا وهناك في غرفة النوم, بعد نقلها للمكتبة التي كنت احتفظ بهم فيها ... ثم سرير جديد للمولود المنتظر .. بعد بيعها للقديم الذي استعملناه عند مولد وليم وبعده فيكتور .. !!
بعض نصائح الاصدقاء وأخوتي بالانتظار ريثما تلد وتستقر الامور ..
اموري المالية التي أصبحت على وشك النفاذ بسبب فتح ابواب الصرف لزوجتي "باعتبار انها صاحبة الدخل الاكبر بالعائلة وحقها فيه" .. هذا هنا في السويد ... !!
أما في البلد فهناك من المنغصات التي لاتعد ولا تحصر!!, منها, مرض خالي خالد الذي يقيم عند أخي منذر وطبيعة علاقتنا معه والمشاكل التي يفرضها الوضع هناك ... !! مشاكل البيت التي تجددت .. الامور لم تعد كما كانت من قبل .. الغلاء الذي حط على البلد .. الوضع السيء الذي استجد مع صرف بعض الاصدقاء من وظائفهم والامور المعيشية السيئة التي ستفقد متعتي بالبلد .. الأخبار التي تأتيني من هناك والتي تسبب لي حالة من الكآبة .. أمور وامور لا استطع حصرها ..
.. تعرفي على صديقة والالتقاء بها بعض الاحيان بالسويد نتسكع هنا وهناك .. تدعوني على سندويش وبيرة .. !
وجدت هذا ممتعا جدا .. مما حدا بي الآن لشراء بطاقة قطار اسبوعية .. اجبرني دفع سعرها لأن أذهب يوميا الى استوكهولم والالتقاء بالبشر والشوارع من جديد .. ماذا عن السفر إلى البلد .. لا أعرف .. ذهبت معظم الرغبة .. بقت رغبتي بالرحيل الكبير أقوى .

٢٠٠٩/١٢/٠٢

الأحزان الحقيقية للروح


صار لي زمن لم أكتب هنا اي شيء .. حتى أن عمر وهو صديق لي, قد كتب لي التعليق التالي
"
اي والله ملينا!!!! شنو هاي تارك المدونة للعناكب والافاعي حتى انها اصبحت مثل مغارة علي بابا شنو السالفة كأبة قاتلة , مرض مزمن , رغبة بالموت , حنين للوطن , موقف سياسي , قلة وقت , حب جديد , هواية جديدة , وينك ؟؟؟ فينك . فين انت ؟ يارفعت يامصري؟".. !!
مالفت انتباهي هو أنه بالفعل نجح في احراز الضربة القاضية بمعرفة كل أسباب توقفي عن الكتابة هنا .. سأبدأ بالكآبة قاتلة ..
الكأبة .... عبر ما أمر به يوميا من احباطات وضغط نفسي وقلة نوم وهموم وقلق .. أجد من المنطق والطبيعي أن يطلق على هذه الحالة .. حالة من الكآبة .. لكن هناك في مايسمى في علم النفس أعراض ناتجة من مسببات منطقية .. كالفشل, الخسارة, الرسوب, هجر الحبيب, موت احد المقربين ...الخ, هذه ربما تسبب تلك التي تسمى صدمات نفسية وينتج عنها مزاج متقلب بسبب تلك الكيميائيات التي تتفاعل في الدماغ !! او مايسمى بالمصطلح العلمي
" الاختلال الوظيفي الداخلي "هذه المسببات, عصبية كانت او نفسية هي المسبب الرئيسي للكآبة ..

في حالتي الراهنة هذه, لا أجد هنا أي تفسير ينطبق علي .. فانا لم أمر بتلك المسببات, اللهُم إن استبعدنا حالة العطالة عن العمل كمسبب !!
لكن إن درسنا الحالة النفسية لشخص اجتماعي مثلي .. اجتماعي, أتت كمثال لشخص يفضل وجود أشخاص دائما بقربه .. أي احتكاكه بالآخرين عن طريق التفاعل .. الحديث, الرفقة, الاشياء المشتركة .. الخ ... ثم وضعناه في مجتمع جديد .. يحاول هذا الشخص التأقلم أولا بذلك النسيج الجديد والانصهار به. يحاول ويحاول .. لكن في النهاية تأت النتيجة أن هذا النسيج لايقبل في تركيبته الأصلية, خيطا مصنوعا من مادة أخرى, لون آخر أو تركيبة مختلفة .. ماذا ستكون ردة الفعل ... الانزواء والشعور بالوحدة .. هنا يفرض الحزن والحنين وجوده بقوة, ربما يؤدي ذلك إلى مزيج من حالات الاختلال الوظيفي الداخلي الذي أحدثته تلك الحالة .. هنا أسمي هذه الحالة بالمزاج المتقلب .. !! تارة تصيبه أفكار سلبية متأتية من حالة الاولاد وحالة الزوجة أو وضع سيء صحي آني .. ثم يجب أن لاننسى انطفاء شعلة الشباب والتغيرات التي تحدثها السنين في الشكل والطاقة وهو مايمكن ان يكون
ايضاً سببا !! الحالة الثانية مشاعر الالتزام الاخلاقي بالعائلة .. أمرأة حامل .. وطفلين في اولى مراحل الدراسة .. الاعمال المرتبطة بالوضع الجديد .. الاستيقاظ باكرا ومساعدة الجميع في الطعام والتنظيف والباس وتصليح السيارة وتوصيلهم .. أنا العاطل عن العمل ولاشيء لأفعله سوى انتظار التعليمات !!! هذه تؤدي حتماً إلى حالة من الكآبة القاتلة بانعدام أي متعة أو معنى آخر للحياة .. حقيقةً.
نأتي على... . . . المرض المزمن ..
نعم أعاني أمراضا مزمنة .. مرضي المزمن انعدام الهدف من حياتي .. !! ناهيك عن أمراضي الجسدية التي اعاني منها , كالبدانة مثلاً .. انقراص الرقبة والظهر ..الزوجة والاولاد ... السويد ههههه
رغبة بالموت ..
يعلم صديقي عمر كم أتمنى أن أتخلص من حياتي .. فأنا صاحب أكبر عدد لمحاولات الانتحار .. بدأتها منذ ان كنت في عمر السابعة .. ولو انها بلا ادنى شك .. كانت محاولات فاشلة .. الدليل .. انني هنا واكتب .. !! وكتبت عن الموت كثيرا .. !! كبديل عن حلول كثيرة لكل المشاكل والامراض..!!
حنين للوطن
مرض جميع المغتربين بلا منازع .. فها قد أصبحت مدة غيابي عن الوطن أكثر من ستة أشهر .. !! اشتقت للجميع هناك .. !!
موقف سياسي
من من !! من المدونة هههههه لكني بالفعل في الآونة الاخيرة بدأت أهتم قليلا بالسياسة هنا .. وبدأت أشك بأن السياسيين هم الطفرات الفاشلة للعصابيين السيكاستينيا ..
تعريف هذا النوع من العصاب كما جاء في موسوعة الويكيبيديا "السيكاستينياوأعراض هذا
العصاب إنما ترجع أصولها إلى الإجراءات الصارمة التي فرضت على المرء، وهو بعد طفل، خلال تعويده مبادئ النظافة الخاصة بالتغوط ..." هههههههه"
قلة وقت
من يصدق أن هذا صحيحا لرجل لا يملك عملا لا يمارس هواياته .. بل جالسا على حاسوبه طول اليوم .. لكن الكتابة تحتاج الى وقت من نوع اخر .. حقا .. ثم الروتين الذي أعيشه .. يقتل كل الوقت .. الاستيقاظ اليومي الباكر .. مشاكل الاولاد مع الملبس والطعام ... الزوجة الحانقة والمضغوطة بكل شيء تعمله .. الجلوس في البيت والرد على رسائل الاصدقاء والتشات قليلا مع الاصدقاء المشتتين في بقاع هذه الكرة القلقة مثلنا !!!.. يأت الاولاد .. مقلوبا الامر والنوم .. لن انسى الاستمناء .. ههههه حب جديد
نعم ..!! لاتعليق هههههه
هواية جديدة
ليس لي متسع للوقت لأفتش عن شيء جديد .. !!
.
.
.
هل أجبت بما يكفي ..!!

٢٠٠٩/١١/٠٨

دانيال وتينا .. ودعوتهما لي, إلى نينس هامن !!




بورخس يقول : حين يمنعنا أحد من إظهار بهجتنا فأن قلوبنا تصفق.. ..


علاقتي مع جاري أبو علي "دانيال" مع قصر مدتها, لا تختصر بصفحات عديدة .. فهو الوحيد الذي أشعر معه بعلاقة تشبه علاقاتي التي أحبها وتركتها في اللاذقية .. تلك العلاقة التي لاتقتصر على قتل الوقت بل على التمتع بانسجام الوجود مع الفكر والمحيط .. محيط الطبيعة الذي يعشقه أبو علي ويركز عليه في كل الأوقات التي نقضيها معا, سواء في المشاوير القصيرة التي لا تتجاوز صعودنا المرتفع المقابل للحي الذي نسكنه, أم للسوبر ماركت الذي يبعد بضع مئات من الأمتار .. هكذا .. بالعادة يتلفن , يسألني عن أحوالي, ماذا أفعل, ثم, كمن يلقي الكرة في قلب الهدف .. أتريد أن نتمشى قليلاً , فأجاوب بالتأكيد ..

كتبت سابقاً عن رحلات عديدة معه .. أعتبر رحلاتي مع جاري العزيز وفي بعض الأحيان, زوجته, من الأوقات التي تشعرني بوجودي والتي أيضا أسر بها كثيراً ..

كانت زوجتي قد عادت من رحلة قضتها مع الأولاد وأمها في جزيرة –لا أستطع تذكر اسمها- وبدأت تقص علي كعادة بنات حواء, ما جرى معهم وما كان وما حصل وكيف ولماذا .. - أمور اسمعها بأذني اليمين المعطوبة جراء ضحكة ليست في محلها بسجن عسكري أيام خدمتي الإلزامية- والذي يبقى في الذاكرة هو ذلك اللحن المتكرر (ذات الكلمات والحوادث, الاولاد وما فعلوه مع جدتهم و و و والخ ..) الذي تسمعه مرارا .. ثم جاء اسم , نينس هامن, ليتطابق مع ذات الاسم, مرات عديدة, عما سمعته من رفاقي أيام دراسة اللغة, .. فصرت أنصت قليلا , دون الغاء فلترة الحديث .. تكلمت عن جمال المدينة , وداعتها ,مينائها و المطاعم المنتشرة واليخوت والسفن الأمر الذي يذكرني ببلدي ...

في اليوم التالي ,وهو يوم السبت, ألتقي صدفة عند الدرج ب تينـــــــا, "زوجة أبو علي", وأبو علي ..بعد التحيات والأسئلة الكلاسيكية سألتهما, إلى أين !! فقالو إلى مكان ما في البلد, تفضل ! فقلت لأا أشعر برغبة في الجلوس بقهوة بمنتصف البلدة !! لا أعلم كيف بدأ الحديث عن نينس هامن , ربما من رغبتي برؤية هذا الميناء ذكرته أمامهم .!!.فقالوا.. هل تريد الذهاب الى هناك .. فوافقت على الفور .. وبعد لحظات كنت أركب سيارتهم وباتجاه نينس هامن ..

الطريق جميل جدا .. طبيعة خلابة بالتأكيد.. ثم بعد حوالي الساعة كما عند مشارف البلدة .. ركنا السيارة بمكان , واتجهنا الى الميناء .. مرورا بمركز المدينة التجاري .. شيئا رائعا .. الابنية .. المقاهي المتعددة, التي تمددت, كفتاة جميلة عارية, على جانب البحر .. الرصيف الملئ باليخوت والبشر الذين جلسوا على المقاعد الخشبية الجميلة .. بشر معظمهم سويديين على ما أظن!! الجميل بهذا كله, شعورك بالألفه مع المكان .. هل هو البحر .. البشر .. الحرية التي تشعر بها كلما بعدت عن بيتك وهزائمك .. لا أدري .. إنما كان شعورا جميلاً .. دانيال وتينا لم يبخلا كعادتهما بأي شيء .. الايس الكريم واللطف والاهتمام ..حقا يشعرك البشر الجميلين بالحياة ..

مشينا عبر المدينة .. كان يوم عطلة .. السوق المركزي مغلق .. لكن المقاهي والمطاعم تعج بالناس .. الدراجات النارية الرائعة والكبيرة والفخمة "أغلبهم هارلي دافيدسون" تصطف أمام المقاهي, لفت نظر تينا , دراجة رسم عليها ألسنة نار , بألوانها الحمراء والبرتقالية والصفراء .. كانت دراجة كبيرة وغريبة .. وقفنا قليلا, نتمعن بها .. " يبلغ سعر هكذا دراجة, حوالي المليون كرون, أي مايعادل سعر 40 سيارة كسيارتي" .. ثم أولئك السكارى الذين يلقون التحيات على كل من يمر أمامهم .. حين ألقيت عليهم تحية .. مالبثوا إلا أن رشقوني بكلمات لم أفهم معظمها , إلا أن دانيال قال لي .. انك أنت البادئ .. فلم أفهم أي شيء .. مر الوقت سريعا .. قررنا العودة الى السودرتالية .. !! كان يوما لذيذا !! يوما من الأيام العديدة التي تشعرني بالامتنان العميق لتينا ودانيال الرائعين .. شكرا لكما دائما ..!!

٢٠٠٩/١١/٠٤

22 ايلول .. العودة إلى السويد .. مطار سكافستا وزجاجات الكحول الممنوع نقلها للطائرة !!


الأصدقاء الحقيقيون يعرفون وقت الشدة

ايزوب

أيقظت محمد .. وكان كل شيء قد حضر للسفر عائداً إلى السويد .. الباردة.. أصر محمد بأن يشارك في ثمن بطاقة الطيارة .. !! فقبلت على مضض !! كان ذلك لطيفاً جداً ... وأنا ممتن جداً للحب والصداقة التي يحملها في قلبه الكبير .. !

ركبنا السيارة وخلال ساعتين وربع .. بعد أن أخطأنا في الدخول لجيرونا مرة واحدة .. والعودة مجددا للطريق ذاته والقلق من الـتأخير .. وصلنا المطار .. ودعت محمد وتواعدنا على اللقاء في لندن بعد اسبوع ..!!

المفاجأة أن المشروب أو أي مستوعب به سوائل, ممنوع نقله إلى حجرة الركاب .. يجب أن تشتريه من صالة الترانزيت .. وإن كان معك سوائل وزجاجات كحول .. يجب أن تضعهم في الحقائب الكبيرة التي تشحنها خارج حجرة الركاب .. لم يكن معي حقيبة لهذا الغرض .. فما كان مني إلا أن أخرجتهم من الحقيبة .. ودخلت صالة المطار لاشتري زجاجة نبيذ واحدة فقط .. ثم الصعود للطائرة .. .. جلست في المقعد الأول .. أول صف في الطائرة .. بجانب الباب الأمامي .. وكان هناك ثلاث مضيفات رائعات .. طوال الوقت أمامي .. افكار وخيالات .. لقصص نساء .. وصلت السويد وانتظرت لأكثر من ثلاث ساعات لأركب الباص وأرجع لبلدتي سودرتالية .. فاتصل بزوجتي وتأتي مع الأولاد .. هل يجب أن أكون سعيداً للرجعة .. لا أعرف .. مع انني أعبد أولادي .. ومن لا !! .. لكنني لست سعيداً هنا .. سأنتظر محمد ليقل لي متى سألتقيه في بريطانية ... !! أرجو قريبا ..!!!!!!!!!!!!!!!!!!!

٢٠٠٩/١١/٠١

21 ايلول .. متحف سلفادور دالي .. اسبانيا .. Figueres



لا تخف من الكمال، فلن تصل اليه أبداً
سلفادور دالي


.. متحف سلفادور دالي .. اسبانيا فيغورس

صباحا .. استيقظنا بكل هدوء .. لسنا على عجلة من أمرنا .. فطرت وتحممت .. وحضرت الكاميرا ولبست .. ثم استيقظ محمد وشرب قهوته ولبس .. ثم ها نحن في الطريق إلى اسبانيا .. وإلى متحف سلفادور دالي الاسطورة هههههه

خلال ساعتين كنا قد وصلنا بعد أن سألنا أكثرمن مرة على الطريق إلى التحف .. والجمع كما نوهت سابقا .. لايتكلمون الانكليزية !! لا شاخصات .. لا دعايات .. لا بوسترات اعلانية عن المتحف .. وكأن الشيء لايستحق .. حقاً شيء غريب !!! والأكثر غرابة .. أن في البلدة نفسها لم نجد أي شيء يدل على أن سلفادور دالي العظيم له أي علاقة بالمكان .. يا إلهي .. كنت اعتقد عدم الاكتراث مربوطا بنا نحن العرب فقط .. سألنا المارة .. نفس الحكاية .. لا أحد يتكلم الانكليزية .. ومع انه مفهمو علينا أننا نسأل على المتحف .. فأنهم يردون علينا بالاسبانية .. ربما قضينا حوالي النصف ساعة في البحث عن الموقع .. كانت امرأة تجر عربة أطفال .. كنت قد استسلمت بأن المتحف ربما ليس هنا .. وأن الجميع لايعرفون التكلم بالانكليزية !! سألتها وأنا متأكد بأنها لن تستطع مساعدتنا ..!!! يا للعجب .. لقد بهرتني بانكليزيتها الرائعة وجوابها الذي أتى كطلقة في العين تماما !! سكند بلوك.. تيرن رايت !! شكرتها جداً وبابتسامة جميلة ردت.... نو برابلم !! هههههه إذا كان المتحف قريبا جدا .. لكننا لم نره, بسبب موقعه المخفي, خلف الطريق العام !! ركنا السيارة بجانب الشارع .. ولن أت على ذكر كم كنا قلقين بشأن المخالفة .. أو أن الشرطة ستقطر السيارة الى الحجز .. فنحن ربما كنا مخالفين في أن نركن السيارة هنا .. مع وجود عشرات السيارات بجانب سيارتنا .. فوبيا .. المهم.. خاطرنا وبدأنا المسير نحو المتحف .. بناء رائع بأشجاره المهذبة بشكل سوريالي أيضا ..اشترينا البطاقات ..التي بالطبع لم تكن رخيصة ومحمد هو الذي يدفع دائما "شكراً محمد" ودخلنا إلى عالم اللاواقعي, لفن سلفادور دالي .. شيء جميل .. المبنى رائع .. والمعروضات التي كنت قد رأيتها في الصور والمجلات .. قد أصبحت على مرمى اللمس .. البشر على جميع ألوانهم وأنواعهم وجنسياتهم .. قد كانوا ينتظرون دورهم في أن يدخلوا المتحف .. كان من الصعب على الجميع أن يتحرك بسهولة بين هذا الحشد .. سيارته السوداء في منتصف بهو كبير .. عليها تمثال لأمرأة بدل رمز الماركة الذي يتمركز في مقدمة غطاء المحرك .. لن أتكلم الكثير .. لوحات وحلي وسريره .. ملونه وبدون ألوان .. كل شيء رتب بشكل أنيق ورائع .. والزائرات الروسيات كن جميلات جدا .. أيضاً .....

صورنا وتصورنا .. ومن ثم بعد زيارة المبنى الثاني للمتحف " المبنى الآخر يتعلق بتصاميمه للمجوهرات " كنا قد تعبنا وحان وقت الرجوع لفرنسا .. رجعنا ورأينا السيارة بأنها في محلها ..ركبنا بها .. وها نحن في طريقنا للعودة إلى فرنسا .. مررننا بعدة محلات واشترينا بعض الكحول والكثير من الفواكة .. دراق بحجم البطيخ الاصفر .. وفليفلة و و و .. غدا سأكون في السويد .. هذه آخر ليلة لي هنا في فرنسا .. !! كل شيء يبدأ ينتهي ..

وصلنا البيت .. وبقيت مستيقظا طول الليل .. وضبت حقيبتي الصغيرة .. واضعا بها 4 زجاجات من الكحول .. هدايا لأصدقائي هناك .. وجلست أنتظر موعد السفر إلى مطار جيرونا الاسباني .. محمد مشكورا .. سيستيقظ باكرا ً وسيقلني إلى المطار بسيارته .. مع الوعد بأننا سنلتقي بعد اسبوع على الأكثر في لندن بريطانية ..