٢٠٠٩/٠٥/٣١

اللاذقية والقبلانيين .. مشقيتا







لا شك بأني تكلمت أو بالأحرى كتبت عن قشور ورؤوس أقلام عن ما حدث معي في اللاذقية !! لم أتطرق للخصوصيات كما حثني الكثير من الفضوليين على أن أكتب بإسهاب عن النساء بالأخص .. ربما الموضوع المثير بذلك أن يعرف القارئ ما مدى العري الذي يمكنه شخص مثلي أن يظهر عليه!! كل مرة أبدأ في كتابه شيء ما عن رحلتي إلى اللاذقية , يستوقفني عدة أمور .. الذاكرة و كثرة الأحداث التي لا أعلم أي منها مناسب لأكتب عنه , ثم القفز عن الخصوصيات التي يمكنها أن تؤذي الأشخاص الذين سأكتب عنهم ..

أحداث بالتأكيد كثيرة لم أتذكرها لكني وحرصا على الموضوعية في سرد التفاصيل سأكتبها دون مراعاة التسلسل الزمني فيها !!

عصام قبلان , أخته ميادة , زوجته, وابنه علي وابنته سما..

منذ بداية وصولي لسوريا اتصلت بعصام قبلان, "صديقي من مشقيتا .. صديق اعرفه منذ ليس بكثير من السنين لما يقاس بين العلاقات التي ترتقي إلى مستوى الصداقة . رامي زينة من كان السبب في أن التقي عصام قبلان , فهو أي عصام, يدرس الحقوق بجامعة حلب مع رامي .. تطورت العلاقة التي رسمت خطا بيانيا شديد الانحناء للأعلى , فقد أصبحنا أصدقاء حقيقيين بالشكل الذي استطاع عصام بكرمه ونقائه وإخلاصه, أن يظهر لي اهتمامه في كل مرة نلتقي .. !! عندما أتيت للبلد, حاول جاهدا إبقاء تلك العلاقة بوتيرتها, أما بدعوات مستمرة إلى القرية, بيته أو إلى بيت أخته " ثم في الأيام التي تمر وهي قليلة دون أن يتلفن صباحا, يهاتفني فيقول أين أنت لنذهب لمكان ما نجلس ونتكلم .. فعصام شاب له اهتماماته, فقد أعد لمنطقته خطة , تقضي بتشجيع السياحة وتعريف المنطقة محليا وعلى مستوى الجمهورية بسباق سنوي للدراجات الهوائية وبمساعدة بعض المهتمين بالشأن العام مدو له يد المساعدة , أذكر انه قدمني لعدد من الأشخاص الذين سعدت بمعرفتهم كالمديرة التنفيذية للمكتبة الثقافية في المركز الثقافي الجديد في اللاذقية, وهي الفنانة عدوية ديوب ذات رؤية عصرية , درست الفنون الجميلة ولها اهتمامات جيدة كما ظرافتها ووداعتها ولباقتها أيضا ..ولن أنسى الترحيب الحار الذي حظيت به عند زيارتها في مكتبها الأنيق والعصري في المكتبة. أما ذهابنا سوية مع لجنة من الاتحاد الرياضي ورئيس بلدية مشقيتا اللطيف فقد كانت أيضا من الرحلات التي سررت بها. أما لقاءاتنا المتعددة مع الأصدقاء فايز السيد وطارق الخطيب فهي كثيرة .. وبها الكثير من الضحك والنقاشات الظريفة ..

ميادة...أخت عصام, تخصصت بالفيزياء في جامعات ألمانية حيث حصلت على إجازة دكتوراه, ثم بدأت العمل في جامعات السودان وسلطنة عمان ومن ثم جامعة تشرين في اللاذقية.. لطيفة, طيبة, كريمة وراقية. ميادة تعرف تماما ما تريد, تملك فكر ايجابي رائع فيما يتعلق بالحياة. في بيتها تملئ لوحات الفنانين المحليين جدران صالونها, ويستطيع المرء أن يرى من خلال غرابة اللوحات, أي جرأة تملكها. عندما أتيت منذ سنتين إلى اللاذقية, دعاني عصام لأرى بيتها الصيفي الذي تبنيه في قمة تلة بقرية مشقيتا. تطل الفيلا من جهاتها الأربع, دون أي عائق بصري, على ما يحيطها من مناظر رائعة ابتداء من البحر إلى الجبال والبحيرات التي صنعها سد مشقيتا.. !! أحببت الموقع وأحببت أن يكون لي أي نوع من التدخل في رسم تلك اللوحة الرائعة ! فبدأت في رسم تصور واجهات الفيلا ومواد الإكساء وغيرهما من أشياء تظهر الفيلا وكأنها جزء من الطبيعة ...!! باءت محاولاتي بالفشل عندما أتيت هذه المرة ورأيت أن ما قلت لهم أن يفعلوه قد نفذوه بطريقتهم .. وأعني بذلك المهنيين .. هذه المرة أكثرت من تدخلي فصممت عدة نماذج عن الدرابزين الحديدي الداخلي وتنظيم الحديقة التابعة للفيلا و كانت فكرتي مستوحاة من البحر .. شكل الموج في الأحواض المحيطة بالمبنى, والمحارة التي تقع على الشرفة الأمامية للحديقة المطلة على البحيرة والتي أصبحت عبارة عن استراحة دائرية مبنية من الحجر الرملي. أما علوش وسيما الظريفين .. فقد شاركوني بعض من أوقاتي التي شاركتها مع أهلهما وكانوا في غاية الظرف, مشوبا باللعب والدلال ..!!

كانت ميادة في كل مرة تبدو لي امتنانها على مسعاي في تحسين جمالية المبنى, الأمر الذي يجب علي انا, أن ابديه لها, فانا سعيد بذلك, يرافق كل هذا الكرم الحاتمي والاهتمام الذي يبديه عصام وميادة بي .. فالدعوات على المطاعم أم إلى المنزل وتحضير أنواع الطعام اللذيذة والصعبة التحضير, ولن أنسى مطلقا زيارة المتحف الجيولوجي للدكتور فواز الازكي, الذي جعل من بيته في قرية قسمين, متحفا جيولوجيا من ماله الخاص وجعل الزيارة مجانية مع الترحيب الكبير الذي لقيناه منه باعتباره أيضا من الهيئة التدريسية في جامعة تشرين مع الدكتورة ميادة وإهدائي كتاب عن الموسوعة الجيولوجية التي أعدها وكتبها بإهداء ظريف على الصفحة الأولى منه.... !! جعلني كل هذا مليئا بالامتنان والحبور في معرفتهم وصحبتهم. وحتى أن كان معي احد الأصدقاء, فالاهتمام الرائع نفسه يلاقيه من يكون, فاذكر أنني قلت لعصام أن لدي صديق جاء من أمريكا سيرافقني إلى مشقيتا فكان أن رحب عصام بالفكرة وبدأ يعد ما يمكنه أن يقدم لنا من مرفقات للرحلة, الأمر الذي أصررت على أن يكون طبيعيا , ولن أنسى, قبل سفري بيوم اصطحبت فايز معي على دعوة غداء في مطعم جميل جدا خارج المدينة في الطبيعة حيث حضرت زوجة عصام الظريفة قدر ضخمة من ورق العنب الشهي وقد أحضرت هدايا لزوجتي ولأولادي وأيضا قدمت ميادة هدايا أيضا .. سأشتاق لهم بالتأكيد .. وستبقى رائحة الطبيعة الممزوجة بالماء والتراب والهواء ... والحب في أنفي أبداً.

٢٠٠٩/٠٥/٢٧

اللاذقية تستمر ..عبد اللطيف أبو شامة والأغا محمد هارون والسيد الكبير سهيل جازة

ماذا يعني أن يكون لديك أصدقاء في مدينة كاللاذقية, ماذا يعني أن تحتل علاقاتك بأصدقائك أكثر من نصف عمرك !! النصف الثاني للنوم والعمل والطعام والمرض والزوجة والأولاد .. ومعاملات الدولة !!!

في أغلب الأيام أكون قد أنهيت ما أريد فعله وترتيبه قبل الساعة التاسعة مساء , موعد إغلاق مكتب زحل للسفر , فأتسلل من أي مكان لآت في هذه الساعة قبل الإغلاق , فأدخل محيياَ صديقي محمد هارون الذي يجلس في مكان الصدارة للمكتبه المطل على الشارع مقابل الباب الكبير لمدرسة الأب سالم " الأبسالة" كما اعتاد على تسميتها أهل اللاذقية باعتبارهم لا يلفظون الحرف الأخير من الكلمة .. فالقي عليه التحية فيقول لي دقيقتان وأنتهي من تحضير هذه التذكرة .. فأنتهز الفرصة لأفتح الانترنيت وأبدأ في قراءة ما أتاني على صندوق بريدي الالكتروني وبعض ما يثير فضولي من أخبار .. ريثما ينتهي "الآغا أبو فؤاد" ... "باعتبار مكاتب السفريات في سوريا لها ترخيص بخط نت سريع"... فيأتي صوته مرة أخرى وهو ينظر الى الشاشة وليس لي .. هل تريد شايا أم نسكافيه فأشكره.. يأتي ببعض بسكويته التركي المفضل بطعم المشمش أو المنجو ويضعهم أمامي, ...أتململ قليلا ليسرع في إنهاء عمله, حتى نتوجه لمخزن السيد عبد اللطيف أبو شامة العزيز .. فيقول لي "دون أن يدير رأسه باتجاهي, .. باقيا بنظره إلى لوحة المفاتيح" ... لن نتأخر ..!! عندما بنتهي.. نغلق المكتب سوية.

نتمشى ويبدأ, أو نتابع حديث الذي ربما بدأ بالمكتب... مرورا بمحل أصدقائي" محمد يونس ومازن مصري " لتصليح أجهزة الخليوي فنقف قليلا نسمع آخر النكات ..ونضحك !! .. نتابع المسير ...أخيرا بعد أن نحيي عدد من الأصدقاء المتواجدين على خط مسيرنا نصل لمخزن العبد, الذي وضع كرسيين بلاستيكيين بيض على باب مخزنه, محتلا من رصيف المشاة نصفه تقريبا " للعلم الرصيف إما لركن السيارات أو للبضائع التي توضع خارج المحلات أو كالحالة لدينا, يجلس صاحب المحل وأصدقائه أمام مخزنه, عدا ذلك المشاة لديهم الشارع بطوله وعرضه للسير عليه !! " .. ........ أما هو, فإما يبيع شيئا في الداخل أم في منتصف نقاش عن أمور الحياة المعقدة والمكركبة .. يرحب بنا في كل مرة, أحر من التي سبقتها.. شعوري بالطمأنينة بجانب هؤلاء الأصدقاء يمتعني ...أنا أهم بالجلوس على الكرسي الصغير الأزرق الذي وضع بين الكرسيين الكبيرين ثم يأت الآغا ويقول لي ألا تشرب شيئا أجلبه لك فأشكره نافيا رغبتي بازدراء أي شيء .. فنجلس وتبدأ الأحاديث, يأتي يوسف حمادة وربما أخيه هيثم ثم عدد من الأصدقاء ريثما يستقر رأي العبد أما برحلة بسيارته الشاحنة أو كل على بيته .."بالطبع ماعداي, فأنا عصفور بري الآن" .. إن كان الاختيار على الشاحنة (وهي تسع لاثنين, أنا والآغا ) فهناك عدة خيارات سنتجه لمطعم ما في الطبيعة أم فقط بين الطرقات القريبة من اللاذقية مثل رأس الشمرا والشاطئ , أم نركن السيارة بجانب الكورنيش ونتمشى!! وتمضي الأيام .. في الحالات العادية عندما يصر العبد على احد المطاعم المركونة بجانب الطريق المؤدي الى رأس الشمرا, يعصب الآغا ويقول إن لم تأخذوني البيت فسأستقل سيارة أجرة للبيت !! فنوصله البيت فنتلفن لسهيل الكبير إن كان متاحا, فنأتي به , ثم الى احد المطاعم الذي كان يصر السيد عبد على دفع الحساب دائما..!! والمشهور أن العبد يحب جوانح الدجاج المشوية على الفحم .. عندما نلتقي بالآغا في اليوم التالي, يقول ضاحا " شو صرتو عم بطيرو .... قال !! "" لذلك وحبا بالسهرة معا خاصة عندما يكون سهيل قد أتى إلينا, حصل أن أحضروا الشباب ما لذ وطاب لشقتي وسهرنا معا إلا أن ذلك لم يحصل إلا ربما لمرتين او ثلاث .. ولن أنسى كم كانت المقانق التي جلبها عبد اللطيف شهية, تذكرت بها كل سندوتشات المقانق التي أكلتها في حياتي !!

في الأحيان الأخرى وهو ماتكرر في الآونة الأخيرة, يأت سهيل الى مخزن العبد مباشرة حين نلتقي ... .طبعا, بعد اتصال هاتفي, فيقول عشر دقائق وأكون بين الأيادي.. فيطول به الأمر إلى النصف ساعة, فينظر الآغا إليه ويده اليسرى مرفوعة كمن يقرأ الوقت و فيقول .. سيد سهيل مواعيدك كالطيران السوري !!! هههههه

عموما عندما يأتي سهيل تتغير المشاريع, فالشاحنة لاتتسع ل4 أشخاص " في مقاعد الكبين طبعا " فيبدأ المشوار سيرا على الأقدام ابتداء من مخزن عبد اللطيف, الملاصق لفرن العواد حتى عتبة باب بيت كل منا .. مرورا بشارع الجمارك النازل الى بوابة المرفأ ثم المستودعات و بمحاذاة شاطئ البحر الى الكورنيش الجنوبي وصعودا الى الفرن الاحتياطي حيث يقطن الآغا.. فيأخذ الوداع أمام مدخل بنايته, حوالي النصف ساعة, ليكتمل حديث ما بدأناه, ثم نشتري ربطتان من الخبز الذي خرج لتوه من الفرن متوجهين الى البيت .. فنودع عبد اللطيف على المفرق وأكمل أنا وسهيل لبيته فتستمر السهرة الى الرابعة مع عشاء بيتي لذيذ .. فأفتح الباب مودعا سهيل وزوجته على أمل اللقاء ربما غدا أو بعد غد. أقفز عن عدة درجات مرة واحدة لأصل خارج المبنى,, رائحة الصباح ممتعة, الطريق الضيق والسيارات المركونة على الرصيف لاتترك لك المجال إلى أن تخوض السير على التراب في منتصف الطريق بسبب الحفريات, أنظر للأعلى فأرى السماء بلونها الرائع عند الساعات الاولى للصباح .. زقزقة العصافير .. طيران بعض الحمامات وصوت خفق أجنحتها .. صوت الأذان من عدة جوامع ومساجد قريبة وبعيدة .. نسمات عليلة .. تهمس لي بكل الأغاني التي أحب والقصائد التي لم تقرأ بعد .... أتجه يساراً فأرى الحديقة والشجرة التي زرعت عندما كنت لازلت صغيرا ألعب بالحي, أصبحت أكبر من كل الأشجار الباقية ... أنا كبرت في السن .... حسناً ..!! لكن مهلاً , فأنا في داخلي لا زلت ذات الصبي .. أقف ساندا جسدي بكوع يدي, وإحدى قدمي على جدار الحديقة ......فتتابع الذكريات .. هنا لعبنا .. لعبه " عيش دك كديش" "هناك تصورت أنا اثنين من أصدقائي قد تركوا الحياة باكرا .. هناك .. تحت النخلتين كنا نلعب الكلال .. كان عمار وزان من أمهر أولاد الحارة ... في الساحة الصغيرة .. حفرنا عشرة حفر صغيرة مناسبة لكرة التنس لنلعب لعبة الجورة .. أما خارج الحديقة .. مقابل منزل أهل صديقي محمد كركوتي وبيت اليونس خططنا الطريق لنلعب لعبة الخبر " تشبه لعبة الكريكت البريطانية .. ثم في مرحلة أخرى بذات الحي لعبنا بالمضارب " كرة المضرب" وفي السبعينات عندما أصبحت في الرابعة عشر طغى على الحي حمى الدراجات النارية .. فاشترى لي والدي دراجة 50 سل هوندا .. وكان لدى عبد المسيح حلبي 125 سل ومحمد منلا 90 سل والبقية كان لديهم دراجات اوتوماتيك .. "فرفيرة" مما كنا نعتبره دراجة أولاد هههه لن أنسى ماحييت .. ما كتبته ماري , أخت عبد المسيح على جدار الحديقة " تماماً حيث أقف الآن " حارة الهوندا والفكر الفاضي" ....... المصلين مروا من أمامي باتجاه الجوامع "هناك عدة جوامع ومساجد قريبة من حينا قديمة وحديثة " ينظرون لي محيين " السلام عليكم ! أرد باحترام ظاهر وعليكم السلام" ..

أي حياة يحياها الإنسان مع ذاكرته, ماضيه, سنينه التي مضت وسنينه التي ستمضي .. عمر طال أم قصر .. يبقى هناك دائما مكانا كبيرا للذكريات ..... رجع المصلين من صلاة الفجر, أيضا السلام عليكم , السلام عليكم .. أنا ابدو لهم كمشعوذ ذو شعر طويل وجسد مترهل, وعيون تعبة .. ربما يظنون بأني مدمن مخدرات ههههههه

أصبح ضوء الشمس اشد سطوعاً في السماء .. الزرقاء الصافية .. لازال هناك زقزقة العصافير وان خفت حركتها قليلا .. حان الوقت لأصعد بيتي .. فتتحرك تلك العضلات التعبة المسؤولة عن تنفيذ أوامر العقل لتحملني وتسير وتصعد الدرجات بي الى بيتي .. أخرج المفاتيح .. أنظر الى الأوساخ التي روموها الأولاد على الفسحة السماوية المطلة على نوافذ مطابخ الجيران , فأبتسم .. لقد كان اليوم والبارحة ظريفاً .. هل سأنام في غرفة النوم .. أم على الشيزلونغ كما يسمونه وهي اريكة طويلة يستعملها اطباء النفس لمرضاهم!! واشاهد التلفاز ريثما تبدأ أجفاني في الهبوط اللزج لتغلق يوما مليئا بالأصدقاء والمحبين ... وبعض النساء .. .......... يتبع

٢٠٠٩/٠٥/٢٤

اللاذقية في كل مرة .. طارق, فايز, محمد, سهيل, علي, عبد, أيمن





اللاذقية .. في كل مرة

جاء طارق ربما بعد أسبوع من مجيئي إلى اللاذقية .. أتصل بي وجاء لعندي ...!! تكلمنا عن بعض المشاريع التي تستطيع مخيلة طارق وضعها تحت التنفيذ .. أسرع رجل بتحقيق ما يفكر به .. !!

الضرائب لم يكملها .. وضعها عند المحاسب ليتصرف كما تملي عليه حرفته , زوجته وابنتيه بحالة جيدة , ترك لهما السيارة بحالة جيدة وسائق كلفه بتوصيل الفتيات الى المدرسة وجلبهما.. جاء مسرعا ليقضي الشهر في اللاذقية , يستطيع من خلالها بيع احد العقارات التي اشتراها السنة الماضية من اجل مشروع عمل جديد.. !!

أما ماذا تركز اهتمامنا فهو بالتأكيد النساء .. ماذا حصل !! لا استطع البوح... , بأي من الأمواج ركبناها سوية .. إلا أن الماء كانت لطيفة معنا !! قضينا شهرا جميلا لولا أن أحد أصدقائنا " سنان مهمندار" توفي أثر جلطة دماغية في مطار الباسل حين هم بحمل حقائبه ليلحق الطائرة المتوجهة إلى مقصده "دبي" .. كان الأمر حزينا .. فقد التقى طارق به عدة مرات بالصدفة في دمشق حين أتى طارق من السويد! لكن ذلك لم يفسد إجازة طارق ومشاريعه و وان كان وقع المفاجأة والمصيبة كبيرا عليه .. باعتباره الأقرب مني بكثير !!

بلا شك حزنت جدا .. !!

سهرنا كثيرا و ضحكنا كثيرا .. التقينا بأصدقائنا , فايز السيد وصديقه أيمن شقيفة,وهو رجل أعمال ورث عن أبيه مشاريع وأموال وكرم حاتمي, إنما ليس بعقليه أبيه التجارية.. !

مشاويرنا قرب السكن الجامعي والضحك على أننا لم نعد سوى رجال أشكالهم لا يمكن تكون جذابة لفتيات بعمر العشرينات !! "مع أننا برهنا العكس لاحقا " والمشاوير بالسيارة التي تبدأ الساعة الواحدة ليلا وتنتهي في الصباح الباكر مع زجاجات البيرة أو الفودكا أو الجن, حيث نستمتع بالرفقة والضحك ورائحة زهر أشجار الحمضيات المنتشرة بكثرة في طريق رأس الشمرا والجلوس على ضوء القمر على صخور شاطئ المريديان .

ثم الأصدقاء الذين شاركونا سهرات عديدة وممتعة كالصديق علي الحكيم , سهيل جازة , أيمن خير بك, عصام قبلان, عبد اللطيف أبو شامة, محمد هارون, ثم قبل أن يسافر بيومين جاء لبيتي وسهرنا عندي سهرة ظريفة حيث كان عندي الأصدقاء يحيى عجان وسهيل وعصام وفايز ....!!

الموضوع الرائع الذي حصل, أننا لم نختلف أو أننا لم نختلف لدرجة الزعل .. كعادتنا .. بل كانت تلك الأيام التي قضاها طارق باللاذقية ظريفة وسلسة وممتعة .. ســافر طارق عائدا للسويد .. تاركا .. ذكريات وحوادث سنتذكرها طويلا بابتسامات وسرور .

جرجس لبس .. صديقي صاحب مكتبة الجاحظ, مجيء حسام خدام صديقي العزيز, من دبي بعد أن أنهى عمله هناك ومشروع إنشاء شركة دراسية للعمارة والإنشاء على غرار الشركات الهندسية في الخليج , والالتقاء به عند جرجس مع الأصدقاء محمد رضوان واسبيرو عبد النور بالمكتبة غالبا عندما يحين موعد المشوار اليومي لقاطنين اللاذقية من فتيات جميلات وبالطبع الشباب الذين يتجمعون كشلل في كافتيريا تدعى ستيب وهي ملاصقة لمكتبة جرجس حيث لدي أيضا مع من يجلس بها صداقات وعلاقات فأجلس قليلا أحيانا ونتكلم عن كل شيء في صخب الشارع وضجة المناقشات والضحكات العديدة التي تصدر من البشر الذين يجلسون ملاصقين لبعضهم على الترتوار أو في الداخل ..في الفترة الأخيرة تعرفت على شاب اسمه اياد سيأتي الى السويد فالتقينا عدة مرات لطلب لشرح بعض الأمور المتعلقة بالهجرة إلى السويد .!!

لن أنسى أبو إبراهيم العزيز محمد قدار والمرور لعنده في مخزنه الملاصق لأجمل بناء من بدايات القرن الماضي والذي حزينا وغاضبا رأيت مكانه أرضا يملئها التراب والحجارة .. لقد هدموه بعد أن قررت البلدية سابقا أن تعتبره بناء ثقافي يمنع هدمه !!! قال لي محمد قدار أن صاحبه الذي باعه قد شل في اليوم الذي هدم به البناء "محض صدفة"

غالبا بعد التاسعة نمر جميعا لنلتقي سوية ...عبد بيرقدار الذي ابتاع سيارة جديدة وجهزها بنظام صوتي يذكرني بايام الشباب " انفصل عن زوجته منذ سنه" ودريد سبسبي ومحمد رضوان وربما يتجاوز العدد الى ست او سبع رجال, نقف خارجا أم داخلا ونعيق الزبائن والبيع تحت ابتسامات أبو ابراهيم ورضاه !! فنرتب وقفتنا في مكان واحد خارج المخزن حيث نبدأ بإلقاء النكات الجديدة والقديمة أحيانا ونضحك ونضحك حتى يحين موعد سهرة في مطعم ما, أو بيت أحد الأصدقاء وغالبا محمد رضوان, المشهور أخيه عامر بتحضير أظرف عشاء بيتي مكون من عشرين طبق او أكثر ساخن وبارد, وبرأي أنا أنه أشهى وأطيب من أي مطعم خمس نجوم وعلى أنغام موسيقى الجاز الناعمة الصادرة من محطات الستلايت.

٢٠٠٩/٠٥/٢٢

اللاذقية الخالدة .. المقطع الثاني










أعزائي ..!! سأكمل عن رحلتي للاذقية! .

في الأسبوع الأول كان يحب علي أن أبقى في البيت لإصلاحه .. حاولت أن أرتبه بالشكل المقبول لاستعادة حياتي التي تركتها ورائي .. فبيتي هو ملاذي الوحيد الذي يجعلني ملكا بلا منازع.. فأنا أحيا به وكأنه قلعة بها كل التاريخ .. أنا الذي عشت به أكثر من 34 سنة كاملة " دون حساب سنين التي عشتها خارجه " لم أولد به , لكني عشت به , تزوجت به " زواجي الأول " وبعدها قضيت حياة صاخبة مليئة بالملذات .. أصدقاء, علاقات, نساء, حفلات, حياة أعتبرها الآن من أجمل فترات حياتي رفاهية .. – شعرت بأني بالغت قليلا – حسنا .. البيت أصبح جاهزاً لاستقبال حياتي القصيرة التي سأحياها... !!

بعد البيت كنت بحاجة للقليل من ترتيب أمور المعاملات العقارية والتنازل الذي اتفق عليه بين زوجة أبي وأخي منذر .. فاخذ بعض الوقت بين ذهابي للمحامي والمصالح العقارية التي كنت استغل كل زيارة للدائرة العقارية بالمرور لعند هشام عقدة, فأقف نتسامر الساعة أو أكثر في بعض الأحيان .. !

محمد مصدق الصفدي الذي علم بوجودي فجاء من دمشق .. وسهرة ممتعة بالمطعم الفخم بباروتزي الجديد مع منذر سلواية الصديق والاستمرار للصباح حيث أكملنا السهرة للفطور عند ابو سويس المشهور .. ومن ثم فراقنا مع منذر .. أما أبو خالد فقد نام قليلا عندي ومن ثم بعد الظهر استقل باصا وقفل راجعا دمشق حيث يسهر على صحة امه العجوز..!!

سهيل جازة .. صديق عمري وليلي .. لاينفك متابعا لي في خطواتي من محله عبر الهاتف , أين أنت ماذا تفعل أين سنسهر .. هل أتيت عندي بعد منتصف الليل لنأكل ونسهر للصباح " سهيل يملك محلا ويستيقظ في السابعة " ومع ذلك نسهر للرابعة أحيانا مع زوجته التي تقاوم النعاس ما أمكنها !!

علي الحكيم .. أخي الشهم .. يوميا يصر على العزائم والسهرات ..., سهيل الذي يتهرب ما أمكنه لألا يكلفه ذلك فوق طاقته ..!! السبت دائما مع العائلة .. يتصل علي صباحا او قبل يوم .. لاتنسى الأولاد يدعونك للغداء في مكان كذا او عند الماما .. الخ ,و ثم صباحا بالقهوة المطلة على أطلال الماضي عندما كان الكورنيش أجمل بقعة في اللاذقية..

مشقيتا الرائعة

عصام قبلان .. .. ذلك الأصيل .. الذي يتصل يوميا , أو يأتي لدعوتي إلى القرية أو إلى بيت احد أقربائه , أخته وعزيمة خاصة لي .. دعواته المستمرة إلى مطاعم في القرى الجميلة وأحاديث ممتعة نتجاذبها أنا وأخته الدكتورة ميادة وزوجته عندما نجلس في الفيلا المطلة على أجمل مناظر الطبيعة في سورية هذه الفيلا التي قضيت بها بعض الأيام في السنة الماضية وهاهي الآن في طور الانتهاء مع وضع بعض التصاميم بشأن الزخرفة الداخلية للدرابزين الحديد المشغول وشكل الحديقة الكبيرة والموزعة بمساحتها الكبيرة حول البناء .. كما وضعت تصميم الاستراحة الخارجية الدائرية والتي راعيت عنصر الطبيعة بها .. ثم اللطف العارم الذي أحاطني به عصام في كل مرة رافقته إلى مشقيتا .. ثم فكرة المهرجان والنشاط الثقافي والرياضي "سباق مشقيتا السنوي للدراجات " والتي شاركني بها عصام للالتقاء بالمسؤولين وطرح افكاري التي أصغوا إليها باهتمام باعتباري شخص يحيا في السويد , لكن عند سؤالهم عن عملي بالسويد وجوابي بأنني سائق شاحنة .. انطفأ هذا الاهتمام..هههههههه

فايز السيد صديق يومي لي, يستيقظ فيتصل بي.. نفطر في البيت أو عند مأمون إسماعيل " لديه مطعم صغير يقدم الحمص والمسبحة ", صديقي الرائع فأقابل عنده أصدقاء كثر أذكر منهم, حنا خوري الظريف , الذي يأتي ليلقي التحيات فقط, على ممرضات المشفى الوطني بعد أن استقال من الحياة الجنسية , حسب قوله, !! ثم ذلك الشاب الذي تعرفت عليه هذه المرة وهو يعمل في البناء الكبير المقابل للمطعم.. فنتكلم ونضحك ونعلق على الممرضات والفتيات والموظفات الذين يمرون من أمامنا, تحت نظرات الخوف التي تظهر على مأمون صاحب المطعم, لألا نشكل له أي إحراج في حال أي من الإناث لم يعجبها ذلك. كنا نجلس هناك لدرجة نسيان الوقت, فنهرع لمواعيدنا المنسية ..!!!!

لم يطل طارق الخطيب اللحاق بي .. فحتما قد ترك السويد مع وجود مشاكل متعلقة بالعمل والضرائب .. جاء طارق .. اللاذقية .. جاء طارق ليسترجع أيضا ما تركه على قارعة ماضية من ضحكات وأصدقاء !!