“لأن يحيى المرء بدون تفلسف هو حقا كمن يظل مغمضا عينيه لا يحاول أن يفتحهما: والتلذذ برؤية كل ما سيكشفه البصر لا يمكن أن يقارن بالرضى الذي ينال من معرفة الأشياء التي تنكشف لنا بالفلسفة”. ديكارت
.. هل يعني ذلك أنني سأبدأ هنا في التفلسف حول اسباب ترددي او التي منعتني من السفر الى بلدي اللاذقية !! نعم .. كل شيء كل حي, كل حركة, لها تفسيرها المنطقي ............ والفلسفي !!!.. عندما .. بوما, قررت اتخاذ اجراءات السفر إلى البلد, كان لي من الاسباب التي حثتني على السفر, أكثر بكثير من التي تبقيني هنا .. !!
عندما .. يوما, أنزلت حقيبة السفر من المخزن وبدأت في ترتيب, ما يمكنني ان أحمله من هدايا ومستلزمات السفر, كان لي من الرغبة أن أذهب دون رجعة .. أن أهرب راكضا, طائرا, سابحا من ذلك الجفاف الذي بدأ في طقطقة روحي وبدء انهيارها ..!!
عندما .. يوماً, ذهبت إلى مكتب حجز التذاكر وبدأت في اختيار يوم السفر وشركة الطيران وسعر التذكرة ... كان فرحي بلقاء الاصدقاء واختي وأخي واستعادة ذلك "الرتم الجميل من الروتين اليومي" في الحياة المليئة بصخب العلاقات ... كبيرا جدا !!
عندما .. يوما, أتيت لزوجتي, الحامل في شهرها الخامس, واتفقنا بأنني سأرجع عندما يحين أو يقترب موعد الولادة .. كان ذلك سهلاً وبدون منغصات النقاشات التي تجري عادة مع الزوجات بشأن تركههن بتلك الظروف دون زوج..
كان كل شيء يجري بهدوء وبتسلسل منطقي للسفر, حتى أنني كنت متشوقا للقاءات ظريفة مع بشر رائعين قد التقي بهم في اللاذقية, كانوا قد أتوا للبلد لفترة قصيرة ..
اتصلت بالاهل والأصدقاء .. قلت لهم أنني قادم خلال أيام ..
بدأت في شراء ما يمكنه أن يكون مناسبا لمقتدراتي المالية أولا وأخيرا .. في الفترة التي تسبق موعد السفر ...!! لكن .. التذكرة لم أحدد توقيتها ..!! كانت توقعاتي انني بيوم واحد سأقرر الموعد وبما أن مواعيد الطيران لسورية متعددة .. اكثر من رحلتين اسبوعيا .. كان القلق بشأن التوقيت ليس بشيء يذكر .. قال لي صديقي "أكرم" بأنه يستطيع تأمين حجز قبل يوما واحدا فقط .. !!
.....عظيم .. كانت الامور سلسة, تجري بشكل مقررسابقا له ومخطط .. إنما ماذا حصل ..!!
كان ذلك كله منذ أكثر من شهر ولازلت عالقاً هنا .. أتى البرد وبدأت الثلوج .. واصبحت زوجتي بشهرها السابع .. بدأت تتعقد أمور سفري .. حقيبة لاتتسع لهدايا لملمتها من محلات المستعمل .. حجمهم كبير لكنهم دون وزن .. الجاكيت الجلد, التي اوصتني عليها فتاة لا استطيع رفض طلبها, الموبايلات, التي اشتريتها بسعر مشجع جدا من مكب النافايات لكنها بحاجة لفتح القفل الخاص بشركات المحمول هنا .. والتي ايضا تكلف الكثير ..
قلقي على زوجتي ووليم وفكتور .. هل باستطاعتها ادارة اعصابها بشكل يحول دون انهيارها من اول يوم اتركها به عند موعد ذهابهما الى المدرسة والضغط النفسي الذي يسيطر على افعالها معهما ..!!
طلباتها... بتأمين خزانة جديدة للثياب المبعثرة هنا وهناك في غرفة النوم, بعد نقلها للمكتبة التي كنت احتفظ بهم فيها ... ثم سرير جديد للمولود المنتظر .. بعد بيعها للقديم الذي استعملناه عند مولد وليم وبعده فيكتور .. !!
بعض نصائح الاصدقاء وأخوتي بالانتظار ريثما تلد وتستقر الامور ..
اموري المالية التي أصبحت على وشك النفاذ بسبب فتح ابواب الصرف لزوجتي "باعتبار انها صاحبة الدخل الاكبر بالعائلة وحقها فيه" .. هذا هنا في السويد ... !!
أما في البلد فهناك من المنغصات التي لاتعد ولا تحصر!!, منها, مرض خالي خالد الذي يقيم عند أخي منذر وطبيعة علاقتنا معه والمشاكل التي يفرضها الوضع هناك ... !! مشاكل البيت التي تجددت .. الامور لم تعد كما كانت من قبل .. الغلاء الذي حط على البلد .. الوضع السيء الذي استجد مع صرف بعض الاصدقاء من وظائفهم والامور المعيشية السيئة التي ستفقد متعتي بالبلد .. الأخبار التي تأتيني من هناك والتي تسبب لي حالة من الكآبة .. أمور وامور لا استطع حصرها ..
.. تعرفي على صديقة والالتقاء بها بعض الاحيان بالسويد نتسكع هنا وهناك .. تدعوني على سندويش وبيرة .. !
وجدت هذا ممتعا جدا .. مما حدا بي الآن لشراء بطاقة قطار اسبوعية .. اجبرني دفع سعرها لأن أذهب يوميا الى استوكهولم والالتقاء بالبشر والشوارع من جديد .. ماذا عن السفر إلى البلد .. لا أعرف .. ذهبت معظم الرغبة .. بقت رغبتي بالرحيل الكبير أقوى .
هناك تعليق واحد:
كنت في البي .. لم اتلفن لك خوفا من لعنة الوقت .. لكني صرت اترقب اي تعليق منك وبالتالي ارد عليك .. لألا تعتب علي يا سيدي عمر ههههه مشتاق يا عمر
إرسال تعليق