٢٠٠٧/٠٦/١١

علي الحكيم


إلى الصديق والأخ و النديم علي الحكيم المحترم ..

شكراً لك .. من أمكنة بعيدة جداً ..تصل لك وأنت في أحسن حال مع من في عائلك وأصدقائك أجمعين .. آمين .

البارحة كانت أم زوجتي عندنا بعد فشل مشروعي سفر إلى فينا لعند فادي استمبولية أو إلى هولندا عند أبو علي هارون ( مالك ) صديقي وربما تعرفه من عبد الرحمن حموي (مصطفى) على فكرة إذا رأيت عبد أو أخيه محمد الرجاء جلب لي(عنوان مصطفى) عنوانه الإلكتروني في الكويت) المهم كانت مشاريع فاشلة أصلاً, لغلاء التذكرة. تصور إنها أكثر من تذكرة سورية ب 70 دولار تقريباً مما جعلني أعيد حساباتي , و ألغي الفكرة حالياً ..

المهم كانت حماتي عندي فطبخت لها بامية ورز.

استرجاع ذكريات اللاذقيه,ابتداءً بسهراتنا في الشاطئ الأزرق حتى انتهاءً في كاباريه في حلب قبل سفرك إلى بلاد أشد برودة من هنا ..

اليوم في القناة الفنلندية التي تظهر عندنا و التي أفتحتها صدفةً بين الحين والآخر لأريح أعصابي من ال C.N.N و سماعي تهديدات أمريكا مما جعل أعصابي تتوتر

أعيش حالة قلق وتوجس كلما تكلموا على سوريا أو حتى على أي دولة عربية أخرى .. عشنا الأيام الماضية في توتر كامل و عندما حصل ما حصل و أصبحت الفوضى هي القانون و هي نتيجة الديمقراطية التي أتى بها صقور الجيفة ... كم ذهب من ضحية للحرب , أطفال و أبرياء , حتى التاريخ لم يسلم , المتحف والمكتبة و الشرف العربي الذي أصبح بعد سقوط بغداد, شعبا عربياً أولاً , قديداً من بقاياً جثة امرأة هتك عرضها !!

علي آسفاً على ما أكتبه , فقد أعدت قراءة ما كتبته وإذ بي أقرأ لمجنون لم يتعلم كتابة جملة مترابطة واحدة , وما كنت قد قصدت أن أكتب لك عن مشاعري القومية عندما رأيت برنامجاً على القناة الفنلدية بأحد السوريين الذي أتوا إلى فنلندا مع زوجته منذ 11 سنة وللآن لم يتعلم اللغة بعد ويكتب شعراً جميلاً عن الوحدة والغربة التي نشعر بها, عموماً العرب الذين أتوا إلى بلاد بابا نويل الباردة و ما نالوا من الهدايا سوى تماثيل من الثلج ذابت سريعاً بعد حرارة الحنين إلى البلد والناس .. بكيت عندما قرأ لمحمود درويش وعلى موسيقى سيد درويش يعزفها منير بشير ( لدي هذا السي دي من جار الرضى ( جارك ) اسماعيل ) سلامي له !!

مدرستي على ما يرام فقد أصبحت أتكلم السويدية بصعوبة كبيرة وبسرعة عشر كلمات غلط بالساعة ..

كما و أن العمل لا زال سراباً أو ربما الأصح مستحيلاً ولا أعرف متى يمكنني أن أجد عملاً شريفاً غير الدعارة ( عم بمزح ولووووو) جائني أي مايل من اسبيرو الحبيب يقول به بأنكم كنتم معاً بحلب , فتذكرت كم كانت رحلاتنا إلى حلب جميلة .. أوتيل الأمير ثم الفطور المفتوح "على مصراعيه" ثم الغداء بمطعم في العزيزية وانتهاءً بمطعم وسهرة جميلة مع الشباب ثم تغير الموضوع إلى أكثر من سهرة جميلة فإلى سهرة عرمرمية في كباريه ... تغني فيروز ( شو كانت حلوة الليالي ) لكن الأجمل جلساتنا التي انخفضت إلى الربع عندما تزوجت و جاء الأولاد الله يخيليهم.. مع ذلك بقيت صديقي الذي لا استبدله بالدنيا كلها ( لا تصدق بنت سكسية بتخرب بيناتنا .... كذب كذب كذب .... ( كيفو فايز )

علي الحكيم العزيز جداً ..

ما جرى معي منذ مجيئي.. أستطيع ربط ما كانوا يقولونه أصدقائنا عندما كانوا يأتون إلى اللاذقية بعد غياب ومن ثم يبدؤا الحديث عن مساوئ البلد الذي أتوا منه, وكنا أنا وأنت تحديداً من كان يقول ولماذا هم باقون هناك إذا كانت المساوئ كثيرة ... وربما الآن أستطيع الجواب على ذلك علماً بأني اكتشفت ذلك منذ الشهر الأول لعودتي مرة أخرى إلى السويد وآسفاً بأني لم أكتشفها منذ البداية !! السبب هو بأنك عندما تقدم على خطوة ليست كبيرة وإنما ليست أيضاً صغيرة كتركك البلد و حمل أحلامك ومجيئك و ارتباطك مع بشر هنا كالزواج مثلاً ثم تكتشف بأنك حقاً اخطأت بتغيير جغرافية الحزن ...لكنك لا تستطيع العودة أمام هذا الفشل, وان كل تلك السنين من الأحلام التي تسقط مهشمة أمام الآخرين أولاً و أنت ثانياً , كبرياء حلمك الذي دافعت عنه كثيراً .. فتأت إلى لاذقيتك الصغيرة شاكياً حياتك هناك لأن هذا حقاً حقيقة !!

ماذا أفعل هنا ؟؟

آكل وأنام و أركب دراجة وزوجة ومدرسة لتعليم اللغة .. هل هذا حلمي !! وإن قلت لي انتظر عندما تعمل !!

فأقول لك ماذا أعمل !! ربما تنظيف أو جلي صحون في مطبخ و أنا الذي كنت أتدلل على العمل و العقود الكبيرة و الفرص الذهبية في مدينتي وبين أحبائي ..

كيف لي أن أجد أصدقاء مثلك واسبيرو ومحمد وسهيل و آلاف من البشر العطرين من الأهل و الأصدقاء .. حتماً لا يمكن أن أجد وهذا مستحيل ..

هل سأعود !! هكذا في قرار واحد وصريح و من ثم الفيضان , لا أعلم وإن كنت في بعض الأحيان أتمنى ذلك .

كيف ناي و هل تسأل عن ليون الذي سيأكلها .. اشتقت إليها كثيراً قبلها عني كثيراً .. وعيسى الذي لم أراه كثيراً له مني قبل كبيرة وكثيرة ( الله يخليهم ) .

علي الحبيب

أتيت للنهاية علما بأن الكلام لا ينتهي بيننا , فلنا بحور من الذكريات و محيطات من الحب و الاشتياق .

قبلاتي لوجهك ووجنتيك و تحياتي للجميع..

سلامي لجميع شباب حلب .. أحلى شباب والله !! جهاد و حسان والبقية مما لم أعد أذكر أسمائهم و الظاهر بأن ذاكرتي قد أصبحت over full ثم ما قد جرى لي من حشد ذكريات الأهل و الأصدقاء ..

سودرتالية في السبت, 08 شباط, 2003

أخي وصديق عمري علي عيسى الحكيم ..الغـــالي

صباحاً والساعة الآن السادسة , حاولت النوم لكن عبثاً.. كانت عيناي قد قررتا أن لا إغلاق بعد الآن , ربما تفكيري الذي لم يفلح في إبعاد ذكريات الماضي التي أصبحت الآن تلبس حلل جديدة وتبدو لي بعضها جميلة الجميلات بعد أن كانت ذكريات تتلبس الفزاعة نفسها .. المهم ها أنا مستيقظ وأكتب لصاحبي وصاحب طفولتي علي ..

طاب يومك أيها العزيز وأرجو أن تكون الأمور في أحسن حال كما ناي وعيسى وأمهم ..وكيف حال أمك الغالية وأخوتك جميعهم ..أيضاً أرجو من الله أن يكونوا في أحسن حال أيضاً ..

دائماً يجب على الرسائل أن تكون مرفقة بالأسئلة والرجاء على الجميع لكني أعني حقاً هذه , فكما تعني لي أنت , أيضاً عائلتك تعني لي فقد كنت دائماً فرداً منها ولن أنسى كيف كان أبيك يضعنا على ركبتيه عندما كانت تجتمع عائلتينا سوية , وكيف كانت البندورة تقطع بطقوس خاصة بأبيك بجانب كاس العرق الذي كنت أحب رائحته ..

ذكريات تفتح الأيام الماضية كجيش جرار مغولي كاسحاً الأراضي كلها حتى المنسية منها .. أنا الآن تلميذ غير نجيب .. لأني ربما غبي منذ البداية أي بداية طفولتي , فهاهي الأيام تمر دون أن أستطع الكلام بتلك اللغة التي حتى المعلمة التي تعلمنا لا تعرف لماذا بعض الأمور ليست لها أي قاعدة وهي كثيرة بالفعل , عندها تقول يجب عليكم حفظها هكذا ... المهم إنها بحاجة للمثابرة وأنا غير مثابر كما تعرفني وأمَل من كل شيء مجبر عليه . هذا أنا رفعت الذي تعرفه أكثر من الجميع ..

هناك الكثير من الحكي .. أتستطيع إرجاع الذاكرة بعضا من السنين التي فقدت القدرة على عدها .. كم من المرات قد تخاصمنا وفي كل مرة كنا نتصالح دون أن نتكلم عن ماذا .. أو كيف أو أي شيء فقط كنا نحرق تلك الأيام وكأنها غير موجودة أصلاً , لكن كانت تلك القدرة موجودة لديك بقوة وأنا كانت القوة التي بحوزتي , على ارجاع العلاقة كما كانت , غير موجودة لأنها أصلاً لم تكن مقطوعة أصلاً ( العلاقة ) فأنا أعتبرك قرين حقيقي وليس فقط كصديق .. وقد كان الجميع يستغربون تلك العلاقة بين اثنين لهما ذلك العمق وذلك الاهتمام الكبير في أن يهتما ببعض .. وإن شابت بعض الشوائب في صداقتنا أخيراً ولا أعلم السبب !! ربما قد غيرت المسؤوليات بعض من ترتيب الأولويات وهذا ليس خطأ .. وإن كانت أولوياتي لم تتغير أبداً اتجاه الأصدقاء.... أبداً !!

علي الحكيم .. ستمضي الأيام... وأعلم بأن هناك الكثيرون سوف يعبرون حياتنا , بعضهم يمكث قليلاً والآخرون مجرد عبور وآخرون يطيلون , والكل قد يحفر في الذاكرة بعضاً من الجداول والأنهار لكن يبقى الوادي أعمق الحفر وهذا الوادي يبقى وإن لم يكن هناك مياه تجري لتحفر أكثر , وتبقى تلك الجداول أساسيات الحياة والأنهار ضرورة أيضاً ... لكن ما اعتبره حقاً واد عميق هو تلك العلاقة التي بيننا والتي كانت ولا تزال تحفر في الذاكرة عمقاً أكبر من الحب والمعزة ..

العزيز علي سأختم رسالتي الآن راضياً على ما كتبت .. وسعيداً بأنك ستقرئها وإن لم ترسل أي رسالة , فأنا أعرف ما في داخلك وإن لم أقرئه ... على شاشة أو ورقة أو لسان .. دائماً كان لدينا فيضاً من الحب ..للجميع رفعت ----

هذه أول رسالة لم تصلك بشكل جيد على ما أظن كما قلت لي منذ زمن و هذه الجديدة أرجو من الله أن تصل إليك تامة وصحيحة ...

أخي و صديقي علي ...

هدوء ............................... إني أكتب لعلي ... أبو عيسى , صديقي و ملايين الصفات الحسنة و العظيمة تلق على جبين علاقتي معك .... كيفك .. كيف ناي الجميلة وعيسى الغالي .. إنشاء الله كل شيء تمام , مبسوط مرتاح ... لا تفكر كثيرا .. اجعل الأيام و الزمن يمضي .. استمتع باللحظة التي طالما تملك قيادتها .. الحياة بالنسبة لي زمن سيمضي و علي أن أجعله أقل وطأةً و ثقلاً و مع ذلك لا أفلح ... جاء وليـم شكيب مصري و ها هو يلقي أو يرسل تحيته لأخيه عيسى و قبلاته للغالية ناي , يصرخ كثيراً و يبكي كثيراً الظاهر بيت المصري مجانين بالوراثة .. يأتون مجانين , و مطالبين أكثر من حقهم بالاهتمام .. فلا ينزل عن يدي أمه إلا و تسبقه صرخاته الهستيرية بالوعيد و كسر هدوء الليل أو النهار ....لا تفرق ..

اشتقت لك .. هنا لا أحد يمكنني أن آخذه صديق و مع أنني سريع بإعطاء الثقة للآخرين فأنا هنا أعيش سجن إفرادي مع عائلتي البسيطة , فزوجتي مثلي لا يهمها سوى الحياة بالحد الأدنى و كأنني بحاجة لمن يحيي بي الحدود الدنيا من الحياة .. نأكل جيداَ و هذا ليس حكراً على الأغنياء هنا .. الجميع يأكل جيداً و من أفخم المأكولات لكن ليس في المطاعم و الديسكوتيكات .. فزوجتي لا تحب السهر إلا وانا أحيطها بذراعي ...... و كأني الهاري كريشنا ذو الخمسين زراع ....و تنام باكراً .. و لا تريد العمل في وظيفة أحسن لأنها تظن بأن عملها انساني .. و هنا بقدراتي الحالية تمكنني العمل لكن بأعمال مهينة بالنسبة لي مثل التنظيف الذي ذهبت البارحة و أول البارحة .. مع طارق و حيث لا يوجد في المعمل أي انسان ليراني .. و كان طارق يراعي تلك الأمور بي فتراه هو ينظف الأمور التي لا يمكنني تنظيفها و يترك الأمور السهلة علي ..

سهيل اتصل البارحة كنت غير موجود .. كما اسبيرو اتصل و الجميع مشكورين على مكالماتهم و سؤالهم عني و عن وليم .. وهذا ليس تذكيراً لك ... بل لأني أعلم جيداً بأنك لا تقصر في تلك الأمور و أعلم بأنك اتصلت على الموبايل و وجدته مغلق .. كما أني أعذرك ... مهما كانت التفاصيل .. مشتاق لك كثيراً جداً .. أخي و حبيبي علي

سلامي لجرجس و مروان و جميع من تطول يدك وهاتفك إليه سواء الشباب من حلب أو دمشق ماهر الحبيب و المشكور على لقياي في المطار عندما أتيت لا أنسى له ذلك أبداً اشكره عني كثيراً .. أحلى شب و الله ..

كما يجب عليك أن تفتح أي ميل لك لنتواصل أكثر .. كن أكثر حداثة و تماشى مع العصر" و المغرب لمت خيالا" ..

علي الحبيب .. بدأت أشعر بأنني أخطأت الحلم ... سأبعث لك ما كتبته سابقا و أرجو من مستلم هذه الرسالة أن ينقلها إليك طباعةً و تقرأها على مهل .. فأنا أعرف مللك مني ....

قبلاتي أيها العزيز .. سلامي لمحسن و رامي الحبيبين ..

نلتقي حتما .. ولو بعد الممات ...

ليست هناك تعليقات: