٢٠٠٧/٠٦/١١

أسامة منزلجي الهادئ




أسامة منزلجي ..

بالمرات القليلة التي تلاقينا بها

بالشوارع الضيقة بجانب دكان محمد بلة

بالتحيات الممزوجة بالضحك

بالذكريات وبالأصدقاء

بالشعر و الترجمة وهنري ميلر و إذاعة الب ب سي

أسامة منزلجي

بعدة دروس قليلة علمني من الإنكليزية اكثر من كل ما تعلمته..قبلاًَُ

هادئَ كعادته يتكلم عن موسيقى و أدب , شعر

في غرفة تحوي على سرير....

... وباب يطل على شرفة و آخر يأتي منه الشاي و العصير

أسامة منزلجـــي

محدقاً بي عبر شاشة كومبيوتر يلقي على التهاني والأسئلة

مرات عديدة .. كانت زيارته على جدول يومياتي

و على عادتي كلما اقتربت من مدخل العمارة أنظر لتلك الشرفة

التي اعتاد أن يقف بها مرتدياً بيجامة و حلماً و عزلة .... فلا أراه

... فأكمل , علني أصدفه هنا وهناك

بالشوارع الضيقة ....

و التحيات الممزوجة بالضحك و العتابات ..

.

..

...

أسامة ... حقاً سعيد بالتواصل معك أيها العزيز , فرسالتك تعني لي الكثير كما أسئلتك التي تناقشنا بها قبلاً سواء كان الضحك أم الفضول ما كان لكلينا أن نحب لنتكلم عنه .. نعم .. تزوجت..... و نعم جاء ابني وليــــام شكيب مصري بشعر أسود لا أظن أنه سيتغير و عيون بنية وجسم لا يتعدى الثلاث كيلو غرامات ووقية ماداً رأسه مطالباً حريته أم عودته إلى الرحم لا أعلم !! كل ما هناك أنني لا أفهم ما يقوله أكان صراخاً أم بكاءً أم بتلويح أيديه و أرجله , أما أمه المسكينة التي اضطرت لعلملية جراحية لإخراجه و التزامات سترافقها لمدة 25 سنة على الأقل , فهي ككل البشر تؤدي مهمتها الإنسانية بالرضاعة و السهر و الحب . أما أنا فبجانب آلام الظهر و التعب الجسدي جراء السهر أيضاً و الهموم و القلق الذي رافقني إلى هنا و ازداد , إلى ازدياد وزني وكآبتي , ثم شعوري بالعدم و الخمول و التظاهر بأنني سعيد و مرتاح أمام زوجتي القلقة علي و أهلها الطيبين الذين يراعوني و يهتمون بي ويعاملوني بحرص و حذر . لكن كل هذا لا يساوي ولو بقدر قليل أن يغطي ضجري و قلقي وإلى ماهناك من أمور منغصة , فكم أحن لمشوار على الكورنيش القديم بجانب ذلك المبنى الذي يشعل بنا حنين السبعينات , الكازينو ذلك الصرح الذي كان كلما مررت بجانبه , يحمل جسدي دفء تلك الذكريات .. ومن سخف حياتي أنني لم أدخله إلا منذ سنتين عندما أستأجر أحد أصدقائي إحدى صالاته لعرض الألبسة ..

ثم جاء ابني حاملاً معه المزيد و المزيد من هموم و قلق على حياتي التي كنت أعلم سلفاً بأنها ستكون كذلك وكم حاولت أن أتجنب وقوعي بهذا لكن قدر الله بأن يكون قدري هكذا ولا يمكنني إلا أن أحمده حمداً كثيراً , فوليام شكيب بصحة وعافية و أمه أيضاً و ها أنا أدخل طور الشرنقة و ألف حول حياتي ما لفه الآخرون أو معظمهم تلك الحبال الغليظة التي تجعلك ترسوا على الرصيف و أن لا تبحر مرة أخرى أبداً ...

كان رأي منذ البداية لماذا سأنجب طفلاً سيحزن و يعارك و يكافح و ربما لا قدر الله يمرض و يمر بما مررت به أنا أيضاً .. لماذا !

وكان الجواب موجوداً دائماً .. لا شيء سوى لأن البشر اعتادوا على ذلك و أنها سنة الحياة .. كنت أظن بأني مستثنى و أستطع أن أجابه عادات البشر بأن أكون حياتي بمبادئ و قيم مختلفة , وهكذا كانت علاقاتي مع الفتيات التي مررن في حياتي عابرة , دون صافرات , دون أضواء , كانت لا تستطيع أن ترسوا حتى ولو قليلاً من الوقت إلا من قبلت بترتيب خاص أن تستمر دون أي ارتباطات و هن نادرات .. !

السويد ... بلد الحريات بلد المياه و البحيرات بلد الغابات و الفتيات الشقر الجميلات .. بلد المسنين ... بلد الأجانب .. بلد الغربة الحقيقية , حيث لا موطئ لحذائك و عاداتك و حيث حنينك يغلي أكثر مع برودة الجو .. لا عمل يليق ولا أصدقاء حقيقيين لا أهل لا شيء سوى ذاكرة ضخمة من وجوه و أمكنة من ضحكات و شوارع من أصدقاء و مقاهي ... لاذقيتي .. أصدقائي .. حنيني يكبر وأشعر بأن شيء ما بداخلي دائماً يدعوني للرجوع .. لكن كل السفن .. أبحرت ولم يبقى سوى الموج يأتي ويذهب .. يأتي ويذهب ذكرى و دمعة و ... حنين .

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

اسامة منزلجي الرائع ..