٢٠٠٧/٠٦/٠٢

كأنني في آخر أيامي التعسة








مرحباً أيها الأصدقاء الأعزاء ..


وكأنني في آخر أيامي التعسة .. أشعر بأن الحياة التي أحياها هنا .. عبارة عن سجن ليس بهذا الكبر و لكنه في الطبيعة و الثلج و البرد , و كأن الروس قد أحسنوا صنعاً بأن جعلوا سبيريا منفى لمعارضيهم , و هنا أرى أن السويد بالنسبة لانسان قادم من الشرق هي ذات القساوة للروسي القادم إلى سبيريا !!


لا علينا .. فقد غالب طبعي التشائم و الحزن طيلة الاسبوع الفائت .. و لا أعرف لماذا !!!


ربما تغيير الفصول لها نفس التأثير على نفسية الشرقيين أيضاً أو أنني مريض نفسي أو أن الهرمونات و الغدد التي تفرزها قد هرمت و بدأت بالتلف !!


بدأت في الفترة الأخيرة أفكر جدياً بالرجوع إلى سوريا و العيش بها , لطالما أن الفترة التي قضيتها هنا قد زادت عن السنة و نيف و بدأت الظنون و الشك بأني سأموت , التي أخذت بازدياد , تدور برأسي , فهذا الصباح استيقظت على تورم بأصابعي و ظهور جروح طفيفة في يدي , مما أثار بي مخاوف الموت التي طالما لم أخاف منها قبلاً , كان كل تفكيري بأنني سأموت بعيداً عن الجميع .. هنا في بلاد تحرق موتاهم بدلاً من دفنهم , غرقت في دوامة كبيرة من الكآبة جعلتني أفكر بشكل جدي و عميق بالرجوع إلى بلدي حيث جميع الأهل و الأصحاب و الدفء الذي كنا محاطين به دون أن ندري حقيقة الأمور ... الجمال , الصحبة , الحب , و العلاقات الجميلة بين البشر .. اتصلت بجميع من أعرف أرقام تلفوناتهم في أوروبا كان أغلبهم في عمله أو أنهم ليسوا متواجدين في البيت فقط كان سمير أبرص موجوداً حيث رقم التلفون الذي بحوذتي هو رقم تلفون العمل في روما , فتكلمنا حوالي الساعة تقريباً.... ضحكنا و بدأت أشعر بأن الخطأ الذي ارتكبته ليس القدوم إلى هنا و ليس الحلم والذي تكلمت عنه و رميت كل أخطائي في جعبته و ألبسته ثوب الاتهام الأسود !!! كان الخطأ الوحيد الذي اكتشفته هو التركيبة المنفردة للشخص التشائمي والمصاب بكآبة دائمة , ففكرت بأمور العودة و العمل هناك و الفرص المتاحة لي هنا و بالتالي المقارنة بينهما , فرأيت بأن اليلد من ترجح كفة الميزان لها .. الأهل , الأصحاب , أصدقاء الطفولة , الطعام , الجو , البحر , الناس و دفء العلاقات بين كل تلك النوعيات المتواجدة هناك ..


السويد ليست بلد أوروبي و لا هي بلد أمريكي و لا شرقي و ربما إذا أحسنت الانتقاء فهي بلد يخرج من دائرة المقارنات , ليست كهولندا و ليست كالدنمارك و ليست كفنلدا و ليست كالنرويج , هي الوحيدة التي بين جميع البلدان المحيطة بها لها خاصية مميزة , سواء بالمجتمع المليء بالمهاجرين الجدد , حيث تعتبر السويد أكثر الدول المانحة لحق اللجوء بين دول العالم , و التي أصبحت الأرض المنخفضة التي جعلت الجميع يتدحرجون إليها عفوياً كالماء .. !! فلا تعرف , حيثما حللت , أنت محاط بأي نوعية من البشر و كم هم مختلفين عن النوعيات الأخرى التي تتوالى على عيناك كلما خطوت خطوتين .. التشيليين و البرازيليين و الأكوادوريين , الروس اليوغسلاف الصرب و الكروات و أخيراً عرب العاربة ... وهم من يدوسون بقوة و تترك بصمات أحذيتهم عمقاً أكبر على المجتمع السويدي .. الأفارقة أيضاً .. لهم حصة في كل مكان و كأن أفريقيا لا زالت المصدر الرئيسي للبشر إلى العالم !! و هي حقاً كذلك !!!


في هذا المحيط المليء بأمواج المهاجرين و البشر المختلفين عنك , بالطبع , تحيا بعيداً ومنعزلاً , و يتجه فكرك دائماً نحو الوطن ..

ليست هناك تعليقات: