٢٠٠٧/٠٦/٠٢

فكرنا قصصنا و أحلامنا





عزيزي..


أعزائي...


أحبائي ..... من كنا سوية مرة وافترقنا


ومن كنا أصحاب وتخاصمنا ثم تصالحنا..


من شاركونا طعامنا ويومنا وسريرنا ومقعدنا طريقنا فكرنا قصصنا و أحلامنا ...دائماً في الذاكرة متسع للجميع وربما القلب أوسع .


كنت قادماً من المدرسة بعد الثلاث ساعات التي أقضيها يومياً بين مجموعة من العراقيين التي يبلغ تعدادهم ربما تسعة من أصل السبعة عشر الموجودين في القاعة وهم في غاية الاضطراب والخوف على الأهل و الأقارب الموجودين هناك تحت القصف وتحت معارك لا دخل لهم بها سوى بأنهم موجودون هناك وأنهم بطريقة ما حكموا بحديد التعسف و الجنون وحب الذات وعلى أرض تعوم على حوض سباحة من البترول الذي لا يحب بوش السباحة إلا به ..كنت قد أرهقت كل ما بي من حواس متابعاً المحطة الوحيدة التي تبث الحرب وأخباره وهي سي إن إن , ثم خطر على بالي أن أكتب لكل هؤلاء الذين أحبهم ولا يهمني إن كانوا يبادلوني بصدق ذلك أم لا و الأرجح نعم .. لأني كنت دائماً محباً للآخرين ..


لهذا كان علي كتابة شيء ما لهؤلاء الأصدقاء الذين يستطيعون الآن أن يقرؤوا ما اكتب لهم ولا حاجة لي بحرب لأقول لهم كم أنا مشتاق لهم ..



كان كل شيء هادئاً والربيع كان قد بدأ احتفاله الأخضر وتتويج الأرض بأكاليل النصر على ماض سيرجع وينتصر مرة أخرى في دائرة الطبيعة وهكذا هناك سيبقى دائما عودة للخلق الجديد .


مددت رأسي واتسعت حدقتا عيناي عندما اقتحم الضوء كياني خارج غرفتي المطلة على المقبرة


بدأت صباحي في نهاية الحلم الذي بدا لي غيمة من الذكريات التي تراكمت في رأسي, الأهل و الأصدقاء البلدة والشوارع , زيارة أختي صباحاً ويوم طويل لا أعرف ما يمكن عمله به سوى المرور على بعض الأصدقاء وترتيب موعد ما مع فتاة , كان همي أن يمر راكضاً أم ماشياً أم زاحفاً , أن يمر يعني أن ينتهي ولا يهم كيف !


بدأت بالفطور التقليدي لا أعرف ما يمكن للغة العربية الغنية بأن تصفه , لكن يمكنني أن أقول بعض اللبن مع المربى وربما رز مسلوق جيداً لكنه مملح قليلاً و كاسة شاي بدون سكر ثم حمام ساخن بعد جلسة ربما تطول أكثر من نصف ساعة بصحبة كتاب عن اللغة السويدية مع ما تبقى من كاسة الشاي مرة المذاق ثم ألبس ذات الثياب السوداء وحقيبة ظهر ومفاتيح دراجتي الصدئة , أنزل الحي ممتطياً سرج حصاني الحديدي الذي لا يتعدى ربع مساحة مجلسي وأترك له العنان في أن يتسارع مع الريح التي قبلت الرهان معه .. ثم نترك الريح صعوداً إلى الواقع حيث لحصاني محرك واحد إن لم يكن هناك منحدر وهو قدماي اللتان أحركهما عندما لا يترك لي أي خيار


فيتسارع طلب الهواء و أفتح فمي على مصراعيه كاشفاً كل ما تبقى من أسناني التي راحت تزداد تخلخلاً كلما زيد يوماً في حياتي, وأنطلق عابراً الجسر الكبير في تلك المدينة الصغيرة إن لم يكن قد فتح لعبور باخرة فأنظر طويلاً علني أرى أحد ما أعرفه من مدينتي !! وصلت المدرسة باكراً حوالي العشرين دقيقة , لم يكن أحد ما قد وصل قبلي وكانت الأبواب مقفلة فرحت أتمشى على طول واجهتها الزجاجية الجميلة والمنحنية كبيت زراعي لكن من زجاج , حتى أتى أول فوج من القادمين وهم كثر لأنهم يأتون من منطقة واحدة في نفس الباص , كان من بينهم بعض من معي في القاعة فدخلت معهم وصعدت إلى الطابق الثاني حيث القاعة التي ندرس بها اللغة . كنت قد انتقيت كعادتي منذ صغري آخر المقاعد وفي الزاوية دائماً ورحت أحضر ما بذهني لأعمله اليوم , كان لدينا الوظائف و اختبار صغير لم أتذكره و بعض المناقشة عن ما رأيناه البارحة في المكتبة العامة للمدينة .. ومرت الثلاث ساعات كعادتها وبسرعتها المعهودة , كان علي أن أرجع نفس الشريط ولكن بالعكس لأصل البيت سريعاً مع تلك المنحدرات التي تساعد حصاني الأدهم على برهان قوته والصعود الذي يبرهن على ضعف قدماي


وحاجتي لخسارة بعض الوزن , لكنني لم أسلك نفس الطريق , تذكرت اليوم بأن زوجتي قد تتأخر لأنها لم تبدأ باكراً كعادتها ربما لاجتماع ما في العمل , فتركت لنفسي المضطربة بأن تغير الطريق عاكساً اتجاه البيت نحو الغابات التي تحتل أغلب أراضي السويد ماراً تحت تلك الأشجار الخضراء التي كانت يوماً مكسوةً بغلاف جليدي كنت أحسبه في طفولتي زجاج ربما كنت أغبى مما أعتقد الآن كانت الأشجار كبيرة جداً والممرات التي كنت أعبرها قد خطت بأحذية ودواليب الذي اعتادوا على المرور هنا , كان ينقصني في هذا الوقت جميع الأصدقاء جميع من أحب جميع من شاركوني يوماً في حياتي كانت احتفالاً سرمدياً بلحظة واحدة ملخص الأبدية ببعدها الرابع بلحظة انتشاء النفس مع الطبيعة مع الأشجار ( و اغتيال مرزوق ) نزلت دراجتي وجلست مسنداً ظهري على شجرة ربما كانت أكبرهم كنت قد فكرت بها كثيراً بأنها أول القادمين هنا وبأنها ربما كانت آخر من عاش منهم .. من بقي منهم على قيد الحياة أو ربما كانت وراثياً أطولهم , أضخمهم و أكثفهم خضاراً , كنت أريد أن تنمو لي جذور فأمتزج أكثر مع تلك الغابة مع الأشجار مع ذلك الجو الممتع من الجمال الخارق للطبيعة


كانت ساعة من الجمال انتهت عندما انتهت مدة الإعجاب والاندهاش , كل شيء جديد له مدة زمنية من الحب و الإعجاب عندما تنتهي تلك الأمور ينتهي الجمال بأن يصبح من العاديات فتمل ..


ركبت دراجتي السوداء ورحت أدوس أعشاب نبتت على حافة الممرات الضيقة لتلك الغابة حتى خرجت تحت سماء صافية وشمس ساطعة , انتهى ما سأعمله اليوم للبيت حاجته الخاصة من الملل والأكل و النوم و العقم , لقد ركبت الواقع صعوداً إلى البيت , وضعت الدراجة في مكانها الخاص و نزعت عني تلك الحقيبة الثقيلة وتمشيت الهوينى إلى مدخل البناء الذي أسكن به مع زوجتي , فتحت المصعد وضغطت على رقم الطابق فارتج المصعد قليلاً وبدأ بحملي إلى حيث أسكن .... مقابل المقبرة الجميلة تحت تلك الأشجار الباسقة ..

حيث كل شيء هادئ

ليست هناك تعليقات: