٢٠٠٧/٠٦/٠٢

هل تموت الشعوب !.


.... .. .. فاتحين أفواهكم أنصتوا ...!

جوقة النشيد الوطني تغني

......... شتات و لاجئين , مروضي الشعوب في الصفوف الأولى

تلتهب أياديهم.. مصفقين

رأس سحق علق شنق ثقب

وإسفلت يتلون

لوجه واحد صور.. صور.. صور..

وبوضعيات مختلفة

ترتفع أعلام و تنكس أعلام

يموت التاريخ

و يحيا آخر من بقي ميتاً

ينتهي الغناء

وتنصرف الجموع إلى الزريبة مرة أخرى

حاملة حلماً ملوناً من منجزات الأب

هكذا ناموا

عندما لفهم دخان القمع

رأوهم مبتسمين بعد دهور

... نبشوا

... وفي يدهم حلماً مكبلاً بجبنهم

قانون الطوارئ.... والأحكام العرفية !!

هل يموت التاريخ هل تموت الشعوب !.. ومن يقتلهم !!! لا أستطيع أن أصدق بأن الشعوب تموت بل تنام تغفوا, سوى أن الموت حتى بكتب الله الثلاث ليس سوى مؤقت حتى يأت يوم الحساب عندها تحيا الشعوب وتخاف مرة أخرى من الحساب ..

كنت أحاول كعادتي عندما أضع مشروع كتابة , مشروع جديد لكتابة شيء ما , أن أتصور حالة من ضبابية الفكرة ثم ابدأ برسم إطارها و تلوينها ومن ثم إخراجها إلى حيز الخيال لكن بصورة واقعية تعي دائماً بأني لا أكتب شيئاً جيداً ..

في بعض الأحيان أرى بأني وصلت لرسم فكرة رائعة عندها يجف قلمي وحتى في بعض الأحيان يجف حلقي من دهشتي بأني لم أحسن صياغة شيء من هذه الفكرة..

لنأخذ الرسم مثلاً ومحاولات عديدة لبدأ بنية فنية تتميز بطريقة ما عن شيء قد بدأه آخرون , فأبدأ بصفحة بيضاء وأنتهي بشيء لا أعرف أين رأيته من قبل !! ومن ثم قصيدة النثر ومن ثم عملي كمصمم داخلي ومحاولاتي جاهداً لأبعد التصميم الذي أعمل به عن أي شيء مشابه , فيأتي العمل كقصيدتي النثرية هشاً غير متين وذو شكل غير مألوف وربما هذا ما أنجح به وإن كان فاشلاً .. أن أكون مختلفاً عن فشل الآخرين .. لكن بالنهاية فاشل !!

قرأت لمنذر في مقدمة لأحد دواوينه وربما الأول ( بشر وتواريخ وأمكنة ) ..

"وهكذا في صوري، كان أمامي خياران، الأول أن أرتدي أجمل ثيابي، وهذا ما يفعله كل الناس عندما يذهبون لأخذ الصور، والثاني أن أكون عارياً، كما يشترط الحب علي وعليك وعلى الجميع أن يفعلوا، فكان اختياري – يالي من دعي – أن أكون عارياً وجميلاً في آن"
أن أختار ... عارياً وجميلاً، كان يعني لي، أني حقيقيٌ وذو أمل.

في بداية كل شيء أكتبه موجهاً لأحد ما , ثم ما ألبث أن أفكر بكل الأصدقاء و الأهل..., ورب مرة , بدأت الكتابة لأبي الذي لم تصله للآن أي رسالة - مني ثم تنحوا كتابتي لأصدقاء أو أخوتي المنتشرين في أصقاع هذه الطابة الصغيرة .

... أن أكون عارياً ولا يهمني أن أكون جميلاً بل عاكسا أيضاً ً مقولة أخي الكبير بأن يعني لي أني حقيقي ودون أي أمل وهذه حقيقة أيضاً , بدأت الشمس تفرض قوتها على الطبيعة وبدلاً من أن تكون قوة شفائية ضد أمراض البرد والشتاء إلا أنها فعلت العكس معي فمنذ يومان وأنا أجاهد ضد كريب قوي ضرب جهازي التنفسي الكامل مما جعلني أعتقد بأني مصاب بذلك الفيروس الصيني سارس ومضت ليلتين لم أذق بهما طعم النوم أو أن الألم قد تخلى عني ولو لثوان , و سعلة قوية قد خرشت رئتاي و لا أعرف بأني قد أشفى ببحر الأسبوع علماً بأن المدرسة ستبدأ غداً ولا أعرف مدى قابليتي أو مقدرتي على الذهاب ..

أكثر المشاريع التي تؤرق نومي .. بأني يجب علي أن أكتب رسالة لأبي وبشكل خاص جداً ففي كل يوم حاضراً أبي في حياتي , البارحة كنت قد تكلمت عنه مع والد زوجتي و كانت زوجتي قد تكلمت طويلا عنه وهي التي لم تره إلا مرتان أو ثلاث إن لم تكن ذاكرتي قد أنكرت آخر مرة عندما خرجت من مكتبه مسافراً مع زوجتي وقد كان منزعجاً من سؤال قد سألته إياه بشأن أملاكه و ربما كان من الغير لائق أن أتكلم معه بذلك فأنا لم أتعود بحياتي أن أفتح معه تلك الأحاديث !! كنت مقتنعاً بأنه لا يمكنه أن يفعل بنا ذلك وهو الذي عاش حياته دائماً على ثوابت من الحق والفضيلة .. رحلت دون وداعه وبكت زوجتي عندما قلت لها بأننا لن نودعه عندما نذهب وما كان هذا قصدي فقد كنت غاضباً من جوابه !! وفي كل يوم قضيته هنا كان أبي يعيش بي , أتحرك مثله و أتصرف مشابهاً لردود فعله وأحياناً أتصرف بشكل أتفاجأ به وكأن أبي من يحرك بي أجزاء من فكري و جسدي , أعطس مثله و أنام مثله و أنفجر غيظاً بنفس الأسباب التي تغضب أبي , فأراه في كل تلك الأشياء , اليوم زاد سعالي وأصبح خروجي من البيت صعباً , فراودتني فكرة كتابة رسالة لأبي , وماذا سأكتب له , بأني سعيد ومشتاق و أتمنى له الصحة !! من يخبرني بالمزيد ! وكأن 40 سنه عشتها معه بدت غير قابلة للكتابة وكأن المشاعر لا تكتب , كيف لي أن أكتب له كم أنا مشتاق له , أو أن أكتب كم أبكي أحياناً وأنا أفكر به كيف يأكل و كيف ينام و كم هو لطيف , زوجتي وصفته برجل لطيف أبيض و طيب القلب , عندما قابلته لأول مرة وقف خجلاً وبكل احترام كعادته دائماً,استقبلها مصافحاً وكأنها رئيسة وزراء , هل سأكون مثله يوماً !! أتمنى .

أبي اللطيف و المتواضع تلك الصفة لازمته طوال حياته وبل أثرت على مستقبله فكان دائماً لا يطمح لشيء سوى ربنا اعطنا كفاف خبزنا , ولم يكن قد احتاج طوال حياته لما تركه له والده من ارث يستطيع أن يحيا به ملكاً ثم بعد وفاة والدتي تزوج وانجب واحتاج لمراضاة زوجته أن ينقل ملكية أملاكه إليهم وتركنا نحن الخمسة دون ذكرى منه سوى أننا جميعاً نعطس مثله و نملك أحاسيسه و نعومته , و .... اسمه ... !

ربما هذا ما يبقى من الأب , إنه يبقى بك .

ليست هناك تعليقات: