٢٠٠٧/٠٦/٠٣

مصطفى عنتابلي العزيز


مصطفى العزيز

اليوم و في الصباح الباكر بدأت رحلتي اليومية إلى المدرسة .. آلاف الأفكار التي كانت نائمة أو شبه نائمة في الليل الفائت بدأت بالعمل و التضارب و الحرب في رأسي الصغير الذي لا يتسع إلا لإدخال المعلومات المتضاربة حول الحياة التعسة , التي وقعت على صكها بيدي و أنا مبتسم !!

نعم لا أحد منا قد قطع القالب بالشكل الجيد للحياة التي يمكن لها أن تبدو الآن لي بعد التفكر و الاستنتاج المنطقي , أن تكون جيدة لو أننا قد ملكنا زمام أمورنا و آرائنا و الفرص المتاحة حين ذاك !! و أنت تعرف ما المنغصات التي مرت على حياتي .. و لعلك كنت شاهدا عن قرب ماذ حصل لي ذلك الوقت !! و لعلي أقصد بذلك بأنني لو سافرت أو أن الخيار المتاح لي الآن كان متاحاً منذ سنين , ماذا كان س

يح
دث ... أمور كثيرة كانت أفضل بكثير .. الوقت و العمر ... الزمن .. و التوقيت الصحيح هو من يجعل الفرص ذات قيمة .. أنا الآن فوق الأربعين بسنتين , بدأت الحياة في بلاد الصقيع .. و أقصد صقيع البشر و صقيع الجو , و يبدو لي من المكان الذي أنا به الآن و هذه اللحظة بالذات أنني تأخرت كثيراً و ربما باب الفرصة التي وصلت إليها قد أغلق منذ زمن طويل !!

قرأت رسالتك في المدرسة حيث كان لدينا درس في صالة الكومبيوتر و كان لي فرصة أن أفتح الانترنيت و ألقي نظرة على الرسائل التي تنتظر عيناي .. ففتحت رسالتك التي ظننتها جوابا لرسالتي القديمة و إذا بها رسالة جديدة دون اي ردود على ماسبق .. !! قرأتها و سعدت بها كثيراً , أحب كتابتك و كأنني أتعرفك إليك من جديد , مصطفى ابن خالتي التوأم الروحي لنا جكيعاً و الأخص منذر .. نعم لك و في قلب كل منا محبة الأخ تماماً , و عندما أقرأ كلماتك أشعرها تماماً من منذر أو ماهرو اشتياقي لقرائتها ربما أكثر , لعدم تمكني من قرائتها دائما بسبب الطرقات الوعرة التي تعيق وصولها لي !!

شكراً أبو الصطوف العزيز , لقد جعلتني أحيا لحظات جميلة و أنا أقرأها في المدرسة , تصور جائت المعلمة الستينية العمر و رأت الشاشة عليها كلام بالعربي و هو بشكل ما مخالفاً لتعاليم المدرسة , أن نفتح الانترنيت في حصة القواعد , إلا بإذن أو أن شيئاً ما يتوجب فتحه عن طريق الانترنيت !! المهم جاءت و لم أغلق الشاشة و أكملت قرائتي لرسالتك فقالت لي ماهي الأخبار, و لم تعلق بأي شيء لأن لي وضع خاص في الصف فأنا أكبرهم و الجميع يعاملوني بشيء ما من الخصوصية , فأنا هنا لست لاجئ و لست ممن يتقاضون مساعدات مالية على دراستهم و أنا الوحيد ممن لا يأت متأخراً و لا يشاغب و أجلس و حيداً و أحترم الجميع .. قلت لها رسالة من أخي , و أكملت سيرها إلى الآخرين ..

كان الوقت ضيقاً مما لم يسمح لي بأن أرد فوراً و طبعاً بالانكليزية التي لا تحب الرد بها, كما ذكرت برسالتك , فقد أتيت البيت و كتبت لك هذه الرسالة ..

الاشتياق و الحنين , التهابات و جروح , أعجبتني تلك التشبيهات , و قد أجدت كعادتك انتقاء الكلمات التي تصف و بدقة مشاعر الآخرين .. وكأنك حقاً تختبر نفس المشاعر و قرائتك لي تعجبني جداً .. فأنا حقاً مصاب بها , ولو تعرف مدى ضياعي باتجاهات مستقبلي بسسب هذا الالتهاب , كتفكيري باحتمال الرجوع إلى اللاذقية و هذا ما يؤرق فكري و يجمد كل مساعيي في التأقلم و بدأ الحياة بشكلها الجدي هنا ..!!

مصطفى الغالي .. أرجو أن تكون بخير و العائلة و أرجو أن نتواصل و لو بالقليل المتاح من الكلمات بين الحين و الآخر و دمت لأخيك الصغير رفعت

.. سلامي للأولاد جميعاً و زوجتك ليلى .

ليست هناك تعليقات: