٢٠٠٧/٠٦/٠٣

لقد سافر رفعت من أجل ان يكتب


ربما الممل من يدفع البشر للكتابة !!.. أذكر مرة , كتب أحمد بلة " لقد سافر رفعت من أجل ان يكتب" .. هل هذا صحيح !! ربما من إحدى الزواية هذا صحيح, لأنك يجب أن تكون بعيداً لتكتب للبشر الذين تفتقدهم و إن لم تسافر فإنك لا تحتاج للكتابة لأحد, فما عليك سوى أن تستقل أرجلك, ميكروباص,دراجة,تكسي,أي شيء لتصل وتحول ما ستكتبه إلى كلمات و مشاعر محسوسة ومرئية !! هذا ما أفهمه من الكتابة .. أكتب لتواصل لأرى نفسي معكوساً في أعين البشر الذين أحب, تلك كلمات التي اكتب و لتتفاعل هذه المشاعر إلى ردود أفعال و بالتالي تدور عجلة العلاقة من ساكنة إلى حياة تنبض بتلك الكلمات التي تصلني كردود لهذه الرسائل ..

بدأت هذه الرسالة بكلمة الملل, ربما البعض اعتقد بأن الملل هو الدافع الوحيد للكتابة بالنسبة لي !! و هذا هو آخر مايمكنني أن أتقصد قوله, أي عندما أكون ضجراً, أجلس و أكتب لكم .. يالي من تافه !! " صورة محمد بلة التي لا تفارق أماكن حياتي و هو ينظر من خلال تلك النظارات المستديرة مع نصف ابتسامة , قصد بها, ربما بانه نصف سعيد, أم أن الحياة هي بفكره نصف ابتسامة , ربما نكتة, مسرحية, أغنية أو شيء ما لا يجعلك تماماً سعيداً لكنه ربما يجعلك تبتسم بسخرية عليه , نصف ابتسامة .. " ليست كلمة تافه ماجعلني اخوض وصف ابتسامة محمد الذي يحمل بفخر حق ملكية ذلك الوصف علي , عندما اختطفت من قبل المخابرات العسكرية و حقق معي لمدة أربع أيام, وعندما أفرجوا عني أخبرت محمد بأنني قلت لهم بأن ليست لي أي علاقة مع أي من الأحزاب السياسية و ما أنا إلا انسان عادي لا يهتم لهذه الأمور ! و بالتالي و عند مخيلة محمد اخترع تلك الكلمة بدلاً من انسان عادي إلى انسان تافه !! ........ محمد .. الحي بي ماحييت !

الملل ما يدفع البشر للكتابة .. الحب .. الاشتياق .. التواصل .. الغضب .. كل أنواع و مسارات النفس البشرية كل ردود فعلها ربما تدفع البشر للكتابة ... لكنني الآن و للحقيقة التي أنادي بها دائماً .. أكتب لأنني مالل , ضجر زهدان , مع خليط من ألم الظهر مع وتاب قوي و سعلة جافة و نوم متقطع و كآبة تخيم على يومي 24 ساعة دونك العلاقة التي بدأت بالتدهور بيني وزوجتي بسبب الأولاد و بسببي لأني لم أعد أحتمل المزيد من التضحيات و كبت الصرخات المتعارضة مع الثقافة السويدية, حيث يجب علي كما ذكرت برسالتي السابقة تقاسم واجبات الأمومة ماعدا الرضاعة ....مع زوجتي .. بشأن رعاية الأولاد

ماذا يعني لي ذلك ؟؟ أن لا أسمع موسيقى أن لا اجد وقت لقراءة شيء ما أحبه أن لا أشاهد مسلسلاتي المفضلة أن لا اجد شيئاٌ لأفعله سوى رعاية وليم شكيب الذي سبق وصف شكيب الذي يأت ذكره في مسرحيات زياد الرحباني ..

منذ قليل تحدثت مع أحد الأصدقاء الذي أتى من اللاذقية منذ يومين, شعرت بالحنين عندما وصف لي الأمطار التي هطلت و الشوارع و الساحات , شارع بغداد , البشر الذين تراهم أينما حللت ..

أسمع الآن للمغني إلهام المدفعي " خطار عندنا فرح " على ما أظن و عدم تأكيدي على العنوان بسبب سمعي و ادراكي المنخفض طرداً مع كبر عمري !! تذكرت سنة من أحلى سنين عمري .. أصدقائي , سهيل أسامة منذر محمد هارون أبو خالد عمار زريق أبو حنفي حسام جرجس مروان محمد رضوان اسبيرو عبودة محمد عنتابلي علي حكيم و لا أستطيع نسيان مساءات حنا الحباب مع جيران مطعم ( ميغ ماغ ) كيف لي أن أنسى تلك االحقبة .. كنا نجتمع يومياً , كانت هذه العلاقات شبيهة بشبكة صياد لا تفلت منها أي مناسبة سعسدة .. إن لم نجتمع في المطعم فنتفق أنا و الآغا كما نناديه لمحمد هارون على أن نلتقي عند سهيل أو أسامة , ثم نحضر الفول المدمس " المعلب " أو البيض أو سندويشات الفلافل من عند سهيل المشروع , أو في مطعم بيترا مع الشباب أو في مطعم ميغ ماغ عند منذر سلواية لتبدأ أحلى النكت و السهرات حتى منتصف الليل إن لم تمتد حتى الصباح.. أستطيع القول بأني لا زلت أستمتع لحظات تلك الذكريات , و لا زال أنفي مليئ بتلك الروائح , روائح الأصدقاء و صدى ضحكاتنا المتغلغلة داخل أذني .. لا أصدق أحياناً بأنها لن تعود .. هل تموت الأيام و العلاقات هل تموت الصداقة و هل يستطيع الأنسان حذف ماضيه , السعيد و المثمر إن لم نقل ماضيه المشين و الحزين الخ الخ الخ ...

الزمـــــــــــن .. و العمر .. البارحة و بعد نوم الجميع تسللت إلى الصالون و أدرت جهاز التلفاز لأحضر فيلم وثائقي عن شارلي شابلن .. لم يؤثر بي شيء أكثر من شيخوخته.. ذلك العملاق من المواهب والفن .. قد أصبح في النهاية رجلاً لا يقوى على حمل نفسه

ليست هناك تعليقات: