٢٠٠٧/٠٦/٠٣

الحياة بهذه الصعوبة


مرحبــــــــــــــــــــــــــــــا 5

ضقتم ذرعاً مني !!!!!!!!! أعرف !!. فأنا أكثر الجاهلين بأن أعرف أني لا أعرف شيئاً !!!!! بلا بلا بلا

بدأت في هذه الرسالة في أكثر الأوقات ضغطاً, فالآن وفي هذه الساعة "8,00 " صباحاً تبدأ المشاكل و الضرب و الصراخ بين الأولاد. حتى أنا و زوجتي نتبادل الاتهامات في تلك الأوقات "إن لم تكن جميعها" .وإن كل ما يحدث للأولاد و إن كانت مجرد سقطة عاديـــة!! فالحق دائماً عليها. فلكم أن تتخيلوا صعوبة الحياة مع رجل مثلي يلقي كل اللوم على الآخرين. لأنه وبمنتهى البساطة لا يتحمل عبئ أي المسؤولية!

لا أعرف كيف يمكن للبشر أن يتحملوا الحياة بهذه الصعوبة و كيف لهم أن يستمروا بها !!

أتخيل صعوبة الحياة في السجن أو في المعتقلات أو في زنازين المخابرات و غرف التعذيب. يا ترى إن خير الإنسان بالموت في تلك اللحظات كيف يكون الجواب !! أعرف بأني أجهل من في الأرض !!

أما الآن و بعيداً عن كل هذا, أشعر- و إن بالغت قليلاً- كيف يتمدد جسدي بالعرض و العمق و ليس بالطول! تخيلوا أن الإنسان عندما يسمن يزداد طوله. أي ربما أصبحت الآن في عداد لعيبة ال NBA !! . حقا!! ً تضيق الملابس بالدقيقة حولي . أشعر الآن بأن البنطلون سيتشقق و يتفتق بسبب السمنة !و ما العيب بذلك إن كنت سميناً فمن يعني هذا و قد بلغ عمري 45 سنة..

ســـــــــــــــــودرتـــــــــاليــــــــــــــــــــــــــــــــــــة أبو علي !!

انتقلنا من بيت صغير إلى بيت أكبر بسبب حمل زوجتي بالولد الثاني "فيكتور" و عدم إمكانية العيش ببيت ذو غرفة واحدة و مطبخ ! كان الخيار الأول بيت ذو ثلاث غرف بمساحة 79م2 حقيقي -"دون حشر مساحة من الدرج و سماكة الجدران و بعضاً من السطح كما يحسبها السوريون"- في شارع يقع على بعد 130 متر من البيت القديم. المبنى بارتفاع ثلاث طوابق و كل طابق شقتان, أي البناية يسكنها 12 عائلة إضافة إلى عائلتين يسكنون في الطابق الأرضي ذو الشقتين أيضاً. بالنسبة لي كمهاجر لا يزال يشعر بالكآبة و الغربة و الحنين مجتمعين, من هم الجيران الجدد شيء لا أستطع أن أخفيه من فضول. عندما أخبرتني زوجتي بأن جارنا الأبيض الذي يسكن الطابق الثالت أي الأخير- من الجولان ظننت بأنه و بلا ريب يهودي روسي للون عينيه الزرق و شكله الذي لا يمت لأهل المنطقة, على ضعف معلوماتي عن الديموغرافية هناك!.

لكن لأقول الحق أثارني الموضوع و رحت أتخيل مرافعاتي أمامه بحق الشعب الفلسطيني و السوري باسترجاع حقه في المنطقة. حتى أنني فكرت ملياً بسبب مجيئه إلى السويد, هل هو سبب سياسي !! فلربما كان من معارضي سياسة الحكومة الإسرائيلية و هو مع الحق العربي أو بأنه جاء بسبب عقد عمل جيد! أشياء كثيرة حملتها في فكري عنه. كنت أقابله عند الدرج نادراً لتأت تحيتي جاهزة و بشكل سريع فيرد بهدوء دون حماس ربما لألا أفتتح حديث ليس لديه الرغبة بالبدأ به. ربما بعد سنه من التهيؤات توقف مرة و بدأ الحديث و هذه المرة كانت اللغة العربية, التي يشوبها عيوب الشعوب الآتية من الشمال كالأرمن و الأتراك و الشركس و الأكراد.. تحدثنا قليلاً في المرة الأولى و بدأ زمن الأحاديث يطول تدريجياً حتى أنه دعاني للمرة الأولى لديه في البيت .. طبعاً كنت قد عرفت أنه من الشركس و بدأت أحاديث طويلة لم تنته للآن .. اليوم ذهبنا سوية إلى مدينة أخرى تبعد النصف الساعة لنتبضع من محل لديه بعضاً من المواد الغذائية العربية.. كانت الرحلة لطيفة..

الذي شد انتباهي منذ البداية بأبو علي أنه قليل الكلام و يحرص جيداً على حواجز العلاقات بينه و الآخرين ربما كان ذلك من ماضيه الذي عاشه متنقلاً بين العمل الكفاحي مع الفلسطينيين و التنقلات الكثيرة بين البلدان و هو لا زال شاباً. اللطف و الكياسة و الدفء من الأشياء الواضحة في شخصيته حتى عندما يشدد على انتماء سلوكه للسلوك السويدي الذي يتصف بالبرودة فلم أتصل يوماً إلا و دعاني لشيء ما, ربما طلعة إلى البحر أو كاسة شاي و لن أنسى أبداً دعوته لي بعيد ميلاده الخمسين و هو الذي قال لي لم أدعو إلا المحبين! من الأشياء الجميلة التي أحببت أن أشارككم بها ذلك اليوم الذي كنت أتبضع معه فعندما مدد يدي لآخذ "ملزمة" كنت قد فكرت بشرائها و رحت أقلبها أمامه حتى قال لي لماذا ستشتري تلك الآلة, فقلت: ستلزمني لا ريب فأنت تعلم بأني أحب المكانيك و تصليح الأشياء الدقيقة , فقال لي: أنت تشتري لماضيك !! استغربت الموضوع لعدم فهمي تماماً ما يعنيه بماضيّ الذي عشته ! فقال لي أنت تشتري لشيء كنت تحبه بالماضي هناك حيث عشت و الآن يجب أن تعيش الغد فأنت لن تستعمل هذه الآلة و لن تلزمك و إن لزمتك صدفةً مرة في السنة تستطيع القيام بالعمل دونها! جاء جوابه على أسئلة كثيرة دارت في فكري لأكثر من سنين عديدة . نعم أنا أشتري دائماً الماضي, فأنا أحب المستعمل, الأشياء التي تركها أصحابها , أبحث دائماً على الأشياء المستعملة لحبي بأنها ماضي وليست لأنها أرخص!

.... منذ متى أعيش ماض ! ربما منذ اليوم الثاني لولادتي , فكرت بالبارحة .. أنا الذي أعيش البارحة و أموت اليوم أما الغد فأنه لن يأت لي أبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــداً.

ليست هناك تعليقات: