٢٠٠٧/٠٦/٠٣

بعد مرور الكثير من الرياح


بعد مرور الكثير من الرياح ,الكثير من الغيوم التي أثلجت و أمطرت و التي اكتفت بالترانزيت جاء الربيع و بدأت الشمس تلقي بضوئها باكراً و تجعل عيناي تبدوا مغلقة و أنا أمطتي دراجتي إلى المدرسة بعد أن حرمت من نظارتي الشمسية .. و حيث رأسي الذي لا زال يتصحر قدماً و يجعل من قبعتي الطبيعية التي تدفئ جلدة رأسي مهترئة , و من حين لآخر ألملم ما يسقط منها ,خجلاً أمام زملائي .. شعر هنا و هناك , سريري , الوسادة , الحمام , المغسلة , حتى الطعام .. شعري موجود على الدفتر الذي أقدمه للمعلمة , وعلى البنك الذي أجلس عليه.., في صحن الشوربة الذي قدمته لصديقي البريطاني الذي قبل دعوتي للعشاء !! أعلق في مشكلة شعري كلما اقتربت إلى منطقة رأسي حتى أنني أشك بأن هذا الرأس سيبقى به أي شيء و لا أعني هنا أن الشعر هو المعني !! لا بل كل ما في هذا الرأس .. العينان .. الأذنان .. الأسنان , و الغريب بالأمر أن الشيئين الوحيدين الذان يتابعان نموهما الأنف و الأذنين (زياد الرحباني في مقابلة تلفزيونية) إن لم تصب احداهما أي مرض مما أصاب فان كوغ , و أنا لم أعن الشكل بل الحواس , فمنذ يومان كان لدي موعد مع طبيب اخصائي "اذن , انف , حنجرة" بعد أن فحصني الدكتور الاير لندي منذ مايقارب 6 أشهر الذي قال لي بأنه سيحجز لي موعد مع طبيب اخصائي ولكن ما حصل بأنني انتظرت ستة أشهر لحين وصول دعوة تفيد بأنني يجب أن أذهب إلى مشفى بساعة محددة و إذا كنت بحاجة لمترجم فيجب إعلامهم قبل الموعد بخمس أيام .. , طبعاً الدعوة جاءت قبل الموعد ب 18 يوماً , بعد الفحص الذي استغرق 8 دقائق حولني إلى ممرضة لإجراء فحص سمع استغرق 15 دقيقة أفادتني بأن سمعي بإذني اليسرى يعاني من ضعف في الطبقات العالية التردد .. أي إني لا أصلح كلب حراسة !!

أما أنفي الذي لا يزال كما قلت ينمو مع نمو كرشي و وزني وشعر داخل اذني و انفي , فأنا أشك بصلاحيته , فمثلاً زوجتي تقول لي عن ما يقارب عشر روائح في الشتاء في كل مرة نتمشى بها في الغابات و أنا لا أشم شيء سوى الملل , وهذا لا رائحة له .أما حاسة التذوق فلا تحدث , فلا الفليفلة المكبوسة المستوردة من دمشق و لا الحمص الناعم أو المسبحة أو الفول المدمس الذي أصنعه بنفسي و كل مكوناته سورية بحتة تشعرني ولو بالقليل بنكهة قد أستطعمتها قبلاً , لا شيء و كأنني فقدت حواسي ,اثنين من حواسي لم أسيقهما في كتابتي و طبعاً المتفق عليه يبقى اللمس و الحاسة السادسة , و أترك لكم إكمال الشرح عنهما ...

هذه الريح التي هبت أول البارحة ...

ونلك الغيوم المحملة بأحلامي .. لم تمطر هنا ..

اليوم جائت الريح ..

شمس ساطعة

... جففت كل أمل لي بأن أكمل رجل الثلج

ذو الانف.. جزرة كبيرة وتالفـــــــــــــــــــــــة

تحملني كل الحقائق لأن أكذبها ألعنها أكرهها أشتمها .. الحقائق من تجعلني لا أصدق أحد و لا أحترم أحد و ألعن نفسي !!.أتسائل لماذا ؟ و كأنني أنا من أدار الشمس صوب الأحلام .. الأحلام الجميلة و التي تظهر قباحتها بعد تحقيقها !! أضحك عندما أكتب " أتمنى أن تتحقق كل أحلامك و أمانيك " أن أتمنى للآخرين موت أحلامهم و خلع أضراسهم التي يعلكون بها أملهم أو أن الحقيقة عارية كما يقولون أم أن هناك أنواع منها العارية و المتحجبة و الحقيقة السوارية أو الحقيقة الرسمية , الشعبية , المتحفظة .. الحقيقة ذات المدلول أو الحقيقة الساطعة .الحقيقة أنني تعبت من الحقائق خصيصاً الحقائق الآنفة الذكر "أي لها ذكر له شكل انف" ..

مع أنني عندما انتقلنا إلى بيت أوسع بسطت يدي على الغرفة القريبة من الباب" كعادتي عندما كنت صغيراً كانت أول غرفة لي غرفة الجلوس التني كانت قرب الباب الرئيسي للبيت و التي تحولت إلى مطبخ و حمام عندما فصلنا بيت عائلتنا أنا و أخي إلى شقتين " لم أغير عادتي في أن أجلس وراء نافذة المطبخ ناقلاً نقالي و ملحقاته على الطاولة , أكتب لكم بعد تلك الغيبة الطويلة خلف الاضطراب و الملل و وراء ظهر العقم و الدونية و الهامشية ..!! أتذكر كم كنت محظوظاً في اللاذقية , أصدقائي , عملي , أهلي , أحلامي حتى حياتي الخاصة التي كنت لا أنفك من الشكوى منها .. انتهى كل شيء .. انتهى أنا .. لم أعد موجوداً هناك .. بيتي الذي احتله غيابي .. و ما تركته من رائحتي و آثامي .. البيت التي عشت به كل حياتي !! الذي به كل ما ملكت وكل ما اختبرت .. علاقاتي , الشموع التي كنت أشعلها عندما تأت احدى الفتيات ( و عند انقطاع الكهرباء ) ذات الرائحة الكريهة عندما تطفأها بالنفخ عليها و تترك ذلك الخيط الذي منذ لحظة بنير لك وجه تلك الصبية التي من سوء حظها جائت لتتعرف عليك , ينصهر ببطْ لكنه بالمقابل ينفث في الجو تلك الرائحة التي تكرهها .. !! انتهى دور الشموع عليك بلم الصحون التي قضيت وقت ليس بقصير بترتيب بعض الحلويات و الطعام و كاسات النبيذ أم الجن بالليمون التي تفضلة معظم الفتيات !! كل هذا أصبح أوراقاً مهترئة في دفتر حياتي , أمامي ابني وليم شكيب الذي أتى منذ برهة مع أمه "طبعاً" و وضعته في كرسيه بجانبي , وهاهو يتكلم بلغة الخاصة مشيراً بواسطة عبوة الشامبو إلى كل الاتجاهات و يتخلل ذلك الحديث الفردي الكثير من الصراخ بين الآونة و الأخرى ..

مرحباً بي في الواقع .. طفل و زوجة و بلد لا أملك به من قراري شروى نقير .. لا عمل لا وقت النوم و لا حتى أي من اهتماماتي .. مدرسة تأخذ معظم و قتي 3 ساعات + ساعة وقبل و بعد + تحضير تمارين اللغة 2 ساعة على الأقل , الطعام و تحضيره و عمل شيء ما مشاركة في مسؤوليات البيت باعتباري دون دخل للسنة الثانية " دون أي أمل لاحقاً " من تنظيف أو جلي الصحون أو تحضير الطعام ..

للآن لم أدخل سينما لكن غداً و لأول مرة سأدخلها و الفيلم هو ONSKAN وتعني بالسويدي "الشر. قصة لأحد أهم الكتاب السويديين جون غويلو"JAN GUILLUOS" و هو الذي قالت لي معلمتي السابقة, السويد دون كاتب كهذا هي ليست ذات السويد التي نحياها " عندما فضح أعمال جهاز البوليس السري الذي يسمى ب تسابو "SAPO" و تعرض للكثير من الأمور التي لا زالت بالنسبة لبلدنا شربة ماء لكنه تربع على عرش أحسن كاتب رواية سويدي و الأكثر انتشارا و حبا بين السويديين و الفيلم هذا عن قصة حياته عندما كان طفلاً و مراهقا عندما تعرض في صغره إلى معاملة سيئة من أقرانه و ازعاجات كثيرة .. المهم سمعت عن الفيلم كثيراً و هو طبعاً باللغة السويدية التي أشك بأنني أفهم 30% بعد درس سنة و نصف في مدارس مختصة .

السويديون كأقرانهم العرب و غير العرب , يخطؤون بالفواتير و ربما تدفع الفاتورة أكثر من مرة و إن كان لديك الحق بمراجعتهم لكن ليس لديك أي حق بعدم الدفع و إلا هناك نقطة سوداء في الكرونوفودن و هو مصلحة مديرية حكومية مهمتها مراقبة الأشخاص و الهيئات و الشركات الخاصة بمواضيع الدفع و ما إلى هناك و تعتبر مشكلة كبيرة من له تلك النقاط , فلا يستطيع اقتراض مال من بنك أو عمل شيء خاص أو شراء إي شيء بالتقسيط على سبيل المثال حتى و إن دفع الفاتورة لاحقاً يحتاج إلى ستة أشهر لتبيض سجله دون أن يترتب عليه أي تأخير بأي دفع !! جاءتني فاتورة كهرباء كبيرة ثم فاتورة تلفون كبيرة أيضاً استغربت الأمر و بدأت أراجع ما كتبوه بالشرح .. التلفون الأرضي ( أي العادي ) كل ثلاث أشهر دون أي ملحقات كالتالي

اشتراك 400 كرون

اشتراك بالشبكة و نقل التلفون 550 كرون ثم مكالمات 200 كرون .. بالنسبة لمواطن سوري لا يعني هذا إلا نهب المواطن ..أي أننا ندفع 1200 كرون كل ثلاث أشهر مكالمات داخلية دون انترنيت أو ماشابه , علماً العلاقات مع الآخرين شبه معدومة و لا نحتاج للتلفون إلا عندما نتصل بأمها أو بأحد أصدقائنا و ذلك يكلف كل هذا .. أما الكهرباء فجاءت دوبل الفاتورة التي اعتدنا دفعها كل شهرين و عندما اتصلنا قالوا أنهم لا يقرؤؤن العداد بل تخميناً حسب المساحة لكن في آخر السنة يقومون بالتعديل عندما يقرؤون العداد .. أي منطق هذا . !!

ككل شيء المواطن العادي في أي مكان هو المقصود من المؤامرة ..مؤامرة سلطة الإدارة ..

الغرباء لديهم مسلكياتهم الخاصة .. القانون يعرفونه و ليس لديهم رادع وطني أو ضميري .. العمل الأسود مع أخذ الضمانات و المساعدات على أشكالها و التمارض أو اللف و الدوران و الشقلبة على الدولة و النظام لخداعة و نهبه !! نعم الأغلبية هكذا و النظام هكذا .

ذاب الثلج و بدأت البلدية بالتنظيفات و لم البحص الذي يفرشونه على الأرصفة و الطرقات لمنع التزحلق في أيام الشتاء, فترى أكواماً هنا و هناك منتظرة نقلها و من ثم يكنسوها بتلك الآليات الصغير و من ثم بآلات تنفث الهواء ينظفون الشوارع حتى من الغبار .. فترى الشوارع نظيفة .. إلا من أغلفة الشوكولا و الحلويات التي يأكلها أولاد الغرباء و الغرباء ..لأنها تحتاج لعمل يومي ...!! و الدولة لم تعتد ذلك .!

أحببت كتابات منذر كثيراً في ذلك الموقع و لكن أتسائل دائماً "إن كان الشخص الذي يقرأ هذا لا يعرف بو علي ياسين أو محمد سيدة رحمهما الله إن كان لا يعرف القبو و الأمور الأخرى إن كان لا يعرف منذر و من هو و كيف هو ماذا سيبني في مخيلته .. أكواماً من بشر دون أوجه .. أماكن و شوارع ينتقيها من ذاكرته الخاصة أو يلقي شخصيات الكاتب على أجساد بشر يعرفهم .. أقرأ لمنذر و أتخدرفي رحلة جميلة بمرافقته , الجميع أعرفهم من بو علي ياسين حتى علي الجندي .. الجميع يقع في نفس الدائرة .. كم ضحكت في تلك القصائد عن علي و كم تملكني شوق و حزن على محمد سيدة ..أحد أصدقائي قرأ ما يكتب منذر قال لي جميعكم مجانين ..نعم ........مجانين! أجبته.

ليست هناك تعليقات: