٢٠٠٧/٠٦/٠٣

الخال غاندي نحلوس


السويد في 29 9 2003

صباحاً الساعة الثامنة من يوم الأحد و بعد أن أيقظني وليم شكيب الساعة الخامسة و بدء أكل ما يوجد من طعام يؤكل و شاي دون سكر وما إلى ذلك من أعمال قررت كتابة رسالة إليكم بعد محاولات كثيرة لاتمام رسالة للغوالي بيت خالي غاندي ..

صباخ الخير أو مساء الخير أو جعل الله أيامك و أوقاتكم مسك و عنبر و كلها خير يارب ..

كنت أريد أن أخص كل فرد من العائلة برسالة و فعلاً بدأت الكتابة مرات عديدة لزياد لأنه الأقرب لي طوال تلك السنين لكن كلكم لدي غوالي و أغزاء , صائب و مروان و صديق أيضاً لهم معزة كبيرة و حب كبير أما الخال و زوجة الخال فذلك لا يدخل في المنافسات فلهم في قلبي كل الحب و الأحترام ..

طبعاً مقصر.. و لا يوجد شيء في الدنيا يبرر لي تقصيري , فذهابي من سوريا و زواجي و حياتي الآن عبارة عن قفزات في زمن أشعر بأنني لم أعشه و ذلك بأن تلك السنتين الأخيرتين التي مرت بي هناك و هنا كانت لي كمن يمشي في رمال الصحراء , صعبة و دون هدف أو معرفة أين أنا ...فلا اللاذقية كانت بالنسبة لي المكان المناسب لأحيا وهذا كنت مخطأً به 100% فالحلم الذي حلمته ذهب مفعوله بتقادم السنين , فبعد عمر الأربعين لا يمكنك البداية من جديد , كل شيء يصبح صعبا .. الدراسة . اللغة و العمل , كل شيء لم تتعود عليه الناس و الطبيعة تعاملات البشر والطقس و الأمور التي يمكنها أن تكون أيضاً غير مفهومة بالنسبة لنا نحن القادمين حديثاُ لهذه البلاد ..

منذ مجيئي إلى هنا , علمت بأن العمل صعب جداً فالسويديون أنفسهم لديهم بطالة كبيرة و نقص بالمال في الميزانية و الخ من أشياء جائت مؤقتة معي ..

بعد ثلاث أشهر أو أربعاً بدأت الدولة باعطائي فرصة لتعلم اللغة على حسابهم فالمهاجر إلى السويد له في حساب الدولة 400 ساعة دراسة لغة , و بدأت الدراسة منذ ذلك الحين ساعتان و نصف باليوم و مدة الدراسة تنتهي بعد شهر من الآن فنقدم فحص لاعطائنا شهادة تخولنا العمل في السويد إذا كان العمل بحاجة للغة و هذا طبعا شيء بديهي , لكن أين العمل !!!! لا يوجد..... الهم .. إما عامل تنظيفات أو جلى صحون .. و هذا ليس متوفراً كما يتخيل المرء هنا .. المهم أنا للآن بلا عمل و لم أعمل طوال هذه الفترة وإن عرض على أعمال كهذه فلم أقبلها ..

ثم مجيء ابني وليم شكيب و الآن عمره البركة ثلاث أشهر مما زاد الطين بلة , فالنوم أصبح أيضاً من الاشياء التي تعد رفاهية و المصروف الذي زاد علماً بأن الدولة تساعد بمصروف الطفل و لو أن ذلك لا يكف !!

زوجتي الآن و من قبل الولادة بشهرين مجازة و يدفعون لها 80% من راتبها و أنا لا يحق لي أي مساعدة مالية أو دراسية غير اللغة و نحن نحيا ببيت مساحته 46 متر مربع أي بمساحة صالون بيتنا , هذا هو ما حلمت به و بقيت لا يعجبني شيء في بلدي و بين أهلي و أصحابي و عملي حتى رأيت أن الغربة هي لبشر مختلفين عني و أوضاعهم غير أوضاعي , المهم تذوقت طعم الغربة المر حقاً و بالنسبة لي فأنا باق في السويد لأجل الجنسية التي تخولني حق وحرية الإقامة و السفر في أوروبة و من ثم لأولادي و ليكون لهم الخيار في أن يحيوا أينما أرادوا .

الغوالي .

الخال غاندي أخو خالدية و ابن فاطمة أغلى الغوالي و الله .. كل مايكتب عن المعزة و المحبة لا يصف مدى الحب الذي أكنه لك يا غالي و ربما الكلمات لا تكفي لملئ و وصف حبي و معزتي و احترامي لك ياغالي , أرجو أن تكون بخير و بصحة جيدة , انتبه على نفسك و لا تشغل بالك , هنا أهم شيء يفعلونه لا يشغلون بالهم لألا يتعبوا , فالحمد لله لقد ربيت و نشأت عائلة جميلة و محاطة بحب و حنان و الحمدلله هاهم جميعاً قد أخذ كل طريقه و بنجاح , الله يخليكم لبعض .. أما مرة خالو حبيبة قلبي الله يعطيك الصحة و العافية و طول العمر فكم أنا مشتاق لتحيتك عندما أمر باكراً باتجاه أختي منى فأمد رأسي و ألقي عليك تحية الصباح .. كل ذلك كان جميلاً و فقدته هنا , فلا أحد يمكنني أن أراه او أن أتكلم معه تى العراقيين الذين يتواجدون معي في الصف لا يوجد علاقة صداقة بيننا , فهم يملكون طبيعة مخالفة عنا فلربما طبيعة الصحراء و الجفاف في طبيعتهم تؤثر بهم .. المهم ليس لي أحد هنا الهم سوى زوجتي و أمها .. وأنا الذي كنت أمل من رفع يدي لتحية البشر و الأصدقاء أشتهي هنا أحد يسألني كيف الحال !! هذه هي الغربة .. مكان بعيد عن الحب ..

رفعت خالدية نحلوس .. مصري .

ليست هناك تعليقات: