٢٠٠٧/٠٦/٠٥

عبد اللطيف أبو شامة


السويد .. تحديداً مدينة سودرتالية التي تقع في الجزء الجنوبي الساحلي من العاصمة استوكهولم التي تبعد عن المدينة المذكورة حوالي نصف ساعة بسرعة 80 كم \ ساعة .. أكتب لك بعد أن قررت و منذ أكثر من أربع أشهر أن أبدأ رسالتي لك أيها الصديق العزيز ..!!

عبد اللطيف أبو شامة المحترم .. صديقي الطيب .. كيف حالك و الجميع من حولك العائلة الكريمة و البنيات الثلاثة اللطيفات .. !! أرجو من الله أن يكونوا و تكون في أحسن حال !!

.. أما بعد ..

البارحة حاولت الأتصال بعبد الكريم لكني لم أوفق و لأول مرة في الأتصال به , فمنذ ثلاث أيام تكلمنا كثيراً حكى لي عن اللاذقية التي أحب و عن الأصدقاء الذين أحيا بهم هناك .. الكثير مما تكلمنا عليه و نتكلم في كل مرة عن نفس الموضوع الغربة , المال النجاح العمل , سيارة صغيرة و بيت أنيق و مشروع يدر عليك ما يسترك بشكل جيد , أحلامنا الصغيرة ما زالت صغيرة , تكلم عن البيت الذي اشتراه و العمل و الفرص الكثيرة التي في اللاذقية !! كنت في كل كلمة أسمعها أتذكر جميع الأصدقاء , أتذكرك كيف قضينا في بعض الأيام سهرتنا على بقعة خضراء في المدينة الرياضية و مما جلبته معك من كولا و عصير و مناقيش لم تقبل أن أدفع أنا الثمن .. نعم .. أتذكرك بحب و اشتياق و لك في قلبي المكان الكبير , فأنت صديق عزيز و غالي !!

و لأنها أول رسالة سأكتب باختصار ما جرى خلال هذه السنة التي انقضت و فوقها شهر و أنا في مكاني راوح على تراب الأراضي السويدية , لدرجة دخن البوط الذي ألبسه .. لا أعمل , و هذا من أسوء الأسباب التي تجعلني أشعر بعدم جدوى البقاء هنا , و الذي تغير في هذه السنة و لادة أبني وليم شكيب المصري عمره الآن 4 أشهر و نصف , مما جعل الأقامة أكثر سوءاً و تعباً , حيث لا النوم و لا الراحة من المتوفر أيضاً ..

المدرسة التي أداوم بها ساعتان و نصف يومياً ستنتهي خلال أسبوعان حيث سأخضع لأمتحان رسمي ينهي مرحلة محو الأمية السويدية و يسمونه القاعدة أو الأساس الذي تستطيع به أن تتفاهم و بشكل مقبول مع أقرانك السويدين .. طبعاً يأبو اللطف كذب فأنا للآن أغبى من أن أتكلم العربية من خجلي مع الناس الذين لا أعرفهم .. أو أن أسأل عن شيء ,,!

و إقامتي خلال هذه الفترة هي بثلاث مراحل حمل زوجتي ( مرحلة نمو الجنين ) الولادة القيصرية و مجيء وليم شكيب .. ثلاث لم أعمل أي شيء خلالهم سوى الأتصال بالأصدقاء في الولايات المتحدة , لم أتصل بيوسف و ربما اتصلت مرة ووعدني هو بالأتصال لكنه كما نعرفه جميعاً لا يحترم مواعيده !!

عبد الكريم دائم الأتصال بي أو أنا اتصل به إن لم يتصل !! و ما تبقى من الشباب لا تعرفهم ,, فهم منتشرون في أصقاع الأرض كندا أوروبة استرالية و المريخ .. صدقت ... عم بمزح و لووووو ...

الغريب في الأمر أن ما حصل معي في حياتي أشبه بنكتة سيئة الإخراج لكنها تضحك الذي يحكيها فقط أما الآخرين قينظرون إليه مخبولين بالمعنى لأن لا معنى مطلقاً يمكن فهمه أو ايجاد أي رد فعل عليه .. !!

عبد اللطيف العزيز .. ما يجعلك هنا تسأم الحياة .. هو فقدانك لمعنى الاستقرار و أعني بهذا أنك تحيا هنا و كأنك سترجع غداً إلى البلد و لأنك لا تصدق بأنك ستستطيع أن تتخلص من ذلك الحنين الذي يقتلك شوقاً لكل شيء كرهته هناك !!

النهار هنا هو عبارة عن الفرصة التي كنا ننتظرها في المدرسة الابتدائية , ما أن تنزل و تشرب يدق جرس انتهاء الوقت , إنها قصيرة لدرجة أنك دائماً تخطأ اليوم الذي تسأل عليه و ربما بأكثر من يومان أحياناً و يزيد ذلك عدم اشراكك في نشاطات انسانية مختلفة كالعمل و لقاء الأصدقاء و آخر من كان يستطيع ذلك هو أنا .. محسوبك البهيم .. !

أتسائل أحياناً , حتى عندما كنت في اللاذقية , لماذا حلمنا بالغرب دون أن نعرف عنه سوى أفلامه و دعاياته و أغانية , الثقافة التي يحملها الغرب إلينا هي مختلفة تماماً عن ما هو واقعي و حقيقي , نعم يا صديقي الذي يركب الدراجة و يهرب من اليابسة إلى البحر حاملاً في جعبته ذكريات أمريكا و آلاف الإختلاجات لقلب ينبض لكل ما هو جميل و ناعم .. إلى صديقي عبد الطيف , آلاف التحيات و الشوق الكبير لك ..

سلام لعمر جوني الصامد في وجه المد الأمريكي لأحلامه .. و من تلقتي من الشباب لهم مني أحلى سلام ..

كيف كان صيف اللاذقية هذا العام , لم أكن به هناك ..! وهو رابع صيف منفي مني .. أولهم في سنة 83 كنت في بريطانية و 84 في سجن تدمر العسكري و 2001 و 2003 في السويد .. و مع إني لا أحب الصيف و الشمس إلا أنني افتقدته حقاً ..

صديقك رفعت

ليست هناك تعليقات: