٢٠٠٧/٠٦/٠٥

محمد رضوان و اسبيرو عبد النور


محمد رضوان و اسبيرو عبد النور .. صديقاي ,

شهور كثيرة لم تحمل لي منكما أي رد .. بعد كل تلك الرسائل التي بعثتها و لا أعلم بالتحديد ما عددها لكني على يقين بأنهم ليسوا أقل من خمسة أو ستة رسائل بعثتها على أمل أن يكون لها صدى و إن كان ليس جهوريا وإنما ً بشكل رسالة تطمأني عنكما و الأصدقاء الباقين ..

لكن على ما يبدوا أن أمورالحياة عندكم قد التهمت كل الزمن الباقي لكتابة رسالة صغيرة لي على أنغام موسيقى الجاز أو البلوز الذي تحبانه .. ( محمد على الأقل )

تصلني رسائل من باسم باستمرار ( ابن أخت جرجس ) و هو لطيف و موهوب ( حبوب ) و يشكل لي انعكاس حقيقي لما يعانيه اللاذقي من اشكالات الحنين و فقدان الأصدقاء و كتب لي في رسالة التالي ..

( بخاف إذا نزلت على اللادقية ما عود ارجع لهون .

تاني شي بلشت قراءة رسالتك عالساعة 12 بالليل وكنت جاي تعبان لنام ، بس آخر كلمة ذكرتها طيرتلي النوم من عيوني وصحصحت لأكتبلك السطور ، لأنو ما رح اقدر نام بدون ما أكتبهن .

خليني خبرك رفعت ، قبل ما بلش ، أنو ميلاتك هي من الأشيا اللي عمبتخلي البلد ببالي وعم تربطني فيه حتى أكتر من ميلات الشباب اللي عميكتبوا من هنيك ، على الأغلب لأنو انت بتكتب بنفس النمط اللي بفكر فيه – الأشواق – أما اللي عميكتبو من هونيك ، بعدن بنفس الدوامة اللـي خلتنا نترك البلد ونهيم على وجهنا بأصقاع الأرض عمندور على اليوتوبيا اللي هي بعقلنا بس . في فكرة كانت كتير تعن عبالي هي أنو الواحد بس يتغرب بيصير يتذكر الوطن كصورة مثالية بحتة ، بعيد عن الأمور اليومية اللي بتعكر مزاج الواحد وين ما كان . وبس يرجع بيعود للدوامة نفسها . بس أنا هلا عمبقتنع أنو يمكن الوطن مع الدوامة مع كل أكل الخرى أزبط بكتير بكتير من هالشرذمة المتشرذمينها باصقاع الأرض ، مقابل فتات ، قد ماكان المقابل بيضل فتات مقابل العمر اللي عمبيروح عليه بين الناس اللي حبهن وكبر معهون ومن المفروض أنو يقضي حياته كانسان طبيعي معهن . وعمنرضى بأمور ما كنا منرضاها بالوطن وكل العنجهة والأبهة اللي كنا نعيشها كبديهيات يومية فاتت بالحيط وفتنا معها .

وهون منوصل للكلمة اللي طيرتلي النوم من عيوني ، الرضى ، حطيت أصبعك على الجرح ، هيدي هيه ، نحنا ماكان ناقصنا شي بالبلد ، وكتير عالم كانت أقل مننا هلا عايشة ومبسوطة باليوتوبيا تبعهن . ونحنا صرنا نركض ورا أقواس القزح لأقاصي الأرض بس للأسف ما لقيناها كل ما نروح أبعد تبعد أقواس القزح ، لحتى أنو صارت ورانا محل مابلشنا ؟؟؟

أنا هلا وصلت لمرحلة يمكن ما بقى بدي شي غير الرضى ، بس ما عم لاقيه . يعني صدقني بتسوا عندي المشية تحت مطر اللادقية كل دبي – ما أنا كمان ما كنت وفر مطرة ، حط هالوكمان ويللا . بس بعرف إذا برجع – وجربت الرجعة أنا قبل – ما رح أخلص ، ورح ترجع نفس الوساويس لراسي ، يمكن لو بعرف هلا أنو إذا برجع وما بيعن براسي وساويس اليوتوبيا لضب شنتي هلا هلا بنص اليل ولحق المطرات كلهن من أول الشتي . بس بخاف بس أرجع على نفس المعمعة والوضع والمؤثرات ترجع الأمور متل ماكانت ، مشكلة العقل أنو مابيرجع لورا ، بيمشي باتجاه واحد بس – لقدام أو لورا ما بيهم بس إتجاه واحد . والأمور سارت وتعقدت بطريقة صارت معها الرجعة لورا مو بس كلمة بتنقال .

اعذرني لأني عم بكتب بالعامية ، بس هيدا يمكن ردة فعل على العولمة اللي تورطنا فيها ونكسة باتجاه المحلية والمناطقية ، وإشباع للأشواق لأنو هيدي اللهجة بتخصنا بس نحنا ياخي .

بتمنى الله يسمع منك ويعطيني الرضى ، وأنا متأكد أنو السعادة بتجي لحالها معو .)

هكذا .. كتب صديقي باسم عن ما يمكننا جميعاً الشعور به في الغربة , وربما تستغربون لماذا كل هذا التعب , ضع نفسك بأول رحلة و عد إلى حيث تحب , و ما قاله باسم العودة ليست مجرد كلمة تقال هناك الكثير من الاشياء التي يجب التعمق و التفكر بها قبل أن تأت !! وقد أتى على ذكرها و ببساطة , هل ستعود المنغصات نفسها التي نسجت حلم الغربة و جعلته اليوتوبيا المنشودة , و تتوضع مرة أخرى على خط حياتنا هناك !! ربما لذلك صح ما قاله , و ربما هذا خطأ أن تقضي سنين عمرك بالتردد و وضع التشائم و قتل الامل بحياة بين المحبين و تحت سمائك ..

الكثير من الكلمات التي تخطر على بالي و أنا أكتب على طاولة المطبخ و أسمع للديسك الجميل من باسم عندما نصحني به محمد والذي سجلته على اللاب توب بعد أن طلبه محمد من باسم ( هل تذكره !!) و أسمع الآن jazz on cinema الموسيقى كانت و لا زالت المخدر الاساسي الذي يعينني على أمور حياتي التعيسة ..

طلبت من اسبيرو عدة مرات أن يبعث لي بأخبار صديقي العزيز على و الآخرين أيضاً إن لم عندكما مانع ... هل هذا شيء كثير لأطلبه منكما .. سأظن بأن علي الحكيم لا يرد أن أسمع أخباره لماذا .. لا أعرف .. !!

أما جرجس و مروان و رامز و صلاح و ميشيل و الآغا و لا أعرف من بقي من الأصدقاء هناك .. فلهم مني الحب و الاشتياق الكبير ..

أما بالنسبة للرسائل التي بعثتها لعند اسبيرو ماذا حصل لها .. لم يخبرني إن سلمها أم لا !! علامات استفهام كثيرة عن الموضوع .. !!!!!!!!؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ماذا سأكتب لكما عن حياتي المعتادة و المليئة بالرتابة و الملل .. عن ابني أم عن شخصي عن زوجتي أو أصدقائي النادرين (طارق لم أره منذ شهر تقريبا و لم أنجح في الاتصال به و لا مرة على البيت بعد سفر أهله ) أما وليم شكيب...." كنت أكتبه عندما ولد وليام و لكن صديق لي يقطن في أمريكا.. ( شربل عانا ) صحح لي ذلك بأن كتبه وليم , عندما بعث لي التهاني بمولده .. لم أكن أعرف حين ذاك !! بأن الاسم دون ألف بعد الياء , وهكذا بدأت أكتيه بشكله الصحيح .."

بصحة جيدة و الحمدلله و كاتارينا أيضاً , و كلاهما يبلغانكما السلام و على أمل اللقاء انشاء الله , فكاتارينا دائمة الالحاح على المجيء إلى اللاذقية , وعندما تقول لي متى يمكننا الذهاب إلى هناك , أشعر بالخوف و الارتباك و الخجل من الأصدقاء و الاهل فأنا لم أعمل طوال مدة مكوثي هنا و لم يتح لي المجال لأدخل أي مبلغ يمكن لي به أن أشتر به أي هدايا .. هنا في هذه اللحظة بالذات أشعر بعدم الرغبة بالمجيء , عكس ما أرغب به في الواقع ..حتماً .

مدرستي ستنتهي في الشهر القادم ربما و يبدأ التفكير الجدي بإجاد شيء ما يمكنني أن أعمل به أو أن أكمل كورس ما يعلمني مهنة ما تتيح لي البدأ بعمل ما .. هنا في هذا البلد المليء بالعاطلين عن العمل و شح فرص العمل.

و الظاهر و للأسف للآن لا يوجد أمامي أي أمل بإجاد شيء ما يمكنني أن أتابع به حياتي هنا و للأسف و أفكر جاداً بعد سنتين وبعد حصولي على الجنسية إن أراد الله ذلك أن أبحث في بلدان أخرى عن فرص أغنى من هنا , كأمريكا مثلاً , فلي هناك أصدقاء يمكنهم أن يساعدوني في ذلك , ولا أعلم إن كانت الفرص نفسها متاحة بعد سنتين كالآن فأنا محظوظ جداً بالفرص الجيدة .. حتماً ..!

و على حظي التعس بدأت السويد مرحلة اجترار فالخطة التي رسمها حزب الاشتراكي الاجتماعي منذ توليه ادارة البلاد في وضع السويد على المرتبة الاولى في النظام الديمقراطي المرفه قد بدأت بالتآكل و الفشل في الاستمرار لعدم و جود المال اللازم في دعم تلك المؤسسات , فبدأت السلطات المحلية كالبلديات و المؤسسات الغير حكومية في رفع الضرائب و تقتير المساعدات و اغلاق المدارس و المشافي و باق الخدمات التي كانت الدولة تقوم بدعمها ماديا, و بدا لي أن حظي التعس هو السبب في هذا .. و أنا ليس إلا شؤم على البلاد ..!!

هذا كل شيء أيها الاصدقاء .. أحمل حلمي و أرحل ربما إلى القبر حيث محطته الأخيرة ليرتاح ذلك الرأس التعب من الأحلام ....!!

رفعت مرة أخرى

ليست هناك تعليقات: