٢٠٠٧/٠٦/٠٥

ماهر مصري ردا !!.


ماهر مصري العزيز و أخي الغالي و العظيم ..

الساعة الحادية عشر و أربعين دقيقة .. من مساء يوم الخميس على ما أظن !!

تذكرت رسالتك التي بعثتها إلي و لم يتح لي الوقت للرد عليها يا غالي !!

تكلمت على اختلافنا بالرأي و توحدنا بالجذور و النوع , لا أدري ما الذي جعلك تكتب ذلك فإننا حتى بالرأي متفقان يا غالي و ما كان لدينا أي اختلاف لا بالجوهر أو بالظاهر , الحياة واحدة هنا هناك سعودية أو السويد الكويت أو روسيا البيضاء , جميعها بلاد لا تعرفك , أنت قدمين تدوسها و محتل ذلك الفراغ الذي يملكه محيطها الأتموسفيري الأوزوني و آخرين من طبقات الجو التي لم أعد أذكر منهم شيء ..!! المهم أنت لا أحد هناك .. اليوم جلست مع زوجتي بعد نوم 4 ساعات بعد الظهر كان خلالها وليم شكيب مع جدته لتتيح لنا النوم قليلاً بعد يومين من الاستيقاظ المستمر من أجله !! قلت لها اليوم كنت أفكر بكيفية و مدى قصر اليوم و مدى سرعة انتهائه فما أن يبدأ الصباح أرى نفسي أستعد للنوم !! لا أستطع كتابة رسائلي و لا أستطع درس ما أعطتنا المعلمة من دروس و إلى ما هنالك من أمور يتوجب على الانسان أن يقضيها بيوم عادي قصير !! فعندنا في اللاذقية كنت أتسائل لماذا اليوم عندنا طويل و كيفية قتل الوقت الممل و الطويل و أين سأذهب اليوم و أضع خيارات تمتد إلى 10 امكنة أستطيع الذهاب إليها و لقاء الأحبة و الأصدقاء , لكن هنا الأمور مختلفة .. العمر سيمر دون اتاحة الفرصة لنا لنستمرء طعم الحياة و لا أظنك مختلف عني بتلك النظرية فأنا أعرف كيف تحيا بتلك البقعة الغامقة من العالم .. عمل بيت نوم عمل و هكذا يمضي عمرنا و نموت دون احساس بالرضى عن حياتنا !!

ماهر..

هكذا تمضي , تركض مهرولاً بين شوارع عريضة مزفتة و أخرى طويلة, , وأنك كلما قطعت مسافة صغيرة كنت تعد المنعطفات تحسباً للعودة و الشيء الوحيد الذي نسيته هو عمرك و العودة التي حسبت حسابها و رسمت على كل مفرق سهم اتجاه العودة لن تفيدك بشيء بل ستبقى علامات ذكرياتك و صورك و رسائلك و ندمك ..

أنت الذي كنت رأس الحربة في فريق السفر أتذكرك عندما ابحرت وكانت السفينة راسية في طرطوس كان اسمها مارينا وكانت سفينة حديثة و كبيرة أتذكر اني كنت مع ابيك عندما لم تقو مياه طرطوس على حملها "مجازا" وتم افراغ حمولة كبيرة خارج السنسور قبل ادخالها المرفأ وعندما صعدت السفينة و أضعت جواز سفرك و الاضطرابات التي حصلت وقتها ظننت انك لن تسافر بها , لكن القدر استطاع اخيرا ان يعطيك فرصتك وتسافر . أنت أخي المغامر الذي ما إن رجع من الولايات المتحدة حيث استفردت بتجربتك مع الهبيين ومن ثم قفلت راجعا الى وطنك, بيتك, حيث جدتك فاطمة و امك لم يتركا الدعاء من اجل عودتك , لكن لم يطل بقاءك فبدأت سفرك مشيا على قدميك الى كعبة الهبيين الهند حيث بقيت لا اعرف من الوقت او السنين ورجعت تحمل البخور و السيتار, لم تمكث طويلاً محاولتك الاخرى الطويلة للهند مرة أخرى ولمدة أطول, ثم رجعت تحمل الكاري و شراب اللبن و السكر .. ماهر أخي المغامر و الفيلسوف , لازلت اذكر قصيدة منذر عنك ... أقدام مثقبة أشرعتها مفتوحة دائماً .. يصلح هذا الجزء من حياتك الى فيلم ...ثم وككل الممثلين بعد الفيلم ولا اعرف لماذا انطفأت وكأن توهجك كان انفجاراً من القوة و الضخامة حتى انتهى وقوده هكذا فجأة لتتزوج و ترجع قاطرة حياتك إلى الطريق العام ذو العرض العادي!! كنت علما .. لازال يعبر بألوانه في ذاكرتي , ويرجعني أخيك الصغير الذي لم يتفق معك بطفولته, ربما دلال أبي بمرحلة دقيقة في حياتك عندما كنت ثورجيا في مدينة صغيرة تطفئ أضوائها باكرا وتنام ..!!

ثم ماذا عني انا الذي حلمت مثلك بهذا الحلم,.. الغربة التي حلمنا بها مرة كبرنا عليها و أصبحت علامة باهتة على صفحات أحلامنا القديمة .. يمضي يهرول و يركض ذلك العمر القصير و نحن نجبره على بذل مجهود أكبر في قطع مشوار العمر القصير بوقت أقصر .. لماذا لا أعلم .. !!

أبو المهور مشتاق لك و هاهو ابني وليم شكيب يبعث تحياته لإبن عمه شكيب الثالث و الثاني الموجود في الامارات و كم يتمنى أن تصل قبلاته لشكيب الأول ملك عائلة المصري و تاج رأسها !! أليس كذلك !!

كاتارينا و أنا و وليم شكيب نقبلكم كثيراً هالة و شكيب و أنت , على أمل اللقاء يوماً إن شاء الله ..

أخوك الصغير 42 سنة رفعت شكيب مصري .



والله لقد جعلت ما تبقى من الليل كابوساً بدل ذلك الفرح الذي ينتابني عندما تتصل .. نكبتني نبرة صوتك وكأني سمعت أبواق القيامة وأن الموت يحصد البشر والألم قد لا يفيده عشر أضعاف الدوزات من المخدر ليسكته ..

ماذا جرى وحصل .. بعد تلفونك استلقيت على السرير وفي رأسي آلاف الحروب والثورات والرؤوس المتدلية على رماح القلق !!! هل كنت طبيعياً ..لا أظن .. وهل أنا أزيدها !! أرجو ذلك ؟؟ حبيب القلب سأحاول أن أتلفن لك اليوم لأرى هل أنا أزيدها علني أطمئن ..

أيها الحبيب ..من أجد المتعة في التكلم عليه متفاخراً بأن في عائلتي مغامرين مثلك مقدامين , جعلوا من حياتهم رمزاً لي على الأقل إن لم أذكر كم من أصدقائي قد اقتدوا بك , ولو أنهم لم يكتشفوا بعد سوى السطح الصقيل منك و ما في العمق لهو أجمل بكثير و أغنى وأنا من الناس الذين اكتشفوا بك ذلك العمق من الصفاء و الحنية ..

أخي ذو الشعر الطويل و الصوت الذي يشكك بأنك تعاني من الطرش لشدة هدوءه ( هذا ما قاله لي أحد أصدقائي مرة ) الهيبي و الثوري الغاضب و الهادئ الفيلسوف والساحر الحنون و الكريم المعجون بفلسفة الشرق مع أمريكا الستينات ولا أظن بأنها كانت بعيدة عن تلك الفلسفة آنذاك !! لكنك أدرت أحلام الكثيرين وأنا منهم إلى وجهة الغرب حيث الحرية و الموسيقى والإنسانية المتعمقة في دوائر الغرب ما قبل حصول الجمهوريين بقيادة زمرة المتصهينين على مقعد رئاسة الولايات المتحدة .. وسقوط بغداد .. الشعب .. و المدينة .. و العروبة التي لم آمن بها يوماً , لكني شعرت بالخجل عندما رأيت بندقية جندي أمريكي أو إنكليزي مصوبة على رأس امرأة في الشارع وبجانبها ابنها يشد بثوبها وهو يبكي .. تخيلت أن أختي هي تلك المرأة وما يمنعهم من ذلك يوماً يأتون إلى أي بلد في العالم ويهينون إنسانية الشعوب الأخرى تحت عنوان بأحرف كبيرة ديمقراطية الجمهوريين الأمريكيين ... أتت مكالمتك بعد أختك منى بثوانٍ وكأنك أخذت السماعة منها وأكملت المحادثة .. جاءت صوتك حزيناً , بقيت أشك بكونك ماهر لخمس دقائق !! حتى أنني ظننتك كنان أحد أصدقائي في أمريكا عادةً يتصل متأخراً لاختلاف التوقيت !!


ليست هناك تعليقات: